Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"عيدية" العفو عن "القاتل المأجور" تحيي "المغدورة" سوزان تميم

محامي السكري: علمت بالقرار بعد صدوره وتابعت إجراءات تنفيذه

شهدت قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم فصولاً عدة انتهت إلى العفو الرئاسي (أ.ف.ب)

أثار قرار السلطات المصرية بالعفو عن آلاف السجناء الجنائيين بمناسبة عيد الفطر جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد مطالب بشموله أعداداً كبيرة من الشباب والنشطاء وكبار السن والمرضى في ظل جائحة كورونا، بينما أدّت استفادة محسن السكري المُدان بقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم في دبي عام 2008 من القرار نفسه إلى اشتعال ضجة أخرى بين استنكار واندهاش غالبية المُعلّقين، وتبرير بعضهم القرار الذي جاء بعد ثلاث سنوات من العفو عن مُحرّضه وشريكه في القضية الملياردير ورجل الأعمال المصري هشام طلعت مصطفى، بينما جدد "العفو" جراح أسرتها التي قالت إن القرار وقع عليهم كـ"الصاعقة".

وأفرجت السلطات المصرية عن ثلاثة آلاف و157 سجيناً بمقتضى عفو رئاسي بمناسبة عيد الفطر، وشمل العفو ضابط الأمن السابق محسن السكري الذي سُجِن لإدانته بقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، بأمر من هشام طلعت مصطفى رجل الأعمال المُقرّب من نظام الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، وذلك مقابل مليوني دولار، إذ قتلها السكري طعناً بالسكين في شقتها بدبي، ليُحكم على الرجلين بالسجن بعد استئناف حكم مبدئي بالإعدام، وذلك في ختام محاكمة طويلة لا تزال تثير الجدل بعد أكثر من عقد من الزمن.

استفزاز جمهور "السوشيال" وأسرة الضحية
وأثيرت الضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما لحق الفاعل الأصلي في الجريمة بمُحرّضه الذي استفاد من عفو صحيّ في 2017، ليعود قطب العقارات المصري إلى الساحة من جديد، ويضاعف نشاط شركاته الرائدة في هذا المجال، ولعل ذلك ما وضعه تحت دائرة الضوء مجدداً، ليثير قرار العفو عن السكري استنكار روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اصطدم بهم هشام نفسه قبل قرار العفو بأسابيع، حينما وصف منتقدي إعلان أحد مشروعاته بأنهم "نفوس غير سوية"، بينما طالب آخرون بأن تشمل قرارات العفو أيضاً المرضى وكبار السن والنشطاء السياسيين الشباب سواء المحكوم عليهم أو المحبوسين على ذمة قضايا لا تتعلق بالعنف.

 

وتعليقاً على قرار العفو، أدلى عبد الستار تميم، والد الفنانة الراحلة بتصريحات خاصة إلى صحيفة "الراي" الكويتية، قائلاً "لم أكن أعلم بقرار العفو، والخبر وقع عليّ كالصاعقة"، وتساءل: "هل حصل ذلك بالفعل؟! أنا لا أنتظر عدالة الأرض، بل عدالة السماء، فإذا عفا القضاء المصري عن هشام طلعت ومحسن السكري على الأرض، فإنهما سيُسألان في السماء".

العفو لا يخالف القانون
ويعدُّ قرار العفو الرئاسي، الذي طبقته السلطات المصرية وشمل آلاف السجناء، هو الأكبر خلال السنوات الماضية، وهو ما لقي استحسان بعض المراقبين في ظل مخاوف من تفشي جائحة كورونا في السجون والمؤسسات العقابية على مستوى العالم، بينما انتقد روّاد مواقع التواصل الاجتماعي عدم قضاء السكري غالبية العقوبة ليشمله العفو.

وقال حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان بمصر في تصريح خاص إلى "اندبندنت عربية"، "قرارات العفو والإفراج الأخيرة في ظل جائحة كورونا شملت نحو سبعة آلاف سجين أفرج عنهم في الفترة الأخيرة بالإفراج الشرطي والعفو الرئاسي، ومن بين أسباب ذلك الرغبة في تقليل الكثافة داخل السجون بعد مطالبنا، كمنظمات حقوق الإنسان، بزيادة أعداد المُفرج عنهم، سواء بالعفو الرئاسي أو الإفراج الشرطي. فالسجين الذي أمضى نصف المدة أو أكثر يكون له حق الإفراج الشرطي. كان سابقاً من خلال قضاء ثلاثة أرباع المدة بموجب نص قانون السجون، أمّا رئيس الجمهورية فله أن يعفو عن العقوبة كلياً أو جزئياً، ولا يشترط أن يكون السجين أمضى مدة معينة أي حسب منطوق قرار الرئيس الذي يمكن أن يحدد طبيعة الجرائم التي يُجرى العفو عنها والجرائم المستثناة".

 

وفي ما يتعلق بالعفو عن السكري، قال عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (مؤسسة شبه حكومية)، "ينطبق عليه العفو الشرطي لأنه أمضى 11 سنة من الحكم عليه، وهما عقوبتان بالسجن المؤبد 25 سنة لإدانته بالقتل وثلاث سنوات لحيازة سلاح غير مرخص، لكن يوجد مبدأ جبّ العقوبة، أي أن العقوبة الأكبر تجبّ الأقل، والقانون ينصّ على إعطاء ميزات للسجين الملتزم تنفيذ السياسة العقابية القائمة على إصلاحه وتقويمه، فإذا تحقق ذلك يُمنح مكافأة عدم الانتظار حتى انتهاء العقوبة، كما يُراعى بعدان في شمول العفو لسجناء بعينهم، الأول التقييم الأمني لمصلحة السجون ومدى خطورة السجين على الأمن العام، والثاني يتعلق بمدة العقوبة التي قضاها، ولا يوجد تمييز عمري بين الشباب والكبار، أمّا الإفراج الصحي فيكون بقرار من النائب العام، لا من رئيس الجمهورية، ويُجرى بشروط قاسية عندما تصبح العقوبة سبباً رئيساً محتملاً لوفاة السجين".

ومن جانبه، قال أنيس المناوي، محامي القاتل في تصريح مقتضب إلى "اندبندنت عربية"، إنه علم بقرار العفو بعد صدور قوائم المعفو عنهم، تنفيذاً لقرار العفو المشروط، وتابع إجراءات تنفيذ القرار حتى خروج موكله من السجن وعودته إلى منزله.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من قتل سوزان تميم فعلياً؟
وأشار والدها، في تصريحات صحافية، إلى أنّ من قتل سوزان هو السكري "القضية لا علاقة لها بالقضاء. القضاء كان أحال أوراق السكري إلى مفتي الجمهورية (الإعدام). القضاء المصري أعطاني حقي وهو عادل، ولديّ ملء الثقة به، والإفراج عن السكري كان نتيجة تطبيق قرار عفو"، وتابع "فوجئت بالعفو عن السكري، لأنه هو مَن ذبح سوزان ونفّذ الجريمة. ورب العالمين لن يضيع حق ابنتي. كنتُ مطمئناً إلى أنهما مسجونان، وإذ أفاجأ بالعفو عن طلعت والآن عن السكري. الله لا يوفّق من ارتكب الجريمة، ومن حرّض عليها، لقد حرق قلبي. أنا إلى الآن أعيش على ذكراها. ابنتي الوحيدة التي كانت كالفرحة هي الآن تحت التراب".

بأي ذنب قُتلت؟
المطربة اللبنانية، التي كانت تقيم في القاهرة مع خالتها، تعرفت على هشام طلعت مصطفى نجل رجل الأعمال المصري طلعت مصطفى الرئيس التنفيذي لمجموعة عقارية ضخمة تحمل الاسم نفسه، عضو لجنة السياسات في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم آنذاك ورئيس لجنة الإسكان بمجلس الشورى المصري، الذي وفّر للمطربة الحماية وسط خلاف أسري ومالي مع زوجها عادل معتوق، إذ ساعدها هشام على الطلاق من زوجها، وإنهاء عقد الاحتكار الفني الموقّع بينهما، لتدخل في خلافات جديدة مع هشام، وتقرر المطربة اللبنانية الهروب إلى لندن ثم إلى دبي، واتفق هشام مع الضابط السابق السكري ومدير أمن شركاته وصديقه على قتلها في دبي مقابل مليوني دولار، وهو ما حدث بالفعل في صيف 2008، لكن الشرطة في إمارة دبي تمكّنت من رصد عملية القتل، وتحديد هُوية السكري ليُعتقل في مصر، واعترف بالجريمة وحُكِم عليه بالإعدام، في واحدة من المحاكمات التي شهدت اهتماماً محلياً وإقليمياً، واعتبرها مراقبون اختباراً للعدالة في نظام قام على "زواج المال بالسلطة"، قبل أن تخفف الأحكام إلى السجن 15 سنة بحق هشام، و28 سنة للقاتل الفعلي السكري.

 

قاتل سوزان تميم كان الحارس الشخصي لبيل كلينتون
والسكري ضابط أمن دولة مصري سابق، وينتمي إلى عائلة مرموقة، إذ كان والده لواء شرطة أيضاً، وتميّز السكري باحترافٍ عالٍ، إذ عمل حارساً شخصياً لكثيرٍ من الشخصيات العالمية الزائرة مصر، كان أبرزهم الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون الذي رافقه السكري خلال زيارته البلاد وإقامته في منتجع شرم الشيخ، لكنه استقال لاحقاً من الشرطة ليعمل مديراً للأمن لدى رجل الأعمال والملياردير المصري نجيب ساويرس، قبل أن ينتقل إلى العمل بمجموعة طلعت مصطفى.

وبالإفراج عن قاتل سوزان تميم، تصل قصة المغدورة إلى فصلها الأخير، في نهاية ليست مستغربة على مسيرة حياتها "المأساوية" التي بدأت بمعاناتها منذ الطفولة بسبب انفصال والديها وهي في سن صغيرة، إذ حُرِمت من أمها وعاشت مع والدها، ثم مرّت حياتها الأسرية بثلاث زيجات فاشلة ومثيرة الجدل، الأولى من علي مزنر الذي طلّقها لاحقاً، والثانية من منظّم الحفلات والمنتج اللبناني عادل معتوق الذي رفض تطليقها بعد الخلافات بينهما بسبب احتكاره أعمالها، فانفصلت عنه، واستقرّت في مصر، حيث واجهت دعاوى قضائية ضيّقت عليها عملها الفني، شملت عدم بثّ أغانيها وكليباتها، قبل أن تتزوّج للمرة الثالثة عام 2007 من الرياضي العراقي رياض العزاوي الذي عاش معها في قلق بلندن بعد منعها من دخول مصر وملاحقتها من جانب خصومها بالتهديدات، وهو ما تسبب في تعقيد قضية مقتلها وصعوبة فكّ ألغازها نتيجة تعرضها لتلك التهديدات. وانتهت زيجتها الثالثة بانتقالها إلى دبي بعدما انفصلت عن الزوج الأخير الذي اكتشفت تعدد علاقاته واستغلاله لها مادياً، حسب تصريحات سابقة لها، لتلقى مصرعها على يد القاتل المأجور الذي حرّضه رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى الذي رفضت الزواج منه.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير