Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكاظمي يفتقر إلى غطاء برلماني يتيح له الإيفاء بتعهداته

الانتخابات المبكرة وحصر السلاح بيد الدولة العراقية معضلتان تواجهان حكومته

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يرأس الاجتماع الوزاري في بغداد (أ.ف.ب)

معضلة عدم وجود غطاء برلماني داعم لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قد تصعّب عليه إمكانية الإيفاء بتعهداته بتنظيم انتخابات مبكرة، فضلاً عن الإشكالات المتعلقة بالأزمة المالية والوضع الأمني واستمرار تفشّي فيروس كورونا.

فعلى الرغم من تصويت البرلمان العراقي على قانون الانتخابات الجديد، إلّا أنّ رئاسة البرلمان لم ترسله إلى رئيس الجمهورية للمصادقة عليه حتى الآن، معلّلةً ذلك بعدم اكتمال الجداول الخاصّة بالدوائر الانتخابية والإحصاءات السكانية وكوتا النساء، إضافةً إلى استمرار اختلال النصاب في المحكمة الاتحادية.

إلى جانب الانتخابات المبكرة، لعل قضية حصر السلاح بيد الدولة تُعدُّ مشكلة أخرى قد تواجه الكاظمي، إذ إنّها تتطلب دعماً سياسياً كبيراً، خصوصاً أن كتلاً رئيسة تمتلك أذرعاً مسلحة قد تقف عائقاً أمام تنفيذ هذا الأمر بسهولة.

انقسام حول الانتخابات المبكرة

وكان الكاظمي قد تعهّد في وقت سابق بإجراء انتخابات مبكرة، واعتبر أنه "في مسعى لتمهيد الطريق أمام انتخابات نزيهة، يجب قبل كل شيء تأكيد سيادة الدولة في المجالات كافة وفقاً للدستور، وفي المقدمة حصر السلاح بيد الدولة وقواتها المسلحة وبإمرة القائد العام للقوات المسلحة، وعدم تحويل البلاد إلى ساحة لتصفية الحسابات ومنع استخدام أرض العراق للاعتداء على الآخرين".

وفي الأثناء، تفيد تسريبات بأنّ رئيس الحكومة جادّ في حراكه لإنجاز ملف الانتخابات المبكرة، ومستمر في التفاوض مع القوى السياسية لتسهيل هذا الأمر وتوفير البيئة الآمنة له.

ويرى مسؤولون معنيون أن الانقسام بين القوى السياسية حول هذا الملف لا يزال قائماً، إذ تساند كتل سياسية رئيسة مهمة الكاظمي في إجراء انتخابات مبكرة وعلى رأسها تحالف "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر.

في المقابل، تتخوّف كتل عدّة من احتمالية إجراء انتخابات مبكرة، خصوصاً كون الكتل السياسية لم تتوصّل إلى تسويات تتعلّق بقانون الانتخاب.

ولعل ما يدفع بعض القوى السياسية المرتبطة بـ"الحشد الشعبي" والفصائل المسلحة إلى تأخير الانتخابات حتى موعدها الطبيعي عام 2022، يرتبط بالاتهامات التي طاولتها، بأنها كانت ضد الحراك الاحتجاجي الأخير، فضلاً عن تحميل طبقات شعبية تلك القوى الفشل في إدارة الدولة في فترة حكم رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي.

قضايا لوجستية وأخرى انتخابية

وقال رئيس كتلة "إرادة" في البرلمان العراقي حسين عرب لـ"اندبندنت عربية" إن "جملة عراقيل تقف في طريق الانتخابات المبكرة لأنها تخضع لسياقات وتفاصيل لوجستية، وليس بمقدور الكتل السياسية تعجيلها كون المفوضية هي التي تقرّر، فضلاً عن عدم حسم تفاصيل الدوائر الانتخابية ومدرائها وتوزيع المقاعد، كما أن انتشار وباء كورونا والوضع المالي للبلاد شكّلا عائقاً إضافياً"، مبيّناً أن "الحديث عن انتخابات مبكرة تحدّده هذه السياقات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح أن "كل تحالف يضمّ كتلاً راغبة في إجراء انتخابات مبكرة وأخرى غير راغبة في ذلك"، لافتاً إلى أن "كل تحالف حصل على مقاعد قليلة في الانتخابات السابقة يتطلّع إلى انتخابات مبكرة، أملاً في الحصول على مقاعد أكثر، مقابل تحالفات ذات كتل كبيرة تتمنى أن لا تُنظَّم حتى لا تفقد مقاعدها".

لكنه أكد أنه "بتوفّر الأمور اللوجستية كاملة، لن يستطيع أي طرف تأخير الانتخابات المبكرة".

وجهتا نظر

في السياق، قال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إن "المهمة الرئيسة للكاظمي هي التهيئة للانتخابات المبكرة، ويجب عليه توفير الظروف والمناخات المناسبة لذلك"، معبراً عن اعتقاده بأنه "لن يتخلّى عن هذا الهدف".

وتابع أن "الكتل السياسية ستضع موانع أمام استكمال قانون الانتخابات وتعديل قانون الأحزاب، لكن للشارع العراقي الكلمة الفصل، وسيكون بالضد من القوى السياسية الممانعة لإجرائها".

وأشار إلى أن "القوى السياسية التقطت أنفاسها بعد توقف الحركة الاحتجاجية نتيجة تفشّي وباء كورونا، لكنها لا تزال متخوّفة من انتفاضة الشارع العراقي واحتمالية عودة الاعتصامات".

ولفت إلى أن "هناك وجهتي نظر في ما يتعلّق بموقف القوى السياسية من إجراء الانتخابات المبكرة، الأولى أنه لا توجد رغبة في إجرائها وهذه متباينة بين كتلة وأخرى، والإشكالية الأكبر داخل القوى الشيعية التي يتمنّع بعضها عن الذهاب إلى هذا الخيار"، مبيّناً أن "رفضها متأتٍّ من القلق على مستقبلها ونفوذها السياسي نتيجة اتهامات لها بمواجهة المحتجين، فضلاً عن الفساد وتحميلها مسؤولية انهيار البلاد وسوء الإدارة في الحكومة السابقة والأزمة المالية".

وختم "وجهة النظر الأخرى تقول إن تلك القوى متخوّفة من احتمالية نجاح الكاظمي في إدارة البلاد، وهذا قد يدفعها إلى الذهاب نحو انتخابات مبكرة حتى لا يدخل كمنافس سياسي ويزيد خسائرها".

طرق دستورية

في سياق متصل، قال الخبير القانوني علي التميمي لـ"اندبندنت عربية" إن "الانتخابات المبكرة لن تتحقّق إلّا بحلّ البرلمان، كون عمر الدورة  البرلمانية أربع سنوات"، لافتاً إلى أن "ذلك ليس ممكناً إلّا بطلب من ثلث الأعضاء وموافقة الغالبية المطلقة لعدد أعضائه، أو بطلب من رئيس مجلس الوزراء وموافقة رئيس الجمهورية. وفي حال حصول إحدى الحالتين، يدعو رئيس الجمهورية إلى انتخابات عامة خلال شهرين من تاريخ الحلّ بحسب المادة 64 من الدستور".

وأضاف، "لا يوجد سند دستوري يتحدث عن حكومة مؤقتة وانتخابات مبكرة، ووفق المادة 76 من الدستور يستطيع الكاظمي إكمال عمر حكومته للنهاية".

غياب استراتيجية حصر السلاح بيد الدولة

وفي ما يخصّ مسألة حصر السلاح بيد الدولة، لعل أحد أبرز المعوقات التي تقف في طريق إيفاء الكاظمي بتعهّداته في هذا السياق، هو التخوّف من احتمالية دخول البلاد في أزمة أمنية  وفي مواجهة مع الفصائل المسلحة، في الوقت الذي تعبّر كتل شيعية رئيسة عن مخاوفها من إمكان بداية حرب شيعية- شيعية، ازدادت التحذيرات منها في فترة الاحتجاجات الأخيرة.

إضافةً إلى ذلك، قد يؤدي عدم توفّر الغطاء السياسي والبرلماني الداعم للكاظمي إلى تردّده في اتخاذ مواقف صارمة إزاء الفصائل المسلحة، وقد يدفع القوى السياسية إلى اتّخاذ مواقف متشدّدة حياله.

ورأى هشام الموزاني الباحث في الشأن السياسي في حديث إلى "اندبندنت عربية" أنه "على الرغم من نجاح الكاظمي في اختيار شخصيتين عسكريتين لوزارتي الدفاع والداخلية، إلّا أنّه لا يستطيع إجراء تغييرات كبيرة في وزارة الداخلية التي يتّهمها المحتجون بقتل المتظاهرين، لأن ذلك سيُعدُّ اصطداماً بالقوى السياسية المتهمة بهذا الأمر".

وأضاف، "الكاظمي حتى الآن بلا استراتيجية واضحة في حسم ملف حصر السلاح بيد الدولة، ويعوّل في هذا السياق على مدى جدية سعي القوى المتصارعة في المنطقة لإرساء التهدئة"، شارحاً أن "الكاظمي يقع بين ضغطين، طهران التي تتّكل على نفس رجل الاستخبارات العاقل، مقابل واشنطن التي تطمح أن يكون الرجل الذي يحلّ الحشد والأذرع الإيرانية من دون صدام طويل".

وأوضح أن "الكاظمي لا يزال يعمل على سياق الكسب الجماهيري أكثر من محاولة كسب قوى سياسية مؤثرة داخل البرلمان، لأنه لا يملك إمكانية الكسب داخل الحراك السياسي الذي يعتبره طارئاً عليه"، مبيناً أن "مشكلة الكاظمي هي عدم استطاعته تسويق حتى مواقفه الجيدة".

الكاظمي غير راغب في انتخابات مبكرة؟

وعبر الموزاني عن اعتقاده بأن "الكاظمي غير مهتم بإجراء الانتخابات المبكرة على الرغم من تعهّداته بهذا الأمر، وهو يسعى إلى إتمام فترة رئاسته بالكامل"، معلّلاً ذلك بأنه يريد الحصول على تأييد شعبي، ويعمل على إنشاء تيار سياسي يتشكّل من أحزاب ضعيفة ومقرّبين من ساحات الاحتجاج للحصول على نوع من الشرعية الثورية".

وتابع "حتى لو كان الكاظمي راغباً في الذهاب إلى الانتخابات المبكرة، فإنّ القوى السياسية بشكل عام والشيعية على وجه التحديد غير راغبة في ذلك، لأنها تسعى إلى إعادة ترميم وضعها السياسي داخل الطبقات الاجتماعية الداعمة لها، التي باتت غاضبة وناقمة على القوى السياسية التقليدية، وكانت المقاطعة للانتخابات السابقة نموذجاً".

وختم "حتى لو شرع بإجراء الانتخابات المبكرة، فإنها ستكون خاضعة لرؤية القوى السياسية من حيث قانونها وشكلها وتنظيمها".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات