Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترجيح اتخاذ قرارات بحلّ مؤسسات حكومية جزائرية أُولاها مجلس الوزراء… لكن بوتفليقة لن ينسحب

أظهر تباين المواقف بين المتظاهرين ووجوهٍ معارِضة تمسكَ الحراك الشعبي بأن الأمر يتعلق بـ"تغيير النظام" وليس بتغيير الرئيس وحده

جانب من تظاهرة مناهضة للعهدة الخامسة في العاصمة الجزائرية (رويترز)

استدعى عبد الغني زعلان، مدير الحملة الانتخابية للرئيس المرشح للانتخابات الرئاسية الجزائرية، عبد العزيز بوتفليقة (82 سنة)، عدداً من مساعديه عصر أمس، لمتابعة المسيرات المليونية التي شهدتها الجزائر الجمعة. ويُعتقد وفق مصدر مأذون أن يلجأ الرئيس المرشح لـ"تنازلات" جديدة قد لا تشمل مشروع ترشحه شخصياً، مع الإكتفاء بحل مؤسسات دستورية منتخبة.

 
إصرار على الترشح
 
لم يكن في موقف أنصار بوتفليقة، تغيير واضح عما سبق من تصريحات تصرّ على ترشحه لولاية خامسة على الرغم من المسيرات المليونية التي غطت مدناً جزائرية عدة، أكبرها في العاصمة. وصرح بلقاسم ملاح، الوزير السابق، العضو في إدارة حملة بوتفليقة الانتخابية لـ "اندبندت عربية" أن "مشروع الترشح قائم إلى النهاية".
وعلّق بعد ختام مسيرات ثالثة جمعة احتجاجية على التوالي "صحيح أن مئات آلاف الجزائريين خرجوا إلى الشوارع، لكن هنالك ملايين لم يغادروا بيوتهم ولم يدلوا برأيهم بعد". وبدا في كلام ملاح ما يشي بتغيير سريع في خطة بوتفليقة، إلا في حال صدور معطيات أخرى عن الدائرة المتنفذة المحيطة بالرئيس.
 
غديري أول المطرودين من المسيرات
 
حاول مرشحون للانتخابات الرئاسية، ممَن رفضوا مغادرة السباق بناءً على طلب شخصيات سياسية ومستقلة نظراً إلى "غياب ظروف النزاهة ووجود مطلب شعبي بإلغاء مشاركة الرئيس فيها"، قياس حجم قبولهم من قبل جزائريين في المسيرات. وكان المرشح علي غديري، في موقف صعب حينما طرده متظاهرون.
وسارع غديري، الجنرال المتقاعد من الجيش قبل ثلاث سنوات، إلى مغادرة شوارع العاصمة سريعاً. وقال رداً على مَن طالبوه بسحب ملف ترشحه "الجزائريون هم مَن يطلب مني ذلك، وإذا فعلوا فسأنسحب".
ولعل مواقف المعارضة في الأيام الأخيرة، شكّلت دافعاً لوجود ردات فعل غاضبة تجاه عدد من رموزها ممَن باتوا يشاركون في المسيرات الشعبية تباعاً. وتعرضت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، لمواقف محرجة في مسيرة 8 مارس (آذار) حينما رشقها متظاهرون بالمياه.
وتظهر هذه المواقف المتباينة بين المتظاهرين ووجوهٍ معارضة تمسك الحراك الشعبي بأن الأمر يتعلق بـ"تغيير النظام" وليس الرئيس وحده، بينما تريد الموالاة الترويج لإصلاحات مرتقبة بعد الانتخابات الرئاسية في 18 أبريل (نيسان) المقبل، وربما اتخاذ قرارات واسعة قبل الانتخابات.
 
تغييرات واسعة
 
ولا تعكس خطوات رجال النظام، ما يشي باستجابة سريعة للمطالب الرافضة للعهدة الخامسة. ويستعد الرئيس، وفق ما يروَّج ضمن دائرته الضيقة، لاجراء تعديل حكومي واسع مع بداية هذا الأسبوع، يطيح أولاً رئيس الحكومة أحمد أويحيى.
وكان أويحيى عاد إلى رئاسة الوزراء في نهاية العام 2017 خلفاً لعبد المجيد تبون، الذي أُقيل بعد شهرين من توليه المنصب، تحت ضغط "لوبي مالي" يقوده رئيس منتدى المؤسسات علي حداد، الشخصية المالية المتنفذة، الذي تربطه علاقة متينة بالسعيد بوتفليقة، الشقيق الأصغر للرئيس.
 
"قرارات أكثر جرأة"
 
ذكر مصدر تحدث إلى عبد الغني زعلان مساء الجمعة، أن محيط الرئيس "مستعد لاتخاذ قرارات أكثر جرأة" في سبيل منع سيناريو انسحاب بوتفليقة، بمعنى تغيير توقيت وعوده بالإصلاحات، من مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية إلى ما قبلها.
ويمكن التغييرات أن تشمل الحكومة، وقطاعات حكومية كبرى، كما يمكنها أن تشمل البرلمان بغرفتيه، أي أن بوتفليقة مستعد لحل المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة "إذا اقتضت الضرورة"، يقول المصدر.
وورد في عبارات المرشحين انتقادات شديدة لأويحيى و لـ"جبهة التحرير الوطني" أيضاً. كما نال عبد المجيد سيدي السعيد، الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، نصيباً من الهتافات المنددة، أما رئيس البرلمان معاذ بوشارب، فوصِف بنعوت سلبية في الشارع بعد مساهمته في خلع سلفه السعيد بوحجة بشكل غير دستوري.
 
انشقاق قيادات من الحزب الحاكم
 
بينما كان رئيس المجلس الشعبي الولائي، لمحافظة قسنطينة، يشارك في المسيرات السلمية أمس، وهو قيادي كبير في "جبهة التحرير الوطني" سبق أن أعلن انسحابه في الساعات الأخيرة من صفوف الحزب الحاكم، كانت أنباء "انشقاق" قياديين من الجبهة تتوالى، آخرها لعبد الكريم عبادة، الذي عُيِّن في الهيئة الجديدة لإدارة حملة بوتفليقة، قبل يومين فقط.
ووزّع محمد بوعزارة، بدوره بياناً يعلن فيه استقالته من الحزب الحاكم، رفقة عدد من القياديين. وجاء في البيان "نحن السادة الآتية أسماؤهم كوادر ومناضلين في حزب جبهة التحرير الوطني من برلمانيين وأعضاء اللجنة المركزية السابقة: عبد القادر شرار، محمد بوعزارة، عيسى خير ، بوعلام جعفر، حكيمي صالح، نادية حناش ، عبد الرحمن السهلي، عبد القادر شداد نعلن للرأي العام ولكل مناضلي ومناضلات حزب جبهة التحرير الوطني استقالتنا الجماعية من الحزب، ونذكّر بمواقفنا السابقة المؤيدة للحراك الشعبي واحتجاجنا إزاء العبث الذي بات يطبع تصرفات القيادة اللاشرعية التي اختطفت الحزب".
 
الجيش يضاعف رسائله إلى الجزائريين
 
وباتت الساحة السياسية معتادة خلال هذه الفترة بيانات المؤسسة العسكرية وخطب قائدها، بعدما كانت توصف بـ"الصامتة الكبرى". وأطلقت وزارة الدفاع أكثر من بيان في الأيام الأخيرة، من دون استيضاح موقفها بشكل عميق. وقالت مجلة الجيش، الجمعة، إن "ما حققه الجيش على مختلف الصعد يعكس مدى ارتباطه ووقوفه اللامشروط إلى جانب أمته وشعبه في كل ما مرت به من محن وأزمات".
وورد في المجلة إشارات وصفها بعض المراقبين بأنها تطمينات للمتظاهرين، إذ جاء في افتتاحية المجلة أن "مصيراً واحداً ورؤية مستقبلية واحدة هي العلاقة التي تربط الجيش بالأمة. علاقة يترجمها الوقوف اللامشروط للجيش إلى جانب شعبه".
ولفتت المؤسسة العسكرية الانتباه أيضاً إلى أن "مَن قاوم بالأمس استعماراً استيطانياً لأكثر من 130 سنة وطرده من أرضه وألحق به هزيمة نكراء في معركة تحرير حاسمة وأفشل مشروعاً إرهابياً استهدف أركان الدولة هو شعب جدير بحمل رسالة أسلافه وتحمل مسؤولية حفظ أمانتهم من بعدهم".

المزيد من العالم العربي