Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما دور الشركات والشعب في ضياع 26 مليون وظيفة أميركية؟

إن اللافت للنظر هو سرعة انهيار الروابط بين أرباب العمل والموظفين في الاقتصاد الأميركي وسرعة حصول الشركات وليس موظفيها، على المنح في أوقات الأزمات

الأميركيون يفقدون وظائفهم والشركات تتسول المعونات الحكومية بسبب كورونا (أ.ف.ب ) 

مرحباً بكم في زمن أفول الرأسمالية الحديثة. ظل الإغلاق مستمرا، بشكل غير منتظم وغير شامل، لأكثر من ستة أسابيع حتى الآن في الولايات المتحدة (وقت إعداد المقال). وفقد في الأسابيع الستة الماضية، حوالى 26 مليون شخص وظائفهم، وهذا رقم ضخم للغاية، يعادل حوالي 23 في المئة من نسبة البطالة المسجلة خلال الكساد العظيم. ولا شك أن العديد من أولئك العمال قد عملوا  لصالح أرباب عملهم بإخلاص لسنوات عديدة، مقابل أجور زهيدة في كثير من الأحيان؛ إذ إن الحد الأدنى للأجور على المستوى الفيدرالي لا يزال 7.25 دولار للساعة. غير أن ذلك الولاء لم يقابَل بالمثل، ونادرا ما يقابل بالمثل. 

ولا يشمل هؤلاء العاطلين الجدد، أولئك الذين أصبحوا يعملون ساعات أقل أو برواتب مخفّضة. ففي أقل من شهر، وجدت مجموعة كبيرة من القوى العاملة نفسها في الشارع، أو في الأقل، باتت أقرب إلى الشارع، إلى حد حمل أصحاب العمل على تقديم بعض التأمين الصحي لهذه الملايين الـ 26، وهو حدث نادر للغاية. لكن هذه التغطية الصحية ستنتهي ما لم يتمكن العمال من دفع ثمنها مما يتلقونه من إعانات البطالة أو من مدخراتهم المحدودة. لذا فإن الملايين من الناس حالياً أصبحوا ليس فقط من دون عمل ولا دخل، إنما وأيضا من دون القدرة على تلبية الاحتياجات الصحية لأسرهم في وقت الجائحة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الجدير بالملاحظة هو مدى سرعة انهيار الروابط بين أصاحب العمل والموظفين في الاقتصاد الأميركي. وبالنسبة للاقتصاديين، يوضّح هذا "فاعلية" و "مرونة" أسواق العمل لدينا. فعلى عكس أوروبا، يجري توظيف العمال والاستغناء عنهم بسرعة، كي لا يجد أرباب العمل الذين يريدون تخفيض عدد الموظفين صعوبة في فعل ذلك. وبالنسبة لأناس حقيقيين، يُظهر هذا أن ما يربط صاحب العمل والموظف هو "العمل تحديدا،" كما قيل في فيلم العرّاب.

من المؤكد أن الحكومة الفيدرالية قد ضخّت مبالغ ضخمة من الأموال في برامج مختلفة لمنع الشركات من الانهيار. على الرغم من ضعف تصميمه وتمويله فإن "برنامج حماية الأجور" يشجع أصحاب الأعمال الصغيرة على إبقاء رواتب العمال. لكن التأثير الأكثر أهمية للبرنامج الحكومي هو ضمان استمرارية الشركات وأرباحها، بدلاً من تقديم الدعم للعمال ممن ليس لديهم دخل أو مدخرات لتدبر احتياجاتهم اليومية. وقد سُمح للدائنين بالاستيلاء على شيكات الدعم الخاصة بالمستدينين والتي تقدر قيمة كل منها بـ 1200 دولار، لأن العديدين منهم راكموا ديوناً كبيرة بسبب أسعار الفائدة العالية لبطاقات الائتمان. أما شركات الطيران التي انفقت أرباحها القياسية والأموال التي حصلت عليها في إطار عمليات انقاذ سابقة، لإعادة شراء الأسهم ودفع مكافآت ضخمة للمديرين التنفيذيين، فإنها تتلقى اليوم أموالا هائلة من عمليات إنقاذ ضخمة. ويحدث الشيء نفسه مع شركات النفط.

في هذا الصدد، تعمل الشركات على الاحتفاظ بثمار نجاحاتها لنفسها، في الوقت الذي تسعى فيه إلى تحميل دافعي الضرائب تكلفة إخفاقاتها. لذا لا تمتلك أي محفّزات على ادخار الأموال ليوم عصيب. فهي توزع الأموال في الأوقات الجميلة وتتسوّل في الشدائد. وبالنسبة لأولئك لأفراد الذين لايملكون مدخرات لوقت الشدة، فليس هناك سوى قليل من عروض الانقاذ.  

لقد نجح المساهمون والمسؤولون التنفيذيون في الشركات في تحويل برامج "الصفقة الجديدة" و"الصفقة العادلة" إلى فن الصفقة، التي تفضّل رأس المال على العمالة بشكل منهجي. وفي أوقات الأزمات، تُوجه أموال الإغاثة الحكومية إلى الشركات في المقام الأول. فأين هو إذاً مفهوم "التدمير الخلاّق" في الاقتصاد؟  إذا فشلت الشركات بسبب فيروس كورونا، يُفترض أن تنشأ شركات جديدة لتحل محلها. لكن بدلاً من ذلك، يجري إنقاذ الشركات، ويُسمح لها بتسريح جميع عمالها والحصول على الأموال لمكافأة المديرين التنفيذيين والمساهمين عندما تتحسن الظروف. وعندما تُثار اعتراضات على البرامج الحكومية التي تميل لصالح الشركات بدلاً من العمال، يُطلب من التقدميين عدم "تسييس" الجائحة. ويقال لهم إن الوقت ليس مناسباً لإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور، أو تخفيف الديون أو توفير الرعاية الصحية الشاملة. لكن القرارات السياسية تُتخذ طوال الوقت، وهي تُتخذ في الوقت الراهن.

إن هذا ليس هو عام إنقاذ رأسمالية المحسوبية الأميركية. إنه العام الذي يجب أن نركّز فيه مواردنا الوطنية على الإغاثة التقليدية للأفراد، أي الإغاثة الغذائية والإغاثة الصحية وتخفيف أعباء الإيجارات وإغاثة العمل. هناك 26 مليون شخص يمكنهم المساعدة في تشييد البنية التحتية ورعاية الآخرين. لا يحتاج عمالنا الأساسيون فقط إلى التصفيق كل ليلة. يحتاج أخصائيو الرعاية الصحية لدينا إلى أجور تتناسب مع مهاراتهم والتزامهم وشجاعتهم. ويجب أن يكون عمّال متاجر البقالة عندنا قادرين على دفع إيجاراتهم وإعالة أسرهم إذا كانوا يعملون 40 ساعة في الأسبوع، وينبغي أن يكون بوسعهم جميعاً زيارة الطبيب أو الذهاب إلى المستشفى في حالة المرض من دون أن يتعرضوا للإفلاس.

والآن، بينما تتحمّل الحكومة ديوناً بقيمة تريليونات الدولارات، من واجبها ضمان إنفاق هذه المبالغ الضخمة بطريقة تكافئ أولئك الأبطال وتدعم العدد الهائل من العاطلين عن العمل، وتسمح للناس بالبقاء في منازلهم وإطعام أطفالهم، وترعى المرضى. لا شك أن معاناة الشركات وخسارة الأرباح هو أمر مؤسف، لكن التحدي الذي نواجهه كشعب هو تحد وجودي.

© The Independent

المزيد من آراء