Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ظهور مفاجئ لحزبي "نظام بوتفليقة" يثير مخاوف الحراك والمعارضة

الأمين العام الجديد لجبهة التحرير: قلقون من عودتنا لعمق ارتباطنا الوثيق مع الشعب الجزائري

الحراك الشعبي رفع شعارات تطالب بحل الأحزاب السياسية (مواقع التواصل)

حرّكت عودة أهم أحزاب السلطة في الجزائر إلى المشهد السياسي بشكل مفاجئ، مخاوف الشارع والمعارضة "التقليدية"، من أمر يدبره النظام "الجديد"، وعلى الرغم من أن الرئيس عبد المجيد تبون سارع إلى نفي أية علاقة تربطه بحزب جبهة التحرير، القوة السياسية الأولى في البلاد، غير أن التوجس يسيطر على الحراك.

عودة أحزاب بوتفليقة

ولم تشفع تصريحات مسؤولي ما يطلق عليهما "حزبي نظام بوتفليقة"، جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي، التي تهدف إلى زرع بذور الأمل بين أوساط الشعب الرافض لعودتهم، حيث مد الوافدين الجديدين على التشكيلتين السياسيتين أبو الفضل بعجي والطيب زيتوني على التوالي، أيديهم إلى الطبقة السياسية والشارع، من أجل إحداث القطيعة مع الممارسات السابقة والعمل من أجل "جزائر جديدة".

في المقابل، تعتبر فئة من السياسيين والشارع عودة حزبي "بوتفليقة"، عملية ترميم البيت الداخلي من أجل مرحلة جديدة، بينما قالت الأطراف الناقمة إن عودتهما استفزاز للشعب الذي طالب بإقصائهما خلال الحراك، وصنّفت الحدث في سياق العودة إلى الواجهة الإعلامية لا السياسية بعد أن انتهت صلاحيتهما السياسية مع بداية الحراك في 22 فبراير (شباط) 2019 وسقوط نظام بوتفليقة، وهما يبحثان في الوقت الراهن عما يبقيهما في الساحة بأقل الأضرار.

خدم المستعمر وراء إشاعة التخوف؟

يرى الأمين العام الجديد لحزب جبهة التحرير بعجي أبو الفضل في حديث لـ "اندبندنت عربية"، أن التخوفات من عودة الحزب مردها عمق جبهة التحرير وارتباطها الوثيق مع الشعب الجزائري، موضحاً أن أطرافاً تخاف من القاعدة العريضة والواسعة للحزب، ومن قوة شبابه الذي همّش سابقاً بفعل ظروف معينة، مضيفاً أنهم "يعلمون أن الحزب سيكتسح الميادين والمجالات بكفاءات شبابه ونضاله والتزامه بالدفاع عن الشعب ومقدساته وعن الدولة ومؤسساتها".

ويواصل بعجي أنه معروف من يقف وراء التخوفات ونشر الإشاعات، مبرزاً أن "عدو الأمس هو عدو اليوم بتعدد ألسنته ووسائله وداعميه المتنكرين للوطن وللشعب الجزائري، الخانعين الراضين بالاستعباد وخدمة المستعمر مثلما فعل آباؤهم وهذا ما يزيد الجبهة قوة وإصراراً على المضي قدماً رفقة الخيرين والوطنيين لبناء الدولة الجزائرية العصرية على أسس بيان نوفمبر وتفويت الفرصة على أعداء الشعب وأعداء الجزائر".

ويوضح أنه "من حق الجميع إبداء تصوره ورأيه، لكن ستكون القطيعة مع ما مضى وستعود الجبهة لمكانتها الطبيعية في خندق الشعب الجزائري، والمستقبل كفيل بالرد على الجميع".

لا علاقة للرئيس تبون بالزوبعة

استمرت جهات من الحراك في "الترويج" لعلاقة السلطة الحالية بعودة حزبي "نظام بوتفليقة"، وربطت ذلك بمنحها الضوء الأخضر لتجديد واجهتهما في ظل إجراءات الوقاية من وباء "كورونا"، وتحدث كثيرون عن وقوف تبون وراء حزب الغالبية "جبهة التحرير"، بخاصة بعد أن دعت قيادات داخل هذا الحزب وعلى رأسهم حسين خلدون، الرئيس الجزائري إلى التدخل لإنقاذ "الجبهة" من استمرار أسلوب العصابة والمافيا المالية السياسية التي ما زالت تتحكم في خيوط اللعبة السياسية.

هذا اللغط داخل أكبر قوة سياسية في البلاد، أدى إلى تدخل الرئيس تبون على لسان الناطق الرسمي للرئاسة محند أوسعيد الذي أوضح أن تبون هو رئيس كل الجزائريين و"لا علاقة تنظيمية له بأي حزب سياسي معتمد".

وقال في رده على سؤال لوكالة الأنباء الجزائرية حول علاقة رئيس الجمهورية بحزب جبهة التحرير، إن تبون جمّد عضويته في اللجنة المركزية للحزب، ولم يترشح، كما هو معلوم، باسم هذا الحزب للانتخابات الرئاسية الأخيرة، مؤكداً أن الوزير الأول عبد العزيز جراد "سبق له أن استقال من حزب جبهة التحرير قبل أن يعين في منصب الوزير الأول بعدة سنوات".

ترتيب بيت الغريم

في السياق ذاته، أشار الأمين العام الجديد للحزب الغريم التجمع الديمقراطي الطيب زيتوني، في أول تصريح له في أعقاب تزكيته، إلى ضرورة العمل ضمن مبادئ الحزب بعيداً من الصراعات والممارسات التسلطية السابقة، مؤكداً أن حزبه سيتجاوز صفحة الماضي وسيعيد الثقة للمناضلين، ويجمع شتات بيته الذي زاغ عن أهدافه.

وذكر أن "حزبنا يمرض ولكن لا يموت"، مشيراً إلى أن تطهير الساحة السياسية من الفساد هو حجر الزاوية لبناء مؤسسات تحظى بثقة الشعب، وعليه فإن "عمله المستقبلي سيكون مبنياً على طرح نظرة سياسية جديدة يكون الحوار أهم أسسه بعيداً من الديماغوجية".

القطيعة مع الماضي لمواجهة الرفض

يعني انتخاب قيادة جديدة للحزبين في الوقت الراهن الذي يغيّر فيه النظام بالمفهوم السياسي، القيام بتطهير الحزبين من الدخلاء ومنطق المال السياسي القذر، بعدما استغلا طيلة سنوات لخدمة مصالح شخصية، وارتباطهما بمفهوم السلطة في إطار علاقة بعيدة من العمل والنضال السياسيين، وعليه فإن المستقبل السياسي سيشهد لا محالة، بحسب المعطيات الراهنة، توازنات تمكن من السيطرة على المجال السياسي وإعادة الاعتبار للعمل السياسي.

ويعتبر الباحث في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن عودة أحزاب السلطة بهذا الشكل الفج والمتسرع، لن تزيد إلا في توسيع قاعدة رفض النظام السياسي الذي لم يقبل بإصلاح نفسه في الوقت المناسب، وربما حتى بروز علامات جذرية أكبر لدى فئات شعبية اندمجت بقوة داخل الحراك، وهي تعاين فشل مسعاها في المطالبة بإصلاح هادئ، مضيفاً أن مراكز القرار السياسية الحاكمة في الجزائر ليست بحاجة إلى هذه الأحزاب السياسية من أصله وربما كل الأحزاب، إلا بشكل مناسباتي مرتبط بالانتخابات الدورية، بعد أن تحولت إلى عبء إضافي عليها.

المزيد من العالم العربي