Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تخفيض الرواتب يغضب الشعب الأردني

البطالة ترتفع والحكومة ترحّل العمالة الوافدة وتحويلات العاملين في الخليج تنخفض

أحد الأحياء في العاصمة الأردنية عمّان (صلاح ملكاوي)

تسبب قرار حكومي أردني يسمح لأرباب العمل بخفض رواتب العاملين بنسبة 60 في المئة، بغضب شعبي عارم ظهر أيضاً على وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد، وسط خشية من عودة الاحتجاجات إلى الشارع مجدداً.

وفور إعلان رئيس الحكومة الأردنية عمر الرزاز، تعديل أمر الدفاع رقم ستة، الذي صدر قبل حوالى شهرين لمواجهة تداعيات كورونا، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بعشرات الآلاف من التعليقات والمواقف الغاضبة، وتحول وسم #ايقاف_قانون_الدفاع، إلى الأكثر تداولاً على "تويتر" في الأردن.

وسمحت التعديلات الجديدة بخفض رواتب العاملين والموظفين والاستغناء عنهم، والتمييز بين العاملين الأردنيين والوافدين في مجال تجديد العقود والفصل من العمل، كما سمحت لصاحب العمل بحسم 50 في المئة من رصيد الإجازات السنوية لعام 2020، واشترطت على أصحاب العمل ألا يقل أجر العاملين بعد تخفيضها عن (210 دولارات).

وتأتي هذه القرارات غير الشعبية في وقت ارتفع معدل البطالة في الأردن، وانخفضت معه معدلات تحويلات الأردنيين المغتربين في الخارج مع توقعات بعودة عشرات الآلاف منهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

معادلة لحماية الطرفين

وبررت الحكومة الأردنية قرارها بأنه لحماية القطاعات الاقتصادية الأكثر تضرراً من كورونا، وقالت على لسان وزير العمل نضال البطاينة في تصريحات صحافية، "إذا انهار القطاع الخاص وأغلقت هذه الشركات من أين سنأتي بفرص عمل؟"، مضيفاً "لم يكن بالإمكان أفضل مما كان"، ولفت البطاينة إلى أن هذا القرار جاء كمعادلة لحماية الموظف من التسريح واستمرار عمل المصانع والمؤسسات، مشيراً إلى أنه لا يوجد أمر دفاع يرضي الجميع، وأبدى تخوفه من نتائج العودة المرتقبة للأردنيين العاملين في الخارج.

في المقابل، طالب مواطنون بأمر دفاع جديد يراعي الظروف الاقتصادية للمواطنين من قبيل تخفيض الإيجارات وفواتير الكهرباء والمياه وأسعار المحروقات إلى النصف، ووصف آخرون ما حدث بأنه أمر هجوم على الطبقتين الوسطى والفقيرة، وأن نتائجه الوخيمة ستظهر لاحقاً، واعتبر مواطنون أردنيون القرار الجديد بأنه انحياز لرأس المال الجشع، بينما قارن البعض إجراءات الحكومة الأردنية بحكومات أخرى قامت بحماية الطبقتين الوسطى والفقيرة عبر دفع رواتب تعطل لثلاثة أشهر.

وكان رئيس الوزراء السابق عبد الكريم الكباريتي قد دق ناقوس الخطر بقوله "الفأس وقع بالرأس والقادم مؤلم"، وحذر الكباريتي الذي كلف بأمر ملكي برئاسة لجنة صندوق لجمع التبرعات لمواجهة كورونا، من أن الاستجابة للمساهمة في هذا الصندوق لم تكن كافية ولم تزد على 130 مليون دولار.

تخلٍّ عن المسؤولية

ووصفت النائبة في البرلمان الأردني هدى العتوم القرار الحكومي بأنه تخلٍ عن المسؤولية، بعد أن حملت المواطن البسيط ومحدود الدخل أعباء اقتصادية كبيرة عبر إيقاف صرف العلاوات ودعم الخبز، وأكدت العتوم أن الأصل أن يتوزع الحمل بين الحكومة وصاحب العمل والموظفين ومؤسسة الضمان الاجتماعي.

واعتبر الصحافي علي سعادة ما حصل بأنه إجهاز، وبالضربة القاضية، على العامل الأردني في القطاع الخاص، وراعى ظروف صاحب العمل لكنه لم يلتفت للعاملين وظروفهم، بينما أشاد الكاتب فهد الخيطان بالقرارات الحكومية واعتبرها إجراءات لا بد منها وتفرضها الظروف الملحة، داعياً لإحلال العمالة الوطنية مكان العمالة الوافدة، وإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

أما ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية فاعتبر أن التعديل الأخطر هو الذي أجاز إنهاء خدمات العامل بشكل يضع شريحة واسعة من العمال الأردنيين على قارعة الطريق، ويعمق الأزمة ويعرّض البلاد لأوضاع اجتماعية شديدة الخطورة.

80 ألف أردني خسروا وظائفهم

وقدرت دراسة أجراها مركز بيت العمال للدراسات والأبحاث، عدد الأردنيين الذين فقدوا وظائف في مختلف القطاعات بسبب كورونا بـ 80 ألف شخص، وقالت الدراسة إن 40 في المئة من الأردنيين فقدوا أعمالهم بشكل كامل خلال الأشهر الثلاثة الماضية، واضطر 39 في المئة منهم للاقتراض، وأشارت الدراسة إلى أن معظم من فقدوا وظائفهم هم من القطاع الخاص بينما لم يتأثر العاملون في القطاعين المدني والعسكري، وتوصلت الدراسة إلى أن 57 في المئة من العاملين لحسابهم الخاص توقفت أعمالهم بالكامل، مع توقعات تشير إلى ازدياد أعداد فاقدي الوظائف بشكل كبير خلال ما تبقّى من العام الحالي 2020.

معدل البطالة يرتفع

من جهتها، أكدت دائرة الإحصاءات العامة الأردنية ارتفاع معدل البطالة خلال الربع الأول من العام الحالي، إلى 19.3 في المئة، في وقت ينتظر الأردن عودة حوالى 200 ألف من المغتربين من الخارج، الأمر الذي يتوقع أن يسهم برفع نسبة البطالة بشكل كبير في الربع الثاني من العام الحالي.

وفي تحد آخر للأردنيين سجلت تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج انخفاضاً بنسبة 5.4 في المئة، مقارنة بالعام الماضي، لتبلغ حوالى 846 مليون دولار بحسب محافظ المصرف المركزي زياد فريز. وحذر رئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي من عودة 20 في المئة من العمالة الأردنية في الخارج بعد فقدان وظائفهم. ووفقاً لدائرة الاحصاءات العامة، يبلغ عدد المغتربين الأردنيين مليون شخص، موزعين على 70 دولة، معظمهم في دول الخليج.

التقاعد الإجباري

ولم يكن القرار الأخير الوحيد الذي اتخذته الحكومة الأردنية لمواجهة تداعيات كورونا اقتصادياً، إذ أصدر رئيس الوزراء عمر الرزاز قراراً قبل أيام يقضي بإحالة من تزيد خدمتهم في العمل الحكومي على 30 عاماً على التقاعد الإجباري، ودراسة إحالة من أمضى 28 عاماً في الخدمة أيضاً، وذلك في إطار خطتها لهيكلة القطاع الحكومي.

وفي إجراء آخر، حثّ الأردن العمالة الوافدة على مغادرة البلاد نظراً لمحدودية فرص العمل بسبب أزمة كورونا ودعماً للعمالة الأردنية التي تواجه صعوبات، وقالت وزارة العمل إنها ستعفي كل عامل وافد يقرر المغادرة من أي غرامات أو مبالغ أو رسوم مترتبة عليهم، ويبلغ عدد العمال الوافدين في الأردن حوالى مليون عامل نصفهم من الجنسية المصرية.

عودة الاحتجاجات

وعلى ضوء هذه التداعيات والتطورات، يتوقع مراقبون أن يشهد الأردن عودة قريبة للاحتجاجات في الشارع خلال الأسابيع المقبلة، إذ لوّحت نقابات عمالية عدة من بينها نقابة المعلمين، بالتظاهر والإضراب بسبب وقف علاوات على الرواتب، كما تقدم مجلس نقابة الأطباء الأردنيين بالاستقالة احتجاجاً على قيام الحكومة بالاقتطاع من رواتب الأطباء العاملين في القطاع الحكومي.

ويخشى هؤلاء الموظفون في حال إجبارهم على التقاعد خسارة حوالى 40 في المئة من رواتبهم الحالية، إذ إن القرار يتناقض مع محاربة الحكومة سابقاً للتقاعد المبكر المرهق مالياً لمؤسسة الضمان الاجتماعي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي