Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تعبث الحكومة البريطانية بالأرقام المتعلقة بوباء كورونا؟

انتهاج سياسة تستند إلى تقديم بيانات مضلّلة للناس لن يساعد في إقناعهم

إذا كانت الثقة والشفافية مسألتين مهمّتين لنجاح مكافحة فيروس كورونا فإن هذه المرحلة لا تُعتبر جيدة بالنسبة إلى الحكومة (أ.ف.ب)

كي تتمكّن الحكومة البريطانية من مواصلة الحفاظ على أي مقدار من السلطة بين الأفراد الذين تزعم أنها تخدمهم، يتعيّن عليها أن تقول لهم الحقيقة في بعض الأحيان.

بطبيعة الحال، إن أحداً لا يتوقّع أن تكون السياسة خاليةً من الأكاذيب وأنصاف الأكاذيب وأنصاف الحقائق والحقائق الملتوية، و"الأرقام التي تخضع للمراجعة". لكن عندما يقدّم الوزراء أرقاماً "رسمية" أو تقييمات علمية موضوعية، على سبيل المثال، بشأن فيروس كورونا، فينبغي أن تلقى تلك الأرقام مقداراً من الثقة من جانب الجمهور.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا العامل ينطبق أيضاً على الغالبية العظمى من مجموعة واسعة من الأرقام الاقتصادية والاجتماعية التي جُمعت رسمياً بإشراف "مكتب الإحصاء الوطني" ONS عام 1996، التي صدرت في ما بعد عن المكتب ذاته. ويصحّ عامل الثقة كذلك في ما يتعلّق بالبيانات والمعلومات الأخرى التي ما زالت تضعها الإدارات والوكالات الحكومية والتي لا تأتي من "مكتب الإحصاء الوطني"، مثل البيانات الراهنة المرتبطة باختبار فيروس "كوفيد-19" الصادرة عن وزارة الصحّة ومثيلاتها المكلّفة القيام بذلك، وعن سلطات الصحة العامة.

ومن حسن الحظ أن "هيئة الإحصاءات البريطانية" UKSA المستقلة، أشرفت منذ تأسيسها عام 2008 على البيانات الصادرة عن "مكتب الإحصاء الوطني" وغيرها من المعلومات الرسمية والإدارية، وهي على استعداد للتحدّث علناً عندما تلاحظ وجود أخطاء. وقد أُنشئت هذه الهيئة عام 2008، نتيجة بروز مخاوف من الإفراط في "التلاعب" من جانب الحكومة التي كانت قد شرعت  في وضع مقاييس حرجة، لا سيما في ما يتعلّق بالأداء الاقتصادي، كالعدّ المزدوج ومبادرات إعادة الإعلان.

وقد وجّه رئيس "هيئة الإحصاءات البريطانية" السير ديفيد نورغروف، تحذيراً علنياً إلى مات هانكوك وزير الصحة، في شأن الأرقام التي تقدّمها وزارته وتلك التي لم تُقدّم، عن موضوع حسّاس كمسألة اختبارات الفيروس.

ويرى السير ديفيد أن أرقام اختبارات فيروس كورونا، لا تزال بعيدة من أن تكون مكتملةً ومفهومة". وقال إنه "نظراً إلى عدم كفاءة البيانات المرتبطة بالاختبارات، ليس مستغرباً أن تتعرّض لانتقادات واسعة النطاق، وغالباً ما لا تكون موضع ثقة الناس". واعتمد السير ديفيد أسلوباً مباشراً في توجيه الاتّهام بالتسييس وباستخدام الأرقام، التي تهدف إلى إظهار "وجود أكبر عدد ممكن من الاختبارات، حتى على حساب الفهم العام".

من هنا، إذا كانت الثقة والشفافية مسألتين مهمّتين لنجاح مكافحة فيروس كورونا، فإن هذه المرحلة لا تُعتبر جيدة بالنسبة إلى الحكومة. وبصرف النظر عن تبعات حادثة دومينيك كامينغز، كبير مستشاري رئيس الوزراء، في الانصياع للقانون (التزام الحجر الصحي) وتغيير القواعد الإرشادية، فقد وُجّه الاتّهام إلى وزارة الصحة أيضاً بمنع تقرير "هيئة الصحة العامة في إنجلترا" المتعلّق بالتأثير التفاضلي لمرض "كوفيد - 19" في مجتمعات من أصول أفريقية وآسيوية وأقليّات عرقية أخرى في الممكلة المتحدة.

لكن وزير الصحة مات هانكوك أصدر في الواقع نتائج التقرير التي أظهرت أن الأشخاص من خلفيات أفريقية وآسيوية وأقليّات عرقية أخرى، عانوا من معدّل وفيات أعلى، لكن العمل على تحديد مدى التفاوت الناتج من الاعتلال المشترك بأمراض (مثل السكّري والسمنة) لم يكتمل بعد. ويتعيّن على الحكومة في المقابل أن تكون واضحةً أيضاً في ما يتعلّق بتأثير أوجه الحرمان في مختلف المجموعات الإثنية.

ويتمثّل الجانب الأكثر إثارة للقلق في الاتّهام الموجّه إلى كريس ويتي، كبير الأطباء في إنجلترا، بأنه رفض اقتراح تخفيض مستوى التهديد الرسمي لفيروس كورونا، من المرتبة 4 إلى 3 (معلومٌ أن المستوى 5 هو النقطة الأسوأ لمفاعيل المرض، و1 يرمز إلى القضاء عليه). وكان يُفترض بالعرض الأصلي المقدّم والمتعلّق بوضع "خريطة الطريق" للخروج من الإغلاق، أن يكون خفض مستوى التهديد شرطاً مسبقاً لتخفيف إجراءات الإقفال.

ومع ذلك، فإن تدابير تخفيف الإغلاق التي تُجرى تدريجاً بـ"خطوات صغيرة"، كمعاودة فتح المدارس والمحال التجارية في 15 يونيو (حزيران) الحالي، تمضي قدماً في أي حال. ويعطي الوزراء للوضع الراهن صفة "المرحلة الانتقالية" أو "التحرّك نحو المستوى 3" من إجراءات التعامل مع الوباء، على حدّ تعبير رئيس الحكومة بوريس جونسون، بينما تشير البيانات الرسمية إلى نقطة وسطية ما بين المستويَيْن 4 و3.

وعلى الرغم من أن المسألة ليست موضوعاً إحصائياً بحتاً، مثل الخلافات على أرقام الاختبار والمقارنات الدولية (التي لم تعد منشورة هي كذلك)، فإنّ الرسائل المختلطة المعتادة قد تضرّ، كما التعتيم على السياسات بالجهود الرامية إلى حماية الصحة العامة في البلاد.

في النهاية، كلّما تراجع عدد الناس الذين يؤمنون بما تقوله السلطات الرسمية عن الأحداث الحالية، وكلّما قلّت ثقتهم بصدق الأدلّة التي تستند إليها السياسة، قلّ لديهم الميل إلى اتّباع القواعد. وسيعني ذلك عاجلاً أو آجلاً، وقوع عدد أكبر من حالات الإصابة بالعدوى والوفيات، ما قد ينعكس أو لا ينعكس بشكل كامل على الأرقام الرسمية في المستقبل.

© The Independent

المزيد من تحلیل