Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصين تعزز نفوذها في المؤسسات الدولية رغم تمويلها الضعيف

ضغوط لمنع القبول بتايوان كعضو مراقب في جمعية الصحة العالمية ومخاوف من تكرار سيناريو مذبحة ميدان تيانانمن

جنود من جيش التحرير الشعبي يلمعون أحذيتهم بجوار ملصق للرئيس الصيني شي جين بينغ (أ ف ب)

ضغطت الصين لتثبيت دبلوماسييها على رأس منظمة الطيران المدني الدولي التابعة للأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة، لتغليب نفوذها السياسي والاقتصادي على الدول الأعضاء. والدليل تقديم الكاميرون مرشحاً لقيادة منظمة الأغذية والزراعة، لكنها انسحبت بعد أن أسقطت بكين ديونها، واستخدمت ورقة النفوذ وهدّدت بقطع الصادرات المهمة إلى الدول التي لا تدعم مرشحها، وانتهى الأمر بطبيعة الحال بفوز المرشح الصيني.

في السنوات الـ15 الماضية، استخدمت الصين حق النقض (الفيتو) ضد 11 قراراً لمجلس الأمن، أي أكثر من خمسة أضعاف ما كان عليه في الـ15 سنة السابقة. (ما زالت لم تلحق بالولايات المتحدة، التي استخدمته ضد 18 قراراً خلال فترة الثلاثين عاماً نفسها)، مما ينمّ مجدداً عن تنامي النفوذ الصيني في المؤسسات الدولية.

نفوذ أكبر وتمويلات محدودة

في العام الماضي، قدّمت الولايات المتحدة أكثر من 670 مليون دولار للميزانية التشغيلية للأمم المتحدة، بينما منحت الصين ما يقرب من 370 مليون دولار - ومع ذلك فإن الرعايا الصينيين يرأسون حالياً أربعاً من 15 وكالة متخصصة تابعة للهيئة. وبحسب لي ميلاني هارت، كبيرة الزملاء ومديرة سياسات الصين في مركز التقدم الأميركي "لا توجد دولة أخرى تقود اليوم مؤسسات دولية أكثر من الصين، تقديم الإسهامات شيء، لكن (الصينيين) يبرزونها بشكل كبير، وهم يدفعون".

رفضت منظمة الصحة العالمية لأشهر طويلة الطلب الأميركي بضرورة مساءلة الصين عن ولادة فيروس كورونا في مدينة ووهان، ورغم ضغوط الإدارة الأميركية وإعلان الرئيس دونالد ترمب، تعليق التمويل الأميركي للمنظمة من 3- 6 أشهر، الذي يعد الأكبر ويصل في إجماله إلى 400 مليون دولار سنوياً مقارنة بالتمويل الصيني، الذي لا يتجاوز عشر تمويل واشنطن، قاومت المنظمة الضغط الأميركي، وهو ما قرأته الولايات المتحدة على أنه ضغوط وهمينة صينية على المنظمة الدولية.

الإدارة الأميركية تواجه التغلغل الصيني

ميلاني هارت، قالت في شهادة مكتوبة أمام لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية بين الولايات المتحدة والصين هذا الربيع،  إن بكين حصلت على قرارين من خلال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أحدهما "يقترح وجوب أن  تكون حقوق الإنسان متوازنة مع احتياجات التنمية الاقتصادية"، والآخر يطلب مراعاة الثقافة عند النظر في معايير حقوق الإنسان. (انسحبت الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان في عام 2018 عندما اتهم المجلس سفير الأمم المتحدة آنذاك نيكي هالي بالتحيز ضد إسرائيل). وتضيف هارت أن تخفيف المعايير الدولية يخلق "غرفة مناورة" للمتسلطين في جميع أنحاء العالم.

الصين تعرقل تايوان

وربما أوضح مثال على كيفية استخدام الصين لهذا التأثير، هو تايوان، الجزيرة التي تحكمها الديمقراطية والتي يدعي الحزب الشيوعي الصيني أنها جزء من أراضيه. وأشارت هارت لصحيفة "أتلانتيك"، إلى أنه بعد تايوان، عام 2016، انتخبت الرئيسة تساي إنغ وين، التي ترشحت لمناصرة السيادة التايوانية من بكين، توقفت منظمة الصحة العالمية عن دعوة تايوان إلى قمتها العالمية، على الرغم من أن حضورها لم يكن مدعاة للقلق في العام السابق عندما كان الرئيس المؤيد لبكين مسؤولاً عن الجزيرة. وتوضح هارت "بمجرد أن ينتخب شعب تايوان مرشحاً لا يعجب بكين، لا يعود من المنطقي كما ترى الصين أن يمثل هذا المرشح تايوان في اجتماعات منظمة الصحة العالمية لأن الرئاسة تغيّرت. في الآونة الأخيرة، تهرّب أحد كبار مسؤولي منظمة الصحة العالمية من الأسئلة حول نجاح تايوان في الاستجابة للوباء، قائلاً بدلاً عن ذلك: عندما تنظر عبر مناطق مختلفة من الصين، فقد قاموا بعمل جيد جداً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، إن الصين تعارض بشدة الاقتراح المقدم لمنظمة الصحة العالمية بدعوة تايوان للمشاركة بصفة مراقب في جمعية الصحة العالمية (WHA)، وهو أعلى جهاز لاتخاذ القرار في منظمة الصحة العالمية، وأضاف "يجب معالجة قضية مشاركة تايوان في الجمعية وفقاً لمبدأ (صين واحدة)".

وقال وزير الصحة التايواني، تشن شيه تشونج، في مؤتمر صحافي في تايبيه، إنه لم يتلقَ بعد أي دعوة من منظمة الصحة العالمية لحضور الدورة الـ73 لمنظمة الصحة العالمية، التي انطلقت يوم أمس عبر رابط فيديو، مما يعكس الضغوط التي تمارسها الصين على المنظمة الدولية.

وتعترف 16 دولة في الأقل بتايوان كدولة مستقلة بما في ذلك الولايات المتحدة. هذه المرة، وجدت تايوان دعماً لمشاركتها في المنظمة بصفة مراقب من دول مثل اليابان وألمانيا والولايات المتحدة والمشرعين الأوروبيين الذين عبّروا عن دعمهم لإدراج تايبيه في جمعية الصحة العالمية، وكذلك منظمة الصحة العالمية.

وكانت تايوان من بين أوائل الدول التي أبلغت منظمة الصحة العالمية عن تفشي فيروس كورونا المميت، لكنها لم تتلقَ أي رد منها، مما يثير الكثير من التساؤلات عن تفاقم النفوذ الصيني في المنظمة.

وقالت وزارة الصحة التايوانية، في بيان، إن الدولة الجزيرة حقّقت نجاحاً في قمع انتشار العدوى، حيث لم تبلغ تايوان عن حالات محلية لمدة 33 يوماً حتى يوم الجمعة، مما دعا 16 دولة عضو في جمعية الصحة العالمية إلي الإصرار على مشاركة تايوان في الاجتماع السنوي اليوم للاطلاع على تجربتها الناجحة، وهو ما تعارضه الصين بقوة.

 ومع ذلك، قد يكون لكل هذه المناورة حدودها، فقد أظهر استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث في ديسمبر (كانون الأول)،  أنه قبل أن تجتاح أزمة فيروس كورونا العالم بأسره، التي تسببت بوجهات نظر سلبية عن الصين في معظم الولايات المتحدة وأوروبا الغربية وآسيا، كانت بكين تتمتع بنفوذ اقتصادي، وهي على دراية باستخدامه، ولكن هذا لم يشترِ لها بالضرورة نفوذاً دائماً في مراكز القوة الاقتصادية الأخرى في العالم.

وفقًا لـمركز بيو للأبحاث، على الرغم من عدم وجود بيانات حتى الآن حول كيفية تغير الرأي العام العالمي منذ الأزمة، فإن القادة الصينيين قلقون بالفعل، لذلك يشرعون في ضخ الدعاية التي تحطّ من رد فعل الولايات المتحدة وتروّج لمساعدات الصين للبلدان المنكوبة جرّاء الوباء. وبحسب وثيقة صينية داخلية، تخشى الصين من احتمال حدوث ردة فعل عالمية عنيفة تجاهها على غرار ما شهدته بعد مذبحة ميدان تيانانمن. هي اليوم أكثر ثراءً وأقوى عسكرياً مما كانت عليه في عام 1989، ولكن مع غرق العالم في الوباء وتحميل الولايات المتحدة،  الصين ذنب تفشي كورونا في العالم، قد تجد بكين قريباً أن هناك أشياء التي لا يمكن للمال إصلاحها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير