Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تحدد استطلاعات الرأي مصير الانتخابات الأميركية؟

ترمب غاضب من استطلاعات فوكس نيوز والديمقراطيون يأملون بتحسن نتائجهم في الولايات المتأرجحة

المرشح جو بايدن في ولاية ميسيسبي في مارس الماضي حين قال إن السود الذين يدعمون ترمب "ليسوا سوداً" (أ.ف.ب)

كما هو الحال في كل مرة، أثارت سلسلة من استطلاعات الرأي الأخيرة في الولايات المتحدة الجدل من جديد حول ما ستنتهي إليه نتيجة الانتخابات الرئاسية التي ستجري في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فقد كشفت كل الاستطلاعات التي أجريت الأسبوع الماضي، تقدم المرشح الديمقراطي المفترض جو بايدن على الرئيس الجمهوري دونالد ترمب بنسب متفاوتة، تصل إلى 8 في المئة خارج هامش الخطأ، وهو ما يثير قلق الجمهوريين إذا استمر الحال على هذا النحو. غير أن تحليل استطلاعات الرأي، وما تتضمنه من تفاصيل متعددة الجانب، يختلف من شخص لآخر ومن مؤسسة لأخرى، فما الذي يجعل لاستطلاعات الرأي في الولايات المتحدة كل هذا التأثير رغم أنها تفشل أحياناً في استنباط الحقائق؟ ولماذا يغضب ترمب من الاستطلاعات التي تُظهر تراجعه بما في ذلك استطلاعات شبكة فوكس نيوز القريبة من قلبه؟

من يدير الاستطلاعات؟

تُجري شبكات التلفزيون الأميركية الضخمة والصحف الكبرى استطلاعات الرأي بين فترة وأخرى، بشكل منفرد أو بالتعاون مع مؤسسات أكاديمية ومراكز متخصصة في استطلاعات الرأي مثل معهد غالوب ومركز نيلسون ومركز بيو وجامعة كوينيبيك.

كما تقوم بعض المنظمات التي تجمع تمويلات للانتخابات بعدد من الاستطلاعات، لكنها في كثير من الأحيان تكون غير موثوقة، لذا تضع بعض المؤسسات تصنيفاً لصدقية وثقة الجهات التي تقوم بالاستطلاعات مثل موقع 538 المختص بتحليل استطلاعات الرأي.

وتُحدد استطلاعات الرأي التي تجرى على عينة عشوائية من المستطلعين هامش الخطأ المحتمل في النتائج والذي يكون عادة في حدود 3 في المئة ارتفاعاً أو انخفاضاً، ولذا فعندما يتجاوز أحد المرشحين في الانتخابات هذا الهامش بفارق كبير، تُصبح فرص فوزه أكبر.

وعلى الرغم من الانتكاسة التي مُنيت بها استطلاعات الرأي حينما فشلت في توقع فوز دونالد ترمب بأصوات المجمع الانتخابي عام 2016، إلا أنها صدقت في توقعاتها بحصول المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون على هامش يزيد بمعدل 2 في المئة في إجمالي الأصوات الكلية على المستوى الوطني وهو ما أكدته استطلاعات جامعة كوينيبيك. وخلال السنوات الأخيرة تطورت آليات استطلاعات الرأي وأصبحت تشمل قياسات مختلفة على الفئات العُمرية والنوع والانتماء السياسي أو الحزبي لجوانب متعددة مثل التفضيل والرفض لكل مرشح لدى المستطلعين، ومدى التأييد للقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومدى التعاطف والحماسة، وغير ذلك من قضايا، بهدف استخلاص تحليلات أوفى وأكثر دقة.

  ترمب غاضب

من النادر أن ينتقد الرئيس ترمب شبكة فوكس نيوز التي تلتزم الدفاع عنه وعن الحزب الجمهوري في معظم تغطياتها وبرامجها السياسية، لكنه فعلها مجدداً حين غرد على تويتر مهاجماً استطلاع للرأي نشرته الشبكة وكشف عن تقدم منافسه بايدن عليه بفارق 8 نقاط، وهو ما جعله يعتبر أن من يدير الاستطلاع يزور النتائج، وبدلا من ذلك غرد ترمب تغريدات عدة معاكسة أوضح فيها أن مؤيديه داخل الحزب الجمهوري 96 في المئة في حين أن استطلاع فوكس كشف أنهم 85 في المئة، وفي تغريدة أخرى جزم بأن مؤيديه بشكل عام 50 في المئة، إلا أن الصحافة الأميركية قالت إنه اعتمد على استطلاع جرى قبل نحو أسبوعين وأجرته مؤسسة غير مشهود لها بالدقة والحياد. ويعود سبب غضب الرئيس الأميركي إلى أن استطلاع فوكس نيوز الذي أجري في الفترة من 17 وحتى 20 مايو (أيار) الحالي، كشف أن الناخبين يثقون في أداء المرشح الديمقراطي المفترض جو بايدن أفضل من الرئيس ترمب في ثلاث قضايا جوهرية هي الرعاية الصحية بفارق 17 نقطة، ومكافحة فيروس كورونا بفارق 9 نقاط، والعلاقات مع الصين بفارق 6 نقاط، بينما وثق الناخبون في ترمب بفارق 3 نقاط عن بايدن في كيفية تحسين الاقتصاد الأميركي. وبرغم هذا التقدم في موضوع الاقتصاد، إلا أن التغير الزلزالي في نظر الأميركيين للاقتصاد هو ما يزعج الكثيرين حول الرئيس ترمب، ففي يناير (كانون الثاني) عبّر 55 في المئة من الناخبين أن الاقتصاد ممتاز أو جيد مقابل 44 في المئة اعتبروه معقولاً أو سيئاً، لكن في استطلاع فوكس كشف 78 في المئة من المستطلعين أن الاقتصاد سيّء مقابل 20 في المئة فقط اعتبروه جيداً، كما أشار 44 في المئة من المستطلعين أن هناك شخصاً واحداً على الأقل في منزلهم فقد وظيفته بسبب وباء كوفيد -19 و اعتبر 54 في المئة أن أميركا تشهد أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد الكبير الذي ضرب الولايات المتحدة في ثلاثينيات القرن الماضي.  

استطلاعات أخرى

ولا يكتسب استطلاع فوكس نيوز أهميته فقط من كونه صدر من شبكة إعلامية مؤيدة لسياسات الرئيس ترمب، بل أيضاً لأن هذه الشبكة الإخبارية حصلت على تصنيف ممتاز من موقع 538 المتخصص في تقييم مصداقية استطلاعات الرأي. وما أثار خشية التيار المحافظ في الولايات المتحدة أن استطلاعات أجريت الأسبوع الماضي كشفت عن نتائج مشابهة وإن كانت أقل قوة، حيث كشف استطلاع لشبكة سي إن بي سي عن تقدم بايدن 3 نقاط ضد ترمب، كما أوضح استطلاع أجرته سي إن إن عن تقدم بايدن خمس نقاط، في حين أشار استطلاع لشبكة إيه بي سي مع مركز إيبسوس إلى أن تأييد ترمب في طريقة معالجته فيروس كورونا تراجعت إلى 39 في المئة فقط. ويقول مراقبون أن السبب وراء تراجع تأييده يعود إلى أنه لا يمتلك خطة حقيقية أكثر من مجرد التمنيات الطيبة بانتشال البلاد من الأزمة الصحية العامة والأزمات الاقتصادية التي سببها وباء كورونا.

تقدم بايدن لن يستمر

في المقابل فإن هناك من يرى أن تقدم بايدن في استطلاعات الرأي لن يستمر طويلاً، ففي استطلاع لجامعة كوينبينك تبين أن شعبية ترمب تراجعت من 45 في المئة إلى 42 في المئة، ما يعني تراجعاً قدره 3 نقاط، وأن النسبة الحالية تتوافق مع ما حصل عليه منذ توليه الحكم قبل ثلاثة أعوام ونصف العام، وهذا يفسر أن التغيير في شعبيته لا يتعلق بفيروس كورونا أو التداعيات الاقتصادية، وإنما بالأسباب التي جعلت بايدن قادراً على جذب مزيد من التأييد. وتقول صحيفة واشنطن إكسامينر المحافظة، إن تقدم بايدن في استطلاعات الرأي يعود إلى نمو شعبيته أكثر من كونها تعني انهيار شعبية ترمب. ويشير استطلاع آخر أجرته رييل كليير بوليتيكس إلى أن معدل تأييد بايدن في 10 مايو (أيار) كان 46.8 في المئة، وقد تجاوز هذه النسبة في جميع الاستطلاعات، وارتفع تأييده حالياً إلى 48.7 في حين تراجع تأييد ترمب نقطة أو نقطتين، وهو أمر غير مشجع بالنسبة الى نائب الرئيس السابق جو بايدن الذي تغيب عن المشهد طوال الشهر الماضي، ما يعني أن تأييده قد يتراجع سريعاً حينما يقارع الرئيس ترمب في ثلاث مناظرات انتخابية، وحينما تركز الصحف ووسائل الإعلام على المعركة الانتخابية وتُسلط الأضواء أكثر على بايدن.

إرتياح جمهوري

تقول بعض الصحف اليمينية المؤيدة تقليدياً للحزب الجمهوري إن المشهد لم يطرأ عليه تغير كبير منذ بداية العام الحالي في استطلاعات الرأي، فقد تقدم بايدن على ترمب معظم أوقات السنة باستثناء استطلاعين تساوى فيها المتنافسان خلال شهر إبريل (نيسان)، وتقدم ترمب على بايدن في استطلاع واحد خلال فبراير (شباط) الماضي حينما كان بايدن يخسر الانتخابات الأولية ضد المرشحين الديمقراطيين في ولايتي أيوا و نيو هامبشير، وقبل أن يجتاح الولايات المتحدة وباء كورونا أو تنزف الوظائف في سوق العمل، وبالتالي فإن الأرقام الأخيرة لا تعكس تغيراً كبيراً بحصول بايدن على نسب تتراوح بين 47 إلى 50 في المئة خلال 16 استطلاعاً للرأي على المستوى الوطني في حين أن ترمب حصل على نسب تراوحت بين 41 إلى 44 في 11 استطلاعاً من بين 16 استطلاعاً.

تفاؤل ديمقراطي

يرتكز تفاؤل الديمقراطيين إلى تقدم بايدن بنسب جيدة في الولايات المتأرجحة الحاسمة في الانتخابات مثل بنسلفانيا وميتشغان وويسكونسن، فإذا خسر ترمب هذه الولايات من دون أن يكسب ولاية أخرى خسرها لصالح هيلاري في انتخابات 2016، فمن المرجح أن يفوز بايدن بالانتخابات الرئاسية المقبلة، بخاصة وأن بايدن يتقدم على ترمب في ولاية فلوريدا وهي ولاية اخرى حاسمة فاز بها ترمب في الانتخابات السابقة. ومع الحذر الشديد من أن الأمور قد تتغير عندما يتكلم بايدن، مثلما أخطأ ثم عاد واعتذر حين قال إن الناخبين السود الذين لا يؤيدونه ويفكرون في تأييد ترمب ليسوا سوداً، فإن الديمقراطيين يأملون أن يحافظ بايدن على رباطة جأشه ويكون أكثر حرصاً، ويركز أكثر على تحصيل نقاط إضافية لدى الناخبين بما يزيد من أسهمه ويرفع من حظوظه مستغلاً انتشار فيروس كورونا وارتفاع عوامل القلق التي تقفز إلى الصورة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير