Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوجه الضرر التي تطال الأطفال جراء فيروس كورونا

ابتداءً من تقييد النفاذ إلى الغذاء ووصولاً إلى التأثير في الصحّة العقليّة، ينبّه المختصون إلى ضرورة تحرّكنا من أجل مساعدة اليافعين

يافع يحمل لافتة تتوجه بالشكر إلى العاملين في القطاع الصحي في نيويورك (غيتي)

قيل لنا ألّا نقلق بشأن الصّغار. لأنّ فيروس كورونا لن يؤذيهم. وعلينا بالمقابل أن نقلق بشأن المسنّين والمرضى. فهؤلاء مَن يجب أن يلازموا المنازل.

وبالفعل، أوّل من طالهم المرض هم المسنّون والذين يعانون من مشاكل صحّية أخرى. وأوّل مجموعات قضى عليها المرض تألّفت من أشخاصٍ يبلغون الثمانينات والتسعينات من العمر، مثل الذين توفّوا داخل مركز "لايف كير" لرعاية المسنين الواقع في منطقة كيركلاند، إحدى ضواحي ولاية سياتل الأميركية.

إنّما مع استمرار العدوى وتحوّل الأسابيع المُقلقة إلى أشهر من القلق، ظهرت دلائل متزايدة على تأثير الجائحة في الأطفال، غالباً بطرقٍ ربّما لم تخطر على بال الناس.

وعلى مستوى الوفيات الفعلية للصغار جرّاء الفيروس، فقد سُجّلت أعداد قليلة للغاية في الولايات المتحدة وأماكن أخرى. وظهرت مؤخراً تقارير عن إصابة عدد قليل من الأطفال بأمراض غامضة تشبه عوارضها العوارض الناتجة من الفيروس.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، ناقش مئات المتخصّصين بطب الأطفال وممثلون عن مراكز مكافحة الأمراض هذه الظاهرة، وفقاً لصحيفة واشنطن بوست. وأفادت الصحيفة بأنّ المستشفيات حول العالم تحققت من وقوع 100 حالة مشابهة، 50 منها تقريباً في الولايات المتّحدة.  

لكن أثر الجائحة في الصغار وطرق استجابة الدول لها تتعدّى الناحية الفزيولوجية المجرّدة.

فقد حذّر الخبراء من أنّ صحة الأطفال العقلية  تصبح هشّة بشكل خاص خلال مدة الحجر. كما تصبح إمكانية وصول بعض الأطفال إلى الغذاء المناسب بخطرٍ كذلك. وكما هو الحال مع الكثير من الأمور الأخرى في الولايات المتحدة وغيرها من الأماكن، أكثر طرف يشعر بالضّرر هو الأطفال الفقراء وذوو البشرة السمراء.

وقالت دولوريس أسيفيدو غارسيا، أستاذة النمو البشري والسياسة الاجتماعية في جامعة برانديس في ماساتشوستس للصحافيين هذا الأسبوع  "كما فعل مع البالغين، سوف يؤذي كوفيد-19 أطفال الأقليّات أكثر من غيرهم. علينا أن نجهر بهذه الحقيقة كما علينا وضع إستراتيجيات تخفيفية تأخذ هذا التفاوت في الاعتبار وتتعامل معه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وخلال الإيجاز الذي نظمته مؤسسة روبرت وود جونسون، وهي منظّمة غير حكومية تُعنى بالشؤون الصحية، قالت السيدة أسيفيدو غارسيا إنه قبل الجائحة، كان احتمال عيش الأطفال ذوي البشرة السمراء في ما يُسمّى "أحياء قليلة الفرص" ثماني مرات أكثر من نظرائهم من العرق الأبيض، فيما كان احتمال عيش الأطفال من الأصل الأميركي اللاتيني في هذه الأحياء خمس مرات أكثر من الأطفال البيض. ويُعرَّف الحيّ قليل الفرص على أنه حيّ يفتقر إلى الموارد ويُفاقم تبعات الفقر.

وشرحت "على سبيل المثال، في الأحياء القليلة الفرص، لا يستطيع الأطفال ارتياد المدرسة، وغالباً ما يعجز أهلهم عن العناية بهم أو مساعدتهم في أداء واجباتهم المدرسية لأنهم يعملون في وظائف أساسيّة".

وأضافت "يعيش الأطفال حالات اليأس والاضطراب والخوف والقلق الاقتصادي المرتبطة بالأزمة".

وشرحت أنه فيما سلّط البعض الضوء على الطرق التي يبيّن فيها الفيروس ترابط الناس، فقد فاقمت الجائحة التفاوت بين الأطفال. وتوقّعت ازدياد معدلات فقر الأطفال وتركُّز تبعاتها بشكل غير متناسب في أوساط عائلات وأحياء الأقليات حيث سيجهد الصّغار في سبيل مواجهة الصدمة النفسية وغياب الأمن الغذائي وعدم الاستقرار السكني والاعتداء.

ودقّ الآخرون ناقوس الخطر بشأن الأثر في اليافعين. وتسلّط المنظمة الخيرية "إنقاذ الطفل" الضوء على سبل تأثير الجائحة في حياة الأطفال حول العالم.  

وقالت المنظمة مؤخراً إنّ طفلاً من بين كلّ أربعة يعيشون في إطار الحجر يتعامل مع مشاعر القلق المرضي وكثيراً من هؤلاء الأطفال معرّضون لخطر المعاناة النفسية بما فيها الاكتئاب. ووجدت دراسة شارك فيها أطفال في الولايات المتحدة وألمانيا وفنلندا وإسبانيا والمملكة المتحدة أنّ 65 في المئة منهم يغالبون الملل ومشاعر العزلة.

 

وقالت آن صوفي ديبدال، إحدى كبار المستشارين في المنظمة "يسجّل الأشخاص الذين يخرجون بانتظام نشاطاً أقلّ في الجزء الذي يركّز على المشاعر السلبية المتكررة في الدماغ. وهذا أحد الأسباب التي قد تدفع الأطفال إلى اختبار المشاعر السلبية أو الاكتئاب في ظلّ الظروف التي يعيشونها".    

وفي لوس أنجلوس، المدينة التي تضمّ بعض أكثر الأحياء ثراء وفقراً في البلاد على حدٍ سواء، حذّر المختصون من أنّ الأثر الكامل للجائحة في صحة الأطفال العقلية لن يظهر جلياً سوى بعد مدة من الزمن. 

وقال الدكتور كيرلي بوندز، كبير الأطباء في قسم الصحة العقلية التابع لمقاطعة لوس أنجلوس، لصحيفة لوس أنجلوس تايمز "ما نمرّ به الآن ليس سوى الموجة الأولى للكارثة. وهو ما يعادل جلوس الأشخاص فوق أسطح المنازل بانتظار أن يتمّ إنقاذهم بعد إعصار كاترينا".

ووجّهت الأمم المتحدة بعض أقوى التحذيرات في هذا السياق. 

فقد حذّر تقرير نُشر الشهر الماضي من أنّ الجائحة "قد تشكّل كارثة بالنسبة إلى ملايين الأطفال"، وأنّ أثرها سيتفاوت في مختلف البلدان.

"كل الأطفال من الأعمار كافة ومن كل البلدان يتأثرون بها. لكن بعض الأطفال سيتحمّلون العبء الأكبر بلا شكّ".

وجاء في التقرير أنّ أكثر من سيتأثرون بالمرض سيكونون اليافعين الذين يعيشون في مخيمات اللجوء ومناطق الحروب ومراكز الاحتجاز وأفقر المناطق في المدن. 

 

وقال الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش "علينا التحرك الآن من أجل التصدي لكل خطر من هذه المخاطر المُحدقة بأطفالنا". 

"وعلى الزعماء بذل ما بوسعهم لتخفيف أثر الجائحة. فما بدأ كحال طوارئ تمسّ الصحة العامة أضحى اختباراً عظيماً للوعد الذي قطعه العالم بعدم التخلّي عن أحد". 

 

© The Independent

المزيد من صحة