Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يستعيد النفط الصخري انتعاشه مع ارتفاع أسعار الخام؟

محللون: تراجع عجلة الإنتاج وتفاقم الديون يعرقلان عودة الشركات الأميركية للأسواق بسرعة

وصول أسعار الخام فوق مستوى 40 دولاراً للبرميل قد يشجّع استئناف إنتاج النفط الصخري المتوقف (أ ف ب)

تجد شركات النفط الصخري الأميركية في تحسّن أسعار الخام عالمياً أملاً للعودة مجددا إلى نشاطها وإنقاذها من ضائقة الديون، لا سيما مع اتفاق أوبك التاريخي وانعكاسه على ارتفاع الأسعار فوق مستوى 40 دولاراً للبرميل، ما يدعم الموازنات المالية للشركات على المدى القريب.

في هذا الشأن قال محللون ومختصون إن وصول الأسعار فوق مستوى 40 دولاراً للبرميل قد يشجّع استئناف الإنتاج المتوقف، الذي فاق مليوني برميل، مع الدعم الكبير الذي قدّمه تحالف أوبك+ للأسعار. إلا أنهم استبعدوا عودة الشركات الأميركية للعمل بسرعة في ظل تعثّر حركة الإنتاج والطلب، مع تفاقم الديون .

وساعدت شركات النفط الصخري، الولايات المتحدة الأميركية على أن تصبح أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم حين ضخّت نحو 13 مليون برميل يومياً في وقت سابق من العام الحالي، إلا أنها تعاني أشدّ المعاناة مع استمرار الأسعار عند مستويات منخفضة، جرّاء انخفاض الطلب بسبب تداعيات "كورونا".

ويرى المحللون أن النفط الصخري يعاني بشدة ما دفع إلى تعطيل الحفارات وتسريح العمالة وإغلاق الآبار، مما يجعل من تحسّن الأسعار الأمل الأوحد لاستئناف عمليات الإنتاج المتوقفة.

وفي السنوات الأخيرة، حتى مع دعم تخفيضات "أوبك+" الإنتاجية للأسعار، صعد الإنتاج الأميركي من النفط الخام وغيره من السوائل ليصل إلى 20 مليون برميل يومياً.

ووفقاً لبعض التقديرات، يبلغ السعر الذي تتعادل عنده تكاليف الإنتاج لمنتجي النفط الصخري في حدود 50- 70 دولاراً للبرميل، بينما هناك تقديرات بأنها يجب أن تفوق 45 دولاراً للبرميل أو نحو ذلك، في المتوسط، من أجل تحقيق الربح، وهو مستوى قريب سهل التحقيق في ظل عوامل السوق الحالية.

ومن المعروف أن ضخّ النفط من آبار النفط الصخري يتباطأ سريعاً، ومن ثم يقتضي الحفاظ على استقرار الإنتاج ضخ استثمارات كبيرة لزيادة مستويات الحفر.

 

ووفقاً لشركة "مورغان ستانلي"، فإن صناعة النفط الصخري الأميركية تحتاج إلى سعر يبلغ 51 دولاراً للبرميل فقط للوفاء بالتزاماتها المالية وتمويل خططها الاستثمارية.

وفي أبريل (نيسان) الماضي تراجعت وتيرة حفر الآبار الجديدة إلى النصف، وهو معدل لم تشهده الصناعة منذ التراجع الأخير في 2015- 2016، خلال حرب أسعار سابقة في سوق النفط.

ويعود جزء من هذا الانخفاض في عدد الحفارات في ذلك الوقت إلى تحسن الكفاءة في إنتاج النفط الصخري، وكانت هناك حاجة إلى عدد أقل لتوفير مستوى الإنتاج نفسه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن الأمر مختلف هذه المرة بعدما انهار عدد الأطقم التي تعمل على رؤوس الآبار للاستعداد لتكسير الصخر الهيدروليكي إلى مستويات متدنية قياسية.

ويعتبر حوض "بيرميان" في ولايتي تكساس ونيومكسيكو أكثر حقول النفط الصخري إنتاجاً في العالم، ويعدّ خزان إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، وأسهم في رفع إنتاجها من النفط إلى أكثر من 10 ملايين برميل يومياً العام الماضي للمرة الأولى منذ 40 عاماً، قبل أن يصل إلى 10.9 مليون برميل في المتوسط عام 2018، بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

وعلى الرغم من أن الربع الأول من عام 2019 شهد انهيار عدد مماثل لعدد الشركات المنهارة في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، فإن الأمر الملحوظ هذه المرة هو أن عبء الديون على عاتق الشركات عام 2020 أكبر 2.8 مرة.

أعباء ديون كبيرة

وتعاني شركات النفط الصخري الأميركية من أعباء ديون كبيرة في الأجلين القصير والطويل، ووفقاً لوكالة التصنيف الائتماني "موديز"، فإن منتجي النفط والغاز في أميركا الشمالية، بمن فيهم السوق الأميركية، لديهم ديون مستحقة بـ85 مليار دولار حتى عام 2024، منها 5.3 مليار دولار مستحقة هذا العام، بينما هناك جزء كبير يُقدر بــ25.7 مليار دولار واجبة السداد في عام 2022.

تغيّر الحال مع ارتفاع الأسعار

وفي هذا الشأن قال المتخصص في شؤون النفط والطاقة، أنس الحجي، إن "الاستثمار في قطاع النفط الأميركي يمكن أن يتغيّر بسرعة مع تغيّر الأسعار إلى الارتفاع، وبهذا يستطيع المنتجون تعويض جزء كبير من الإنتاج الذي خسروه الآن، وذلك بعد أن أعلنت غالبية الشركات عن تخفيض إنفاقها الاستثماري، الذي تطلّب انخفاض عمليات الحفر والإكمال، وبالتالي انخفاض إنتاج النفط مستقبلاً".

وأضاف الحجي أن "الانهيار الذي حصل في الأسعار وانخفاض إنتاج النفط الأميركي أوجد حقيقة جديدة على أرض الواقع، وهي انخفاض التكاليف، وهو ما يساعد الصخري مع ارتفاع الأسعار وعودة الإنتاج مرة أخرى".

وأوضح أن "كثيراً من شركات الصخري تحوَّط عندما كانت الأسعار فوق 45 دولاراً للبرميل. هذا يعني أنه مع وجود سعر 20 دولاراً للبرميل، فإن هذه الشركات تحصل على أسعار فوق 45 دولاراً للبرميل"، مؤكداً أن ما حدث مع انخفاض الأسعار ليس نهاية الصخري، وليس نهاية نموه، بخاصة أن التكاليف ستنخفض بشكل ملحوظ مقارنة بالفترات الماضية.

استعادة النشاط

وتوقع المتخصص في الشؤون النفطية، كامل الحرمي، أن تستعيد شركات النفط الصخري نشاطها مرة أخرى حال ارتفاع الأسعار فوق مستوى 40 دولاراً للبرميل، مشيراً إلى أنه من غير المعقول أن تضحّي بإنتاجها جرّاء عدم التزام دول من أوبك وروسيا اتفاق خفض الإنتاج.

وقال الحرمي إن إعلان شركات نفط صخري عن إفلاسها وخروجها من الأسواق لا يعني أن الكميات التي كانت تنتجها ستختفي من الأسواق، ولكن هذا يعني أن هناك مالكاً آخر سيحلّ محل الشركة المفلسة ويستأنف الإنتاج.

وتوقع الحرمي أن تشتري الشركات العملاقة مثل "إكسون موبيل" و"شيفرون" و"شل" و"كونكوفيلبس" حقول تلك الشركات بسعر بخس، ومن ثم مزاولة نشاط النفط الصخري عبر استخدام التقنيات الحديثة لديها، وخفض العمالة والكلفة بشكل عام.

وأضاف أن الحكومة الأميركية تدعم تلك الشركات إلى الأبد، حيث إن الولايات المتحدة أصبحت شبه مستقلة في تلك الصناعة بإنتاجها الخاص من النفط الصخري، ولذلك لن تتعرّض لأي تهديدات أو ضغوط، مشيراً إلى أن أميركا إذا كانت بحاجة لنفوط أخرى فسيكون من الدول الصديقة، مثل كندا والمكسيك والبرازيل والنرويج وبريطانيا.

وشدّد على أنه يجب مطالبة الولايات المتحدة وجميع دول "أوبك" بالتزام صارم وكامل باتفاق تحديد كميات الإنتاج ليكون ملزماً لجميع دول المنظمة، سواء نيجيريا والعراق إضافة إلى روسيا، مؤكداً أن شركات النفط الصخري وصناعته لن تختفي وستمولها الحكومة قدر المستطاع.

استغلال زيادة الأسعار

من جانبه، قال أحمد حسن كرم، محلل أسواق النفط العالمية، إن شركات النفط الصخري قد تستغل الارتفاع في الأسعار المدعوم باتفاق أوبك+ التاريخي وتستأنف بعض إنتاجها تدريجياً، ولكن مع تحسّن أفضل عن المستويات الحالية يمكن أن نرى رجوعاً قوياً للشركات الأميركية.

وبخصوص الشركات المفلسة، أوضح كرم أن هناك خيارات كثيرة متاحة، إما الاندماج أو بيع حصص بها لحل أزماتها المالية ولتقوية ملاءتها لتخفيف الأضرار التي خلّفها فيروس "كورونا"، وبالتالي تحسن مستويات السيولة التي تمكّن من استئناف أنشطة الإنتاج مرة أخرى.

عامل حاسم

من جهته، قال المدير التنفيذي لشركة "فيجن ماركتس"، أحمد معطي، إن تحسن الأسعار عامل حاسم لعودة شركات النفط الصخري، مشيراً إلى تأثير اتفاق أوبك الأخير في دعم مستويات النفط الأميركي ليتجاوز مستوى 39 دولاراً صوب 45 دولاراً، متوقعاً أنه مع الوصول لهذا المستوى قد تعود أغلب وليس كل الشركات الأميركية المتوقفة عن الإنتاج، لأنه ما زالت أسعار النفط غير مربحة، حيث إن برميل النفط الصخري يكلّف الشركات نحو 50 دولاراً.

وأشار معطي إلى أن استئناف الأنشطة الاقتصادية حول العالم وما يتبعه من تحسن في الطلب بالتزامن مع اتفاق خفض الإنتاج لتحالف أوبك+ يقدم أفضل دعم لتحسن سعر برميل النفط، بالإضافة إلى البيانات الإيجابية حول تقرير الوظائف الأميركية الأخير، حيث أضاف الاقتصاد نحو 2.5 مليون وظيفة في مايو (أيار) مع انخفاض لمعدل البطالة إلى 13.7 في المئة، ما يعني أن حركة الإنتاج الداعمة لتحسن الطلب عادت في الولايات المتحدة.

وبخصوص الشركات التي أفلست أو أوشكت على الإفلاس، ذكر معطي أن الولايات المتحدة رصدت أكبر حزمة لدعم عملية التحفيز، ومع تحسن الآفاق المستقبلية بشأن أسعار النفط، قد تجد الشركات المنتجة الدعم المالي الكافي لتمويل خطط تعافيها قريباً.

وأضاف المدير التنفيذي لشركة "فيجن ماركتس" أنه مع اقتراب الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل سيحرص دونالد ترمب على خطة دعم مالي لهذه الشركات، لا سيما وأن أغلب الولايات التي دعمته بالانتخابات السابقة يعمل بها هذه الشركات.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز