Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خلافا لجونسون سوناك "شرطي" جيد لكنه سيواجه صعوبات وشيكة

على الرغم من أن بعض الضرر قد لحق بتصنيف وزير المالية إلى جانب سائر أعضاء الحكومة، فهو ما زال الوزير الأكثر شعبية

لن يستطيع سوناك المضي على هذا المنوال (أ.ف.ب./10، داونينغ ستريت)

استهلّ ريشي سوناك عمله كوزير المالية البريطاني بالتعاطي على نحو يستحق الثناء مع المهمّات الصعبة التي يجدر بمن كان في هذا المنصب أن يركّز عليها. وإذ اكتسب شعبية غير مسبوقة من خلال قراره منح مبالغ هائلة من الأموال المقترضة، استطاع أيضاً أن يحظى بتعاطف شعبي على الرغم من بدئه بوضع حد تدريجي لصرف مزيد من الدعم الحكومي المالي.

أعلن سوناك عن اتّباع سياسة "الخطوة خطوة"، على أساس شهري حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لخفض الدعم المالي الحكومي لمخطط التسريح المؤقت براتب للعاملين خلال فترة تفشي وباء "كورونا"، علماً أن المخطط سيكون أكثر سخاءً ممّا توقعه معظم المراقبين. وجاء تصريح بول جونسون من "معهد الدراسات المالية"، على سبيل المثال، ليؤكّد ذلك، إذ اعتبر أن سوناك "لا يزال يتعاطى بسخاء" مع المخطط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إضافة إلى ذلك، كان وزير المالية قد أعلن أيضاً في اللحظة الأخيرة عن تمديد الإعانة لأصحاب الأعمال الحرة التي كان من المقرر أن تتوقف يوم الجمعة الماضي، وبذلك سيكون بوسع المؤهّلين لنيلها أن يحصلوا على منحة أخيرة تصل قيمتها إلى 570.6 جنيه إسترليني.

لن يستطيع سوناك المضي على هذا المنوال. ففيما يقترب كل من مخططي التسريح المؤقت بأجر وأصحاب الأعمال الحرة من نهايته، سترتفع معدّلات البطالة وسينشأ خلاف سياسي حادّ حول توقيت انسحاب الحكومة من سوق الوظائف في القطاع الخاص، وحجم هذا الانسحاب.

لكن وزير المالية ينطلق من موقف أفضل ممّا كان ممكنا، وذلك بفضل دعم "المؤتمر العام لنقابات العمّال" له، جنباً إلى جنب مع أناليز دودز، وزيرة  المالية في حكومة الظلّ "العمّالية"، وقد أعرب الطرفان عن ترحيبهما الحذر بالإعلان الصادر يوم الجمعة.

وأبدى سوناك استعداده لمواجهة المرحلة المقبلة قائلاً "ستكون الطريق محفوفة بالمصاعب أمام كثيرين. وهذه المسؤولية تقع على كاهلي وحدي". إنه في الأقل، ينطلق بنية حسنة من وجهة نظر الرأي العام، ما يعني أنه في وضع أفضل من بوريس جونسون رئيس الوزراء الذي أمضى الأسبوع الماضي في تبديد الدعم الضخم الذي منحه إياه الناخبون في بداية الأزمة.

وأدّى ذلك إلى تصاعد حدّة التوتر خلال المؤتمر الصحافي اليومي الذي عُقد الجمعة، نظراً لتصميم سوناك تقديم نفسه على أنه الشرطي الجيّد بالمقارنة بجونسون الذي أدى دور الشرطي السيئ أخيراً. وحاول وزير المالية بطريقة غير حكيمة المضي في بعض الخطابة للحديث عن عودة عجلة الإنتاج إلى الدوران مشيراً إلى "بزّات العمل والزيّ المدرسي" التي بات يتعين "إخراجها من خزانة الملابس"، فيما "تبدأ المتاجر والمصانع بممارسة أنشطتها". لكن عندما خرج عن النص في سياق الإجابة عن الأسئلة المطروحة، عاد إلى أسلوبه الأكثر طبيعيةً في انتقاء مصطلحات الأعمال التي يستخدمها عادة مدير مبيعات، حين قال "لدينا مجموعة من منتجات القروض المتاحة التي أثبتت نجاحها"، كما قال للصحافي فيصل إسلام من "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي).

اختار ريشي سوناك أن يتنافس بنجاح أكبر مع رئيس الوزراء، من خلال التحلّي بمزيد من الصبر واللياقة. ففيما بدت على وحه جونسون علامات النزق والتوتر والتجهم خلال مؤتمراته الصحافية الأخيرة، محاولاً كبت الإعلاميّين الذين أرادوا طرح أسئلة استفسارية، كان سوناك بمنتهى اللباقة وهو يسأل الصحافيين غير مرّة  "هل هناك أي شيء تودّون إضافته؟" أو عبر استجابته اللطيفة لآندي بيل من "القناة الخامسة" الذي تساءل "هل يمكنني العودة إلى تلك النقطة؟" ليرد سوناك "بكل تأكيد".

وعندما سألته آنا ميخائيلوفا من صحيفة " ذا ديلي تلغراف" عمّا إذا كان يمكن تخفيف قاعدة التزام التباعد الاجتماعي لمسافة مترين بهدف تسهيل أعمال الشركات، أجابها سوناك "أتّفق مع رئيس الوزراء... أتّفق على الدوام مع رئيس الوزراء". لكن التباين في الأسلوب بين الرجلين كان جلياً للغاية.

أظهرت استطلاعات الرأي تراجعاً كبيراً في أسهم بوريس جونسون خلال الضجّة التي أثارها أخيراً الجدل المتعلّق بانتهاك دومينيك كامينغز كبير مستشاريه قواعد الإغلاق، والتي استجاب لها رئيس الوزراء بشكل متعجرف ومتهوّر كما يبدو. في المقابل، على الرغم من أن بعض الضرر قد لحق بتصنيف وزير المالية إلى جانب سائر أعضاء الحكومة، فهو ما زال الوزير الأكثر شعبية، وقد اتّسمت ردّود فعله بالسحر والجاذبية.

لكن سيحتاج وزير المالية إلى جميع مهارات "الشرطي الجيّد" خلال الأشهر القليلة المقبلة، في ظلّ تزايد معدّلات البطالة وارتفاع وتيرة المشاكل الاقتصادية التي تلوح في الأفق على المستوى الوطني.

© The Independent

المزيد من آراء