Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس تودع الشاذلي القليبي الأمين العام السابق للجامعة العربية

أرهقته الخلافات العربية- العربية ولام المجتمع الدولي على استمرار الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي

الشاذلي القليبي (صفحة الجامعة العربية)

فقدت الساحة الثقافية والسياسية في تونس والعالم العربي، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية الشاذلي القليبي (1979- 1990)، الشخصية ذات التجربة الثرية الحافلة بالمحطات والأحداث الكبرى، بدءاً ببناء الدولة في تونس إثر الاستقلال في عام 1956، بتأسيسه وزارة الثقافة وتوليه شؤونها وشؤون وزارة الإعلام (1961– 1979)، مروراً بقربه من أول رئيس للجمهورية التونسية الراحل الحبيب بورقيبة، وتوليه منصب مدير ديوان الرئيس، حيث كان يكتب خطب بورقيبة السياسية، وصولاً إلى منصب الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، حيث كان الأمين العام الوحيد غير المصري لهذه المؤسسة العربية.

تجربة غنية

راكم الشاذلي القليبي، المولود في العاصمة التونسية في 6 سبتمبر (أيلول) 1925، تجربةً متنوّعة في مجالات الثقافة والإعلام والفكر والسياسة، ما نحته رجلاً مؤمِناً بقيمة وأهمية بناء مشروع ثقافي تونسي، نيّر، شامل لكل الفئات والجهات، فكان يزور المدن الداخلية التونسية، ويتابع إنشاء دور الثقافة ويقف على تأثيث برامجها بالنشاطات الثقافية، المسرحية والسينمائية. كما كان عضواً في مجمع اللغة العربية في القاهرة.

وتدين تونس اليوم لهذا الرجل، بأنه كان أحد بُناتِها من خلال إسهامه مع الجيل الأول المؤسّس للدولة التونسية.

تشبّع الشاذلي القليبي، بروح الثقافة الفرنسية، حيث أقام في باريس لمدّة خمس سنوات، وحصل منها على الإجازة في اللغة والآداب العربيّة في عام 1947.

ويقول عن إقامته في فرنسا في حوار صحافي نُشر في مارس (آذار) 2016 "هناك، اكتشفتُ أهمية الراديو والمسرح والسينما، في الحياة الفردية والاجتماعية، وفي توسيع الآفاق الفكرية".

وكانت لتجربة الدراسة في فرنسا، الأثر الكبير في فكر القليبي، فعقد العزم على الإسهام في المشهد الثقافي في تونس، من خلال إصداره كتب أبرزها "تونس وعوامل القلق العربي" و"العرب أمام قضية فلسطين" و"من قضايا الدين والعصر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الاستقالة من الجامعة

وتوفّر الدبلوماسي التونسي الكبير على قدر من الحكمة والتجربة، ما أهّله إلى اتخاذ قراراته بهدوء، لا سيما قرار الاستقالة من الأمانة العامّة لجامعة الدول العربية، بعد عشر سنوات من العمل على لمّ شمل الأمة العربية في أشدّ الفترات تعقيداً في الوطن العربي، نظراً إلى الصراعات الإقليمية والدولية والأطماع الخارجية في المنطقة والحروب التي كانت دائرة آنذاك. وأتت استقالته نتيجة رفضه ضرب العراق من قبل الولايات المتحدة وإيمانه بضرورة حلّ الأزمة التي أدت إلى اجتياح العراق للكويت في تسعينيات القرن الماضي، عربياً.

وقال في أحد حواراته الصحافية عن فترة توليه منصب الأمانة العامة إن "الجامعة استطاعت أن تعالج الصراع العربي- الإسرائيلي بما يتماشى مع المنطق الدولي، لكن المجتمع الدولي هو الذي تقاعس، ولم يقم بواجبه في التقريب بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، متوجهاً إلى الفلسطينيين برسالة دعاهم فيها إلى ترك "خلافاتهم الداخليّة جانباً، وأن يكون لهم الحوار الذي يرونه، للتصحيح والإثراء لأن وحدة الصف الفلسطيني شرط، من دونه لا نصر للقضية".



سطوة "الأنا"

رفض الشاذلي القليبي أن ينشر مذكّراته خوفا من سطوة "الأنا" ومن تكييف الماضي لأهوائه، فرحل وفي جعبته أسرار كانت تنعش الذاكرة الجماعية التونسية والعربية بتفاصيل دقيقة عن مرحلة بناء الدولة والصراعات العربية- العربية، والعربية- الإسرائيلية.

وبعد الثورة التونسية، وتحديداً عام 2012، صدر له كتاب بعنوان "الحبيب بورقيبة: كشف إشعاعي لعهد" يروي فيه مذكراته عن مسيرة أول رئيس للجمهورية التونسية.

وهالَه ما بلغته تونس بعد عام 2011، فقال في أحد حواراته إن "التسيّب أصاب كل المجالات، ومنها لغة المجتمع، وكذلك اللغة الفصحى التي تهلهلت تراكيبها، واستعجمت ألفاظها أحياناً كثيرة".

وعلى الرغم من رحيله يبقى الشاذلي القليبي، مثال الشخصية الهادئة القارئة بعمق للأوضاع السياسية المحلية والعربية والدولية. ونعته وزارة الثقافة التونسية قائلةً "رحل الرجل بهدوء يليق بشخصيته الهادئة". وجاء في نعي الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن "الأمة العربية فقدت سياسياً عُروبياً مخلصاً".

كما وجّه الرئيس التونسي قيس سعيد برقية تعزية إلى عائلة الفقيد مشيداً بدوره في مجالات الثقافة والفكر والسياسة.

المزيد من العالم العربي