يبدو أنّ البنوك الخليجية تتعامل بمرونة في الأشهر الأولى من أزمة انتشار فيروس كورونا. وحسَب كبرى شركات الأبحاث ووكالات التصنيف الائتماني العالمي، فمن المتوقع أن تتخطى البنوك تلك الأزمة في ظل ما تتمتّع به من مستويات رسملة وأرباح تشغيلية ومعدلات السيولة، واحتمال تلقي دعم حكومي بشكل يفوق قدرات بنوك إقليمية وأوروبية وأميركية.
رسملة قوية
وتتميز البنوك الخليجية عن نظيرتها في المنطقة بمستويات الرسملة القوية، التي تعدُّ بين الأفضل عالمياً، إذ يصل معدل كفاية رأسمال الشريحة الأولى من رأسمال البنوك الخليجية ما بين 15 و16.6 في المئة.
ويصل فائض رؤوس أموال البنوك الخليجية مجتمعة إلى نحو 122 مليار دولار، ما يعادل نحو 8 في المئة من إجمالي قروضها، وتتصدّر البنوك السعودية المنطقة من حيث فوائض رأس المال، وذلك حسَبما أشارت إليه دراسة بحثية متخصصة صادرة حديثاً عن شركة أرقام كابيتال.
وفي ما يتعلق بالمخصصات، استعدت البنوك الخليجية مبكّراً عبر تطبيق المعيار المحاسبي IFRS9، وهو معيارٌ سيحمي البنوك من زيادة مخصصاتها بشكل كبير مع ارتفاع معدلات التعثر المتوقعة في ظل الأزمة. ويعني ذلك أن البنوك الخليجية تأخذ مخصصات أقل بشكل يسمح لها برفع معدل أرباحها، مقارنة مع ما يحدث في بنوك كثيرة حول العالم، مضطرة إلى أخذ مخصصات أكثر لتغطية القروض المتعثرة.
قوة تشغيلية
وتوقّعت دراسة "أرقام كابيتال" أن تصل الأرباح التشغيلية المتوقعة لبنوك المنطقة للعام 2020 إلى مواجهة تداعيات فيروس كورونا (قبل المخصصات) إلى 3.4 في المئة من إجمالي محفظة القروض بنهاية العام، و3.3 في المئة للعام 2021.
وبالمقارنة مع بنوك عالمية، تعدّ معدلات الربح التشغيلي إلى إجمالي القروض لبنوك المنطقة "مطمئنة للغاية"، ففي البنوك الأوروبية تبلغ 1.8 في المئة، وفي الأميركية 2.7 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
عودة الأعمال
وحسب استطلاع مديري المشتريات في أكبر أسواق المنطقة بمصر والسعودية والإمارات الصادر عن شركة HIS Markets العالمية، فإن الشركات السعودية والإماراتية التي تتوقع عودة نشاط الأعمال إلى طبيعته خلال العام المقبل، أعلى من عدد الشركات المتوقعة حدوث انخفاض. ويقدم هذا الاستطلاع مؤشرات إيجابية للبنوك، حيث يعطي أملاً بأن الشركات ترى أفقاً للعودة من خلال احتكاكها في السوق، وبالتالي فهي ستكون حريصة على إدارة سيولتها وسداد التزاماتها.
دعم حكومي
وتاريخياً، تحصل البنوك الخليجية على دعم كبير من الحكومات، لذا يعتبر هذا المؤشر مطمئناً لعبورها الأزمة، إذ ستكون هناك احتمالية مرتفعة لتدخل الحكومة لتوفير السيولة عندما تحتاج إليها.
وتملك الحكومات الخليجية صناديق ثروة سيادية، تتخطى قيمتها 2.5 تريليون دولار مجتمعة، حسَب وكالة موديز للتصنيف الائتماني في تقريرها الصادر حديثاً عن البنوك السعودية. ورجّحت الوكالة احتمالية حصول البنوك السعودية على دعم حكومي في ظل ما تمتلكه الحكومة من مصدات قوية، تتمثل في صناديق الثروة السيادية، التي يصل إجمالي أصولها المدارة إلى نحو 500 مليار دولار، وتديرها مؤسسة النقد العربي السعودي.
وخصّت وكالة موديز أكبر البنوك السعودية بعناصر قوة تميزها عن باقي البنوك، وتزيد من قدرتها على تخطي الأزمة، إذ أكدت تميز البنك الأهلي السعودي بمعدلات سيولة مرتفعة وقاعدة ودائع مستقرة ورسملة قوية وأصول صلبة. وكذلك مصرف الراجحي الذي يتمتع بقاعدة عملاء مميزة في قطاع التجزئة بالسوق السعودية، ما يوفّر للبنك تمويلاً مستقراً ومنخفض التكلفة، سينعكس على معدلات الربحية التي يتوقع أن تستقر مقارنة بباقي البنوك.