Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنان يسعى إلى تبديد فكرة "هيمنة حزب الله" تمريرا لخطته الإصلاحية

صندوق النقد ممر إلزامي للإصلاح لكنه صعب و"فضائح الفساد باتت موضوع محاسبة في البرلمان الأوروبي"

الرئيس اللبناني ميشال عون يلتقي رئيس الحكومة حسان دياب ورئيس البرلمان نبيه بري في قصر بعبدا للبحث في الخطة الاقتصادية (أ.ف.ب)

سلسلة مواقف دولية تلت إعلان لبنان خطة حكومته للتعافي المالي، التي فتحت طريق بدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والإسراع في إعداد برنامج مفصل للخروج من الوضع الصعب.

وعكست معظم المواقف الدولية ما يمكن وصفه بـ"التحفظ"، إذ أشار سفير الاتحاد الأوروبي رالف طراف إلى أن "هناك عدداً كبيراً من الأفعال التي على الحكومة أن تقوم بها على الصعيد المحلي قبل اللجوء إلى التفاوض"، كما لفت سفير بريطانيا كريس رامبلينغ إلى أن "الخطة تتطلّب دعماً سياسياً داخلياً ومجتمعياً من الأطراف والفئات كافة، وعلى الحكومة اتّخاذ القرارات الصعبة في مهلة زمنية سريعة". أما  مدير البنك الدولي ساروج كومار، فاعتبر أن عملية التنفيذ ستكون محفوفة بالتحديات، "ونحن نقدم المساعدات الفنية من خلال إدارة الدين على صعيد الحوكمة وإصلاحات الكهرباء ومناخ الأعمال".

فيلتمان: "حزب الله" يعيق الخطة

إلّا أنّ التعليق الأبرز على الخطة جاء على لسان السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان، في مقال صحافي أشار فيه إلى "اعتماد الحكومة على حزب الله وحلفائه لدعمها البرلماني، فإن التبرير التقليدي للحصول على المساعدة الخارجية لم يعد صالحاً هنا، والتحدي أن يقنع الرئيس حسان دياب المانحين بأن هذه الخطة لا تُعزّز هيمنة حزب الله في دولة متصدّعة بشكل متزايد"، محذّراً من أن يتبخّر أي اهتمام بالمساعدة من قبل الجهات الخارجية المانحة.

وأضاف "ثمة مخاوف من أن يكون مصير هذه الخطة واحداً من أمرين: إما أن لا تنفّذ التعهّدات مثل سابقاتها، أو أن تنفّذ بشكل مشوّه ومنحاز، وفي الحالتين، ستتبخّر أية فائدة من دعم المانحين للبنان".

خطة مشروطة

وتشير المعلومات إلى أن هامش حكومة دياب للتفاوض مع صندوق النقد الدولي مقيّد من ناحية بتفاهمات مع "حزب الله"، الذي سحب الـ "فيتو" السابق بالتوجّه إلى صندوق النقد "شرط عدم الاستسلام لجميع شروطه"، ومن ناحية أخرى عدم موافقة جمعية المصارف اللبنانية على الخطة التي وصفتها بأنها "خطة أحادية"، قد تدمّر الثقة بلبنان وتعيق الاستثمار، وتضرّ بأية فرص للتعافي، معتبرةً أن إجراءات الإيرادات والإنفاق "غامضة" وغير معزّزة بجدول تنفيذ زمني دقيق، وأنها لا تعالج الضغوط المتفاقمة التي قد تؤدي إلى تضخم كبير، وداعيةً النواب إلى رفضها لانتهاكها جزئية الملكية الخاصة.

حظوظ ضئيلة

من جانبه، اعتبر رئيس "حزب السلام" اللبناني روجيه إده، أن "حظوظ لبنان بالحصول على دعم من صندوق النقد الدولي ضئيلة في ظل عهد حكومة حزب الله وحلفائه"، كاشفاً عن أن "أي دعم أممي أو أوروبي أو عربي لحكومة دياب سيكون مشروطاً بحصر حمل السلاح بيد الدولة اللبنانية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كذلك اعتبر أن من بين الأسباب التي تمنع "حكومة حزب الله وحلفائه من الحصول على دعم الدولي "علاقة بيروت مع أشقائها العرب شبه المقطوعة، فمعظم الدول العربية تعتبر أن من يحكم البلاد هو حزب الله".

وتابع "حكومة لبنان لا تمثّل كل المكونات كما هي الحال مع حكومة مصطفى الكاظمي السيادية في العراق"، وهي أيضاً "لا تمثّل طموحات انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) الإصلاحية، ضد الفساد والمافيوقراطية الحاكمة التي اشتهرت بمحاصصة الفساد عبر زبائنية التوظيف في الدولة، الذي بلغ ثلاثة أضعاف ما يحتاج إليه لبنان".

المصارف هرّبت أموالها

ومن هنا اعتبر إده أن "أي مليار يُعطى إلى دولة لبنان سيذهب هدراً"، مؤكداً أن "حكومة دياب تهدّد بطروحاتها الاقتصادية، النظام الاقتصادي الحر، وتعزّز في الواقع مخاوف أصحاب المصارف"، وأكبر دليل على ذلك بحسب إده، هو تهريبهم  أموالهم منذ ثلاث سنوات لغاية الأسابيع الأخيرة"، كاشفاً عن أن "المصارف وأصحابها، هرّبوا منذ عام 2015 عشرات مليارات الدولارات".

وقال إن "القطاع المصرفي قادر على إعادة الرسملة 20 مليار دولار، وإن أعادة تقييم موجوداتها تتجاوز الـ 100 مليار دولار، ولكن المشكلة أن القطاع لا يثق بالحكومة".

ولدت ميتة

وعن كيفية إنقاذ الاقتصاد اللبناني، أشار رئيس "حزب السلام" إلى أن "إنقاذ الاقتصاد يتطلّب تخفيض الضرائب حتى مستوى الزكاة"، كما يتعين على لبنان أن "يعلن أنه منطقة حرة وذلك بغية القضاء على مافيات التهريب، ولكي يتمكّن اقتصاده من الاستفادة من إيجابيات المنطقة الحرة الوطنية في قطاعَيْ التجارة والصناعة".

وبرأيه، يتطلّب الإصلاح "جذب رساميل كي يعود كما كان في الخمسينيات، أي في الصف الأول إقليمياً، والصف التاسع دولياً بعد بريطانيا وقبل السويد"، معلناً أن "لبنان اليوم اقتصادياً هو في الصف 165، في ذيل القائمة دولياً وإقليمياً".

وأردف "فضائح فساد لبنان باتت موضوع محاسبة في البرلمان الأوروبي، إذ كشف عن مصانع موّلها الاتحاد وبعضها أُنجز منذ 15 سنة وهي لا تعمل، وبعضها تبين أنه لم يُنشأ من الأساس وقد اختفت الأموال التي رُصدت له"، مؤكداً أن "مشروع حسان دياب الاقتصادي وُلِد ميتاً، أسوة بالحكومة".

اعتراف بالواقع

في المقابل، رأى عضو "تكتل لبنان القوي" النائب أسعد درغام أن "الخطة الاقتصادية هي بمثابة اعتراف حقيقي بالواقع المالي كما هو، وهذا يعني وجود نوايا حقيقية لإصلاح الدولة"، مشدّداً على أن "الواقع مأزوم وعلينا البدء بإجراءات تعيد الثقة بالنظام الاقتصادي القائم، وذلك من خلال دعم القطاعات الإنتاجية للتحول من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج". وتابع "لبنان يستورد بقيمة 18 مليار دولار ويصدّر بقيمة مليارين، فلا بد من تغيير الاستراتيجية القائمة والعمل على تشجيع القطاع الخاص وتشجيع الإنتاج، بالتالي زيادة التصدير، إذ إنّ كل مليار دولار إلى الخارج يخلق 30 ألف وظيفة عمل في لبنان".

جوانب غير دستورية

 في المقابل، لفت عضو "كتلة الجمهورية القوية" النائب جورج عدوان إلى أن الخطة في نقاط معينة لا تحترم الدستور ولا القانون، وتلغي مفاهيم قام عليها لبنان، معتبراً أن "الطرح الحكومي الاقتصادي يشكّل تدخّلاً بكامل القطاعات، وهو يحتاج إلى قوانين وخطوات عملية غير سهلة".

وأضاف "لماذا لم تُقدِم بعد الحكومة على الخطوات التي كان يجب أن تتّخذها في الفترة السابقة، كإقفال المعابر غير الشرعية على الحدود مع سوريا وضبط التهرب الضريبي في المرفأ والجمارك وغيرها، علماً أن هذه الخطوات الإصلاحية لا تحتاج إلى خطة".

وأشار إلى أنه كرئيس لجنة الإدارة والعدل في البرلمان، ضد أي نظرية تتعارض مع الدستور، مؤكداً أن "أي قانون يطال ودائع الناس وحقوقهم وحقوق المودعين، لا يمكن أن يمر". وقال ختاماً نحن "بحاجة إلى تحديد المسؤوليات ونريد تدقيقاً بكلّ ما يُسمّى بالمحميّات مثل الكهرباء والاتصالات".

المزيد من العالم العربي