Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العراق يحدد الإنفاق بالرواتب وطرق وعرة للخروج من الأزمة

إمكانية الاقتراض الداخلي لم تعد متاحة نظراً لعدم توافر النقد وديون الحكومة للقطاع المصرفي كبيرة

مخاوف من احتمال أن تعجز الحكومة العراقية عن سداد الأجور (رويترز)

لا يزال الحديث عن رواتب الموظفين وإمكانية تأمينها يشغل الرأي العام العراقي، في ظل تصاعد المخاوف من احتمال عجز الدولة عن تأمين رواتب عامليها وانحسار واردات النفط إلى حدود كبيرة، فضلاً عن دخول قرار خفض التصدير الذي اتخذته "أوبك+" حيّز التنفيذ مطلع مايو (أيار) المقبل.

وبالتزامن مع ذلك، تستمر الإشاعات عن عزم الحكومة استقطاع نسبة من رواتب الموظفين وفق مبدأ "الادخار الإجباري" في ظل إجراءاتها لمواجهة الأزمة الاقتصادية القائمة. 

حصر التمويل بالرواتب الأساسية

في غضون ذلك، وجهت دائرة الموازنة في وزارة المالية بإيقاف تمويل الموافقات الأصولية السابقة، وحصر التمويل بالرواتب الأساسية والدعم المقدم لوزارة الصحة، وذلك لشح السيولة النقدية لشهر أبريل (نيسان). ما يؤكد المخاوف من احتمال أن تعجز الحكومة عن سداد أجور الموظفين بشكل كامل في الأشهر المقبلة.

ووفق كتاب صادر عن المدير العام لدائرة الموازنة في الوزارة، فإن التمويل سيقتصر على الرواتب والمعاشات التقاعدية ورواتب شبكة الحماية الاجتماعية ورواتب الشركات العامة ورواتب المختارين والمنح وأجور التنظيفات، وتمويل وزارة الصحة ودوائرها في عموم المحافظات.

وكشف الكتاب أن وزير المالية سيكون عاجزاً عن الاقتراض بسبب تأخر إقرار موازنة عام 2020 حتى الآن.

ومع كل أزمة مالية تمر بها البلاد تلجأ الحكومة إلى إجراءات طارئة من خلال زيادة الضرائب والرسوم وتقليل النفقات، فيما لم تتخذ أي إجراءات من شأنها تنويع مصادر الدخل، وتطوير الصناعة والزراعة وتقليل الاعتماد شبه الكلي على النفط الذي يشكل نحو 92 في المئة من موازنات البلاد.

خيارات لزيادة الإيرادات

إلى ذلك، قال عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي أحمد حمه رشيد، إن "هناك خيارات عدة للحصول على الإيرادات، منها أخذ قروض من طريق بيع سندات الخزينة كما جرى في 2016، ومحاولة تغيير سعر صرف الدولار، وبيع كوبونات النفط للمواطنين بالسعر الحالي، لكن هذا صعب لأن لا ثقة لدى المواطنين بالحكومة، أو التمويل بالتضخم من خلال طبع العملة بما أن العراق يمتلك احتياطياً ضخماً جداً"، مردفاً "هذا ما ناقشته اللجنة المالية حتى الآن، وكل الخيارات مطروحة في انتظار تشكيل الحكومة المقبلة".

وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، "إذا لم تجد هذه الاقتراحات، فمسألة الاقتطاع من رواتب الموظفين أمر حتمي"، مؤكداً أن "تمويل رواتب الموظفين ممكن للأشهر الثلاثة المقبلة من طريق سندات الخزينة".

وكشف رشيد أن "إيرادات الدولة الاتحادية لهذا الشهر بلغت 1.5 ترليون دينار، أي نحو 1.25 مليار دولار، بينما يحتاج العراق شهرياً إلى نحو 6.5 ترليون دينار للنفقات التشغيلية، إذ إن الرواتب وحدها تتطلب توفير 3.5 ترليون"، لافتاً إلى أن "هذا الملف سيتم ترحيله إلى الحكومة الجديدة".

خط أحمر

وكان العراق قد واجه أزمة اقتصادية عام 2014، اقترض فيها داخلياً نحو 16 ترليون دينار عراقي، لكن مراقبين يرون أن إمكانية الاقتراض الداخلي لم تعد متاحة، نظراً لعدم توافر النقد، فضلاً عن ديون كبيرة مترتبة على الحكومة للقطاع المصرفي، فيما رجحوا أن تلجأ الحكومة إلى استقطاع جزء من رواتب الموظفين في الأشهر المقبلة، في حال استمرار الأزمة وعدم الخروج بحلول تسهم في رفع واردات البلاد.

وقال النائب في البرلمان العراقي علاء الدلفي في بيان، إن "رواتب الموظفين خط أحمر ولا يمكن المساس بها"، داعياً الحكومة إلى "إجراءات بديلة عبر تنويع مصادر الإيرادات المالية".

أضاف "كان الأجدر أن يتم وضع خطط ومعالجات اقتصادية لتلافي أزمات كهذه من شأنها أن تؤثر في الحالة المعيشية للمواطن والموظف على حد سواء، الذين يقدمون كل ما عندهم في خدمة الدولة ومؤسساتها بدلاً من استقطاع رواتبهم"، مردفاً "سنقف بالضد من أي إجراء يثقل كاهل الموظف البسيط".

فرص زيادة الإيرادات

من جانبه، قال أستاذ الاقتصاد أحمد صبيح في حديث مع "اندبندنت عربية"، إن "الموقف المالي للعراق متأزم جداً، لا سيما مع دخول اتفاق أوبك+ الذي سيخفض مبيعات النفط العراقي إلى 2.6 مليون برميل يومياً، ووفق أسعار النفط الحالية فإن مجمل الإيرادات النفطية لن تتجاوز 42 مليون دولار يومياً، ما يعادل 50 مليار دينار عراقي"، مبيناً أن "هذا أقل بكثير من متطلبات الانفاق الحكومي المطلوب لتغطية تعويضات الموظفين والمتقاعدين وتخصيصات شبكة الرعاية الاجتماعية، والذي يقدر بمبلغ 175 مليار دينار عراقي يومياً".

أضاف "لدى الحكومة وسائل عدة لزيادة حجم الإيرادات العامة في الأجل القريب، من خلال محاولة تخفيض رواتب الدرجات العليا في الدولة، ثم البحث عن أوجه إيرادات سريعة في انتظار أن تقفز أسعار النفط مرة أخرى".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبر أنه "بات من الضروري اتخاذ سياسات عاجلة لتدارك الأزمة وتأمين رواتب الموظفين، من خلال إيقاف الانفاق الاستثماري والنفقات الجارية الأخرى، فضلاً عن جميع الرواتب المخصصات الاستثنائية الأخرى والبحث عن إيرادات ذات مردود سريع وكبير، وإعادة هيكلة المنافذ الحدودية والاقتراض من الجمهور من خلال إصدار سندات خزينة مقومة الذهب أو الدولار وتسوية المعاملات المالية مع الإقليم والتفاوض على جدولة الدين الخارجي".

البنك المركزي وزيادة الإصدار النقدي

وعن إمكانية أن يقوم البنك المركزي بزيادة إصدار النقد لتدارك الأزمة، لفت صبيح إلى أن "خيار اللجوء إلى الإصدار النقدي الجديد فإنه يقع ضمن الحلول النقدية المطروحة، على الرغم من أنه يحمل في طياته تكاليف سلبية على الاقتصاد تنعكس بشكل موجات تضخمية، لكنه من الحلول الأخيرة المطروحة ويوازيها بالأثر السلبي محاولة تخفيض قيمة العملة العراقية، التي تعد أحد الخيارات التي ستجبر المركزي إلى اللجوء إليها لعدم تغطية الأموال المحولة إليه من وزارة المالية لمتطلبات نافذة بيع العملة".

وتابع أنه "في حال عدم نجاح المحاولات السابقة بالإمكان أن تلجأ وزارة المالية إلى تخفيض رواتب الموظفين بنسبة 35 في المئة، أو اللجوء إلى الادخار الإجباري كمعالجات مؤقتة لحين الخروج من الأزمة المرتبطة أساساً بتحسن أسعار النفط".

ورجح أن يحصل تلكؤ في رواتب شهر أيار المقبل ومن المحتمل أن تتخذ الحكومة سياسة الادخار الإجباري.

ولفت إلى أن "اقتصاد العراق مشابه للاقتصاد اللبناني، لكن من غير الممكن أن يرفع البنك المركزي العراقي دعم العملة"، مبيناً أنه "في الإمكان أن يقوم بتعويم زاحف للعملة، يحاول من خلاله تخفيض قيمة الدينار أمام الدولار تدريجاً وملاحظة مدى تقبل السوق لهذا الاجراء".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد