لم يمهل الموت أسطورة الأحصنة "أروغيت" أكثر من ثلاث سنوات بعد حصده أعلى تصنيف في العالم ليودع الدنيا مخلفاً أمجاداً وأرقاماً تبقيه خالداً في ذاكرة السعوديين والبطولات العالمية التي لم يتخلف عنها خلال مسيرته.
الجواد الذي طالما فاجأ أقرانه في مضامير السباق حين يطوي الأرض بسرعته، حقق نحو 18 مليون دولار من نتائج انتصاراته ليكون بذلك أغلى جواد في أميركا. وقال الرئيس التنفيذي للمجموعة المالكة للجواد دوغلاس إرسكين كروم، في بيان له، "إن سماته الجسدية والشخصية تمر بقوة إلى نسله".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كان الحصان الذي شبهه عشّاق الفروسية مرات عِدة بـ"الشهاب الثاقب"، سليل مزرعة "جودمونت" لإنتاج الخيول العالمية العائدة إلى الأمير خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن آل سعود، (ابن عم العاهل السعودي) وعرف كممثل للسعودية في أغلى المسابقات العالمية حيث يعد هذا البلد الخليجي موطناً للفروسية والفرسان عبر العصور، مستلهماً وحدة أراضيه على صهوات الجياد من قبل مؤسس الدولة الملك عبد العزيز، الذي يقول المؤرخون إنه أقام أعظم كيان سياسي واجتماعي في الجزيرة العربية منذ قرون عدة.
رهان الأفضل
انضم "أروغيت" إلى الإسطَبْل السعودي بعد المزايدة عليه في مزاد "كينلاد" بنحو 560 ألف دولار، ليكون جوهرة إسطبل أعرق ملاك الخيل في العالم، التي كانت قد حازت 75 في المئة من بطولات أكبر سباقات العالم في العام 2010.
وحقق الجواد لقب "الأفضل" في العالم كونه أول جامع للجوائز المالية في تاريخ سباقات الخيل، فبعد فوزه بكأس البيغاسوس الأميركية على مضمار "غلف استريم بارك" في ولاية فلوريدا وجائزتها البالغة 12 مليون دولار، وظفر بكأس العالم من مضمار ميدان دبي وجائزة المركز الأول البالغة 6 ملايين دولار.
بينما حظي خلال مسيرته على أعلى تصنيف بالعالم، إذ حقق سبع انتصارات متتالية برز فيها وأعلى من تصنيف الفروسية في السعودية. وكان حصده الترتيب الأول في العالم بكأس العالم في دبي عام 2017 المرة الأولى التي يفوز بها حصان لمالك سعودي.
وتتمثل أعظم انتصاراته في سباق الترافرز الأميركي على مضمار Saratoga، والبريدرز الأميركي، كما بزغ نجمه أكثر إثر هزيمته لكاليفورنيا كروف في سباق البيغاسوس العالمي للخيول بالولايات المتحدة، الحائز فيه على 12 مليون دولار ضمن أغلى شوط في العالم.
علاقة متجذرة
ويتذكر السعوديون حضوره الأسطوري في كأس العالم بدبي ليبقى أداؤه عالقاً في ذاكرتهم، ففي السعودية تخصص الجهات الرسمية مركز الملك عبد العزيز للخيل العربية الأصيلة لاحتواء البقية الأصيلة من خيل المؤسس ومجموعة من الخيل العربية الأصيلة من سلالات أخرى لاستمرار الإنتاج وتحسين الصفات.
ويهتم المركز بالخيل العربية على مستوى البلاد، كما يمثل السعودية في المنظمات الدولية ويطبق المعايير الدولية للرعاية والتسجيل والتنقلات، ويقدر عدد الخيل في المركز بما يقارب 297 رأس من الخيل، وعدد الملاك المسجلين في المركز 8200 مالك، بينما عدد الخيل المسجلة في المركز حتى 2018 بلغ 28360.
ويسجل المدوّن فيصل بن جفين تأثره عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بغياب "أروغيت"، قائلا "فُجع عشاق الخيل على مستوى العالم هذا اليوم برحيل أحد أهم خيول السباق في عصرنا الحاضر، كما أنه أحد أساطير خيول السباق على مر التاريخ وهو الحصان الشهير أروغيت Arrogate"، مستذكراً سيرته من الولادة في مزرعة كليرسي بولاية كنتاكي الأميركية في عام 2013، مروراً بنموه وعرضه في سنته الأولى بمزاد كينلاد الشهير لتقع عليه أعين الكشافين في مزرعة "غودمونت".
ويستعيد بن جفين أول ظهور لأروغيت على ميدان لوس المياتوس في عام 2016 محققاً المركز الثالث، وفي يونيو (حزيران) من العام نفسه حقق مركزه الأول على ميدان "سانتا أنيتا بارك"، عقبها في أغسطس (آب) كان حضوره التاريخي في ميدان "سراتوقا" الشهير، حيث تجرى أهم السباقات، فواجه أعظم حصان في العالم حينها، البطل "كاليفورنيا كروم"، منتزعاً الصدارة منه وفارضاً هيمنته على الميادين الأميركية.
الوداع الأخير
كانت إصابة "أروغيت" بالتهاب غامض في الرقبة بداية سقوطه الأخير، فلم يعد يحتمل الوقوف على قوائمه الأربع، وبعدها بأربعة أيام نفق البطل الأسطوري مخلّفاً الأسى والحزن لجمهوره وملاكه ومدربيه.
وقال عنه مدربه بوب بافرت، "إنه من أعظم الجياد التي أشرفت على تدريبها منذ 40 عاماً، من حيث عزيمة الانطلاقة وتسارع الخطوات وقدرته على تخطي الخيول واجتيازها".
أما خيّاله مايك سميث، فقد عبّر عن فخره بإنجازات "أروغيت"، وقال "لقد كان مذهلاً حقاً، وسأفتقده من كل قلبي".