Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هؤلاء هم الأكثر عرضة للموت بسبب كورونا

احتمالات الوفاة جراء "كوفيد-19" تتضاعف في أوساط من يشغلون وظائف تعرّضهم للاحتكاك المباشر بالآخرين، لكنهم "منسيّون"

كشفت الأرقام الرسمية الجديدة عدم المساواة الصارخة في إطار جائحة فيروس كورونا، إذ كشفت هذه الأرقام أن احتمال وفاة العاملين في بعض القطاعات بسبب الفيروس يتضاعف عدة مرات مقارنة بغيرهم.

فقد اختبر العاملون في كثير من الوظائف المتدنية الأجر التي لا تلقى ما يكفي من التقدير نسباً غير متكافئة من الخسائر في الأرواح.

ويُعدّ سائقو سيارات الأجرة والعاملون في قطاع الرعاية وحرّاس الأمن ضمن أكثر الفئات المعرّضة للخطر حسبما أفاد مكتب الإحصاءات الوطنية يوم الاثنين.

تضع هذه الحقيقة الكثير من العاملين أمام خيار صعب، فإما أن يستمروا بالعمل ويخاطروا بحياتهم، أو أن يلزموا منازلهم ويراقبوا تراجع دخلهم جذرياً.

تعمل سارة* في مجال الرعاية في مدينة هدرسفيلد. وتقول "أشعر ببالغ السوء عندما أرى تلك الإحصاءات، فهي تجعلني أشكّك في سلامتنا، ونشعر أننا مُهملون فعلياً، وأنّ لا أحد يفكر بنا في الحقيقة".

وتشرح سارة أن المشكلة الأساسية هي نقص معدات الوقاية الشخصية المناسبة، ففي دار الرعاية حيث تعمل، التي تضم 38 مسناً، لا يحصل العاملون سوى على وزر بلاستيكية وكمامات وقفازات طبية عادية، وهي مواد تخضع للتقنين الشديد. وتضيف "هذا قليل جداً".

تأكدت إصابة شخصين بـ"كوفيد-19" في دار الرعاية، بينما ظهرت عوارض المرض على بعض الآخرين، لكنهم لم يخضعوا للفحص. ورسمياً، أحصيت وفاة واحدة فقط مرتبطة بـ"كوفيد-19" في دار الرعاية، لكن سارة والآخرون يعتقدون أن الفيروس أوقع مزيداً من الوفيات من دون أن تُسجّل على هذا الأساس بسبب غياب الفحص.

"يخشى الكثير من الموظفين على سلامتهم الخاصة وسلامة عائلاتهم، إذ يخافون من نقل الفيروس معهم إلى المنزل. وهم قلقون للغاية لكن الكثيرين منهم لا يستطيعون تحمّل كلفة التوقف عن العمل أثناء العزل كذلك".

اعتقد كثير من العاملين في دور الرعاية عندما أعلنت الحكومة خطتها بشأن التسريح المؤقت أن الخطّة ستغطّي 80 في المئة من رواتبهم إن عزلوا أنفسهم، لكن الأجر الذي سيحصلون عليه فعلياً في إطار العطلة المرضيّة يساوي 95.85 جنيه إسترليني في الأسبوع، ما يشكّل تراجعاً كبيراً في دخلهم وينجم عنه صعوبة في تلبية حاجاتهم الأساسية.

ولكن هل يتوجّه الناس إلى العمل على الرغم من احتمال إصابتهم بالفيروس؟ "بالتأكيد"، بحسب ما تقول سارة، وتضيف "أظن فعلاً أن هذا الوضع ينطبق على بعض الأشخاص".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشير إلى قلة التفهّم والتواصل من جانب صاحب العمل. "الدعم قليل من تلك الناحية. كل ما يُقال لنا هو أنه علينا اتّباع الإرشادات (الحكومية)".

وتضيف أنّ الحصول على معدات وقاية شخصية أفضل والمزيد من الدعم سيسهم في زيادة ثقة الناس كثيراً بسلامتهم. "نشاهد كل الوقت على نشرات الأخبار أن هيئة الخدمات الصحية الوطنية لا تملك ما يكفي من معدات الوقاية الشخصية، وها هم الأطباء والممرضون يموتون، فيما نملك نحن أعداداً أقل منهم من معدات الوقاية الشخصية. كيف سننجح بتخطّي هذا الأمر؟".

وتقول سارة إن الوزرات البلاستيكية التي يستخدمونها تجعل العاملين عرضة للخطر فيما يُطلب منهم أن يرتدوا الكمامات لمدة أربع ساعات على الأقل بسبب نقص اللوازم. "طلب منّا أن نقتصد في استخدامها. استاءت مديرتنا من وتيرة استخدامنا للوازم لكنني حاولت أن أشرح لها أنه إن ظهر على بعض مرضانا عوارض المرض، علينا تغيير الكمامة كلما دخلنا وخرجنا من غرفهم".

وتشعر سارة بالسعادة إزاء الامتنان والشكر الذي يظهره الرأي العام للعاملين الأساسيين، لكن معنويات الموظفين ما زالت ضعيفة بسبب نقص الحماية. "يشعر الجميع بالإحباط والقلق وهذا بادٍ عليهم".

وعلى خلاف العاملين في مجال الرعاية، قد لا يعتقد كثيرون أن سائقي سيارات الأجرة يعملون في الخطوط الأمامية لـ"كوفيد-19"، لكن الإحصاءات الرسمية تبيّن أنهم من الفئات الأكثر تعرضاً للخطر بين كافة المهن الأخرى.

وتبلغ احتمالات وفاتهم من "كوفيد-19" ثلاثة أو أربعة أضعاف احتمالات وفاة المواطنين البريطانيين العاديين.

ويعمل رُشيسوار ريدّي سائق أجرة منذ ست سنوات، لكنه أُجبر على التوقف عن العمل منذ شهرين عندما بدأ الفيروس يتفشى. لم يكن قراره سهلاً لكنه يقول إنه توجّب عليه إعطاء صحة عائلته الأولوية. وأنجبت زوجته طفلهما الأول منذ 12 أسبوعاً لذلك فخطر الإصابة بالفيروس في سيارة الأجرة ونقله معه إلى البيت كان كبيراً جداً بكل بساطة.

ويقول "لا يفصل بينك وبين الركاب سوى متر واحد داخل مكان مغلق، لذا من الصعب جداً أن تحمي نفسك. صعب جداً ومخيف جداً كذلك، فالفيروس يتفشى بسرعة هائلة، ولا تعلم من هو الراكب الذي تقلّه وما الذي يحمله".

يضع التوقف عن العمل ريدّي بوضعٍ مالي شائك، لأنه ما زال مضطراً لتغطية تكاليف سيارته مثل مبلغ الـ150 جنيهاً إسترلينياً شهرياً الذي يدفعه للتأمين، وقد سدّد أقساط سيارته كاملةً لكن غيره من السائقين ليسوا محظوظين مثله.

"استدنت من بعض الأصدقاء وأنا قلق بشأن تسديد هذه القروض. فالوضع حرج للغاية".

هو يأمل أن تساعده خطة الحكومة لإعانة العاملين لحسابهم الخاص لكنه يخشى أن يكون الأوان قد فات عندها. لا تبدأ الدفعات سوى في يونيو (حزيران)، لكن سيكون قد مر عليه ثلاثة أشهر من دون عمل عندها.

ويسأل ريدّي "الوضع يسوء. نحن بحاجة للطعام الآن وليس في يونيو. كيف لنا أن ننتظر؟".

 

ومع إعلان الحكومة هذا الأسبوع إرشاداتها بشأن إعادة ملايين العمّال إلى أشغالهم، تخشى الاتحادات العمّالية أن يتعرض مزيد من الناس للخطر من دون مبرر.

وهي تطالب منذ أسابيع بتحسين شروط الأمان بالنسبة إلى الأشخاص الذين عملوا خلال الجائحة لكن التقدم بطيء وقد وقعت وفيات غير مُبرّرة بالفعل. 

وقال جايسون موير لي، الأمين العام لاتحاد العمّال المستقلين في بريطانيا العظمى "حقيقة أن بعض أعلى معدلات الوفيات من (كوفيد-19) تصيب حرّاس الأمن وسائقي سيارات الأجرة أمرٌ غير مفاجئ للأسف".

"فالعاملون على الخطوط الأساسيّة، الذين لا يمكنهم العمل من المنزل، وغالباً ما يعملون مع بعض أسوأ أرباب العمل في المملكة المتحدة، معرضون لخطر شديد، ويجب التعامل مع صحتهم وسلامتهم بدرجة أكبر بكثير من العناية".

واتحاد العمال المستقلين في بريطانيا العظمى بصدد رفع دعوى على الحكومة بسبب ما يعتبره فشلها في توفير الحماية المناسبة للدخل والإجازة المرضية المدفوعة لملايين العمال ذوي الأوضاع غير الثابتة.

ويواصل ستيف غارليك، المنظّم الإقليمي لاتحاد "جي إم بي" مع وزارة النقل منذ خمسة أسابيع وطلب منهم تأمين لوازم الحماية المناسبة لسائقي سيارات الأجرة والباصات بما فيها الكمامات وأغطية العزل والقفازات البلاستيكية، لكنّه لم يتلقَّ رداً على رسالته بعد من وزير النقل غرانت تشابس.

ووجدت دراسة جديدة أجراها دانيال كينغ، أستاذ الدراسات التنظيمية في كلية نوتينغهام لإدارة الأعمال، أن العاملين على الخطوط الأمامية يشعرون غالباً أنهم قادرون على معارضة أرباب عملهم أقل من العاملين داخل المكاتب. ويقول كينغ "توضح نوبات العمل التي اقترحتها الحكومة أن العاملين في الخطوط الأمامية هم من يُرجّح أن يُطلب منهم الذهاب إلى العمل أكثر من الآخرين".

"لكننا نعلم من بيانات مكتب الإحصاءات الوطني أن العاملين في بعض المهن مثل ورش البناء والمصانع معرضون أكثر من الباقين للوفاة جراء (كوفيد-19)، وسيجد كثيرون أنفسهم في وضع غير ثابت اقتصادياً وقد يشعرون بالتالي بالحاجة إلى العودة إلى العمل في تاريخ أقرب من التاريخ الذي يريحهم".  

و"تظهر دراساتنا أن العاملين في الخطوط الأمامية يُرجّح أن يكون تعبيرهم عن رأيهم كعمال أقل فعالية، وهم يعملون في أغلب الأحيان ضمن بيئة ذكورية تعتمد تراتبية هرمية عمودية وهيكلية القيادة والتحكم، حيث يصعب الإفصاح عن المخاوف. ومن المهم جداً أن يتسنى لهؤلاء العمال رفع الصوت عالياً وبشكل فعال من خلال الاتحادات العمالية أو غيرها من الهيكليات التمثيلية، كي يستطيعوا التعبير عن مخاوفهم والعمل بفعالية مع أصحاب العمل كي يحصّنوا مواقع عملهم من (كوفيد-19)".

"ولا ترتبط هذه المسائل بمكان العمل بحد ذاته فحسب، بل بطريقة وصولهم إلى مكان العمل وبوضعهم العائلي، إن كانوا يعتنون بأطفال أو ببالغين ضعيفين مثلاً، وهي مسائل ربما لم يتكلّموا عنها سابقاً. ونحن بحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى لإعطاء الموظفين فرصة التعبير عن أنفسهم من دون أن يشعروا بالوحدة أو بالانعزال".  

( *سارة اسم مستعار حفاظاً على سريّة الهوية) 

© The Independent

المزيد من تقارير