Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الشارع الجزائري يرفض تكليف ناطق باسمه و"المجلس الأعلى للأمن" يتخذ قرارات

من الواضح أن خيار تحييد طلاب الجامعات عن الحراك "قرار أمني"، إذ شكلت الجامعات في الأسبوعين الأخيرين، مصدر اعتصامات لآلاف الطلاب والأساتذة

تحوّل غياب جهة تتحدّث باسم المسيرات الشعبية، التي تشهدها الجزائر منذ الـ 22 فبراير (شباط) الماضي، إلى ورقة في صالح محيط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (أ.ب)

لم تحسم السلطات الجزائرية الرسمية بعد، خياراتها في شأن الرئاسيات المقررة في 18 أبريل (نيسان) المقبل، بوجود احتمالات تقول بإمكان "تأجيل الانتخابات" كمخرج في وجه المسيرات الشعبية التي تناهض ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (82 سنة) لولاية خامسة، وتحول مجرى الأحداث إلى مسيرات تنظم كل جمعة، وترقّب الردود عليها طيلة أيام الأسبوع، في ظل رفض الشارع أيّ هيئة أو جهة تتحدث باسمه.

ورقة في صالح محيط بو تفليقة

وتحوّل غياب جهةٍ تتحدث باسم المسيرات الشعبية، التي تشهدها الجزائر منذ الـ 22 فبراير (شباط) الماضي، إلى ورقة في صالح محيط الرئيس المرشح عبد العزيز بوتفليقة، إذ ترفع مطلبها الرئيس وقف ترشح بوتفليقة لولاية جديدة، من دون أن تتفق على مخرج دستوري واحد يوجه إلى السلطة للتجاوب معه. ورفض المحامي والحقوقي البارز مصطفى بوشاشي أن يكون ناطقاً باسم الحراك الشعبي، بعدما رشحه متظاهرون ليكون وسيطاً بينهم وبين السلطة، لذلك تكسب الأخيرة وقتاً يتيح لها إنجاز ورقة قانونية ودستورية في الأيام القليلة المقبلة.

التحضيرات متواصلة

وإن اقترب الموعد النهائي لفصل المجلس الدستوري 13 مارس (آذار)، في أحقية المرشحين الـ 21 الذين تقدموا بملفاتهم إليه، إلا أنه لا شيء تغيّر بعدُ في ردّ الحكومة على ما يجري في الشارع، وأعلنت وزارة الداخلية استمرارها في التحضير للانتخابات الرئاسية، وكشفت في بيان أن الأمين العام صلاح الدين دحمون، عقد لقاء "مع الإطارات المركزية للداخلية تناول مختلف الجوانب اللوجستية والتحضيرية للعملية الانتخابية داخل الوطن"، وأيضاً "العمليات الجارية للتحضير لانتخاب الجالية الجزائرية في الخارج والتكفل ببعثات الملاحظين الدوليين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الشارع من دون تأطير والأحزاب بأشخاص من دون انتماء

كشفت " المليونيات" في الشارع الجزائري، عن لفظ الأخير منظمات المجتمع المدني، والتنظيمات النقابية الموقّعة على العقد الاقتصادي والاجتماعي مع الحكومة (عقد هدنة)، لكن هذا الرفض لم يقابله أي بديل يمكنه التقدم بخريطة طريق واضحة يتفاوض حولها طرفان، ويمكن ملاحظة دور التيار الإسلامي لا سيما من عائلة "الإخوان" في الترويج لخريطة طريق "جذرية" بإلغاء الانتخابات، ورحيل "رموز النظام"، وعلى الرغم من قول رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، إن حزبه "لا يسمح لنفسه بالحديث باسم الشارع"، إلا أن مئات الناشطين في الحزب يدلون بآرائهم يومياً في الصحف والقنوات التلفزيونية، كما يتضح دورهم في شكل لافت في محاولة تسطير مسار "الحراك الشعبي".

المسيرات لم تتّخذ لوناً

إلا أن لحاق التيار الوطني العلماني، وأحزاب اشتراكية "تروتسكية" بالحراك، أعطى انطباعاً، حتى اللحظة، بأن المسيرات الشعبية لم تتّخذ لوناً بعد، إذ ترفع شعاراً وحيداً "رفض ترشح بوتفليقة"، وهنا تكمن خلف "الشارع والأحزاب" قوى معارضة تقترح مخارج للأزمة على مقاسات دستورية، سواء بإقرار فترة انتقالية أو تفعيل المادة 102 بما يفرض إعلان المانع الصحيّ لرئيس الدولة وشغور منصبه. ويتوارى دور الإسلاميين إلى الخلف في الحراك الشعبي من البداية، قياساً لخيار حركة مجتمع السلم الأولي، التقدم بمرشحها للرئاسيات، قبل أن تعود على عقبيها وتعلن انسحابها بعد مسيرة مليونية ثانية (الفاتح مارس)، وبات هذا الموقف مبعث انتقادات لحركة مجتمع السلم، وغيرها من الأحزاب المصرّة على دخول الانتخابات بوجود المرشح بوتفليقة.

قادة أحزاب الموالاة

وللأسبوع الثاني على التوالي، غاب قادة أحزاب التحالف الرئاسي، عن الظهور العلني، بناء على قرار من محيط الرئيس بوتفليقة، وطُلب من أحمد أويحي الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، ومعاذ بوشارب منسق الهيئة القيادية لجبهة التحرير الوطني، وعمار غول رئيس تجمع أمل الجزائر، ومارة بن يونس رئيس الحركة الشعبية الجزائرية، بالتواري عن الأنظار وتكليف من ينوب عنهم في إطلاق التصريحات. واختارت الأحزاب الأربعة، وجوهاً شابة من هيئاتها القيادية لمناظرة ممثلين عن المعارضة، بعدما وصُف خطاب القادة الأربعة بـ "المستفزّ للشارع"، بالحدة ذاتها لـ "عبد المالك سلال" المدير المقال من على رأس إدارة حملة بوتفليقة، وكل هذا ضمن مساع للسلطة تعتبر أن انطلاق المسيرات سببه خطاب هؤلاء المساندين لبوتفليقة وليس ترشح الأخير في حد ذاته.

المجلس الأعلى للأمن يطرح مقترحات

وأعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في شكل مفاجئ، عن تقديم عطلة الربيع لطلاب الجامعات، بداية من 11 مارس، ويأتي القرار الفجائي لوزير التعليم العالي والبحث العلمي الطاهر حجار، تزامناً مع الحراك الشعبي ضد ترشح بوتفليقة، لعهدة رئاسية جديدة، إذ شهدت الجامعات مسيرات واعتصامات كبرى في الأيام الأخيرة. واللافت أن تجسيد القرار جرى في شكل فوري، إذ طُرد آلاف الطلاب المقيمين في الأحياء الجامعية في الساعات التي أعقبت صدور القرار، وقال طالب جامعي مقيم في حيّ طالب عبد الرحمن بن عكنون بالعاصمة إن "أعوان أمن الحيّ الجامعيّ فرضوا علينا المغادرة فوراً لإغلاق الغرف والأحياء قبل منتصف الليل".

"المجلس الأعلى للأمن"

وغصّت المحطة البرية لنقل المسافرين، الخروبة بالعاصمة بآلاف الطلاب الجامعيين بحثاً عن وسيلة نقل تقلّهم إلى المحافظات التي قدموا منها. وأفادت مصادر بأن قرار تقديم عطلة طلاب الجامعات عن موعدها "ما هو إلا قرار من بين حزمة من الإجراءات"، أما عن الجهة التي اتخذت القرار فتقول المصادر نفسها " إنه المجلس الأعلى للأمن" وهو أرفع هيئة أمنية في الجزائر، واجتماعاتها نادرة، ولم يسبق لرئاسة الجمهورية أن كشفت عن انعقادها إلا مرة واحدة، في سياق إجراءات عسكرية على الحدود الجزائرية الليبية بعد إسقاط نظام معمر القذافي.

مهام المجلس

والمجلس الأعلى للأمن هيئة منصوص عليها في دستور البلاد ضمن المادة 173 "تأسيس مجلس أعلى للأمن يرأسه رئيس الجمهورية، مهمته تقديم الآراء إلى رئيس الجمهورية في كل القضايا المتعلقة بالأمن الوطني"، كما يوجد مرسوم رئاسي يتضمن تنظيم المجلس الأعلى للأمن وعمله، ويتكوّن من 13 مادة، الأولى، تحدد أعضاءه والرابعة، تفيد بأنه يعطي الرأي للرئيس في كل مسألة تتعلق بالأمن وتشمل ميادين النشاط الوطني أو الدولي، وتمنح مادة أخرى، للرئيس وحده صلاحية استدعاء المجلس في أيّ وقت. ومن بين أبرز الشخصيات التي تشارك في اجتماعات المجلس الأعلى للأمن، وزير الدفاع أو من ينوب عنه، رئيس أركان الجيش، مسؤول جهاز المخابرات، وزير الداخلية وشخصيات حكومية أخرى.

ويفترض المصدر أن تكون الإجراءات الأخرى المتوقعة، في سياق يتصل بمرحلة غير عادية، وهو ما يمكن تفسيره بخيار تأجيل الانتخابات، وتقديم الفترة الانتقالية على مواعيد الاقتراع العام. ومن الواضح أن خيار تحييد طلاب الجامعات عن الحراك "قرار أمني"، إذ شكلت الجامعات في الأسبوعين الأخيرين، مصدر اعتصامات لآلاف الطلاب والأساتذة، وتمكنت اعتصامات عدة من كسر طوق الحرم الجامعي والخروج إلى الشارع.

اقرأ المزيد

المزيد من