Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاستثمار بالعملات الرقمية يتحول إلى "مغامرة" في عهد كورونا

عملة جديدة يُنقّب عنها من خلال أجهزة الكمبيوتر وقائمة طويلة من المخاطر

بلغ عدد العملات المشفرة حول العالم حتى مارس الماضي أكثر من 5520 عملة (أ ف ب)

كانت التقارير والدراسات تشير إلى أن الاستثمار في العملات الرقمية المشفرة مغامرة غير محسوبة في الأوقات الطبيعية، لكن مع أزمة ومخاطر فيروس "كورونا" المستجد تحوّل هذا الاستثمار إلى "مقامرة"، ربما تقود إلى خسائر عنيفة.

البيانات والأرقام تشير إلى أن عدد العملات المشفرة تطور بنسبة كبيرة منذ ظهورها خلال عام 2013، حيث ارتفع من 7 عملات إلى نحو 5520 عملة بنسبة زيادة تبلغ نحو 78757 في المئة. كما ارتفعت أسعار جميع العملات الرقمية بقيادة العملة الأكثر قوة في سوق العملات الإلكترونية "بتكوين" من مستوى لا يتجاوز الـ13 دولاراً إلى مستوى يقترب من 20 ألف دولار في نهاية 2018.

ودفعت هذه الأرقام والقفزات الصاروخية، سواء في متوسط عدد العملات أو أسعارها، إلى أن تستحوذ على حصة كبيرة من سوق الاستثمار، ما تسبّب في أن تطلق الحكومات والبنوك المركزية على مستوى العالم تحذيرات كثيرة خوفاً من تأثر أرصدة البنوك والتحويلات التي تتم بشكل رسمي.

التنقيب عن عملة جديدة من خلال أجهزة الحاسب الآلي

وفقاً لدراسة حديثة أعدّها الباحث بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، إيهاب خليفة، فقد بلغ عدد العملات المشفرة حول العالم حتى مارس (آذار) الماضي أكثر من 5520 عملة، غالبيتها العظمى عملات ليس لها أي قيمة، سواء في الواقع أو على الإنترنت، باستثناء بعض العملات الشهيرة مثل "بيتكوين"، التي تخطى سعر صرفها حاجز 20 ألف دولار في نهاية عام 2017، وكانت بمنزلة ثورة في عالم العملات المشفرة.

 

لكن السمة الرئيسة في العملات المشفرة جميعاً أنه يتم التنقيب عنها من خلال أجهزة الكمبيوتر أو الحاسب الآلي، حتى تم الإعلان عن عملة "Pi"، التي تصاعد الحديث عنها أخيراً باعتبارها أول عملة يتم التنقيب عنها من خلال الهواتف الذكية من دون الحاجة إلى طاقات حوسبية كبيرة. ومع ذلك فإن هناك مخاطر عدة وتهديدات أمنية واقتصادية تتعلق باستخدامها.

خلال عام 2019، تمكّن ثلاثة من خريجي جامعة ستانفورد من تأسيس أول عملة مشفرة يمكن التنقيب عنها من خلال الهواتف الذكية، مع إمكانية استخدامها أيضاً من خلال أجهزة الكمبيوتر و"اللاب توب". ورُوِّج لهذه العملة باعتبارها غير مستهلكة للطاقة، كما أن جميع المنقبين عنها يمكنهم الحصول على مكافآت على عكس عملة بيتكوين.

وتقوم عملة (Pi) على تقنية البلوك تشين، التي تعتبر سجلاً موزعاً بين المستخدمين حول العالم، يستطيع أي منهم تحميله عبر الإنترنت والمشاركة في تبادله وفقاً لشروط منصة البلوك تشين الخاصة بها، التي تقوم على مبدأ رئيس، هو مبدأ التعدين. ويختلف التعدين في عملة Pi عن عملة بيتكوين من حيث المبدأ؛ فبينما تعتمد بيتكوين على مبدأ "Proof of work"، أو إثبات العمل للتأكد من صحة المعاملات، تعتمد عملة (Pi) على مبدأ الإجماع.

فمثلاً، في حال الرغبة في إنجاز معاملة بتكوين عبر نظام الـ"بلوك تشين"، تُقسّم المعاملات إلى "بلوكات" عدة "blocks"، كل "بلوك" يحمل مجموعة من المعاملات في حدود 1 ميغا من البيانات، ثم يبدأ المنقبون من خلال طاقتهم الحوسبية القيام بعملية التعدين، التي يتم فيها البحث عن "الهاش" الصحيح الذي يمثل مفتاح تأكيد هذه المعاملة. ومن يصل إلى "الهاش" أولاً هو من يستحق المكافأة وتكوّن أجزاء من عملة بيتكوين، وبقية الأجهزة المشاركة في عملية التعدين لا تحصل على شيء.

أما في حالة عملة (Pi) فالمبدأ مختلف تماماً؛ حيث تكون وظيفة المنقبين هنا ليست البحث عن "الهاش" الصحيح اللازم لإتمام المعاملة، بل وصول جميع المنقبين إلى القيمة الحسابية الصحيحة التي تتوقف عليها صحة هذه المعاملة؛ فالعمل هنا مرتبط بالجماعية لا بالسرعة أو الفردية كما في حالة عملة بيتكوين، ومن ثم يصبح جميع المنقبين فائزين بمكافآت من عملة (Pi).

4 مستويات للتعدين في (Pi)

ويوجد أربعة مستويات للتعدين في عملة (Pi)، المستوى الأول هم المبتدئون، وهم الذين يستخدمون العملة من خلال الهواتف الذكية، سواء في عمليات التعدين أو الشراء. أما المستوى الثاني فهم السفراء، وهم الذين يدعون غيرهم إلى الاشتراك في العملة، ويأخذون 25 في المئة زيادة في المكافآت عن كل شخص يشترك في هذه العملة الجديدة من خلالهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما المستوى الثالث فهم المساهمون، وهؤلاء هم المسؤولون عن تكوين المجموعات الأمنية داخل العملة، أو مجموعات الثقة، وهي مجموعات تتكون من 3 إلى 5 أشخاص، يرشحهم الشخص المساهم، ويكونون من الموثوق بهم. وتكون هذه المجموعات مسؤولة عن التأكد من صحة المعاملات التي تتم عبر النظام؛ أي أن وظيفتهم ليست التنقيب والوصول إلى المعادلة الصحيحة، بل التأكد من أن المنقبين جميعهم قد وصلوا بالفعل إلى المعادلة الصحيحة لإتمام المعاملة. والهدف من هذه المجموعات هو منع السيئين من تأكيد صحة المعاملات الموجودة بالنظام، بحيث ترتبط عملية التحقق من صحة البيانات بالموثوق بهم فقط، ومع ذلك لا معايير تحدّد الشروط الواجب توفّرها في هذه المجموعات الأمنية.

أما "النودز" فهم في المستوى الرابع، وهو أعلى مستوى من المستخدمين لهذه العملة، ويستخدمونها من خلال أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم لا من خلال الهواتف الذكية.

قائمة طويلة من المخاطر

الدراسة أشارت إلى أن عملة Pi  مثلها مثل أي عملة افتراضية أخرى غير ثابتة أو محددة القيمة، تخضع لعوامل العرض والطلب، التي قد تكون عوامل مضللة لدفع المستخدمين إلى الإقبال عليها، ثم الانسحاب بعد ذلك لجني الأرباح وترك صغار المستثمرين يتحمَّلون الخسارة المؤكدة.

كما أن التقلب في سعر صرف هذا النوع من العملات يتسم بمخاطر عالية وعدم استقرار كامل؛ لذلك فأفضل تعامل معه هو المضاربة وليس الاستثمار؛ أي الشراء السريع والبيع السريع أيضاً لجني الأرباح، من دون الاحتفاظ بها لوقت طويل؛ فهي ليست أصلاً ولا مخزناً للقيمة، كما أن احتمالية النصب فيها من شركات الطرف الثالث عالية جداً.

كما أن اعتماد هذه العملات على نظام سلسلة الكتلة، يطرح إشكاليتين رئيستين: الأولى تتعلق بالشفافية، نظراً إلى أن الجهة المركزية التي تقوم على النظام ليس لها أي موقف قانوني أو شرعي، بل هم مجموعة من المستخدمين العاديين الذين يتم ترقيتهم واختيارهم للحفاظ على استقرار النظام.

الثانية تتعلق باستمرار توزيع الأرباح على جميع الأفراد، فمعنى ذلك أن العملة ستكون متوفّرة وبسهولة، وأي شخص يمكن الحصول على الأرباح منها، ومع زيادة العرض من العملة تقلّ قيمتها الفعلية، نظراً إلى سهولة الحصول عليها.

أيضاً، فإن العملات المشفرة بصورة عامة تعتبر مصدراً من مصادر الخطر؛ وذلك لأنها خارج سيطرة الدولة ومؤسساتها الرسمية، وهو ما يعطي بعض المتطرفين والإرهابيين وجماعات الجريمة المنظمة فرصة استخدام هذا النوع من العملات؛ ولذلك فحملات رفض هذا النوع من العملات لا تزال مستمرة، ولعل آخرها الحملة التي أُطلقت ضد عملة "فيسبوك" المشفرة المعروفة باسم "ليبرا"، التي رفضتها جميع الدول تقريباً، حتى الولايات المتحدة الأميركية، على الرغم من أنها ضمّت في مجلسها عدداً كبيراً من الشركات الدولية التي تعدّ من مصادر نفوذ العملة وقبول شرائها، مما اضطرها في النهاية إلى الانسحاب هي الأخرى أيضاً.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد