استعانت الحكومة المصرية بصندوق النقد الدولي، لتدبير النفقات المتزايدة لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد، وذلك من خلال طلب تمويل سريع إضافي لتعزيز قدراتها على مواجهة الوباء.
وكشفت الحكومة المصرية، الأحد، عن نيتها إبرام الاتفاق الجديد مع صندوق النقد الدولي، ليمثل ثالث اتفاق تمويل بين القاهرة والمؤسسة التمويلية الدولية في غضون 30 عاماً، بعد أن حصلت على قرض في مطلع تسعينيات القرن الماضي لتمويل برنامج الخصخصة (تحويل هوية بعض الشركات المملوكة للدولة من الحكومة إلى القطاع الخاص) ثم قرض ثان عام 2016 بعد توقيع اتفاقية للحصول على تمويل قدره 12 مليار دولار على ست شرائح.
رئيس الوزراء: الطلب لا يعني اهتزاز الاقتصاد
وأعلن رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحافي يرافقه وزراء المجموعة الاقتصادية، عن بدء حكومته إجراء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لتمويل خطة الدولة في مواجهة فيروس كورونا المستجد. وأشار إلى أن الحصول على هذا التمويل لا يعني اهتزاز الاقتصاد الوطني، ولكنه يدلّ على صلابته.
محافظ البنك المركزي: مدة الاتفاق لا تزيد على عام
بينما أكد طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، أن رصيد الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية في وضع جيد، لافتاً إلى أن مدة الاتفاق الجديد لا تزيد على عام.
في حين ذكر محمد معيط، وزير المالية المصري، أن الإجراءات في الموازنة العامة للدولة والسياسات المالية لا تعاني أي ضغط، بسبب قوة الإصلاحات الاقتصادية التي تمت خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
صندوق النقد يرحب
ردّ فعل صندوق النقد الدولي على طلب الحكومة المصرية جاء سريعاً، حيث قالت كريستالينا غورغييفا، مدير عام صندوق النقد الدولي، بعد ساعات من إعلان القاهرة، إن "الطلب الطارئ من خلال (أداة التمويل السريع RFI) واتفاق الاستعداد الائتماني يأتي لمساندة جهود مصر لاحتواء الأثر الاقتصادي والمالي لجائحة كورونا، مما سيسمح للحكومة بمعالجة احتياجات ميزان المدفوعات العاجلة ودعم القطاعات الأشد تضرراً وفئات المجتمع الأكثر هشاشة"، متوقعة أن يتم عرض طلب الاستفادة على المجلس التنفيذي للصندوق في غضون الأسبوعين المقبلين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشارت غورغييفا إلى أن "خبراء الصندوق يعملون مع الحكومة المصرية أيضاً لدعم سياساتها الاقتصادية الكلية القوية من خلال (اتفاق الاستعداد الائتماني)، ونحن نؤيد كل التأييد ما تهدف إليه الحكومة من حماية المكاسب الكبيرة التي تحققت في ظل اتفاق (تسهيل الصندوق الممدد)، الذي استمر 3 سنوات، وتم استكماله بنجاح في العام الماضي، وإذا تمت الموافقة على هذه الحزمة الشاملة من الدعم المالي، فستعزز الثقة في الاقتصاد المصري، وتحقق تقدماً أكبر في حماية فئات المجتمع الأكثر هشاشة، وتُرسي الأساس لتعافٍ اقتصادي قوي. ومن شأنها أن تؤدي أيضاً إلى تسريع جهود مصر الإصلاحية الرامية إلى دعم تحقيق النمو المستدام والغني بالوظائف على نطاق واسع".
متى تسدد أولى دفعات القرض السابق؟
القاهرة حصلت على تمويل من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار بعد إبرام اتفاق تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي، وعلى مدار ثلاث سنوات حصلت على التمويل على 6 شرائح متساوية، كانت أولى الشرائح بقيمة ملياري دولار في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016، وحصلت على آخر هذه الشرائح في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بقيمة ملياري دولار أميركي أيضاً.
الحكومة المصرية عليها بدء سداد الدفعة الأولي من هذا القرض في النصف الأول من عام 2021، بحسب تصريحات جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي المصري لـ"اندبندنت عربية".
وأكد "نجم" أنه بحسب الاتفاق المبرم مع صندوق النقد الدولي سيتم سداد دفعات القرض على أقساط ربع سنوية، قيمة كل دفعة تصل إلى 500 مليون دولار، وسنسدّد 22 دفعة حتى نهاية 2027".
وحول موعد سداد الدفعة الأولى، قال "في النصف الأول من 2021 بعد انتهاء فترة السماح المحددة بـ4 سنوات منذ استلام الشريحة الأولى في 2016".
وعن آلية عقد الاتفاق، قال نجم إنه "في ظل الإجراءات الاحترازية وتوقف الطيران الدولي سيتم إبرام الاتفاق عبر اجتماعات (فيديو كونفرانس) تعقد عبر الإنترنت".
وبعد الإعلان عن طلب الحكومة المصرية تمويلاً من صندوق النقد الدولي تسرّب القلق لدى المواطنين على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي خوفاً من اتّباع الحكومة لبرنامج إصلاح اقتصادي على نفس وتيرة البرنامج السابق الذي شهد خفض الدعم على أسعار المحروقات والكهرباء وغيرها من المرافق، وهو ما ردّت عليه الحكومة المصرية صباح اليوم الاثنين عبر المتحدث الرسمي لها.
مجلس الوزراء: من دون إجراءات صعبة
أكد المستشار نادر سعد، المتحدث باسم مجلس الوزراء، إن الاتفاق الجديد المزمع بحثه مع صندوق النقد الدولي لمواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد، سيكون من دون إجراءات صعبة، داعياً المواطنين إلى عدم الخوف.
وقال سعد، في مداخلة هاتفية على إحدى الفضائيات المصرية، إن "الجزء الصعب من الإصلاح الاقتصادي مرّ بالفعل، وهو تحرير أسعار المحروقات، وهذا حدث بالفعل وانتهت كل الإجراءات الصعبة وتحملها المواطنون على مدار السنوات الماضية".
وطمأن سعد المواطنين داعياً إلى الهدوء، مؤكداً أنه لا داعي للخوف من إجراءات صعبة، موضحاً أن معظم الإجراءات المقبلة مرتبطة بالإصلاح الهيكلي فقط.
الفقي: لستُ قلقاً
وقال فخري الفقي، المساعد السابق للمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، إنه غير قلق من إقدام الحكومة المصرية على طلب تمويل إضافي من الصندوق، موضحاً أن شروط القرض الجديد لن تكون مجحفة، بخاصة في ظل أسعار فائدة متدنية لا تزيد على 0.5 في المئة فقط، طبقاً لبرنامج أداة التمويل السريع "RFI" وبرنامج اتفاق الاستعداد الائتماني"SBA".
وأشار إلى أن "هذا النوع من القروض سريع للغاية، مدته لا تزيد على 24 شهراً"، متوقعاً الحصول عليه قبل منتصف مايو (أيار) المقبل.
ولفت الفقي إلى أن رد فعل مجلس إدارة صندوق النقد الدولي السريع على الطلب المصري نابع من ثقة المجلس في قدرات الاقتصاد المحلي، بخاصة مع تقارير مؤسسات التصنيف الائتماني الأخيرة التي ثبتت نظرتها المستقبلية حول الاقتصاد المصري.
عرض الاتفاق النهائي على مجلس النواب المصري
ومن جانبه، قال حسين عيسي، رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب المصري، إن تكلفة الخطة الشاملة لمواجهة انتشار فيروس "كورونا" تصل إلى 100 مليار جنيه (نحو 6.3 مليار دولار أميركي)، موضحاً أنه من الصعب أن تتحمل الموازنة العامة للدولة هذا العبء بالكامل، وبالتالي توجهت الحكومة للحصول على تمويل إضافي من صندوق النقد الدولي في ظل أن إتاحة الأخير قروضاً وتمويلات بأسعار فائدة منخفضة خيار لا مناص منه للحفاظ على استقرار الموازنة المحملة بأعباء مخصصات غير مسبوقة لصالح القطاع الطبي والصحي.
وحول الموقف الدستوري من التمويل الجديد، قال عيسى "بعد إعلان الحكومة مبدئياً اتجاهها لإبرام اتفاق جديد ستدخل في مفاوضات وبعد التوصل لاتفاق نهائي سيعرض على مجلس النواب لإقراره بشكل سريع".