Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انهيار الكتل الجليدية تهدد بكوارث

فصول الصيف لحرارة أشد واضطرابات عالمية أوسع

صحيح أن التلوث انخفض في أيام كورونا، لكن الاضطراب المناخي العميق لم يجد حلاً يُبعد كوارثه عن البشرية (ناسا.أورغ)

حذّر علماء الجيولوجيا من أنّ الاحتباس الحراري العالمي يزيد من مخاطر حدوث انهياراتٍ كارثيّة للكتل الجليدية.

وبحسب باحثون أجروا تحقيقاً في سبب انطلاق سيلٍ من الثلوج والصخور التي انحدرت على مسافة سبعة أميالٍ عبر وادٍ في "آلاسكا"، فإنّ المياه الذائبة التي تتشكّل بفعل فصول صيفٍ حارة تطرح تهديداً جديداً "بدأنا للتوّ بسبر أغواره".

وفي التفاصيل، انفصلت كتلة يبلغ ارتفاعها 500 متر عن الجبل الجليدي المعروف بإسم "فلات كريك" بشكلٍ مفاجىء في أغسطس (آب) 2013. وانحدرت عبر سفح جبلٍ وعرٍ في منطقة منتزه ومحمية "رانجيل- سانت إلياس" الطبيعية النائية.

وبعد مرور عامين، وثّق مايكل لوزو، عالم الجيولوجيا في "الحديقة الوطنية"، حدثاً مماثلاً في الموقع نفسه، واستعان بباحثين من "جامعة كولورادو بولدر" لإجراء التحقيقات.

وفي هذا السياق، ذكرت ميلين جاكمار وهي طالبة دكتوراه، "كنّا على علمٍ بانفصال الكتل الجليدية عن الجبال الرئيسية. وقد حصل ذلك في التيبت وروسيا والأرجنتين. وبدأنا نفكّر بأننا نحقّق ربما في انهيارٍ طبيعي وعاديّ. ثمّ اكتشفنا بأنّ الجبل الجليدي بكامله كان مفقوداً."

ولم يُصب أي شخصٍ بأذى جرّاء انهيار الجليد في "آلاسكا"، لكن انفصال الكتل الجليدية المماثلة في مناطق غير نائية بشكلٍ كبير خلال العقدين الأخيرين، أدّى إلى حوادث مميتة. فقد لقي 140 شخصاً حتفهم عندما انفصلت كتل جليدية ضخمة من جبل "كولكا" الجليدي وغمر بلدة بأكملها في منطقة "أوسيتيا" في شمال روسيا عام 2002.

وفي يوليو (تموز) 2016، انهار جدار جليدي وصخريّ من جبل "آرو" الجليدي واندفع نحو وادٍ ضيّق في التبت. وأسفر الأمر عن مقتل تسعة رعاةٍ ومئات المواشي والثيران في حادثةٍ حيّرت العلماء الذين كانوا غير واثقين من سبب حدوث الانهيار.

وفي غضون ذلك، وجدت دراسة أجراها باحثو جامعة "كولورادو بولدر" ونُشرت في مجلّة "جيولوجي" أنّ الانهيارين اللذين وقعا في "آلاسكا" حصلا في ذروة فصول ذوبان الجليد في الصيف. واعتبروا أنّ هذه الحوادث المدمّرة قد تحصل بشكلٍ متكرر في ظلّ الاحتباس الحراري العالمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبدأ الفريق مشروع بحثٍ للتحقيق في ما حدث في "فلات كريك"، بعد أن أزال البحث الأولي الذي أجراه الباحث لوزو فرضيّة الزلزال.

ولتحقيق ذلك، استخدم الباحثون عدداً من الأدوات شملت صوراً التقطتها الأقمار الاصطناعية وقياسات ميدانية ونماذج الارتفاعات الرقمية ونماذج ذوبان المياه، بهدف التوصّل إلى معرفة ما الذي حدث فعلاً.

وفي هذا الإطار، ذكرت جاكمار بأنّ "هذا المشروع شكل تحدياً حقيقياً. وقد تمكّنا أخيراً من جمع المعطيات عندما اكتشفنا النتوء على جبل "فلات كريك" الجليدي."

وفي ذلك الصدد، أظهرت صور الأقمار الاصطناعية العالية الجودة التي تعود إلى عشرة أعوام، وجود نتوءٍ غير اعتياديّ يبلغ ارتفاعه 70 متراً على اللسان الجليدي قبل حدوث الانفصال الأول في 2013.

وأضافت جاكمار، "إنّ بياناتنا تشير إلى أنّ الجزء السفلي من لسان الجبل الجليدي كان رفيعاً جداً وثابتاً ومتجلّداً بإحكام على الحوض الجليدي الرئيسي. نعتقد بأنّ هذا اللسان المجلّد أدى إلى أمرين، أولهما أنه حال دون سقوط الجليد من أعلى الجبل الجليدي مع التسبّب بتشكّل نتوء، فيما تمثّل الثاني في إبطاء عملية تصريف المياه الذائبة ما سمح للمياه بالتجمّع تحت الجبل الجليدي."

وجرّاء ذلك، أدّى تزايد ضغط المياه تحت الجبل الجليدي إلى انفصال اللسان بشكلٍ مفاجىء، وأسفر عن انهيارين ضخمين تسبّب كلّ منهما في غمر مساحة ثلاثة كيلومترات مربّعة من غابةٍ عمرها 400 عام.

وأشار الباحثون إلى أنّ التشابه في الانهيارات الجليدية التي حدثت في "آلاسكا" والتبت، أظهر وجود سبب مشترك.

وكذلك ذكرت جاكمار بأن انفصالات جليدية اكتُشِفَتْ في أماكن أخرى من العالم. وكذلك افترضت أنّ حوادث الانهيارات الضخمة ستتفاقم بفعل الاحتباس الحراري. وأضافت، "نستنتج أنّ المياه الذائبة التي تشكّلت بسبب فصول الصيف الحارّة، لديها القدرة على التسبّب بتداعياتٍ غير متوقّعة على شكل كوارث لم نعلم بشأنها قبلاً وبدأنا للتوّ بسبر أغوارها."

وبصورة عامة، يُعرَف عن الجبال الجليدية إنّها تتقلّص نتيجةً ذوبان ثلوجها في وتيرةٍ متسارعة. في المقابل، أشارت جاكمار في هذا السياق إلى أنّ "المعلومات الجديدة التي نحصل عليها من أماكن كـ"فلات كريك" تُظهر أننا بحاجة أيضاً إلى التفكير بأساليب جديدة لم نكن ندركها في السابق."

وأضافت أنّه في نهاية المطاف، سيحتاج العلماء إلى تطوير فهمٍ أفضل لهذه الظواهر الجديدة وإعادة دراسة تقييمات المخاطر في المجتمعات الجبليّة. ولا ينحصر الخطر في المحيط المباشر للجبل الجليدي، نظراً إلى المساحة التي يمكن أن يمتدّ عليها الانهيار.

فضلاً عن ذلك، قد يحتاج مخططو الطوارىء إلى التفكير بالآثار التفاعلية لتلك الانهيارات على غرار انسداد نهر ما بالجليد والصخور وارتفاع مستوى المياه وفيضانه جرّاء ذلك. وتعليقاً على هذه المسألة، أشارت جاكمار إلى أنّه "بشكلٍ مفاجىء، يمكن لحدثٍ يحصل في منطقةٍ نائية أن يترك آثاراً عميقة ومتتالية".

© The Independent

المزيد من بيئة