Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

21 مهرجانا عالميا في تظاهرة افتراضية للاحتفاء بالسينما

5 ساعات من البث اليومي لـ 100 فيلم من 35 بلدا تحت شعار "كلنا واحد"

من فيلم "أشياء جميلة" للمخرج جيورجيو فيريرو (موقع المهرجان)

بعدما ضاقت كلّ السبل في وجه المهرجانات السينمائية الدولية، لإقامة دورات جديدة لها في ظلّ تفشّي وباء كورونا، وأمام استحالة جمع أعداد كبيرة من الناس للاحتفاء بالسينما وجديدها، أقدم مهرجان ترايبيكا الأميركي على خطوة جديدة، فريدة من نوعها: إقامة مهرجان أونلاين لبضعة أيام، يُبث على موقع "يوتيوب"، تشارك فيه أكثر من 21 مهرجاناً سينمائياً، من بينها كانّ وبرلين والبندقية وكارلوفي فاري ولوكارنو وساندانس وتورونتو ولندن ونيويورك، وغيرها. هذا المهرجان الافتراضي الذي يحمل اسم "كلنا واحد: مهرجان سينمائي كوني" والذي يؤكد المثل الشعبي "الحاجة أم الاختراع"، بدأ في 29 مايو(أيار) وينتهي في 7 يونيو (حزيران). كلّ مهرجان من المهرجانات المشاركة فيه التزم بتوفير مواد لخمس ساعات من البث.

التشكيلة التي تنطوي على نحو 100 فيلم من 35 بلداً، متنوعة جداً، فيها الغث والسمين، هناك أفلام طويلة (31) وقصيرة (72) وثائقية وروائية، أفلام من خلفيات ثقافية مختلفة وأهداف متناقضة. بعض هذه الأفلام سبق أن عرضته المهرجانات المشاركة في هذا الحدث، وبعضها الآخر يُعرض لأول مرة، ما يعني أن هناك مجموعاً من 13 فيلماً سيكون لها عرض عالمي أول. بالإضافة إلى هذه العروض التي ستكون مجانية، ستُقام أيضاً حلقات حوارية مع سينمائيين كبار من بلدان مختلفة. أحد هذه النقاشات هو مع المخرج الأميركي الكبير فرنسيس فورد كوبولا، صاحب ثلاثية "العراب". نقاشات أخرى سُجِّلت سابقاً في مهرجانات طوال السنتين الأخيرتين ستكون متوافرة كذلك للمشاهدين من أنحاء العالم، وهي مع كلّ من: ستيفن سادربرغ، بونغ جون هو، هونغ سانغ سو، جاين كامبيون، كلير دوني، هيروكازو كوريه إيدا، آنغ لي، فيغو مورتنسن، ديفيد كروننبرغ، جون ووترز، غييرمو دل تورو.   

التبرع بالعائدات

المسؤولون عن هذا المهرجان (إذا صحت تسميته المهرجان) الذي فرض نفسه بسبب غياب أي بديل في الوقت الراهن لعرض الأفلام المغايرة، قالوا إنهم حرصوا على تشكيل برنامج يراعي خصوصية كلّ مهرجان من المهرجانات المشاركة. مع التذكير بأن هذا الحدث لا يبغي الربح، بل سيتبرع بالعائدات إلى منظّمة الصحّة العالمية، وجمعيات أخرى تُعنى بمساعدة المصابين بالكوفيد-١٩، كـ"أطبّاء بلا حدود" وغيرها.  

منذ أن كسح وباء كورونا العالم، وقطاع السينما يعاني أزمة لم تمر عليه مثلها، فيحاول النهوض قليلاً قليلاً، لاستعادة عافيته. تشمل الأزمة التي ألغت الكثير من الوظائف وتركت كثيرين في مستقبل مجهول، الإنتاج والتصوير والعرض، وكلّ ما يرتبط بفنّ الشاشة من قريب أو بعيد. والمهرجانات التي تتغذى من الصناعة في مأزق غير مسبوق، لأنها ملزمة التعامل مع الوضع وفق القرارات التي تصدر عن السلطات، وإلى الآن فإن التجمّعات الكبيرة لا زالت ممنوعة في الكثير من البلدان، منها فرنسا، حيث اضطر مهرجان كانّ إلى إلغاء دورته الأخيرة لهذا السبب. 

من هذه الحاجة في الاستمرارية والبحث عن وسائل بديلة للتفاعل مع المشاهدين في أنحاء العالم، نشأت هذه المبادرة التي تقع ضمن السعي إلى توفير نوع من ترويج لبعض الأفلام والتقليل من الخسائر المادية والمعنوية التي يتكبّدها قطاع السينما. ولكن، هذه ليست حالة دائمة، بل ظرفية، ومعظم العاملين في المجال، من سينمائيين ونقّاد، يأملون في ألا يفرض العالم "الجديد" ما بعد كورونا صيغاً جديدة لعرض الأفلام تكون أبعد ما يُمكن عن التفاعل الحقيقي بين البشر. كثر عبّروا عن قلقهم من أن يعطي هذا الواقع المستجد أفكاراً جديدة للوسط السينمائي، فيتحوّل إثرها كلّ شي واقعي إلى افتراضي. 

لحسن الحظ، المهرجانات الافتراضية ليست محل إجماع في الغرب. هناك جدل كبير في شأنها، وحول أهدافها. هناك سؤال مطروح ما إذا كانت ستتكرس لتصبح القاعدة لا الاستثناء بعد انتهاء كورونا. إن كان الهدف من الانتقال إلى الفضاء الافتراضي هو التغلب على الوضع الراهن وبثّ التفاؤل وإيصال كمية من الأفلام "اليتيمة" إلى الجمهور، فلا مشكلة من اللجوء إلى هذا الخيار. أما إذا كان هذا النمط سيتكرس ويكون فاتحة لمشهد مهرجاني جديد ينقل شيئاً فشيئاً كلّ الأنشطة إلى الشبكة العنكبوتية، فأغلب الظن أن الأمر لن يمر بتلك السهولة.  

ظاهرة جديدة

كلّ مَن شارك عبر الماضي في المهرجانات الدولية يعرف جيداً أن الغرض منها ليس فقط مشاهدة الأفلام. فهي توفّر أيضاً وخصوصاً، علاقة بمكان وناس، أجواء، لقاءات، لحظات لا تُنسى، انتظار في الطوابير، جلسات في المقاهي، مقابلات صحافية. هذا ما يصنع جمال المهرجانات وعظمتها، لا رابط نضغط عليه يفضي بنا إلى عالم مجهول. ثم إن المهرجانات الافتراضية ظالمة في حقّ صنّاع الأفلام، قبل أن تكون ظالمة في حق الجمهور. معظمنا كان حاضراً في عدد كاف من العروض الأولى في كانّ وبرلين والبندقية، ليعي كم أنها أساسية للسينمائيين. كنا شهوداً على توترهم، فرحهم، خوفهم، حماستهم، حيال لحظة اللقاء الأول بجمهور ونقّاد في مهرجان كبير. 

إذاً، نحن أمام ظاهرة ثقافية جديدة، فرضتها الظروف الصحية الراهنة، وستتيح للجمهور العالمي التسمّر خلال الأيام المقبلة أمام الشاشات لمتابعة بعض الأفلام. أفلام لماتي ديوب، وأليتشه رورفاكر، وماتياس بينييرو، وغيرهم من الأسماء التي أثبتت حضورها في المهرجانات الدولية أو تلك التي تخطو خطواتها الأولى في الإخراج. ومن الأفلام التي يؤكد موقع المهرجان عرضها: "أشياء جميلة" (2018) لجيورجيو فيريرو، و"ماري سعيدة، ماري سعيدة" (2013) لناوابول ثامرونغراتاناريت. كلاهما عُرضا في مهرجان البندقية. ومن الأفلام التي قدّمها مهرجان لندن وستُستعاد: "حكاية سجلات تروجان" (2018) لنيكولاس جاك دايفيس، ووثائقي صامت لجون نويل من العام 1927 في عنوان "ملحمة جبل إفرست". 

أخيراً، ينبغي القول إنه كلما دفعنا العالم الحالي إلى إقناعنا بأن البدائل التي يقدّمها اختيارية (وهي في الحقيقة ليست كذلك)، تطرّفنا أكثر في الدفاع عن "قيم" سينمائية /ثقافية صارت مهددة. في هذا السياق، من الإيجابي رؤية مهرجانات سينمائية عريقة تفضّل الإلغاء على الانتقال إلى الفضّاء الافتراضي (المساهمة في حدث كهذا شيء آخر). من هذه المهرجانات كانّ وكارلوفي فاري ولوكارنو (البندقية سيُقام في موعده في أيلول) التي تحاول صون إرثها والتحول إلى سد منيع أمام الهجمة الافتراضية. ففي نظر المفوّض العام لمهرجان كانّ، تييري فريمو، كانّ، هو أولاً احتفالية، "لا شيء يعوّض الصفير في نهاية العروض، ورد الفعل الجماعي، وصعود السلالم"، كما صرّح أخيراً. بالنسبة إليه لا يجوز مشاهدة أفلام وَس أندرسون أو بول فرهوفن على شاشة كومبيوتر أو على هاتف آيفون. في المقابل، قد تكون لقاءات مسجّلة مع سينمائيين أو بعض الأفلام الهامشية من مثل الذي سيعرضه هذا المهرجان الافتراضي، مادة مثالية للاطلاع عليها وأنت مستلقٍ على الكنبة في المنزل خلال الزمن الكوروني الصعب.

رابط قناة المهرجان على موقع يوتيوب:

https://www.youtube.com/channel/UChMc3c7Xvv6ol1Zv47Ja39A

 

المزيد من سينما