Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا نشعر بالخمول والتعب خلال الإغلاق المصاحب لكورونا؟

طبيبة نفسية: يكون أداؤنا أفضل عندما نحافظ على إيقاع منتظم ونحصل على قسط كاف من النوم

التعرض للضوء الخارجي أساس في الاعتياد على النوم (رويترز)

منذ أن وُضعت المملكة المتحدة في حالة إغلاق يوم الاثنين 23 مارس (آذار)، توجب على الأشخاص في أنحاء البلاد كافة أن يتأقلموا بسرعة مع قضاء قسط أكبر من الوقت في المنزل وفي الأماكن المغلقة. وقد طاول الإرباك في الحياة اليومية نواحي عدّة. وفي حين اضطُّر البعض إلى التعود على العمل من المنزل كل يوم، لم يكن آخرون قادرين على العمل إطلاقاً.

هذه الطريقة التي تحوّلت بها حياتنا في غضون فترة زمنية قصيرة كان لها أثر كبير في وتائرنا اليومية، إذ لم يعد عدد كبير من الأشخاص مضطّرين للاستيقاظ في أوقات محددة كي يصلوا إلى المدرسة أو العمل في المواعيد الدقيقة. على ما يبدو، نجم عن ذلك الأمر تزايد عدد الأفراد الذين يعانون من "الخمول" في غمرة وباء فيروس كورونا. وغرّد أحدهم عبر تويتر أخيراً: "هل هناك من يشعر بالإعياء والخمول في الصباح منذ بدء الانغلاق؟ أفترض أن الأمر يعود إلى توقّف الروتين بشكل كامل". بينما كتب شخص آخر: "لقد أدى هذا الانغلاق إلى تدمير وتيرة نومي تماماً. حتى عندما آخذ قسطاً من الراحة، أستيقظ متعباً وخاملاً".

ما هو الخمول؟

تشرح الدكتورة ناتاشا بيجلاني، الطبيبة النفسية الاستشارية في مستشفى برايوري روهامبتون، لـ"اندبندنت" أن "المصطلح الطبي للخمول هو الجمود أثناء النوم (...) ويشير الخمول إلى مرحلة بين النوم واليقظة، لا يشعر الفرد خلالها بالاستيقاظ التام. يحس الأشخاص المصابون بها بالنعاس، ويجدون صعوبة في التفكير بوضوح، وقد يشعرون بالتشويش وارتباك الحركة لبعض الوقت بعد الاستيقاظ".

أستاذ علم الأعصاب وعلم النفس في جامعة كاليفورنيا ومؤلف كتاب "لماذا ننام؟" ماثيو ووكر، يشبّه الطريقة التي يستيقظ بها الدماغ بمحرك سيارة قديمة، مشيراً إلى أن الجمود أثناء النوم يحدث عندما "يظلّ النعاس موجوداً في الدماغ"، قائلاً: "لا يمكنك ببساطة أن تشغّل [السيارة]، ثم تقودها بسرعة كبيرة(...) إنها بحاجة إلى وقت للتسخين".

ويقول ووكر لـ"اندبندنت" إن العامل الذي قد يجعل شخصاً ما يعاني من الخمول قد يعود إلى مجموعة متنوعة من الأسباب، وتشمل: النوم في وقت لا يتناسب مع طبيعة ساعتك البيولوجية (مثل أن تكون شخصاً يحبّ السهر أو يفضّل الاستيقاظ مبكراً)، عدم النوم لفترة طويلة كفاية، عدم الاستمتاع بنوم جيد أو وجود مشكلة أساسية في النوم، مثل توقّف التنفس أثناء النوم (وهو اضطراب يؤدي عادة إلى الشخير). في حين أن هذه الأسباب قد تشير إلى تفسير شعور الإنسان بالخمول بشكل منتظم من حين إلى آخر، إلّا أنّها لا توضح لماذا يحسّ عدد متزايد من الأشخاص بالخمول بشكل متكرّر على ما يبدو أثناء فترة الإغلاق.

لماذا يبدو أن المزيد من الأفراد يعانون من الخمول ضمن الظرف الحالي؟

يوضح البروفيسور كولين إسبي، أستاذ طب النوم في جامعة أكسفورد، أن أحد الأسباب الرئيسة التي قد تجعل الأفراد يشعرون بالخمول الشديد في الآونة الأخيرة هو نقص تعرّضهم للضوء الطبيعي خلال النهار. فالوقت الذي يقضونه في الخارج قد تقلّص بشكل كبير خلال الأسابيع الأخيرة بسبب توجيهات الحكومة التي تنصّ على أنه يمكن للأفراد ممارسة شكل واحد من التمارين الرياضية في الهواء الطلق يومياً واقتصار مغادرة المنزل على أنشطة مثل الذهاب إلى السوبرماركت أو جلب الدواء.

يفسر البروفيسور إسبي أن ضوء النهار هو "الإشارة البيولوجية الرئيسة لليقظة"، ولهذا السبب، فإنّ عدم التعرض لضوء النهار المحيط أو الضوء الخارجي، يجعل الأشخاص يشعرون بأنهم أقل يقظة خلال اليوم.

ويقول لـ"اندبندنت": "مع اقترابنا من فترة النوم، تحصل زيادة في هرمون يُسمّى ميلاتونين، الذي يتم إفرازه أثناء النوم، قبل النوم مباشرة وأثناءه (...) ثم يقلّ إفراز الميلاتونين بعد ذلك في الصباح ويتوقّف بسبب الضوء، لذلك إذا لم يتعرّض الأفراد فعلياً للضوء في الصباح كما يفعلون عادةً عند ذهابهم إلى المدرسة أو إلى العمل،  فهناك احتمال بوجود نزعة أقوى للنوم لديهم، بخاصة في فترة منتصف الصباح".

يركز البروفيسور إسبي على هذه النقطة أكثر من خلال المقارنة بين شدّة الضوء الخارجي والضوء الداخلي، قائلاً: "شدّة الضوء الخارجي هي مئات الآلاف من اللوكس [وحدة قياس الإنارة]. قد تكون شدّة الضوء الداخلي، الساطع حتى، بضع مئات فقط (...) تتكيّف أعيننا حتى لا ندرك بالضرورة كم هو مظلم مقارنة بالخارج. لذلك أعتقد أن هذا العامل جزء كبير من الحالة".

بينما ترى الدكتورة بيجلاني أن العامل المهم الآخر هو تأثير القلق في جودة النوم. عندما يكون الأشخاص غير قادرين على الاستمتاع بنوم هانئ بشكل كاف، فقد يؤدي ذلك إلى شعورهم بالخمول في اليوم التالي.

وتردف الطبيبة النفسية: "نحن في خضمّ وباء فيروس كورونا العالمي ونجد أنفسنا في وقت غير مسبوق من عدم اليقين والتوتر بينما نتعامل مع آثاره في جميع جوانب حياتنا (...) سيشعر معظمنا بالقلق بدرجة معينة، حتى لو كان على مستوى منخفض وغير ظاهر، ومن المرجح أن يؤثر ذلك في جودة نومنا ومدّته". يوافق الأستاذ ماثيو ووكر على فكرة احتمال تأثير القلق في قدرة الأشخاص على اختبار النوم العميق الهانئ بشكل جيد. ويوضح: "نحن نعلم أنه عندما يكون الأشخاص قلقين، فإنّ نومهم العميق لا يكون عميقاً أبداً (...) لذا عندما تكون قلقاً في النهار السابق، فعادةً ما يؤدي ذلك إلى تراجع جودة النوم في تلك الليلة، وهذه حلقة مفرغة لسوء الحظ".

يضيف البروفيسور إسبي أن التدفق المستمر للأخبار المتعلقة بتفشّي فيروس كوفيد-19 ربما يضع كثيرين "في حالة تنبّه قصوى"، ويجعلهم يحسّون بـ"شعور بالعجز"، الأمر الذي قد يكون "مستنفداً للطاقة" بالنسبة إليهم.

علاوة على ذلك، فإنّ الوجود في المنزل طوال الوقت قد يؤدي إلى تحرّر عددٍ كبيرٍ الأشخاص من الوتيرة المنتظمة، التي تساعدهم عادةً على الاستيقاظ والشعور بأنهم مستعدون لبدء يومهم.

تقول جيسيكا ألكسندر، المتحدثة باسم جمعية "هيئة النوم": "أعتقد أن الخمول الذي يعاني منه الأفراد مع مرور الأيام هو استجابة طبيعية لاضطراب جميع أعمالنا المعتادة (...) نحن بحاجة إلى العمل على اعتماد بعض الوتائر الجديدة لمساعدتنا في الاستمرار".

ما الذي يمكنكم فعله إذا كنتم تعانون من الخمول؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أولاً، من المهم أن تبذلوا قصارى جهدكم للحفاظ على وتيرة معينة، سواء في المساء أو في الصباح، كما تقول الدكتورة بيجلاني، مضيفة: "حاولوا الحفاظ على وتيرة منتظمة في النوم والاستيقاظ حتى إذا لم يكن عليكم النهوض للذهاب إلى العمل في الوقت الحالي. يكون أداؤنا أفضل عندما نحافظ على إيقاع منتظم ونحصل على قسط كاف من النوم يلبّي حاجاتنا الفردية".

ويوضح البروفيسور إسبي أن أشخاصاً قد يشعرون بالخمول في الوقت الحالي لأنهم يقضون وقتاً في الفراش أطول مِمّا يفعلون في العادة، إضافةً إلى أخذ قيلولة أثناء النهار عندما لا ينامون بشكل جيد في الليل، مضيفاً: "ما يفعله هذا الأمر هو أنه يميل إلى تعطيل وتيرة أو نظام مواعيد النوم العادية وأوقات الاستيقاظ". ويردف أنه يجب عليكم أخذ حاجاتكم الفردية للنوم في الاعتبار كي تعرفوا نمط النوم الذي يناسبكم.

ويشرح البروفيسور إسبي أن التساؤل عن مدّة النوم التي تحتاجون إليها فعلياً، وما هو أفضل وقت للنوم بالنسبة إليكم، ومتى تكون إنتاجيتكم أعلى خلال اليوم، سيساعدكم على التأكد من نوعية ساعتكم البيولوجية، قائلاً: "بعض الأشخاص ليليّون بطبيعتهم، والبعض الآخر نهاريون. لذلك، فإن فهم الميول الطبيعية لنومكم هو أمر جيد". ويضيف: "الأشخاص الذين ينامون بشكل جيد، لا يفكرون حتى في الأمر عندما يأوون إلى الفراش (...) لا تحاولوا فرض الأمر على أنفسكم، لأنكم إذا حاولتم النوم، فمن شبه المؤكد أنكم ستبقون مستيقظين وستشعرون بعدم جدوى إرغام أنفسكم على النوم".

إذا كنتم في السرير وغير قادرين على النوم، فإنّ النهوض منه وممارسة نشاط ما يمكن أن يساعد في راحة بالكم، وفقاً لنصيحة الأستاذ ووكر الذي يقول: "تقبّلوا فقط أنه لا بأس في ذلك، فأنتم تواجهون صعوبات في النوم الليلة، انهضوا من السرير، واذهبوا إلى غرفة مختلفة، ثم قوموا بقراءة كتاب على نور خافت أو استمعوا إلى مدونة صوتية فحسب، وعودوا إلى السرير فقط عندما تشعرون بالنعاس". ويوضح أنكم إذا بقيتم في السرير في مثل هذه الأوقات، فقد تدرّبون أدمغتكم في نهاية المطاف على الاعتقاد بأن سريركم هو المكان الذي تتقلّبون فيه بقلق دائماً.

يقول البروفيسور إسبي إنه عند محاولة تحسين تيقظكم، سيكون من المنطقي ضمان أنكم تتعرضون لقدر مناسب من ضوء النهار الطبيعي في الصباح. يمكنكم القيام بذلك، كما يقترح، من خلال تضمين حصة من التمارين اليومية في الهواء الطلق في طقوسكم الصباحية.

ويضيف البروفيسور: "عليكم استخدام الضوء لتحسين يقظتكم وتسهيل الخروج من حالة النوم في الصباح. لذا، فإنّ ضوء النهار الطبيعي سيكون جيداً إذا استطعتم التعرض له في الصباح الباكر، حتى لو كان من خلال الوقوف في الخارج".

إنّ محاولة التخفيف من حالة الخمول لا تقتصر على إجراء تغييرات على روتينكم الصباحي. قد يكون هناك أثر إيجابي في صحتكم لاعتماد طقوس الاسترخاء في المساء.

يشدّد جوناثان ورين، مدير في شركة "تايم 4 سليپ" المتخصّصة في صناعة الأسرّة على أنّ "التنقّل بين العمل والاسترخاء" في المنزل ضمن المناخ الحالي "بات أكثر صعوبة بكثير (...) النوم بشكل جيد في الليل الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى، ولهذا السبب يجب عليكم التأكد من توفّر بيئة مريحة تشجع على الاسترخاء في غرفة النوم كي تساعدكم على الهدوء والنوم بشكل مناسب".

يمكنكم خلق بيئة هادئة لأنفسكم من خلال القيام بأمور مثل التخلّص من أغراض لم تعودوا بحاجة إليها في غرف نومكم والتأكد من أن سريركم يبدو مريحاً وجذاباً، كما يقول ورين.

وتضيف السيدة ألكسندر من جمعية "هيئة النوم"، أنه يجب عليكم التوقف عن استخدام أجهزتكم الإلكترونية قبل ساعة على الأقل من الذهاب إلى الفراش، والقيام بأنشطة استرخاء مثل أخذ حمام ساخن أو القراءة أو التأمل.

إضافةً إلى ذلك، يجب عليكم محاولة تحديد كمية الكافيين التي تستهلكونها خلال النهار والكحول الذي تشربونه في الليل، كما يقول الأستاذ ووكر، موضحاً أنه يمكن للإفراط في تناول أي منهما أن "يعطّل نومكم" و"يؤدي إلى الخمول في اليوم التالي".

بينما يرى البروفيسور إسبي بخصوص موضوع التأكد من النوم في حالة هادئة أنه من المهم "حماية بيئة غرفة النوم من جعلها ببساطة مكاناً للاستلقاء والقلق واجترار الأفكار (...) إنها ليست المكان الذي ينبغي لكم محاولة حلّ المسائل فيه. إنها المكان الذي تذهبون إليه للحصول على فترة راحة من اليوم والنوم المنعش كي تكونوا مستعدين لليوم التالي. هذه أمور يمكنكم جدولتها خلال النهار أو في وقت مبكر من المساء".

بيد أنه يدرك أنّ قول هذه الأمر أسهل بكثير من تطبيقه بالنسبة إلى بعض الأشخاص، بخاصة العاملين في قطاع الرعاية الصحية في هيئة "خدمات الصحة الوطنية". ولهذا السبب، باتت منصتا "سليپيو" و"داي لايت" الرقميتان، وهما من تصميمه، متاحتَيْن للقوى العاملة في الهيئة.

ويقول: "كل هؤلاء الأشخاص الذين يعملون في هيئة خدمات الصحة الوطنية والعاملين في الخطوط الأمامية في بيئة الرعاية الصحية سيبذلون مجهوداً طوال الوقت، إذ يجب عليهم المواصلة وإنجاز الأمور فقط (...) تشكّل هذه الأمور تحدّياً بالنسبة إلينا، لكن يجب علينا أيضاً وضعها في نصابها".

© The Independent

المزيد من صحة