Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حراك الشارع يعزل المعارضة الجزائرية

المعارض كريم طابو، أكد ان هناك أحزاباً وشخصيات تدعي المعارضة شاركت في النظام، ودعمت الرئيس بوتفليقة في وقت سابق، وهي اليوم مع المعارضة تبحث عن تموضع بعيداً من رغبة الشارع المنتفض.

بات الجميع في الجزائر يتساءل بشأن غياب المعارضة عن الحراك الشعبي الحاصل في البلاد والذي يطالب بتغيير كامل للنظام (رويترز)

كشف استمرار المسيرات والاحتجاجات في الجزائر عن ضعف المعارضة التي دأبت في انتقاد السلطة وفشلت في قيادة الشارع الذي انتفض عفوياً وبشكل سلمي، ومن أجل استدراك الأمر واستعادة دورها، سارعت إلى إصدار بيانات وعقد اجتماعات داعمة لمطالب الشعب، في محاولة للحاق بالحراك الشعبي الذي فرض واقعاً جديداً، لكن من المسؤول عن تراجع دور المعارضة وتخلفها عن قيادة الشارع؟

زعماء المعارضة يتعرضون للطرد من المسيرات

بات الجميع في الجزائر يتساءل بشأن غياب المعارضة عن الحراك الشعبي الحاصل في البلاد والذي يطالب بتغيير كامل للنظام، وهو من طليعة الاهتمامات التي كانت ترفعها هذه المعارضة منذ نشأتها في الأقل ظاهرياً، وقد لجأت في الوقت بدل الضائع إلى ركوب الموجة من خلال نزولها للمشاركة في مسيرات الجمعة، غير أنها لقيت رفضاً كرفض المحتجين لكل وجوه النظام، وتعرضت قياداتها إلى الطرد من مختلف المسيرات تعبيراً عن عدم قبولها ضمن الحراك الحاصل، وأيضاً نتيجة الشكوك التي باتت لدى الجميع بأن هذه المعارضة من النظام، بدليل الشعارات التي يرفعها الغاضبون في وقفاتهم بأنه على المعارضة الرحيل لأنها جزء من النظام، ولا تزال بعيدة من قفزات الشارع ومطالبه بتغيير كامل للنظام السياسي.

استعاضت المعارضة عن رفض الشارع لها بعقد لقاءات واجتماعات لإعلان تأييدها لمطالب المحتجين في محاولة لركوب موجة الحراك والحصول على موقع يسمح لها بالتفاوض مع النظام، أو في الأقل المشاركة في أي جلسات حوار قد يعقدها النظام، في حيلة أقل ما يقال عنها إنها انتهازية، على اعتبار أن ذلك لم تحصل عليه بنضالها ولكن باستغلال أصوات الشباب.

وأبرز المعارض كريم طابو، منسق حزب الاتحاد الديمقراطي للمواطنة غير المعتمد، الذي قال بعد انسحابه من اجتماع للمعارضة، إن الشعب الجزائري يطالب بتغيير النظام كله، في حين أن المعارضة تتحدث عن المادة 102 من الدستور، وكأن الجزائر في وضع طبيعي. وتابع أن هناك فاصلاً زمنياً بين المعارضة والشعب. وأكمل "لم أنسحب من اجتماع للمعارضة، بل من لقاء أحزاب وكان من بينها الموالي للسلطة"، مشيراً إلى أن هناك أحزاباً وشخصيات تدعي المعارضة، شاركت في النظام ودعمت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في وقت سابق، وهي اليوم مع المعارضة تبحث عن تموضع بعيداً عن رغبة الشارع المنتفض.

اجتماعات لركوب الموجة في الوقت بدل الضائع

تصريحات المعارض كريم طابو، التي تكشف صراحة عن هوية المعارضة ووضعها في الجزائر بعدما باتت مخترقة أو متواطئة مع النظام. وقالت أسماء، وهي طالبة جامعية، إن أحزاب المعارضة مستفيدة من هذا النظام ومعارضتها لا تتعدى الإعلام، بدليل رفض نوابها الانسحاب من البرلمان والانضمام إلى حراك الشارع الذي تدعي أنها تمثله. وأضافت أن النواب في واد والشعب في واد آخر، وختمت بالقول إنهم أبناء النظام.

وتسعى المعارضة جاهدة لعدم ترك القطار يفوتها، إذ عقدت اجتماعاً لجذب الانتباه وتسجيل حضورها في المشهد العام، خصوصاً بعد قرار بوتفليقة وعزم الشارع التصعيد خلال "جمعة الرحيل" وفق وصف الشارع. وقال المعارض الإسلامي عبد الله جاب الله إن المعارضة ترفض احتقار مطالب الشعب وكرامته وشرفه. وأضاف أن جل الأحزاب والشخصيات المنتمية إلى المعارضة ترفض رفضاً قاطعاً كل القرارات التي أعلنتها رئاسة الجمهورية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح عمار ولد غاني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ورقلة، أن الحراك الشعبي كشف عن عنصرين أساسيين في الجزائر، هما غياب نظام سياسي نابع من قاعدة جماهيرية، وغياب معارضة مؤسسة على ثقافة التعددية والديمقراطية وذات عمق راسخ، مستغرباً الانسحاب الشامل لمرشحي أحزاب المعارضة مباشرة بعد إعلان الرئيس بوتفليقة ترشحه للعهدة الخامسة.

وقال إن التصرف يشير إلى عدم تمكن المعارضة من بناء قاعدتها الجماهيرية على مدى أكثر من 20 سنة بسبب العمل الحزبي الغارق في التقليدية، وأيضاً تورطها في إنتاج وإعادة إنتاج الممارسة الدكتاتورية التي تعيبها بشكل عام على رموز النظام الجزائري، مثل استمرار الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، في منصبها منذ تأسيس الحزب خلال التسعينات، وهو السلوك الذي يتنافى مع مطلب تداول حكم ويكرس نزعة إقصاء الشباب من المناصب القيادية، مضيفاً أن المعارضة فشلت فشلاً ذريعاً في ابتكار برامج تمكن الجزائر من تجاوز تخلفها البنيوي ومن حل المشكلات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية النمطية، وما تبخر من مختلف مشاريع التوافق والاتحاد والإجماع دليل على ضعف المعارضة التي تسيطر عليها الزعامة والمصالح.

ومن الواضح أن النظام الجزائري يستغل ضعف أحزاب المعارضة والجمعيات والنقابات التي تدور في فلكه وتقوم بالوكالة بتطبيق سياساته، فالتجارب المتراكمة أكدت أن النظام نجح في تفكيك الأحزاب الإسلامية إلى فصائل، كما غيب الأحزاب والشخصيات اليسارية، وشجع على تشكل أحزاب ذات طابع جهوي، وعليه فإن النظام الجزائري الحاكم جعل من المعارضة المفككة والمشتتة جزءاً من البنية الكلية للأزمة التي يديرها.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي