Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب نفطية وصراع على ثروات ليبيا وسط صمت أوروبي

التصعيد العسكري سيقود إلى دوامة طويلة بين المتصارعين في ظل ارتفاع مستوى الفقر

استأنف حقل "شرارة" النفطي إنتاجه بعد أن هجرته قوات حفتر (رويترز)

القتال في ليبيا ليس مجرد قضية داخلية، فقد أصبحت الحرب الأهلية في هذا البلد وكيلاً للجغرافيا السياسية الإقليمية والعالمية، كما أنها إرث من الطريقة التي هجر بها الغرب البلاد قبل عقد من الزمان.

وقد دخلت ليبيا التي تمتلك أكبر احتياطيات نفطية في أفريقيا، دوامة الصراعات المسلحة التي أعقبت تدخل حلف شمال الأطلسي عام 2011 الذي ساعد على الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي.

هذا البلد الغني الذي لم يتجاوز إنتاجه 1.6 مليون برميل يومياً قبل سقوط عرش القذافي، يجلس سكانه فوق أكبر احتياطيات نفطية مثبتة في القارة السمراء، ولم يستفد شعبه عملياً ولعقود طويلة من تلك الثروات، فبحسب الأمم المتحدة يعيش نحو 40 في المئة من البلاد تحت خط الفقر! فقد انغمست ليبيا في صراعات مسلحة منذ سقوط نظام القذافي، وتسببت تلك الصراعات في إنهاك بنيتها التحتية النفطية في بلد كان يضخ في السبعينيات من القرن الماضي 3 ملايين برميل نفط يومياً.

ويرى محللون أن المستثمرين في سوق الطاقة يستهينون "بشكل واضح" بالآثار المحتملة للقتال المستمر في ليبيا، في الوقت الذي يهدد الصراع المكثف في البلاد بالقضاء التام تقريباً على إمدادات النفط من منتج "أوبك".

على امتداد السنوات الثماني الماضية، انقسمت البلاد بين الشرق والغرب، مع وجود  الجنرال خليفة حفتر في معقله الشرقي بمدينة بنغازي، بينما مقر الحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة بمدينة طرابلس في الغرب.

تدخل تركيا وهزيمة قوات حفتر

نشر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سفينة حربية وطائرات مسلحة من دون طيار وآلاف المقاتلين السوريين الممولين من أنقرة في يناير (كانون الثاني) الماضي، لرد هجوم حفتر على طرابلس. وسجلت القوات المدعومة من تركيا سلسلة من الانتصارات الكبرى في الأيام الأخيرة، حيث هزمت قوات حفتر بالكامل من غرب ليبيا ودفعتها على بعد مئات الأميال إلى الشرق.

بعد الاستيلاء على مطار طرابلس الدولي في وقت سابق من الأسبوع الحالي، استولى مقاتلو الحكومة على "ترهونة"، آخر معقل لحفتر في غرب البلاد، الجمعة الماضي. وترك المقاتلون الفارون وراءهم طائرات مروحية وأنظمة أسلحة باهظة الثمن من صنع روسي ومتاجر كبيرة للذخيرة.

بحلول مساء السبت، وصلت القوات الحكومية إلى حافة مدينة "سرت"، على بعد 230 ميلاً شرقي طرابلس، حيث اندلع قتال عنيف، وتعرض مقاتلو الحكومة لضربات جوية من طائرات من دون طيار وأخرى حربية. وقد قُتل ما لا يقل عن 19 مقاتلاً حكومياً، وفقاً لتقارير إخبارية ليبية.

الروس ومركز صناعة النفط الليبي

في الجنوب، استأنف إنتاج النفط في حقل "شرارة" العملاق للنفط بعد أن هجرته قوات حفتر، حسبما ذكرت السلطات الليبية. وقال ولفرام لاتشر، الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن السؤال الرئيس الآن هو "ما الذي سيفعله الروس؟".

وتراجع مئات المرتزقة الروس العاملين في مجموعة "فاغنر"، وهي شركة عسكرية خاصة مرتبطة بالكرملين، لعبت دوراً حاسماً في هجوم طرابلس. ويمكن للروس استخدام قوتهم الجوية لمنع تقدم الحكومة من الوصول إلى امتداد شكل هلال من الخط الساحلي الذي يعد مركز صناعة النفط في ليبيا ويسيطر عليه حالياً خليفة حفتر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هناك احتمال آخر، وهو أن وقف إطلاق النار المفترض المعلن في القاهرة، يمكن أن يمهد لضربات جوية مصرية أو أي عمل عسكري آخر لدعم حفتر، خصوصاً أن مصر تريد إبقاء الهلال النفطي تحت سيطرته.

ليبيا وصدمة إمدادات نفطية محتملة

اعتمد تعطل إنتاج النفط إلى حد كبير على كيفية تطور القتال في البلاد، في ظل إخفاق الجهود الدبلوماسية والدولية لإيجاد حل سياسي للاضطرابات حتى الآن. ويقول ستيفن برينوك، المتخصص في شؤون النفط لدى شركة "PVM Oil Associates" لشبكة "سي أن بي سي"، إن "تدهور الوضع الأمني في ليبيا وانتقالها من أزمة إلى أخرى يجعل الظروف مهيئة بشكل متزايد لولادة صدمة إمدادات نفطية".

وتكافح الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، التي يبلغ عدد سكانها 6.4 مليون نسمة، لإعادة بناء صناعة الطاقة منذ ثورة 2011 التي أطاحت بالقذافي والانهيار الذي أعقب ذلك في السلطة المركزية.

وفي الوقت الحاضر، لا يبدو أن بقعة النفط الليبية قد تأثرت بشكل كبير من اندلاع النزاع الأخير. ففي الواقع، زاد إنتاج البلاد من النفط الخام فعلياً بمقدار 71 ألف برميل يومياً إلى 1.176 مليون برميل يومياً في أبريل (نيسان) الماضي، وفقاً لمصادر أجرتها "أوبك".

وكان مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، حذّر في يناير (كانون الثاني) الماضي، من أن العنف المستمر يمكن أن يقضي على 95 في المئة من قطاع النفط في البلاد.

وتعتبر ليبيا مورداً رئيساً للخام الحلو الخفيف، الذي يمكن استبداله بالفعل بإمدادات من الولايات المتحدة، لكن رغم أن هذا النوع من الخام لا يزال متاحاً نسبياً، فإن المتداولين خصوصاً مستهلكي النفط الخام في السوق بدؤوا يدركون تحديات إمكانية تلاشي النفط الخام الخفيف من السوق النفطية، بخاصة مع قيام "أوبك" بتمديد تخفيضات إنتاجها النفطي، بالتالي فإن هذه الاضطرابات قصيرة المدى لها تأثير كبير في أسعار النفط في الأسواق العالمية، خصوصاً في ظل وقف الإمدادات النفطية القادمة من إيران وفنزويلا بسبب العقوبات الأميركية على البلدين.

دافع الثروة النفطية والنفوذ الإقليمي

وفي أواخر يناير الماضي، حضر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، مؤتمراً دولياً في برلين سعى إلى دفع الأطراف المتحاربة نحو المفاوضات، لكن تركيا وروسيا، بدافع الثروة النفطية والنفوذ الإقليمي، لم تتوصلا إلى اتفاق قط. ومع خسارة حفتر مراكز قوة كان يسيطر عليها ربما قد تعيد الانتكاسات لقواته فرصة للسلام.

بالنسبة إلى الولايات المتحدة ، فإن أفضل مسار هو الشراكة مع الاتحاد الأوروبي لاستئناف المحادثات في مكان ما في أوروبا الغربية. يجب الضغط على تركيا، حليفة الناتو، للتفاوض مع روسيا بشأن كل دعم عسكري تقدمه للجنرال حفتر، فالمساعدة في بناء وقف لإطلاق النار يمكن أن يعيد إنتاج النفط، وتقديم المساعدة الإنسانية في احتواء فيروس كورونا أيضاً المتفشي في المدن والقرى الليبية.

خسارة ديكتاتور وحشي فقط لتقع البلاد في عقد من الحرب كانت نتيجة مأساوية لستة ملايين ليبي. وبالنسبة إلى أميركا وأوروبا فإن مساعدتهم على إيجاد طريق للسلام ليس مجرد ضرورة إنسانية بل مسؤولية مباشرة، بالنظر إلى الطريقة التي ظهر بها تدخل الناتو عام 2011.

حرب روسيا وتركيا بالوكالة وتقسيم الغنائم

وأصبحت موسكو وأنقرة أكثر اللاعبين الدوليين نشاطًاً في ليبيا. فقد نددت روسيا بقرار تركيا زيادة مساعدتها العسكرية لحكومة طرابلس، وفي غضون ذلك، انتقدت أنقرة وجود مرتزقة مرتبطين بروسيا في ليبيا.

وقال الباحث المتخصص في الشأن السياسي مقيم في اسطنبول، غاريث جنكينز، لـ"راديو فرييوروب"، إن النتيجة كانت "حرباً بالوكالة بين روسيا وتركيا بشكل علني" في ليبيا.

وأضاف، "هناك خطر من إصابة أو اعتقال أفراد عسكريين أتراك مدمجين في وحدات الجيش الوطني الليبي في اشتباكات مع وحدات الجيش الوطني المدعومة من روسيا والعدد المتزايد من المرتزقة الروس الذين تدعمهم موسكو في ليبيا".

وقال ولفرام لاتشير، الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية والأكاديمي الذي نشر أخيراً كتاباً حول تجزئة ليبيا لـ"راديو فرييوروب"، "كان بإمكان الرئيسين فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، أن يتفقا على إنهاء هجوم حفتر على طرابلس حتى يتمكنا من تقسيم الغنائم بينهما".

وأضاف في ندوة تشاتام هاوس عبر الإنترنت، "نحن نتحدث عن قوتين أجنبيتين تحاولان تقطيع مناطق النفوذ في ليبيا، وقد يكون طموحهما أن يكون هذا الترتيب طويل الأمد".

وشكك فيما إذا كانت القوى الأخرى المشاركة في ليبيا، والليبيون أنفسهم، سيقبلون الترتيب بهدوء. ويرى لاتشير، أن التدخل العسكري التركي من المرجح أن يؤدي إلى تفاقم الصراع في ليبيا. وقال "من المحتمل أن يستجيب مؤيدو حفتر الأجانب للتدخل المتزايد لتركيا من خلال تعزيز

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد