"زوجتي تُعنّفني"، آلاف الرجال المغاربة يلجؤون إلى جمعيات حقوقية، تحميهم من العنف الأسري، وتستمع إلى قصصهم في مجتمع لا يعترف بضعف الرجال، ويعتبر الحديث عنه "تابو".
24 ألف حالة عنف ضد الرجال
كان من الصعب أن يصدّق أحد أن الرجال في المغرب، يتعرضون للعنف من زوجاتهم، لكن الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال، كشفت في تقريرها أنها استقبلت منذ تأسيسها عام 2008، حوالى 24 ألف حالة عنف ضد الرجال، حوالى 25 في المئة منها جسدي، وأشارت إحصاءات الشبكة إلى أنها سجلت أنواعاً أخرى من العنف كالطرد من بيت الزوجية والاستيلاء على ممتلكات الزوج، وحرمان الأب من رؤية أبنائه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"كانت تُعنفني، وتشتمني"
"كانت تُعنفني، وتشتمني أمام الجيران والأطفال"، يتحدث "هشام" (36 سنة) عن تجربته مع العنف الزوجي، ويقول لـ "اندبندنت عربية" "كنت أتحمل شخصيتها الحادة لأجل الأطفال فقط، لأنني أدرك أن القانون سينصفها، وستحرمني من أطفالي، ويعتبر "هشام" أن لا أحد يساند الرجل أو يستمع إليه، ويضيف "نشأت في أسرة تحترم النساء، وكنت أقدرها بشكل كبير، لكنها لم تتقبل وضعي الاجتماعي، وكانت تقارنني برجال من العائلة، وعندما نتناقش، تضربني وتصرخ بصوت مرتفع، وتهددني بأنها ستحرمني من الأطفال، وتطردني من البيت".
العنف ضد الرجال "تابو"
يعدّ حديث الرجال عن تعرضهم للعنف في المجتمع المغربي "تابو"، ونادراً ما يكشفون عن معاناتهم داخل بيت الزوجية، ويتابع، "قمت بتصويرها عندما كانت تضربني، وحالياً أعمل على طلب الطلاق، وأتمنى من القضاء أن ينصفني، ويمنحني الحق في حضانة الأطفال، الجيران يسخرون مني، وينظرون إليّ على أنني لست رجلاً، وأنه يجب أن أدافع عن نفسي، وأضربها أيضاً، لكن أنا لا يمكن أن أرتكب جريمة وأدمّر مستقبلي، لقد صبرت لأجل الأطفال فقط".
"كنت أبكي بحرقة"
ولفت "هشام" إلى أن توثيقه عنف زوجته، سيُؤكد للقضاء تعرضه للعنف"، ويقول "أن يتعرض الرجل للعنف أمام أطفاله، ويسخر منه جيرانه، هو إحساس صعب، لا يمكن وصفه، لقد أثّرت علاقتي بزوجتي في عملي، لم أعد كالسابق، أصبحت قلقاً ومرتبكاً".
"زوجتي طردتني من البيت، وأخذت ممتلكاتي"، يقول "منير" الذي تعرّض للعنف من زوجته أيضاً "عنّفتني هي وأشقاؤها وطردوني من البيت، كنت أبكي بحرقة، لم أستطع تحمل أن أفقد بيتي وأن أُضرب وأشتم."
يتحدثون عن العنف بوجه مكشوف
وتنشر الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الرجال ضحايا العنف النسوي، على صفحتها في فيسبوك، قصص رجال ضحايا العنف، اختاروا الحديث عن معاناتهم بوجه مكشوف، وبسبب الحجر الصحي، تواكب الجمعية هؤلاء، وتستمع إلى قصصهم، وتتواصل الجمعية مع حوالى ثماني حالات لرجال ضحايا العنف في اليوم.
"الطرد من بيت الزوجية"
ويعتبر فؤاد الهمزي رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الرجال ضحايا العنف النسوي أن معاناة الرجال مع العنف تضاعفت خلال فترة الحجر الصحي، ويُضيف لـ "اندبندنت عربية"، "أنهم يستقبلون رجالاً تعرضوا للسبّ والشتم والطرد من بيت الزوجية"، ويُشدد على أن "الرجل عندما يتعرض للعنف ويتقدم بشكوى، تواجهه صعوبات عدة على خلاف المرأة، الرجال ضحايا العنف، أصبحوا يتحدثون عن معاناتهم من دون خوف من نظرة المجتمع، ونحن نستمع إليهم في الجمعية، وندعمهم."
"رجال ضحايا العنف حاولوا الانتحار"
ويشير المتحدث ذاته "إلى أن أكبر عدد من ضحايا العنف يوجد في مدينة الدار البيضاء، وأن الرجال أصبحت لديهم رغبة في التعبير عما يعيشونه من دون تردد أو خوف من نظرة المجتمع، ويقول "في البداية، كان الرجال ضحايا العنف مترددين، وكانوا يتصلون بنا فقط عبر الهاتف، ويكشف رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الرجال ضحايا العنف النسوي عن أنهم "رصدوا حالات لرجال ضحايا العنف حاولوا الانتحار، ووضع حدّ لحياتهم، لأنهم وجدوا أنفسهم مشردين ومحرومين من أطفالهم."
"الرجل يعاني من التهميش والإقصاء"
ويضيف الهمزي "الرجل المعنّف إذا خرج إلى الشارع تواجهه مشاكل مع الأمن ويُتهم بخرق حالة الطوارئ الصحية، وإذا بقي في البيت فهو يتعرض للعنف من زوجته، هناك عدد كبير من الجمعيات في المغرب تهتم فقط بالمرأة، في المقابل، يُعاني الرجل من التهميش والإقصاء"، ويتابع أنه "بعد تضرر الرجال، وتعرّض بعضهم للتشرد، أدركوا أهمية الانضمام إلى الجمعية بهدف المطالبة بحقوقهم".
ويؤكد أن "الحجر الصحي ساهم في ارتفاع نسب العنف ضد الرجال، لأن معظم الأزواج في بيوتهم لا يخرجون، ما يتسبب في خلافات ومشاكل زوجية يترتب عليها العنف"، ويعتبر أن نضاله لأجل حماية الرجل من العنف الزوجي يُعدّ قضية حياته، ولا يمكن أن يتخلى عنها على الرغم من التحديات، "أشعر بالسعادة عندما أنجح في مساعدة رجل تعرض للعنف وحُرم من حقوقه."
يشار إلى أن المغرب أطلق لأول مرة بحثاً وطنياً حول انتشار العنف ضد الرجال، تشرف عليه المندوبية السامية للتخطيط، وهي جهاز حكومي مغربي مكلف بالبحوث الوطنية وبإحصاء السكان.