Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ستارمر يربك جونسون في شأن تعاطي حكومته مع أزمة كورونا

يمدح الزعيم الجديد لحزب العمال الحكومة حيناً ويوجّه ضربات ذكية إلى رئيسها عند تعثر خططه حيناً آخر

ترافق صعود كير ستارمر إلى رئاسة حزب العمال مع جائحة كورونا فهل تعطيه فرصة نادرة؟ (أ.ف.ب)

يقول المثل القديم "المعارضة لا تفوز بالانتخابات، لكن الحكومات تخسرها". بعبارةٍ أخرى، إذا حالف الحظ زعيماً للمعارضة وضعه وجهاً لوجه مع إدارة تتميز بدرجة مذهلة من عدم الكفاءة، الأمر الذي يجعله بالكاد في حاجة لبذل جهد كبير في مواجهتها. على أي حال، من المنصف القول إن التقدّم اللافت الذي أحرزه جيريمي كوربين الزعيم السابق لحزب العمّال البريطاني في انتخابات عام 2017، كانت له علاقة وثيقة بجاذبيته الشعبوية وبنشطائه المتفانين. لكن ربما تكون له صلة أيضاً بإخفاق رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي وفريقها. غير أن كوربين خسر في نهاية المطاف.

يبدو أن كير ستارمر، الزعيم الجديد لحزب العمّال، قد نجح حتى الآن، بتوجيه بعض الضربات الذكية إلى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، لأن خطّة العمل التي اتبّعها هذا الأخير لمكافحة انتشار فيروس كورونا لم تُنفذ دوماً كما يجب. استطاع السير كير أن يوظف في مساءلته للحكومة موضوعاً يشغل الجميع ويتصل بـ"خريطة الطريق" الحكومية لإنهاء الإغلاق. فعندما يتخبّط مسؤول بمستوى وزير الخارجية علناً بشأن التفاصيل المتعلّقة بالسماح بلمّ شمل العائلات، وتاريخ دخول القوانين الجديدة حيّز التنفيذ، وهي تفاصيل مهمّة فعلاً، فإنّ ذلك يجعل طلب معالجة هذه الخطوات أشد سهولة. وحين يعرب السير كير عن أسفه حيال عدم وجود إجماع، يمكنه ببساطة أن يشير إلى التجاهل، أو حتى السخرية، اللذين تعرضت لهما تكتيكات رئيس الوزراء في أسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية. غير أن خطوة كهذه تتطلّب بعض المهارات، فسعيه الحثيث إلى تشجيع الوزراء على أداء مهمّاتهم على نحو منظم وفعال، يقترن بالاعتراف الصريح بأنه لن يكون من السهل على أي حكومة أن تنجح في التصدي لهذه الأزمة.

تكرر الأمر نفسه أيضاً خلال أول جلسة مساءلة رئيس الوزراء يشارك فيها ستامر بوصفه الزعيم الجديد لحزب العمال. فبعدما أبدى دعمه للوزراء، عمد إلى توجيه انتقادات لجونسون بسبب تأخّر حكومته في فرض الإغلاق وفي إجراء الاختبارات، وأيضاً في توفير معدّات الحماية الشخصية. وتشكّل هذه كلّها حقائق تحظى بالإجماع عموماً، في الوقت الذي تعتبر حصيلة الوفيات شهادة دامغة على فشل الحكومة. إضافة إلى ذلك، سلّط فريقه المعني بملفّ الصحّة في حكومة الظل العمالية، لا سيما الطبيبة روزينا آلين خان التي التحقت بالفريق حديثاً، الضوء على فضيحة تفشّي الوباء في دور الرعاية للمسنين.

وحتى رئيس الوزراء نفسه لا يبدو مرتاحاً لهذه القضايا، في حين ليس هناك من يميل إلى الكفّ عن توجيه اللوم إلى وزير الصحة، كما أُفيد أخيراً بأنه طالب بإصرار. ولم يقتصر الأمر على ذلك، إذ استطاع حزب العمّال الإفلات بذكاء من محاولات المحافظين الخرقاء لجر مسؤوليه إلى لجانٍ غير مهمّة، في محاولة لتقييد حريتهم في انتقاد الوزراء وإرغامهم على تقاسم اللوم مع حزب المحافظين على أخطائه. إن وظيفة المعارضة هي أن تعارض على نحو بنّاء. وهذه مهمّة يؤدّيها العمال بكفاءة كاملة وبإيقاع صحيح. تصبح الانتقادات أشدّ إلحاحاً. والحكومة هي التي تعاني حالياً الانقسام لا المعارضة.

غير أنّ الخطوة الأكثر جرأةً التي خطاها السير كير أخيراً كانت تتصل بأوروبا. فعوضاً عن اللجوء إلى تصوير نفسه على أنه من مؤيدي بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي حد الجنون الذين يشعرون بمرارة الخسارة، دعا الحكومة إلى إنجاز اتفاقية التجارة الحرّة "الرائعة" بين المملكة المتّحدة والاتّحاد الأوروبي التي وعد بها حزب المحافظين، فيما يتجه كل شيء، كما يعد جونسون، إلى نهاية سلسة للفترة الانتقالية في 31 ديسمبر (كانون الأول).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وإذا تمكنت الحكومة بطريقة أو أخرى من تحقيق ذلك، فسيكون بإمكان السير كير أن يطرح عليها أسئلة دقيقة ذات صلة بالموضوع، في سياق ترحيبه ببلوغها الهدف. أما إذا باءت المحادثات بالفشل، كما هو مرجح، فسيكون بوسعه أيضاً أن يطرح أسئلة عن سبب عدم وفاء الحكومة بوعدها الذهبي. وفي حال اضطُرت إلى طلب تمديد الفترة الانتقالية، أو الموافقة على تمديدها، بسبب الظروف القاهرة لانتشار وباء (كوفيد 19)، فسيتساءل السير كير حينها مرّةً أخرى عن سبب الانعطاف المتأخّر الذي تجريه. هكذا سيكون الفوز حليف حزب العمّال.

قد يكون من الغريب رؤية زعيمٍ لحزب العمّال المعارض يشن هجوماً مركّزاً ومؤثراً على حزب المحافظين الذي احتفل، ولو بصمت، الأحد الماضي بمرور عقدٍ من الزمن على توليه الحكم، بطريقة أو أخرى. لم تسنح الفرصة لحزب العمّال على نحو أفضل مما فعل في السنوات الأخيرة، للعودة إلى السلطة منذ أن سارت حكومة جون ميجور المحكومة بالفشل بخطى مضطربة إلى هزيمتها على يد توني بلير في عام 1997، مما في سنوات أخيرة. لكن ربما كان من المحتمل في الأقل، أن الخسارة قد تمهد للربح، فالهزيمة الرابعة على التوالي والمهينة لحزب "العمّال" عام 1992، ربما فتحت الباب لانتصار حزب "العمّال الجديد" الساحق الذي تلاها بعد نحو خمس سنوات.

من المؤكّد أن البرلمان الراهن بالكاد بدأ أعماله، وأن أزمة كورونا ستنتهي. يبقى حزب "المحافظين" متقدّماً على "العمّال" بنحو 20 نقطة تقريباً في استطلاعات الرأي، فيما لا تزال أسهم بوريس جونسون الشخصية جيّدة، لكن هذا كله سيكون مختلفاً جداً بحلول موعد الانتخابات السياسية المفترض إجراؤها عام 2024. على هذا الصعيد، ليس لدى حزب العمّال برنامجه السياسي الخاص، فيما تعتبر شخصياته البارزة بالكاد أسماء معروفة حتى في أوساط مؤيديهم. ويتعيّن على الأحزاب المعارضة إبراز بعض الأدلّة على أنها جاهزة لتسلم السلطة، وذلك كي تستطيع كسب ثقة الناخبين. إلا أن حزب العمّال لم يبلغ تلك المرحلة بعد.

على الرغم من ذلك، أظهر السير كير أنه في الأقل يفهم طبيعة التحدّي. وإذا اشتملت إجراءات تخفيف الإغلاق على أخطاء فاحشة، ما قد يؤدي إلى إنهاك "خدمة الصحة الوطنية" من خلال تحميلها من الأعباء أكثر مما تستطيع حمله، فإن المحافظين هم الذين قد يجدون أنفسهم متخلّفين عن العمال بـ20 نقطة في استطلاعات الرأي. وفي هذه الحال، فإن ما قد يحدث حينها لجونسون وحكومته سيكون عاملاً آخر يصعب توقعه في الحياة السياسية.

في ردّه التلفزيوني الرسمي الموجز (مدّته خمس دقائق) الجدير بالثناء على رئيس الوزراء، أقام ستامر مرّةً أخرى موازنة بين دعمه جونسون ودعوته إلى تحقيق مزيدٍ من العدالة في المستقبل، للعاملين في مجال الرعاية الصحّية الذين يكافحون اليوم مقابل أجر بخس هو أقلّ من الحدّ الأدنى للأجور. وهذا سيعود عليه بأكثر من مجرّد تصفيقٍ منا في الأسبوع. لم يتطرّق إلى أفكار سخيفة عن تأميم القطّاع الصحي من شأنها أن تحرمه من أصوات الناخبين، كما لم يُلقِ محاضرة مملّة حول عدم المساواة. مع ذلك، كان جامداً بعض الشيء، وهو بحاجة إلى معالجة هذا الجانب.

© The Independent

المزيد من آراء