Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الناس لا الحكومات سيحددون التعافي من ركود عالمي سببه كورونا

الإغلاق جعل الناس يدركون الأشياء التي يقدرونها حقاً وما ليس كذلك، فتغيرت عادات الانفاق

بدأ فتح القطاعات الاقتصادية. ففي العالم بأسره، تصدر الحكومات تعليمات حول ما يجب علينا فعله كما تقرر مهلاً لضخها المستمر للأموال في اقتصادات بلدانها. وتحاول الأعمال في الأغلب تحديد عدد الموظفين الذين ستحتفظ بهم مع تراجع الدعم، على الرغم من أن بعضها، مثل جهات البيع بالتجزئة عبر الإنترنت، تجهد في تلبية الطلب المتسارع.

لكن الحكومات والأعمال لن تكون الجهة الأهم في تحديد سرعة التعافي. بل نحن من سيكون هذه الجهة. وسيقرر المستهلكون ما إذا كان هذا الخروج من الركود سيتسم بسرعة معقولة، أو سيتميز بكفاح طويل وبطيء، وسنحدد شكله بنقودنا، أو بالأحرى ببطاقات الائتمان الخاصة بنا لأن النقود المادية كانت من ضحايا كوفيد-19.

وإلى الآن تعرض إنفاقنا لأمرين. فمن جهة، حصل تقلص عام يختلف من بلد إلى آخر لكنه تراجع يتراوح عادة بين 10 و15 في المئة. ومن جهة أخرى حدث تحول جذري في نمط المبيعات، مع قفزة في الإنفاق على المواد اللازمة للمنازل. وفي تطور غير مفاجئ، تعكس السوق الطلب. فقد بلغني أن سعر برك السباحة البلاستيكية الصغيرة في أميركا قفز من 60 دولاراً إلى 140 دولاراً.

وبالطبع، فأنتم لن تكتفوا بشراء بركة سباحة. أنتم تشترون تجربة القفز في البركة لأطفالكم المحجورين خلال إقفال الملاعب. وهذا يثير السؤال الرئيس: أي مقدار من التغيير في عاداتنا الاجتماعية التي فرضها علينا الإغلاق سيستمر؟ وستحدد الإجابة عن هذا طبيعة التعافي.

لكن مهلاً للحظة؛ إن لرد السلطات أهمية أيضاً. أصدر مركز بروكينغز البحثي في واشنطن العاصمة للتو ورقة متعمقة عنوانها "إعادة فتح أميركا والعالم"، تنص رسالتها الجوهرية على أن "جهود إعادة الفتح"، لو جرت في شكل سليم، فإن "من شأنها أن تحدد الشروط لتعافٍ أكثر إنصافاً وعدالة وشمولاً يحتضن إصلاحاً حقيقياً ويولّد إعادة تصور رؤيوية لأميركا والمجتمع العالمي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى بروكينغز، أن الولايات المتحدة تستطيع استخدام التعافي لحض المجتمع على معالجة التفاوتات في نظامه الاقتصادي والخروج بشيء يعمل في شكل أفضل للجميع. وتنطبق هذه الرسالة بالتأكيد على بلدان أخرى، بما فيها المملكة المتحدة.

لكن الأمر لا يتعلق فقط بالسياسات، وحتى أنه لا يتصل بها في الغالب؛ إنه يتعلق أيضاً بالناس. أظن أن عدداً كبيراً إلى حد ما  من التغييرات التي أحدثناها على عاداتنا اليومية سيستمر. فسنواصل على الأرجح طلب توصيل البضائع، لكننا سنستخدم أيضاً المتاجر المحلية القريبة في شكل أكبر. وسنرغب في النوعية، لا الكمية. وسنواصل ممارسة مزيد من الطهي (وعفواً، الشرب) في المنزل، وحين سنخرج لتناول وجبة سنقدر المناسبة أكثر.

وإذا كنتم تديرون واحدة من حانات بريطانيا الـ47 ألفاً المغلقة منذ 20 مارس (آذار)، قد يبدو هذا الاحتمال مخيباً للأمل. فقاعدة إبقاء مسافة مترين بين كل شخصين تُضعف حقاً الأنشطة التي يُفترض أنها ممتعة. وحتى لو فتحت الحانات حقاً الشهر المقبل كما هو مخطط له على ما يبدو، سيكون من الصعب جداً لمعظم أصحابها تأمين قوتهم في ظل هذه الشروط. لكن ثمة قاعدة أخرى مفادها "ما لا تستعمله تخسره". وعلى افتراض وجود بعض المنطق السليم لدى السلطات، وعلى افتراض أننا جاهزون لدفع مبلغ صغير إضافي لقاء الخدمة، سيمكن الحفاظ على استمرار معظم القطاع.

وتتلخص الفكرة الأعرض هنا، وهذا يصح على جانبي المحيط الأطلسي، في أن الإغلاق جعل الناس يدركون الأشياء التي يقدرونها حقاً وتلك غير المهمة. فلا شيء مثل تنظيف الملحق العلوي للبيت (الذي يُستعمل مستودعاً)، يجعلنا نعي بأن لدينا أشياء كثيرة لا نحتاج إليها حقاً، ولا شيء مثل عدم التمكن من تناول وجبة مع أصدقائنا في الخارج لنعي ما يسعدنا حقاً.

ولو صح ذلك، فهل يوحي بتعافٍ أبطأ؟ على رغم كل شيء، كلما كان إنفاقنا أسرع، كان تعافي الاقتصاد أسرع. حسناً، قد يعني الأمر أن النمو سيعود خلال الخريف والشتاء في شكل أبطأ مما لو عمدنا جميعاً إلى الإنفاق بتفاخر، لكنه سيعني أن التعافي سيكون أكثر صلابة واستدامة. وهذا بالتأكيد سيكون أفضل للجميع.

© The Independent

المزيد من متابعات