Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المساعدات الإنسانية في اليمن بين سطوة الحوثي ومعاناة المجتمع

المليشيا تحرص على منع وصولها إلى مستحقيها وتجيّرها لصالح استمرار بسط سيطرتها

سوق في العاصمة اليمنية صنعاء (غيتي)

شددت جماعة الحوثي من قيودها المفروضة على توزيع المساعدات الإنسانية في مناطق سيطرتها، ما يفاقم من أوضاع الفقراء والمحتاجين ويزيد من دائرة انعدام الأمن الغذائي، ويدفع عدداً من البرامج الإغاثية إلى الإحجام عن تنفيذ أي مشاريع أو برامج للتخفيف من وطأة المجاعة التي تطارد اليمنيين.

ومنعت الجماعة الحوثية رجال الأعمال والشركات ومؤسسات القطاع الخاص من تنفيذ المشاريع الإنسانية التي اعتادت على تنفيذها، بخاصة في شهر رمضان، ورفضت توزيعها على المستفيدين بشكل مباشر.

واشترط الحوثيون على تلك الشركات الحصول على ترخيص مسبق من قبل هيئة تنسيق الشؤون الإنسانية التي استحدثتها، بغرض الإشراف على جميع المشاريع الإغاثية والإنسانية، كما فرضت على تلك الشركات والبنوك توريد مخصصات المساعدات وبرامج المسؤولية الاجتماعية إلى حسابات هيئة تنسيق الشؤون الإنسانية الحوثية.

وقبل ذلك هددت منسقة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة ليزا غراندي من توقف البرامج الإغاثية في مناطق سيطرة الجماعة نتيجة القيود المتصاعدة التي تفرضها على عمل وكالات الإغاثة كما سبق وأن هدد برنامج الغذاء العالمي بتعليق أنشطته بعد تعنت الحوثي ورفضه اعتماد بصمة العين كآلية لتوزيع المعونات على المستفيدين.

مصدر رئيسي لتمويل الحرب

يقول عضو الهيئة التنفيذية للتحالف الوطني للقوى السياسية اليمنية مانع المطري، إن القيود التي تفرضها جماعة الحوثي تزيد من معاناة الناس وتعكس طريقة تفكيرها في التعامل مع الوضع الإنساني كمصدر رئيسي من مصادر تمويل حروبها التي تديرها لمصلحة قيادات الجماعة ولتنفيذ الأجندات الأقليمية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد المطري في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، أن جماعة الحوثي تحرص على أن تسيطر على منابع المساعدات ومنع وصولها إلى مستحقيها وتجيّرها لصالح استمرار بسط سيطرتها في ظل حالة إنسانية كارثية تجبر المجتمع على الخضوع لها مقابل الحصول على مساعدات إنسانية مستحقة مقدمة من ممولين آخرين.

وأشار إلى أنّ تقديم المساعدة الإنسانية للناس يجب أن يتواكب مع تحرير إرادتهم وخياراتهم وعدم السماح باستغلالهم تحت أي ظرف ويجب أن تعمل المنظمات الإنسانية الدولية على تجريم الاستغلال السياسي للمحتاجين للمساعدات تحت أي ظرف.

وأضاف "أعتقد أن استمرار الآليات التي تقدم بها المساعدة الإنسانية وحالة التحكم الحوثي في مصيرها أحد عوامل استمرار الصراع العنيف في اليمن وأن تحرير تقديم المساعدات الإنسانية هي إحدى الأدوات الأولية لإيجاد أرضية حقيقية لتحقيق السلام".

وأضاف أن الجماعة الحوثية تمنع الأعمال الإنسانية المجردة من الأغراض السياسية وتصر على أن "تمر المساعدات من تحت يد مشرفيها الفاسدين الذين حققوا إثراءً كبيراً على حساب معاناة الناس من الحرب التي اتخذوا القرار بخوضها ضد خيارات الشعب اليمني بدولة تحقق الكرامة الإنسانية للمواطنين".

إجراءات عادية لسلاسة العمل

مؤسس منظمة Mona Relief العاملة في المجال الإنساني، فاتك الرديني، يقول إن "القيود المفروضة حالياً تصاعدت بعد ظهور حالات إصابة بفيروس كورونا، وقبل ذلك كان الوضع إلى حد ما طبيعي ولم نشعر بأية عراقيل إلا في النادر من خلال عملنا طوال الفترة الماضية".

ويؤكد الرديني في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، أن هناك بعض القيود فرضت على المنظمات المحلية والدولية العاملة في اليمن من أجل الحصول على تراخيص لتنفيذ المشاريع والبرامج، وهذا إجراء تم تطبيقه فعلياً على أرض الواقع حتى ضمان سلاسة العمل.

وقال إن "المضايقات ليست السبب فقط في ازدياد معاناة المواطنين ولكن هناك بعض النقاط التي تتعلق بمستوى الشفافية لعمل تلك المنظمات على أرض الميدان... ففساد المنظمات العاملة في اليمن والقيود التي تفرضها على العمل وعلى اختيار شركاء محليين هو أحد الأسباب الرئيسية لزيادة معاناة المواطنين اليمنيين".

وأكد أن معاناة المواطن اليمني مستمرة طالما أن آلية العمل المتبعة من قبل تلك المنظمات يغيب عنها جانب الشفافية والصدقية، مشيراً إلى أنّ القيود المفروضة من قبل طرفي الصراع في اليمن ليست هي السبب في تفاقم الوضع الحالي ولكن أيضاً غياب الشفافية والفساد القائم والتلاعب بأسماء المستفيدين والنفقات التشغيلية الخيالية من قبل المنظمات الدولية والأممية العاملة في اليمن تلك هي الأسباب الرئيسية تجاه تدهور الوضع الإنساني وتفاقم وضع المواطن اليمني.

رمضان فرصة حوثية للجبايات

يقول رئيس مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام، عادل الأحمدي، إن رمضان يعتبر فرصة سنوية ينتظرها ملايين الفقراء والمحتاجين بفارغ الصبر.

وفي تصريح إلى "اندبندنت عربية" يضيف الأحمدي أنه "على الرغم من أن الصدقات التي يحصل عليها الفقراء لا تسد عوزهم ولكنها تخفف قليلاً من مأساتهم ومتطلبات العيد لفترة محدودة، إلا أن الحوثيين وإمعاناً منهم في تجويع الشعب اتخذوا إجراءات لحرمانهم من هذه الصدقات البسيطة، بدلاً من أن يقوموا بصرف مرتبات، علماً أن شريحة المحتاجين، ارتفعت في السنوات الماضية أضعافاً مضاعفة".

وأكد أنه "لولا شريحة المغتربين اليمنيين وخصوصاً في السعودية، التي لا تزال تعول وتواسي الملايين من أبناء الشعب، لكانت الكارثة أدهى، لافتاً إلى أن كل هذا يثبت أن سلطة الحوثيين هي مجرد سلطة جباية تمتص هذا الشعب وتزج به في أتون الحروب وتتستر على انتشار الأوبئة، ثم تفرض على الناس أتاوات باسم المجهود الحربي والمولد النبوي وغيرهما، وتتفاخر أنها تقدم تبرعات لحزب الله الإيراني في لبنان".

وأكد أن "الحرب التي يمارسها الحوثيون ليست فقط على المحتاجين، بل إن قسماً كبيراً من التجار لم يعودوا يتحملون هذه الإجراءات، علماً أن التاجر لديه التزامات سنوية، ولا يستطيع أن يحرم من هو ملتزم تجاههم من صدقاته حتى وإن أجبرته سلطة الميليشيات على تسليم الصدقات لها".

إجراءات رسمية لتنظيم العمل

من جهة أخرى، أكد أحد موظفي هيئة تنسيق الشؤون الإنسانية التابعة لجماعة الحوثي أن هذه الإجراءات ضرورية لتنظيم عمل البرامج الإغاثية والمساعدات في كل الأوقات وليست مختصة على شهر رمضان فقط.

الموظف، الذي رفض الكشف عن هويته كونه غير مخوّل بالحديث إلى الصحافة، أوضح أن "أغلب هذه البرامج الإنسانية تتركز في مناطق معينة ناهيك عن أن البعض استخدمها لتحقيق أغراض غير إنسانية مثل الحصول على وجاهة والتفاخر أمام الناس أو للكسب السياسي واستغلال حاجة الناس، وكان لا بد من مثل هذه الإجراءات لتنظيم العمل، وهو ما تم اتخاذه ابتداء من إنشاء وتأسيس هيئة تنسيق الشؤون الإنسانية في صنعاء وتخويلها تنظيم هذا المجال والذي ظل ينخر فيه الفساد لعقود ماضية". 

المزيد من العالم العربي