Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العنصرية أفسدت مساري المهني في سلك الشرطة

الزمن لم يغير شيئاً وضبّاط بريطانيا أقل تسلحاً من الأميركيين

"خلال سنوات خدمتي رأيت على نحو متكرر سوء معاملة زملائي لأصحاب البشرة السوداء والبنيّة" (غيتي)

منذ كنت صبياً أسود صغيراً في "ليفربول"، حلمت بالبزة الزرقاء [التي ترتديها الشرطة]. وبعد سنوات، حقّقت حلم طفولتي وأصبحت ضابط شرطة في بريطانيا.

في المقابل، كانت التحديات التي واجهتها بسبب لوني بصفتي شرطياً أسود بغيضة وعدوانية، في شمال إنجلترا وجنوبها. فقد أفسدت العنصرية مهنتي. وإن لم يظهر ذلك على شكل تلك العنصرية البغيضة المباشرة التي عبّر عنها بعض زملائي، فإن ذلك يعود إلى براعة وحسن تخلص الضباط الأقدم حين كان يجري تجاوزي في التكليفات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد ثماني سنوات من ذلك الوضع واعتلال صحتي، قررت أن الكيل قد طفح مع العنصرية، فواجهت الشرطة في المحاكم. وكانت تجربة صادمة. وقفت أنا، الضابط الأسود المثلي جنسيّاً، في مواجهة إحدى أقدم المؤسسات البريطانية وأقواها، والتي تعلن للعالم أنها ليست عنصرية. ولا يفوز أحد حين تصارعون صاحب عملكم بغرض إسماع صوتكم، لكن المحكمة تبيّن لها بالفعل أن الشرطة مارست التمييز، وأنها ضايقتني واضطهدتني لأنني أسود.

وأنا واحد من الضباط الملونين الكثيرين ممن تعرضوا للتنمر بسبب شكلهم.
وبعدما أُحرِجت فأُخرِجت بعد 11 سنة، بدأت في إعادة بناء حياتي. وكتبت بكثافة حول المسألة العنصرية وعمل الشرطة، بهدف تخليص نفسي من الألم القديم وتحسين أوضاع الآخرين. وكتبت كتاباً عن العنصرية المنهجية المستمرة في الشرطة البريطانية، وذلك أمر تقر به "الجمعية الوطنية للشرطيين السود".

وبعد ذلك، على غرار كثير من الناس حول العالم، شهدت قتل جورج فلويد المرعب والوحشي في "مينيابولس" على يدي ضابط الشرطة ديريك شوفين، الذي وضع ركبته على رقبة جورج، فثبته لتسع دقائق في حين كان يصيح. ويذكّر ذلك بتثبيت كثيرين من السود. وبذا، عاد بقوة جرح العنصرية الذي واجهته وحاولت الفرار منه، وهي المشاعر نفسها التي عبر عنها كثيرون من السود في بريطانيا، ما أدى إلى الاحتجاجات الأخيرة في المملكة المتحدة.

يعتقد بعض الناس بأن عمل الشرطة يختلف بين ضفتي المحيط الأطلسي، لكنه نفسه. ويتمثّل الفارق الوحيد في أن الضباط البريطانيين ليسوا مسلحين بشكل روتيني. فخلال خدمتي، رأيت في شكل روتيني سوء معاملة زملائي لأصحاب البشرة السوداء والبنيّة، ولاسيما خلال التفتيش على المخدرات. ويميل السود إلى استخدام المخدرات أقل من البيض، لكنهم يُجرَّمون في شكل غير متناسب في جنح تتعلق بالمخدرات. وتُعَد العنصرية في الشرطة البريطانية إزاء الضباط السود سيئة، لكنها إزاء الناس تكون سلبية في شكل مضاعف لأنها تدمر إيمانهم وثقتهم بالشرطة كقوة خير.

وقبل تفشي فيروس كورونا، كان السود أكثر عرضة للتوقيف والتفتيش بتسعة أضعاف بالمقارنة بالبيض، وأكثر عرضة للاعتقال بثلاثة أضعاف، وأكثر عرضة للصعق بأربعة أضعاف، وأكثر عرضة للحجز وفق قانون الصحة العقلية بأربعة أضعاف. ويموت عدد غير متناسب من الملونين في أماكن الاحتجاز لدى الشرطة "نتيجة استخدام القوة أو الكبح من قبل الشرطة". ويكون أكثر من نصف شبابنا الموضوعين في مؤسسات للمعتدين الشباب، من ذوي البشرة البنية أو السوداء.
ولا يزال البريطانيون الملونون معرضين في شكل غير متناسب للعمل المفرط في الحماسة من قبل الشرطة. إذ ينالون غرامات أكثر من البيض وفق القوانين الخاصة بفيروس كورونا. وثمة مقاطع فيديو عدّة لاقت انتشاراً واسعاً تظهر الشرطة تسيء معاملة السود، كالرجل الذي يُعتقَد بأنه سائق سيارة إسعاف وطلب منه ضابط في شرطة لندن تبرير خروجه من منزله ثم صفّده.

ويؤلمني كرجل وضابط سابق أسود أن أتحدث علناً حول هذه المسائل، لكن الحقيقة تتمثل في أنني لم أرَ ما يكفي من التغيير في الشرطة خلال السنوات الـ40 الماضية، بدءاً بأعمال الشغب في بداية ثمانينيات القرن العشرين.

ومن خلال إبراز الجوانب السلبية لعمل الشرطة، أعتقد بأن الشرطة ستصغي وتتعلم يوماً ما. فلدي، مثلما لدينا جميعاً، واجب إظهار بشاعة العنصرية، بما في ذلك العنصرية في شرطتنا، لكي يُنتزَع هذا السرطان يوماً ما. وأقلق من أننا إن لم نتمكن من معالجة العنصرية المنهجية في الشرطة البريطانية -فستتمدد الاضطرابات التي نشهدها في أميركا إلى بريطانيا- إن حياة السود لها أهمية هنا أيضاً.

لقد سئم السود من العنصرية وقد أرهقتهم. ولقد سئمنا من رؤية جثث لسود اضطهدتهم الشرطة وعاملتهم بوحشية، وهذا يشمل بلادنا بريطانيا.

( كيفين ماكسويل، كاتب ومناصر [للحقوق المدنية] وتحر سابق في شرطة مانشستر الكبرى وشرطة العاصمة لندن. ونشرت "دار غرانتا" كتابه "أخرجوني")

© The Independent

المزيد من آراء