Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتصاد السوداني بين كماشة الركود وتحدي الإصلاح الهيكلي

فقدان النقد الأجنبي تسبب في اضطرابات مالية مع ارتفاع معدلات التضخم وغياب التمويل

شعار صندوق النقد الدولي على مقره في واشنطن   (رويترز)

يعاني الاقتصاد السوداني من انكماش بلغت نسبته -2.3 في المائة في 2018، ووصلت إلى -2.5 في المئة عام 2019، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش بمعدل -1.2 في المئة هذا العام، ويبلغ عجز الحساب الجاري 7.8 في المئة من نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وبحسب تقديرات البنك الدولي، يبلغ حجم الاحتياطي النقدي لهذا البلد 1.4 مليار دولار، أي ما يغطي الواردات لمدة شهرين فقط، تقديرات شهر أكتوبر (تشرين الثاني) 2019، وبلغ التضخم 73 في المئة في ديسمبر (كانون الأول) 2018  وتراجع إلى 44 في المئة في يناير (كانون الثاني) 2019، وعاود الارتفاع إلى 60 في المئة في ديسمبر 2019، بينما في أبريل (نيسان) 2020 أعلن الجهاز المركزي للإحصاء بالخرطوم ارتفاع التضخم إلى 81.4 في مارس (آذار) من العام ذاته، وذلك لارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية والمشروبات.

تأجيل مؤتمر المانحين

مع استمرار جائحة كورونا تزيد الصعوبات على اقتصاد هذا البلد الأفريقي، حيث تغيرت أولويات أصدقاء السودان الذين كان يعوّل عليهم في دعم عملية الإصلاح الاقتصادي التي تنوي حكومة عبد الله حمدوك القيام بها لتصحيح مسار الاقتصاد وتنفيذ جملة من الإصلاحات، وفي ديسمبر 2019 انعقد اجتماع أصدقاء السودان في الخرطوم برئاسة النرويج ومشاركة بنك التنمية الأفريقي والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي وعدد من الدول، وقرروا عقد مؤتمر للمانحين في أبريل 2020، وذلك بعد شهر من عقد السودان المؤتمر القومي الاقتصادي، وتم تأجيل مؤتمر للمانحين إلى يونيو (حزيران) المقبل.

صدمة انفصال الجنوب وفقدان النقد الأجنبي

ويواجه الاقتصاد السوداني ظروفاً بالغة التعقيد، فخلال العام الماضي 2019 عانت البلاد من شلل اقتصادي تام جراء الاضطرابات وعدم الاستقرار قبل وبعد إطاحة حكم البشير في 11 أبريل 2019، في حين تمتد الجذور القريبة للأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد إلى عام 2011 عندما انفصل جنوب السودان وذهب معه النفط وفقدت دولة الشمال أكثر من 75 في المئة من موارد النقد الأجنبي وتدهورت قيمة عملتها.

وعلى سبيل المثال فإنه بعد يوم من إعلان الانفصال في يوليو (تموز) 2011، كان السعر الرسمي للدولار الأميركي مقابل العملة السودانية هو 2.7 جنيه (الآن سعر بنك السودان الرسمي هو 55 جنيهاً مقابل كل دولار)، بينما سعر السوق الموازية حينها كان 3.4 جنيه لكل دولار، والآن سعر السوق الموازية أكثر من 100 جنيه لكل دولار. وهذا التدهور في سعر الصرف تسببت فيه عِدة عوامل على رأسها ضعف احتياطي البنك المركزي من النقد الأجنبي وعدم اهتمام الحكومة حينها بالموارد المستدامة الزراعية والحيوانية، إضافة إلى العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على البلاد منذ عام 1997 التي خنقت الاقتصاد وتسببت في نمو اقتصاد موازٍ التهم الصادرات وموارد العملة الصعبة، وذلك بالدوران في أسواق غير رسمية وقنوات خارج سيطرة وزارة المالية، ما جعل عوائد الصادرات السودانية لا تعود للجهاز المصرفي الرسمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتزامن ذلك مع انفلات معدلات التضخم التي قفزت إلى فوق مستوى 70 في المئة قبل الإطاحة بحكومة البشير، وقد رفعت الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية والتجارية في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، لكن إبقاء اسم السودان في لائحة الدول الراعية للإرهاب حال دون استفادة البلاد من رفع العقوبات، إذ لا يستطيع البلد الحصول على المساعدات الدولية ولا يستطيع التفاوض لمعالجة موضوع الديون أو الاستفادة من مبادرة صندوق النقد والبنك الدولي ''هيبيك''.

الخلاف حول الإصلاحات الاقتصادية

وترى حكومة حمدوك أن إصلاح الاقتصاد يمر عبر إصلاح منظومة دعم السلع التي تستحوذ على 36 في المئة من الإيرادات العامة، بحسب التقديرات الرسمية، بينما ترى الحاضنة السياسية للحكومة متمثلة في تحالف قوى الحرية والتغيير، أن الإصلاحات تبدأ بإصلاح المالية العامة.

وهناك خلافٌ كبير بين الرؤيتين حول موضوع رفع الدعم عن الوقود، وتخشى اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير أن تثير الخطوة سخطاً شعبياً من منظور سياسي واجتماعي، إضافة إلى بعض مواقف المدارس الفكرية التي تقاوم سياسة التثبيت الهيكلي التي تطرحها المؤسسات الدولية كشرطٍ للدعم الدولي للإصلاحات الاقتصادية.

وهذه الخلافات تسببت في تأجيل الاعتماد النهائي لموازنة الدولة للعام 2020، وتم تأجيل عملية إصلاح منظومة دعم السلع حتى انعقاد المؤتمر الاقتصادي القومي الذي تقرر له مارس الماضي وجرى تأجيله إلى يونيو المقبل، قبل أن يتم تأجيله أخيراً للمرة الثانية إلى موعدٍ يُحدد لاحقاً بعد انقضاء جائحة كورونا.

وتكابد الحكومة السودانية لتوفير الاحتياجات الأساسية من الوقود والقمح والدواء، وقد كان الموسم الزراعي الشتوي مبشراً وسجّل محصول القمح إنتاجية غير مسبوقة في الجزيرة والمناقل بزراعة 423 ألف فدان، بينما بلغ إجمالي المساحة المزروعة قمحاً هذا العام 750 ألف فدان، ويُتوقع أن يغطي الإنتاج 60 في المئة من احتياج السودان من القمح مقارنة بـ15 في المئة خلال الأعوام السابقة، وهذا سيخفف من ضغط استيراد القمح هذا العام.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد