Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قلق العجوزات المالية الضخمة يضغط على الحكومات

العالم بحاجة إلى استثمارات بـ20 تريليون دولار ومطالب عديدة بتخفيف أعباء الديون

قامت حكومات العالم بجهود إنقاذ طارئة وكبيرة لحماية الناس من تداعيات كورونا (أ. ف. ب)

في الوقت الذي تواصل حكومات دول العالم التحرك سريعاً لوقف المخاطر العنيفة التي تسببت فيها جائحة فيروس كورونا، فإن حزم التحفيز الضخمة التي تم إنفاقها منذ مارس (آذار) الماضي وحتى الآن، تسببت في عجوزات مالية كبيرة تواجه ميزانيات الدول، وهو ما يدفع إلى القلق من وصول العجز إلى مستويات لا يتحملها الاقتصاد العالمي المنهك بالفعل.

كبير المستشارين الاقتصاديين في مجموعة "أليانز" المالية، محمد العريان، يرى أن الوقت الحالي ليس المناسب لوضع عجز الموزانات والديون الحكومية في الاعتبار، وأن الأولوية يجب أن تكون لمنع المشكلات قصيرة المدى الناتجة عن أزمة تفشي فيروس كورونا من أن تتحول إلى مشكلات مزمنة طويلة الأجل يصعب حلها في المستقبل.

وقال، وفق بيان أمس، إنه لا داعي للقلق في الوقت الراهن من تزايد عجز الموازنات والديون الحكومية في العالم، في ظل الأوضاع الحالية التي يمر بها العالم إثر تداعايات تفشي فيروس كورونا المستجد. وأضاف أن المستهدفات قصيرة الأجل للدول والحكومات يجب أن تركز على تجنب إفلاس الشركات الجيدة أو تحول الأمر إلى مشكلة بطالة مزمنة، مشيرا إلى أن هذا الرأي يؤكده كبار الاقتصاديين في وول ستريت.

وشدّد العريان على ضرورة أن يُستخدم الإنفاق من أموال الاقتراض في إنفاق داعم للنمو بما يعزّز أداء الاقتصادات ويرفع قدرتها على تجاوز المخاطر الصعبة التي خلفها انتشار فيروس كورونا، مشيراً إلى أن كل الدول لا تملك الإمكانيات والقدرة للقيام بذلك.

دعم يتجاوز 9 تريليون دولار حتى الآن

ومنذ اشتداد جائحة فيروس كورونا في منتصف فبراير (شباط) الماضي، قامت حكومات العالم بجهود إنقاذ طارئة وكبيرة لحماية الناس من تداعياتها. وبحسب مدونة صندوق النقد الدولي، كان لا بد من التعديل التصاعدي لأرقام الحزم والإجراءات المالية التي اتخذتها الدول، التي ارتفعت إلى حد كبير بسبب موجة ثانية من التدابير من الحكومات، حيث ثبت أن التداعيات الاقتصادية للوباء أكثر حدة.

وتشير البيانات والأرقام الرسمية إلى أن إجمالي الدعم المالي العالمي يبلغ في الوقت الحالي نحو 9 تريليونات دولار، بزيادة تريليون دولار عن التقديرات قبل أكثر من شهر. ويتضمن الدعم المباشر للموازنة حالياً عند 4.4 تريليون دولار على مستوى العالم، بينما تبلغ القروض الإضافية للقطاع العام وضخ حقوق الملكية والضمانات والعمليات شبه المالية الأخرى مثل النشاط غير التجاري للشركات العامة 4.6 تريليون دولار أخرى.

ومع تزايد تداعيات الوباء لجأت الدول إلى اتخاذ إجراءات إضافية لمكافحة الآثار السلبية. فعلى سبيل المثال، وافقت الولايات المتحدة على حزمة مالية إضافية بقيمة 483 مليار دولار في 23 أبريل (نيسان) الماضي. كما قامت اليابان بمراجعة برنامج التحويلات النقدية المشروطة في البداية إلى برنامج كامل لتوفير 83 مليار دولار إضافية لدعم الأسر في 20 أبريل، في حين قدّمت فرنسا وكوريا الجنوبية تدابير إضافية مثل التحويلات لدعم الأسر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتمثل اقتصادات السوق المتقدمة والناشئة في مجموعة العشرين الجزء الأكبر من الدعم المالي العالمي بقيمة 8 تريليونات دولار. ويمثل إجمالي الإيرادات وإجراءات الإنفاق لدول مجموعة العشرين 4.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط، وهو أكبر مما كان عليه خلال الأزمة المالية العالمية. وتتخذ التدابير المالية أشكالاً مختلفة ولها آثار متباينة في الموازنة والدين.

طلبات لتحفيف أعباء الديون الثنائية الرسمية

وفي الوقت الذي تبحث حكومات ودول العالم عن أوجه سريعة لتمويل الإنفاق العاجل لمواجهة مخاطر فيروس كورونا، قال صندوق النقد الدولي إن أكثر من 20 بلداً فقيراً طلب تخفيفاً من أعباء الديون الثنائية الرسمية بموجب مبادرة تدعمها مجموعة العشرين، وإن الصندوق مستعد لدعم تمديد الإمهال الممنوح لما بعد نهاية 2020 إذا اقتضت الضرورة.

وأوضح الصندوق أن أكثر من نصف الدول الفقيرة الثلاث والسبعين المؤهلة أبدى اهتماماً بالبرنامج الذي أملته جائحة فيروس كورونا، ومن المتوقع ورود مزيد من الاستفسارات بخصوصه.

وفي وقت سابق، أعلن الصندوق موافقته على طلبات مساعدة طارئة لمواجهة جائحة كورونا من 50 بلداً من أعضائه بقيمة إجمالية تصل إلى نحو 18 مليار دولار، وأنه يواصل المعالجة العاجلة لأكثر من 50 طلباً آخر. وقال إن خبراء الصندوق يدرسون حالياً طلبات من سريلانكا وجنوب أفريقيا وزامبيا.

كان الصندوق قد أعلن عن أن أكثر من 100 دولة طلب مساعدة طارئة وسط التداعيات الاقتصادية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، وجهود مكافحته. وذكر أنه "يبحث بشكل عاجل" عن 18 مليار دولار من موارد القروض الجديدة من أجل صندوق الحدّ من الفقر والنمو، مشيراً إلى أنه سيحتاج على الأرجح إلى 1.8 مليار دولار في الأقل من موارد الدعم الجديدة.

ومن المقرر أن يحتاج الصندوق إلى مبالغ أخرى خلال الشهور المقبلة، مؤكداً أنه على استعداد لاستخدام "صندوق أدواته الكامل بقيمة تريليون دولار" في الركود العميق المتوقع خلال عام 2020 على خلفية أزمة انتشار فيروس كورونا، وتعافي جزئي فقط في عام 2021.

العالم بحاجة إلى استثمارات بـ20 تريليون دولار

في الوقت نفسه، قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن حكومات منطقة اليورو قد تحتاج إلى اقتراض 1.5 تريليون يورو إضافية هذا العام لتعزيز قدرة الاقتصاد على تجاوز أزمة كورونا. وأضافت "يقدّر المركزي الأوروبي أنه في المتوسط نتوقع انكماش الاقتصاد بنحو 8 في المئة، وأن احتياجات التمويل الحكومية الإضافية في منطقة اليورو هذا العام الناتجة عن الركود والتدابير المالية المطلوبة قد تتجاوز 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي".

وأوضحت "هذا من شأنه أن يضع إصدار الديون الإضافية بسبب الوباء في حدود تريليون إلى 1.5 تريليون يورو في عام 2020 فقط... سيلعب البنك المركزي الأوروبي دوره بما يتماشى مع تفويضه، وسنفعل كل ما هو ضروري لدعم الانتعاش وتحقيق هدفنا لاستقرار الأسعار".

وكان البنك المركزي الأوروبي قد أعلن في وقت سابق أنه سيلتزم دعم الاقتصاد، رغم قرار المحكمة العليا الألمانية بأن البنك تجاوز صلاحياته في ما يتعلق بخطة شراء الأصول ولا بد أن يثبت ضرورة شراء السندات.

في ما يرى صندوق النقد الدولي أن العالم بحاجة إلى استثمارت عامة تتجاوز 20 تريليون دولار في العقدين المقبلين بعد انتهاء وباء كورونا. وأوضح الصندوق في تقرير المراقبة المالية نصف السنوي أن العالم في حاجة إلى الإنفاق على أنظمة الرعاية الصحية والبنية التحتية والتغير المناخي، وأن معدلات الفائدة المنخفضة تتيح فرصة للاستثمار العام لتعزيز النمو وتحديث المطارات القديمة والموانئ والسكك الحديد في الاقتصادات المتقدمة.

وذكر أنه في الدول التي تكون فيها المساحة المالية محدودة قد يكون من الأنسب إعادة تركيز الإنفاق على الاستثمار في أنظمة الرعاية الصحية والبنية التحتية والأفراد، مشيراً إلى أن ارتفاع مستويات الديون وتكاليف الفائدة في الاقتصاديات الناشئة والنامية يعني أن الإنفاق يجب أن يحدث بطريقة مسؤولة مالياً.

وحثّ صندوق النقد البلدان على التخطيط الآن لمشاريع استثمارية يمكن تنفيذها عندما يخف الوباء وتدابير يمكن نشرها بسرعة لمساعدة مواطنيها، مشيراً إلى بطء الدعم المالي خلال التباطؤ الاقتصادي السابق. كما دعا صندوق النقد الدول إلى تعزيز إعانات البطالة وشبكات الأمان الاجتماعي.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد