Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

يُرجح اليوم أننا لن نغادر الاتحاد الأوروبي أبداً، وستسير الأمور على هذا المنوال

على البرلمان أن يختار بين اتفاق تيريزا ماي وبين تأجيل الخروج

تيريزا ماي هدفها استمالة النواب المعروفين بـ"الهدف الصعب" (رويترز)

يشير وقوف الأمةعلى مفترق طرق كبير، في الوقت الراهن، إلى عدم قدرتنا على معرفة التاريخ. ففي الأسابيع الأخيرة كنت تارة أميل إلى فكرة أن البرلمان غالباً سيمرّر اتفاق تيريزا ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، وتارة أخرى إلى فكرة أننا لن نغادر الاتحاد إطلاقاً.

في عطلة نهاية الأسبوع رأيتُ أن كفّة البقاء سترجح على الأغلب. وتوقّعت يوم الثلثاء أن رئيسة الوزراء لن تفوز بالتصويت على الاتفاق الذي جاءت به، ولم يحدث أي شيء خلال الأسبوع ليغيّر تقديري.

عاد المدعي العام جيفري كوكس من بروكسل خاوي الوفاض، وتكبدت ماي عناء السفر إلى غريمبسي ولم تأتِ بجديد، باستثناء مناشدة قادة الاتحاد الأوروبي مساعدتها.

قد تتوجه رئيسة الحكومة إلى بروكسل في القريب العاجل. سيكون هناك نوع من وثيقة مُلزمة قانونياً. وقد يتزامن هذا مع الإعلان عن استمرار الإنفاق الإضافي على المدارس والمستشفيات في إيرلندا الشمالية بعد انتهاء مدة الاتفاق، ومدته سنتان، بين حزب المحافظين والاتحاد الديمقراطي الوحدوي في يونيو (حزيران).

قد يقرر الاتحاد الديمقراطي الوحدوي في آخر لحظة أن يدعم الاتفاق. ومع ذلك لا تزال رئيسة الوزراء في حاجة إلى أن يغيّر 106 نواب ممن صوتوا ضد الاتفاق في آخر مرة، موقفهم. قد يكونون، على سبيل المثال، 73 نائباً محافظاً و33 نائباً عمّالياً. ويطلق على هؤلاء حالياً اسم الأهداف "الصعبة".

تدفع تيريزا ماي ثمن تغيير ما تقوله من جمهور إلى آخر.  يوم الجمعة في غريمسبي واصلت محاولاتها إخافةَ النواب في حزب العمال لحملهم على التصويت لصالح اتفاقها قائلة إنه أفضل من مغادرة الاتحاد من دون اتفاق. ولكن في الجملة التالية، حاولت إخافة نواب المحافظين قائلة إن البديل عن اتفاقها هو "تأجيل بريكست ومواصلة الجدل حوله، على حد سواء، بيننا وبين الاتحاد الأوروبي".

من الطبيعي أن تصل الرسائل الموجهة إلى المحافظين إلى مسامع العمال، والعكس صحيح. ويتساءل النواب من حزب العمال: "لماذا علينا التصويت لصالح الاتفاق إذا كان في مقدورنا تأجيل الخروج، ربما إلى الأبد؟". بينما يعتقد النواب المحافظون بأن "الخروج من دون اتفاق هو ما تريده الجماعات أو الدوائر المحلية".

لا تؤدي رسائل ماي ذات الوجهين إلى نتائج عكسية فحسب، بل هي غير صائبة. وهي فعلياً استبعدت مغادرة الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق. وقد استغرق بعض مؤيدي الخروج من دون اتفاق وقتاً طويلاً ليقدّروا أهمية خطابها الذي ألقته في 26 فبراير (شباط) عندما وعدت بتصويت في مجلس العموم قائلة "ستغادر المملكة المتحدة من دون اتفاق في يوم التاسع والعشرين من مارس (آذار) فقط في حال موافقة هذا المجلس الصريحة على ذلك".

لا يمكن توقّع حصول مثل هذه الموافقة: فهناك غالبية كبيرة في مجلس العموم تعارض مغادرة الاتحاد من دون اتفاق. وستسود هذه الغالبية حتى لو حاولت ماي أن تقسّم مجلسها الوزاري وحكومتها من خلال محاولة حمل النواب على التصويت لصالح المغادرة من دون اتفاق، وهذا ما لنتفعله.

بالتالي، لو فشل اتفاق بريكست يوم الثلثاء، سيصوّت مجلس العموم ضد الخروج من دون اتفاق يوم الأربعاء وسينتقل إلى تصويت ثالث على مسألة طلب رئيسة الحكومة مزيداً من الوقت من بقية أعضاء الاتحاد الأوروبي. من المحتمل أن يصوّت النواب ضد الخيارات الثلاثة، لكن الحصول على غالبية وارد في خيارين فحسب. حتى لو اقتضى الأمرأكثر من تصويت فعلى البرلمان أن يحسم القرار إما المغادرة بوجود اتفاق وإما تأجيل المغادرة.

ولو صوّت النواب لصالح التأجيل، أعتقد بأن بقية دول الاتحاد الأوروبي ستوافق على تمديد الموعد النهائي للخروج، على الرغم من عدم معرفة مدى طول المدة أوالشروط التي سيخضع لها التمديد.

إذا لم نغادر الاتحاد الأوروبي أبداً، ستسير الأمور على المنوال التالي. بعد تأجيل بريكست، لا مناص من أن يكون البرلمان أمام الخيار ذاته في وقت لاحق، بعد شهرين، ثلاثة، تسعة أو 21 شهراً. وبعد التأجيل بوقت كافٍ، سيكون متاحاً تنظيم استفتاء جديد. بعض النواب المحافظين يعتقدون بأن في مقدورنا التأجيل مدة قصيرة ثم المغادرة من دون اتفاق في يونيو (حزيران). ولكن البرلمان لن يصوّت على هذا لا اليوم ولا حينها. وبعضهم الآخر موقفهم أكثر تصلباً.  فهم لا يعتبرون الخروج بموجب اتفاق رئيسة الحكومة، بل يرون أن اتفاقها هو "البقاء تحت مسمى آخر". وسيكون هذا الأمر أسوأ من البقاء في الاتحاد الأوروبي. فهم لا يريدون المغادرة إطلاقاً وفق تلك الشروط.

أعتقد شخصياً، بأن تأجيل بريكست سيكون قراراً سيئاً، لأن صفقة رئيسة الوزراء هي تسوية معقولة تحترم الاستفتاء وتبقينا على مقربة من اقتصاد الاتحاد الأوروبي. أظن أن المحافظين الذين يريدون انسحاباً من دون اتفاق هم أشخاص متشددون يفضلون إطاحة ما سعَوا إليه على أن يقبلوا أي شائبة أو مساومة. وأرى أن معظم النواب عن حزب العمال الذين صوتوا ضد الاتفاق يحنثون بوعودهم احترامَ الاستفتاء.

لكن إذا رغبتم في البقاء في الاتحاد الأوروبي، فهؤلاء النواب هم أصدقاؤكم ويستحقون التقدير والثناء.

© The Independent

المزيد من