Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وفرة النجوم والمال تقوض التلفزيون

"سبيس فورس" عمل آخر مثقل بالنجوم وباهظ التكلفة يسير في الاتجاه الخاطئ، يتساءل آدم وايت ما إذا كان التلفزيون فقد إدراكه للأمور التي نحبها في الشاشة الصغيرة

لم يكونوا مثل الأطفال المحبوبين الذين يمتلكون أموال الدنيا كلها لكنهم يفتقرون لسبب وجودهم (آبل/نتفليكس)

في إحدى حلقات مسلسل "ستار ترك" الأصلي التي عرضت عام 1967، تُدفن شخصية الكابتن كيرك التي أداها وليام شاتنر تحت كومة كبيرة من مخلوقات فضائية فروية توسم بـ "تريبلز". نظراً لأن ميزانية المؤثرات الخاصة في "ستار ترك" كانت تتألف في أحسن الأحوال من بعض مواد التغليف القديمة، وشرائط لاصقة بحوالى 30 دولاراً، فكانت قلة قليلة فقط من تلك المخلوقات قابلة للتحريك. بينما قبعت البقية على كتفي شاتنر على هيئة كرات زغبية صغيرة أُوكلت إلينا مهمة تخيل أنها كانت متأثرة بطريقة ما. كان "ستار ترك" عملاً رخيصاً. لكن الناس أحبوه مع ذلك.

من المحتمل أن المبلغ نفسه الذي أنفق على إنتاج حلقة كلاسيكية من "ستار ترك" قد يُدفع لظهور ذراع جينيفر أنيستون اليمنى في التلفزيون في أيامنا هذه. انسوا عصر التلفزيون الذهبي: نحن الآن في عصر التلفزيون الباهظ جداً. يسيطر نجوم السينما ذوو الأجور الفلكية على فناني الأعمال التلفزيونية لدينا، وهناك إسهاب في الأحداث، وتضخيم لأفكار الأعمال، ويبدو أن كل سلسلة تلفزيونية جديدة تكلف ما يساوي الناتج المحلي الإجمالي لإحدى البلدان الصغيرة. إذن ما هي المشكلة الوحيدة؟ أن معظم الأعمال سيء للغاية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أطلقت شبكة "نتفليكس" الأسبوع الماضي سلسلة "سبيس فورس" (قوة الفضاء)، وهي مسلسل كوميدي مليء بالنجوم مستوحى من الجناح السادس في الجيش الأميركي الذي شكله دونالد ترمب. لا أحد يعرف بالضبط كم كلف إنتاج المسلسل، لكن نجمه ستيف كاريل، الذي لا يزال الطلب عليه مرتفعاً جداً بعد عقد من انسحابه من مسلسل "ذي أوفيس" (المكتب)، قيل إنه تقاضى ما لا يقل عن مليون دولار عن كل حلقة. ومن الأسماء التي تحيط به في العمل: جون مالكوفيتش وليزا كودرو، وبما أن غريغ دانييلز، مؤلف مسلسل "باركس آند ريكرييشن" قد أسهم في ابتكار العمل، فإن مشاركة أي منهم لن تكون رخيصة. كما أن العمل يبدو أيضاً مثل فيلم رائج، مليء بمواقع التصوير، وتصميم إنتاج مبهر للعيون، وكمٍّ من الصور المنشأة بواسطة الحاسوب أكثر مما يتطلبه الأمر حقاً (جزء كبير من الحلقة الثانية يدور حول شخصية قرد مبتكرة بواسطة الحاسوب).

كما أن خروج "سبيس فورس" عن هدفه يعادل خروج كوكب من مجرة. على مدار موسمه الأول المكون من 10 حلقات، لا يستقر المسلسل البتة على نبرة معينة أو وجهة نظر متسقة. نتيجة لتأرجحه بين الهجاء الهزلي والمغالاة الوطنية الجادة، يبدو أن هناك رغبة في أن يكون العمل سياسياً، لكنه في الوقت ذاته خائف جداً من سعيه وراء أي هدف محدد. باستثناء طاقم العمل، إضافة إلى وجود ممثلين كوميديين داعمين رائعين مثل بين شوارتز وجين لينش والراحل فريد ويلارد، ليست هناك شخصيات مضحكة جداً. كانت تقييمات العمل لاذعة. كتبت "اندبندنت" في توصيفه: "إنه مادة مناسبة لفاصل وليس لمسلسل كامل". بينما تهكمت مجلة رولينغ ستون قائلة إن "سبيس فورس فشل في الإقلاع".

يبدو أن الكثير من الأعمال التلفزيونية تمشي على هذا المنوال حالياً. بحسب ما ورد، دفعت خدمة "آبل تي في بلس" 300 مليون دولار لعرض موسمين من مسلسل "ذا مورنينغ شو" (برنامج الصباح)، وهو عمل درامي بلا روح بطريقة غريبة عن شبكة أخبار تلفزيونية من بطولة جينيفر أنيستون وستيف كاريل وريس ويذيرسبون. ويُزعم أن من بين أغلى المسلسلات التي أنتجت على الإطلاق اثنين من مسلسلات ريان ميرفي المذهلة الجوفاء على "نتفليكس": "مسلسل هوليوود"، وهو نسخة ملحمية منقحة من فيلم أُنتج في الثمانينيات ويحمل اسم "تينسلتاون"، والمسلسل النقدي الساخر "ذا بوليتيشان" (السياسي).

كما أن كل حلقة من مسلسل "ذا ماندالوريان" المستمد من أفلام حرب النجوم والذي استغرق جهداً طائلاً للظهور على شبكة "ديزني بلس" قد كلفت 15 مليون دولار، على الرغم من أن قسطاً كبيراً منه يدور حول أشخاص مقنّعين يتحادثون في ما بينهم وسط الصحراء. إضافة إلى كائن يودا صغير لا بد من الاعتراف بلطافته.

كما أن مواهب نجوم الدرجة الأولى منتشرة في كل مكان، حتى لو لم يكن أحد يشاهد الأعمال. استقطب مسلسل "مودرن لاف" (الحب المعاصر) على خدمة أمازون النجمة السينمائية آن هاثاواي إلى الشاشة الصغيرة، إلى جانب كل من ديف باتيل وآندي غارسيا، لكن العمل واجه صعوبات في إحداث أي ضجة عبر الإنترنت. كما انطلقت خدمة البث التدفقي الأميركية الجديدة "إتش بي" أو "ماكس" في مايو (أيار) مع مسلسل من الحلقات المنفصلة بعنوان "لاف لايف" (حياة الحب) من بطولة الممثلة آنا كندريك. في هذه الأثناء أضافت خدمة "آبل تي في بلس" عملين من الإثارة الغامضة مرصعين بأسماء نجوم كبار مثل: كريس إيفانس وميشيل دوكري في"ديفندينغ جيكوب" (الدفاع عن جيكوب)، وأوكتافيا سبينسر وآرون بول في "تروث بي تولد" (الحقيقة تُقال). سيكون من الصعب عليكم العثور على العديد من الأشخاص الذين تابعوا أياً من المسلسلين.

إن انبثاق كل تلك المسلسلات من منصات البث التدفقي ليس مصادفة. قامت "نتفليكس"، التي تعهدت باستثمار 17 مليار دولار على أعمال من إنتاجها في عام 2020، بإعادة تكوين التلفزيون بالكامل منذ أن توقفت عن تأجير الأقراص المدمجة للمشاهدة في المنازل وتحولت إلى البث عند الطلب عبر الإنترنت في عام 2013. وقد ألهمت شعبيتها الشركات الأخرى، والتي تستثمر جميعها مليارات الدولارات على المحتوى على أمل أن يكون براقاً بشكل كاف لجذب المستهلكين إليه. من الأعمال التي تُحضّر حالياً: مسلسل "ماسترز أوف ذي إير" (أسياد الهواء) وهو جزء تتمة لسلسلة "باند أوف براذرز" (فرقة من الإخوة) على شبكة "آبل تي في بلس" (بكلفة 20 مليون دولار للحلقة الواحدة)، ومسلسل مستمد من أعمال مارفل المتنوعة على خدمة ديزني (يقال إن فاتورة كل موسم تقدر بمئة وخمسين مليون دولار)، ومسلسل "لورد أوف ذا رينغز" (سيد الخواتم) على خدمة أمازون برايم (التي تجسمت 250 مليون دولار للحصول فقط على حقوق صناعة العمل).

على كل حال، هناك مجال للنقاش ما إذا كان أي من تلك الجهود ناجعاً. في أبريل (نيسان) فشل تطبيق كيبي Quibi، وهو عبارة عن تطبيق مختزل لخدمة البث التدفقي يتباهى باشتماله على محتوى أصلي مصمم للمشاهدة على شكل أجزاء قصيرة أثناء التنقل. وعلى الرغم من استثمار أكثر من مليار دولار، ومشاركة أسماء مثل ستيفن سبيلبرغ، وجنيفر لوبيز، وليبرون جيمس وإدريس إلبا، فقد خرج من قائمة أفضل 50 تطبيقاً على "آي تيونز" بعد أسبوع من انطلاقه. مثل العديد من الشركات الحديثة ضمن عالم البث التدفقي، لم يكن رؤساء شركة كيبي يفترضون أن المستخدمين ليسوا بحاجة إلى أفكار مثيرة للاهتمام، بل يفضلون تراكماً كبيراً من الوجوه المعروفة (قيل إن ويذرسبون حصلت على 6 ملايين دولار مقابل التعليق الصوتي على سلسلة درامية وثائقية "نسوية" عن مملكة الحيوان بعنوان "فيرس كوينز" (ملكات ضاريات).

مسلسل "ذا مورنينغ شو"، المصمم كي يكون العمل المصاحب لإطلاق خدمة "آبل تي في بلس"، كان وجوده بشكل مشابه لفترة طويلة كعمل ذي فكرة غامضة من بطولة أنيستون وويذرسبون قبل أن يعرف أحدهم ما هي رسالة المسلسل. أعلن للمرة الأولى عن المسلسل في عام 2017، ثم تخلى عن كاتبه، واستبدله بآخر، وأعاد تشكيل فرضيته بالكامل، وبطريقة ما جمع 24 منتجاً مختلفاً لغاية وقت عرضه. كل جزئية من الحيرة وإعادة تكوينه وراء الكواليس يمكن رؤيتها على الشاشة.

حتى "نتفليكس"، باتت مذنبة باتباع مثل هذا النهج من الحكايا. ربما احترق مسلسل"سبيس فورس" لأن تمويله بالكامل لم يكن مبنياً على شيء سوى عنوانه. في عام 2019، حضر النجم ستيف كاريل اجتماعاً مع فريق "نتفليكس" وسُئل خلاله عما إذا كان يجد مصطلح "قوة الفضاء" بالطرافة نفسها التي يجدونها. كان جوابه "نعم". ثم اتصل كاريل بدانييلز لمعرفة ما إذا كان يريد تطوير شيء من العنوان. ولسبب غير مفهوم، تمخض ذلك عن مسلسل.

هناك مؤشرات على أن هذا هو أسوأ نهج للعمل في التلفزيون. لو كان هناك أي مسلسل قد جذب انتباه المشاهدين هذا الصيف، فقد كان مسلسل "نورمال بيبول" (أشخاص عاديون)، وهو دراما منخفضة التكلفة ومثيرة نسبياً تدور حول الجنس والطبقة الاجتماعية والصحة الذهنية. البطولة الكاملة لهذا العمل المقتبس من رواية سالي روني التي حققت رواجاً كبيراً، قام بها ممثلان غير معروفين. نتيجة لذلك، لم يعد بإمكانكم الفرار من بول ميسكال، الذي ربما كلف دوره ما يعادل تماماً تكلفة الباروكة الغريبة التي ترتديها ويذرسبون في مسلسل "ذا مورنينغ شو". يعد هو وزميلته التي شاركته البطولة ديزي إدغار جونز دليلاً كذلك على أن النجومية والنفقات ليست ما يجذب الجماهير الحديثة. وليس مسلسل "نورمال بيبول" العمل الوحيد. من الأعمال الشبيهة المفضلة لدى النقاد: "تشيرنوبيل"، "ديري غيرلز" (فتيات ديري)، "ساكسيشن" (التوريث)، "PEN15" و "فليباغ" - وقد لعب بطولتها جميعاً (على الأقل عندما ظهرت للمرة الأولى) ممثلون مجهولون تماماً أو وجوه يمكن تذكرها بشكل مبهم من أعمال أخرى - كما أنها لم تكلف مبالغ طائلة كذلك.

يذكّرنا هذا أيضاً بمدى عدم جدوى هذا النهج. تاريخياً، غالباً ما كانت الأعمال التلفزيونية العظيمة نتاج مناضلي التلفزيون - الكتّاب والصنّاع الذين ابتكروا مسلسلات عبقرية من ميزانيات متقشفة، وتأقلموا مع الموارد المحدودة واضطروا إلى الاستجداء بغية الحصول على ميزانيات أعلى والمزيد من الحرية الإبداعية.

لقد أحببنا "ستار تريك" و"بافي" و"ذي أوفيس" لأنها كانت مسلسلات غريبة مشاكسة تضج بالطموح، وليس لأن الأبهة تسيل منها. في الوقت نفسه، تمكنت أعمال مقامِرة قد غيرت قواعد اللعبة مثل: "سيكس آند ذا سيتي" (الجنس والمدينة)، "ذا سوبرانوز" (آل سوبرانو ) و"لاين أوف ديوتي" (خط الواجب)، من استعادة ميزانياتها بمرور الوقت. لم يكونوا مثل الأطفال المحبوبين الذين يمتلكون أموال الدنيا كلها لكنهم يفتقرون لسبب وجودهم. إنه عامل سيكون من الحكمة أن تأخذه في الحسبان "ديزني" و"أتش بي" أو "ماكس" وكل شركة محتوى جديدة طموحة أخرى. هذا إن استمرت لما يكفي من الوقت.

© The Independent

المزيد من منوعات