Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طفلة فلسطينية تعزف بقدميها على التشيلو

لا توجد سياسات واضحة ولا تشريعات ولا قوانين سارية تحمي حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة

فرح تعزف على التشيلو (اندبندنت عربية)

تمضي فرح ذات التسع سنوات والتي ولدت بلا ذراعين ساعات حجرها المنزلي تتدرب على العزف، فآلة التشيلو باتت بالنسبة إليها الصديق الودود الكتوم، التي تعبر معها عما يجول في خاطرها.

ولدت فرح عبيدية عام 2011 في مدينة جنين شمال الضفة الغربية بلا ذراعين، ما أوجد صدمة كبيرة لعائلتها التي لم تعلم أنها على موعد مع حالة تعتبر نادرة في فلسطين.

وتقول سلام عبيدية والدة فرح في حديث إلى "اندبندنت عربية"، "صحيح أنني أنجبت فرح من دون يدين، لكنها تمارس حياتها بشكل طبيعي جداً كأي طفل عادي، فهي فتاة مرحة وتعتمد على نفسها بشكل كامل حيث أنها تستخدم قدميها لأداء جميع المهام اليومية تقريباً ومن دون مساعدة مني (باستثناء استخدامها الحمام)".

وتضيف "لديها أصدقاء كثر، وهي تعشق الرسم والرقص والموسيقى. في بداية الأمر كان هناك العديد من المخاوف التي تواجه أي أسرة يولد لديها طفل معوّق، ومع وجود طفل من دون ذراعين تصبح المهمة التربوية والاجتماعية والسلوكية أصعب بكثير، ما اضطرني ترك دراستي الجامعية والتفرغ الكامل لرعايتها".

وتوضح عبيدية "طرح علينا في بداية الأمر تركيب أطراف تجميلية لفرح، حتى لا تواجه مشاكل نفسية منذ الصغر، لكننا رفضنا الأمر مفضلين أن تتكيف مع إعاقتها وتتعايش معها، إلى حين إيجاد حلول مستقبلية طبية وليس تجميلية. ومع إكمالها عاماً واحداً فقط استطاعت فرح تسريح شعرها بقدميها دون تعليم أو تدريب".

التشيلو صديقي

في يناير (كانون الثاني) 2019 وأثناء تأدية جمعية الكمنجاتي (منظمة غير ربحية تقدم دروساً موسيقية للأطفال الفلسطينيين) عرضاً موسيقياً، تفاعلت فرح مع الموسيقى بشغف، ورسمت للعازفين أثناء عزفهم على الكمان بعض الورود، ما لفت انتباه الجمعية لموهبة فرح باستخدام قدميها، حيث قدموا لها منحة كاملة لدراسة الموسيقى.

وبعد دراسة حثيثة، اختيرت آلة التشيلو، لما قد يتلاءم مع أصابع قدميها وقوتها الجسدية، وبحسب القائمين على الجمعية فإن اختيار فرح جاء لتأكيد أهمية نشر الثقافة الموسيقية في المجتمع الفلسطيني، وخلق جيل جديد متمكن ومبدع ومدرك هويتة مهما كان وضعه الجسدي أو الاجتماعي أو التعليمي.

الموسيقى في متناول الجميع

تتحدث فرح ببراءة إلى "اندبندنت عربية" عن تجربتها. وتقول "لم أتوقع يوماً عزف الموسيقى وأنا من دون يدين، ومع بداية التدريب كنت أشعر بصعوبة كبيرة في تحريك أصابع قدمي على الأوتار، وعلى الرغم من ذلك سأكمل التدريب لأصبح أملاً لمثيلاتي من الأطفال. الجمعية منحتني آلة التشيلو لأواصل التمرين في المنزل".

الإعاقة بارتفاع

بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يشكل ذوو الاحتياجات الخاصة، 2.1 في المئة من مجمل السكان، 48 في المئة في الضفة الغربية و52 في قطاع غزة.

وترتفع معدلات الإعاقة في أوساط الذكور مقارنة بالنساء، فيما نصف الأطفال تقريباً بين6 و17 سنة، غير ملتحقين بالتعليم، استناداً إلى بيانات التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت عام 2017 التي أشارت أيضاً إلى أن معدل البطالة بين الأفراد ذوي الإعاقة المشاركين في القوى العاملة (15 سنة فأكثر) بلغ 37 في المئة.

في المقابل، يقول حمزة ناصر رئيس الاتحاد الفلسطيني لذوي الإعاقة في الضفة الغربية لـ "اندبندنت عربية"، إن "تحسين الحياة الاجتماعية والصحية والاقتصادية والحقوقية لهم كبقية دول العالم، هو كل ما يتطلع إليه أبناؤنا خصوصاً مع ارتفاع نسبتهم عاماً بعد عام".

ومن بين المعوقين حركياً وبصرياً وحتى ذهنياً ثمة حالات فريدة ومميزة استطاعت تحدي الإعاقة، ولفت الانتباه إلى الإمكانيات الكامنة لديهم.

ويوضح أن مهمة كل المؤسسات والجهات المختصّة يجب أن تتركز على تذليل العقبات والتحديات أمام تلك الطاقات والهامات بخاصة في بيئة وظروف قاسية بكل المقاييس.

ويشرح ناصر أن أبسط الخدمات قد لا تكون في متناول ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن أهمها عدم مواءمة الأماكن لحركة هذه الفئة، ما يشكل عائقاً كبيراً أمامهم لممارسة حياتهم اليومية، وعلى الرغم من وجود قانون حقوق المعوقين الفلسطيني رقم (4) لعام 1999 والقانون الأممي للأشخاص ذوي الإعاقة واتحاد عام لهم، "إلا أن مؤسساتنا غير مهيأة لدخولهم وخروجهم بشكل سهل ومستقل، فالصعوبات التي تلاحقهم تبدأ من البيت".

حقوق ضائعة                             

ويضيف ناصر أن التطور على مستوى التنقل ووسائل المواصلات، أو أماكن العمل، والمرافق التعليمية والصحية والاجتماعية بطيء جداً، وقد يعود ذلك لغياب الخطط والإستراتيجيات الشاملة لاندماج ذوي الإعاقة في المجتمع الفلسطيني.

ويقول "حتى اليوم لا توجد سياسات واضحة ولا تشريعات ولا قوانين سارية تحمي حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع الفلسطيني، وإن وجدت فهي تفتقر إلى الرقابة، علماً أن القانون يكفل لهم الحصول على الوظائف بنسبة لا تقل عن 5 في المئة في المؤسسات الحكومية، إلا أنه لا يطبق في عدد كبير من المؤسسات".

المزيد من منوعات