Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتصاد التركي يدخل نفق الركود للمرة الأولى منذ 2009 والتضخّم في أعلى مستوياته

خبير: توقّعات بارتفاع معدلات إفلاس الشركات وسط تفاقم أزمة الليرة وزيادة الديون الخارجية

"تركيا دخلت نفق الركود الإقتصادي "، فماذا بعد؟

مما لا شك فيه أن النظام التركي يواجه تحديات إقتصادية وسياسية في المرحلة المقبلة مع موجة الإنكماش التي صاحبها تراجع حاد في الناتج الإجمالي للربع الثاني من العام الحالي، وأن الناتج المحلي تراجع بنسبة 2.4 في المئة خلال الثلاثة أشهر الماضية منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مقابل هبوط بلغ 1.6 في المئة في الربع السابق.

وبحسب الاحصاءات الحديثة، فإن اقتصاد تركيا انكمش بنحو 3 المئة في الربع الأخير من العام الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام 2017 مقابل نمو بنسبة 1.8 في المئة المسجل في الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر (أيلول) الماضي، في حين تصدر تراجع الليرة "المشهد الاقتصادي المؤلم" الذي رافقته عاصفة أزمات العملات في الأسواق الناشئة خلال العام الماضي، إذ فقدت الليرة نحو 30 في المئة من إجمالي قيمتها أمام الدولار الأميركي خلال العام الماضي، وهذا ما دفع المصرف المركزي التركي إلى زيادة معدل الفائدة إلى 24 في المئة، ومن ثم بدأت السوق المحلية تتأثر بهذا الارتفاع الكبير غير المتوقع في أسعار الفائدة.

في الوقت الحاضر يجري تداول الليرة مقابل الدولار الأميركي عند مستوى 5.4368 ليرة، لكن التوقعات تشير إلى أن العملة المحلية ستواجه صعوبات مع تزايد الأزمات السياسية الداخلية، وإنتظار تداعيات الانتخابات المحلية.

ووفق الخبراء، فإن هذه الأرقام من شأنها أن تضرّ بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان "الممسك بالسلطة السياسية والإقتصادية"، في ظلّ الاهتمام البالغ للأتراك بحالة اقتصادهم المتدهور والسائر نحو نفق الأزمات. إلا أن وزير المالية برات البيرق قد أكد على "تويتر" أن "الأسوأ.. بات خلفنا"، عازياً هذه الأرقام السيئة إلى "المضاربات" وتباطؤ الاقتصاد العالمي.

ويوافق الاقتصادي في شركة "كابيتال إكونومكس" الاستشارية جيسون توفيي على رأي البيرق، معتبراً في ملاحظة مكتوبة أن "الأسوأ في هذا الانخفاض قد مرّ على الأرجح".

 

إلا أن الإقتصادي السياسي التركي تورغوت أوغلو قد أوضح في اتصال مع "اندبندنت عربية" أن "تركيا باتت تعيش في أزمة اقتصادية وسياسية في آن واحد، وسوف يتكشف ذلك بعد الانتخابات". وقال إن "المشهد الاقتصادي التركي الحالي قد أصبح صعباً نتيجة تراجع النمو، إذ وصل إلى المستوى نفسه قبل عشر سنوات، فللمرة الأولى يتراجع دخل الفرد التركي إلى 9633 دولاراً، وهو ما كان عليه في 2010، في وقت خسرت تركيا تصنيفها إحدى الاقتصاديات النامية للدول العشرين، عقب تراجع اقتصادها إلى المرتبة  19 بعدما كان في المرتبة الثامنة".

وزاد الاقتصادي التركي المقيم في لندن "من كل ذلك سنرى مزيداً من تدهور في الاستثمارات المحلية والأجنبية، بفعل الحالة الإقتصادية المتراجعة"، مشيراً إلى أن "التحكم المركزي في السلطة للرئيس أردوغان وحزبه قد جرّ البلاد إلى النفق الاقتصادي الحالي".

من جانب آخر، توقع الخبير أوغلو أن يشتد الخلاف التركي - الأميركي في المرحلة المقبلة مع الأخذ في الإعتبار أن صادرات تركيا إلى الولايات المتحدة تصل إلى ما يقارب 8.5 مليار دولار، في حين تستورد أنقرة ما قيمته 12 مليار دولار من واشنطن، وإذا زادت حدة هذا الخلاف فسيكون له تأثير مباشر على الإستقرار المالي التركي، فضلاً عن الخلل الذي سيلحق بالموازنة الجديدة للدولة".

علماً أن الصادرات التركية قد تعرضت لنكسة أخرى، إذ تراجعت للمرة الأولى إلى مستويات عام 2009، في وقت شهدت المرحلة هروب عدد من رجال الأعمال الأتراك، فضلاً عن تزايد عمليات إشهار الإفلاس، التي بلغت حوالي 15 ألف حالة من شركات ومحالّ تجارية محلية.

وتوقع الخبير اوغلوا أن "تفتح الأزمة الاقتصادية الحالية سلسلة أزمات اجتماعية، ولا يُستبعد تكرار ما حدث في الجزائر في الوقت الراهن". يشار إلى أن الليرة التركية فقدت حوالي 49 في المئة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي خلال الفترة السابقة ، وذلك بالتزامن مع التباطؤ الحاد للنمو الاقتصادي، مع توقعات الخبراء بمواصلة التدهور إلى مستويات قياسية. فيما تمثل ديون تركيا حوالي 53.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، 57 في المئة من هذه القروض على الشركات، و70 في المئة منها بالدولار الأميركي.

بحسب خبراء اقتصاديين، فإن البنك المركزي التركي قد يقرر رفع الفائدة خلال الأشهر المقبلة في حين بلغ معدلها في الوقت الحالي 24 في المئة، بعدما رفعه المصرف المركزي بمعدل 6.25 في المئة في سبتمبر الماضي، وذلك لمواجهة "غول" التضخم الذي بات يبتلع الاقتصاد.

في سياق متصل، يشير خبراء اقتصاديون إلى الخسائر المتراكمة لليرة قد تقفز بديون الدولة إلى مستويات عالية، وكشفوا عن أن تقارير المصرف المركزي التركي تشير إلى أن على أنقرة تسديد 174 مليار دولار ديوناً خارجية خلال أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، في وقت بلغت الديون الخارجية وفقاً لأرقام البنوك والتقارير حوالي 450 مليار دولار.

 ووفقاً للإحصاءات التي نشرت بأن ديون أنقرة توازي حوالي 49 في المئة من إجمالي الديون المستحقة على حوالي 20 دولة عربية، فيما قفزت تكلفة التأمين على الديون إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2009، في ظل تدافع محموم على بيع الليرة والسندات السيادية والمصرفية.

في الوقت ذاته، بلغ هامش عائدات السندات السيادية التركية المقوّمة بالدولار فوق سندات الخزانة الأميركية أعلى مستوياته منذ أبريل (نيسان) 2009، مع تراجع الإصدارات من شتى الاستحقاقات. ويشير الخبير أوغلوا إلى أن "معظم ديون القطاع الخاص ناتجة من الاقتراض من دون حساب للمتغيرات الاقتصادية المقبلة، بالإضافة إلى إغراءات النمو المتصاعد والذي إنعكس اليوم نحو التراجع".

بالإضافة إلى ذلك، نقلت وكالات الأنباء عن البيرق قوله إن بلاده "حققت أهدافها الاقتصادية خلال العام الماضي، لكن التقارير والبيانات الرسمية تشير إلى أن تركيا على موعد مع عدد من الأزمات مع غموض المشهد السياسي المقبل، وتدهور الاقتصاد المستمر".

المزيد من اقتصاد