Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة النفط تتفاقم والخسائر تجبر نيجيريا على تغيير استراتيجية التصدير

الخام الأميركي يهوي 15 في المئة وبرنت يحوم حول 20 دولاراً

صهاريج تخزين النفط في كارسون بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

تراجعت أسعار النفط مجدداً وسط مؤشرات على امتلاء طاقة التخزين العالمية سريعاً، مما يثير مخاوف من أن تخفيضات الإنتاج لن تأتي بالسرعة الكافية لتعويض انهيار الطلب جرّاء جائحة فيروس كورونا بالكامل. في ما اضطرت نيجيريا إلى إرجاء خطط التصدير لحين اتضاح الرؤية.

وانخفض سعر برميل النفط الأميركي دون 15 دولاراً في الأسواق الآسيوية، على خلفية المخاوف المتواصلة من امتلاء قدرات التخزين، في وقت يؤثر فيه وباء "كوفيد-19" المستجد، سلباً على الطلب رغم استعداد المنتجين لخفض الإنتاج دعماً للسوق.

وتراجع خام غرب تكساس الوسيط، المرجع الأميركي للخام، بنسبة 15 في المئة إلى مستوى 14.39 دولار للبرميل في التداولات الإلكترونية. وتراجع برميل برنت بحر الشمال بنحو 6 في المئة إلى 20.16 دولار.

تراجع الطلب وتدابير السفر

وانهارت أسعار النفط خلال الأسابيع الأخيرة على خلفية تراجع الطلب الناجم عن القيود وتدابير حظر السفر المفروضة في العالم لمكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد.

وخلال الأسبوع الماضي، انخفض الخام الأميركي إلى ما دون الصفر خلال جلستي تداول، قبل أن يقفز من جديد. وتتركز المخاوف الحالية على منشآت التخزين، لا سيما في الولايات المتحدة، التي لم تعد قادرة على استيعاب العرض الفائض والكميات الكبيرة المطروحة في السوق.

وقال كيم كوانغراي، محلل المواد الأولية في "سامسونغ فيوتشرز" لوكالة بلومبيرغ "يضغط القلق من ارتفاع المخزونات العالمية خصوصاً في الولايات المتحدة، حيث يؤثر الوباء على استهلاك الوقود، وعلى أسعار النفط".

وطغت المخاوف المستمرة بشأن المخزونات على اقتراب بدء خفض الإنتاج في بعض الدول، مثل الكويت والجزائر. واتفقت الدول الرئيسة المنتجة للنفط في العالم ضمن منظمة "أوبك"، وشركاؤها، في أبريل (نيسان) على خفض الإنتاج بنحو 10 ملايين برميل يومياً اعتباراً من مايو (أيار) المقبل.

ووفق المحللين، فإن المؤشرات الإيجابية المتعلقة بمكافحة وباء "كوفيد-19"، مع خطط إعادة الفتح الجزئية للاقتصاد في إيطاليا ونيويورك، فضلاً عن انخفاض معدل الوفيات في بعض الدول المتضررة بشدة من المرض، حالت دون تراجع أكبر للأسعار.

مخزونات الخام الأميركي تقترب من مستويات تاريخية

وارتفعت مخزونات الخام الأميركي إلى 518.6 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 17 أبريل الحالي، مقتربة من مستواها القياسي على الإطلاق عند 535 مليون برميل الذي سجلته في عام 2017. وسجّلت التعاملات الآجلة على النفط خسائر للأسبوع الثالث على التوالي الأسبوع الماضي، وانخفضت في ثمانية من الأسابيع التسعة السابقة. وأنهى برنت الأسبوع منخفضاً نحو 24 في المئة وفقد خام غرب تكساس 7 في المئة.

وامتلأت 70 في المئة من طاقة التخزين بمركز كوشينج، وهو نقطة تسليم خام غرب تكساس الأميركي، بحلول منتصف أبريل. ويقول متعاملون إن الطاقة المتاحة مستأجرة كلها بالفعل.

وربما لا يخفّض المنتجون الإنتاج بالسرعة الكافية أو بالحجم الكافي لدعم الأسعار، لا سيما حين يُتوقع أن ينخفض الناتج الاقتصادي العالمي بنسبة 2 في المئة هذا العام، وهو أسوأ مما حدث إبان الأزمة المالية 2008، في حين انهار الطلب على الخام بنسبة 30 في المئة بسبب الجائحة.

وفي ظل السعي لخفض الإنتاج سريعاً، نزل عدد الحفارات النفطية العاملة في الولايات المتحدة لأقل مستوى منذ يوليو (تموز) 2016، كما تراجع إجمالي عدد حفارات النفط والغاز في كندا لأقل مستوى منذ العام 2000. وأمس، أعلن وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشن، أن البيت الأبيض يدرس منح قروض لشركات القطاع النفطي المتضررة مباشرة جرّاء هبوط الأسعار، مؤكداً في الوقت نفسه أن الاقتصاد "سيتعافى" خلال الربع الثالث من العام.

نيجيريا ترجئ خطط تصدير النفط

في الوقت نفسه، قالت مصادر تجارية إن شركة النفط الحكومية النيجيرية أرجأت نشر خططها لتصدير النفط في المستقبل، إذ تجري مفاوضات مع شركات محلية وشركات نفط عالمية كبرى بشأن كيفية تقليص الإنتاج تماشياً مع اتفاق عالمي لخفض الإنتاج.

وعادة ما تُعلن أسعار البيع الرسمية للنفط النيجيري في الأسبوع الثاني أو الثالث من كل شهر، ولكنها لم تصدر حتى يوم الاثنين. ومن المقرر أن يبدأ تنفيذ اتفاق خفض الإمدادات العالمي الذي توصل إليه المنتجون في مجموعة أوبك+ في الأول من مايو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتوقع التجار أن تنخفض أسعار البيع الرسمية لشهر مايو عن المستويات القياسية المتدنية التي أعلنتها مؤسسة البترول الوطنية النيجيرية لشهر أبريل. وقال متعاملون في سوق النفط إن نيجيريا، وهي عضو في أوبك، عدلت برامج مايو لشحنات النفط، كما أنها ستضطر إلى خفض الإنتاج في يونيو (حزيران) على أساس اتفاق أوبك+. وذكرت أن "شحنات مايو ربما تتأجل، وشحنات يونيو الجديدة ربما تكون أقل نسبياً".

وقال مصدر آخر "تعمل مؤسسة البترول الوطنية النيجيرية على التخفيضات مع شركات النفط العالمية، ولهذا لم يصدر برنامج يونيو وسعر البيع الرسمي لشهر مايو بعد". وينبغي أن تناقش المؤسسة، التي لم تصدر أي نشرة عامة بالتأجيل أو خفض الإنتاج، التخفيضات مع الشركات العاملة في البلاد، والتي من بينها الشركات الكبرى رويال داتش شل وإكسون موبيل وإيني وشيفرون.

وأوضحت مصادر بشركة نفط كبرى تعمل في نيجيريا أن المناقشات مستمرة، مشيرةً إلى أن الاتفاق على مخصصات الإنتاج الدقيقة لكل شركة يظل عقبة. وأضافت "لم يتم هذا من قبل".

وقال مصدران بالقطاع إن المحادثات تتراوح بين خفض شامل بالنسبة المئوية لكل الشركات إلى تركيز تخفيضات الإنتاج على الحقول البحرية التي لا تدار عبر مشروع مشترك مع مؤسسة البترول الوطنية.

ونزل خام برنت، الذي يجري تداول نفط نيجيريا مقابله في الأسواق العالمية، لأقل مستوى في عقدين الأسبوع الماضي قبل أن ينتعش قليلاً. وجرى تداوله قرب 20 دولاراً يوم الاثنين.

أقدم منتج للنفط في روسيا تخفض إنتاجها 20 في المئة

في ما أشارت بيانات حديثة إلى أن شركة "تاتنفت" الروسية المنتجة للنفط خفضت إنتاجها بنحو 20 في المئة خلال الشهر الحالي قبل بدء سريان اتفاق خفض الإمدادات العالمي في أول مايو، بسبب امتلاء طاقة التخزين وضعف الطلب الأوروبي.

وفي مواجهة فائض تاريخي للإمدادات، اتفقت روسيا وعدد من كبار الدول المنتجة للنفط، المجموعة المعروفة باسم أوبك+، على خفض الإنتاج بشكل مشترك بنحو عشرة ملايين برميل يومياً. وأمرت موسكو الشركات بخفض الإنتاج بواقع الخُمس اعتباراً من أول مايو.

وخفّضت الشركة الروسية متوسطة الحجم الإنتاج بالفعل لأنها على عكس المنتجين الآخرين في البلاد لا تصل إلى أسواق آسيا ومعظم إمداداتها لأوروبا حيث انهار الطلب. وقال مصدر بالشركة إن "هذا استجابة للطلب".

وتعمل "تاتنفت" في تترستان بوسط روسيا وأصبح الإقليم المنتج الرئيس للنفط في البلاد في السبعينيات، حين بلغ الإنتاج مليوني برميل يومياً. لكن الإنتاج انخفض انخفاضاً حاداً في التسعينيات من القرن الماضي، ثم تعافى من جديد في السنوات الأخيرة بفضل تكنولوجيا استخراج حديثة ولكن مكلفة. وفي العامين الأخيرين كانت الشركة تنتج في المتوسط 29 مليون طن سنوياً، أي نحو 600 ألف برميل يومياً.

وفي أبريل، انخفض الإنتاج إلى 65 ألف طن يومياً أو 480 ألف برميل يومياً، وفقاً لبيانات لوزارة الطاقة الروسية. وقال مصدر في "تاتنفت"، وهي من أقدم منتجي النفط في روسيا، إنه "بداية من الآن، سنواصل الإنتاج عند المستوى الحالي... الانخفاض في أبريل يرجع إلى الافتقار إلى طاقة التخزين، كل شيء ممتلئ".

إلى أين تتجه أزمة تراكم المخزون النفطي؟

في تعليقه، قال محلل النفط الكويتي، محمد الشطي، إن السوق الأميركية تعتبر الأهم في أسواق النفط، وذلك لاعتبارات عدة، منها أنها أكبر منتج للنفط الخام عند متوسط 13 مليون برميل يومياً، وهي أكبر مستهلك وتمتلك أكبر مخزونات نفط ولديها أكبر بنية تحتية للتخزين وشبكة نقل وأنابيب، كما أن لديها أهم البورصات لعقود النفط نايمكس ولديها مؤشرات دورية أسبوعية وشهرية يتم الإعلان عنها وتتابعها السوق واللاعبون، ولذلك فإن الأسعار تتأثر بها بشكل مباشر.

وتعاني سوق النفط حالياً من اختلالات، ويتم متابعة الطلب من خلال مؤشرات اقتصادية وإنتاج صناعي واستهلاك وبيانات طلبات التوظيف والبطالة، ومن ناحية العرض يتم متابعة حركة المخزون النفطي وأرقام الإنتاج وبيانات شركات النفط ووضعها المالي، وقد تراجعت أسعار النفط اليوم وسط مخاوف بشأن ندرة الطاقة التخزينية وبلوغها قريباً من الذروة بشكل متسارع، بفعل الركود الاقتصادي العالمي الناجم عن جائحة الفيروس كوفيد 19.

وذكر أنه من المتوقع أن ينكمش الناتج الاقتصادي العالمي بنسبة 2 في المئة هذا العام، وهو أسوأ من الأزمة المالية، في حين انهار الطلب بنسبة 30 في المئة بسبب الوباء. وفي الولايات المتحدة، سجّل 26.5 مليون أميركي طلبات للحصول على إعانات البطالة منذ منتصف مارس (آذار) الماضي، وتوقع مكتب الميزانية في الكونغرس أن الاقتصاد سينكمش بنسبة 40 في المئة سنوياً في الربع الثاني.

كما أن هناك مخاوف من تكرار هبوط الأسعار في تعاملات عقود النفط استحقاق يونيو المقبل إلى السالب، رغم استبعاد ذلك من قبل البعض ذلك أنها حدثت في ظروف معينة سيتم احتسابها في مقاييس المخاطر لتغطية المتعاملين في تعاملات العقود الآجلة وحمايتهم. وقد وصل الإنتاج الأميركي إلى مستوى قياسي قريب من 13 مليون برميل يومياً في أواخر 2019، لكن الوباء خفّض الاستهلاك العالمي بنسبة 20 إلى 30 في المئة أو ما يصل إلى 30 مليون برميل يومياً.

وقد تراجعت العقود الآجلة في نيويورك، وشهد عدد منصات الحفر تراجعاً ليقدم مؤشراً سلبياً على حركة الحفر الأميركية وسط إعلان عدد من شركات الحفر والخدماتية إفلاسها، ويبقى التحدي في تصريف الفائض خصوصاً في ما يعرف بالمخزون العائم، حيث إن وفرة من النفط تعني أن صهاريج التخزين قريبة من السعة حول العالم. وأصبحت كوريا الجنوبية رابع دولة آسيوية تنفد من مساحة التخزين التجاري.

وفي هذا السياق فإنه وعند تقييم تجربة تحالف المنتجين، والذي تم تشكيله في نهاية 2016، فقد نجحت أوبك+ في اتفاقها في 2017 في خفض الفائض في المخزون النفطي من مستويات قريبة من 500 مليون برميل إلى 30 مليون برميل أو أقل على مدى ثلاث سنوات وتحقق توازن الأسواق واستقرارها ودعم الأسعار، ذلك أن تحقيق هدف استقرار الأسواق مرتبط بشكل متكامل مع سحب الفائض في المخزون النفطي، فإن القاعدة الواضحة والآلية لاستعادة توازن الأسواق ليست في استهداف المخزون لتصريف الفائض في المعروض، لأن هذا يعني بناء في المخزون وضغوطاً على الأسعار، ولكن الاستهداف المنطقي هو في تناقص وسحوبات من المخزون لأنه يحقق استقرار الأسواق ودعم الأسعار.

كما أن تراجع الطلب يستدعي تراجع المعروض لتوفير مناخ التعاون لاستعادة استقرار الأسواق ودعم الأسعار لمصلحة الجميع، وهو منظور منطقي في ظل العجز الذي تواجهه الموازنات الحكومية، في ما تقترب بعض الشركات من الإفلاس، كما أن ارتفاع البطالة يهدد الأمن الاجتماعي والاستقرار في العالم، ولذلك هناك دول تحاول البدء في إجراءات عودة الحياة لطبيعتها بالرغم من المخاطر التي تحملها فرص انتشار فيروس كورونا التي قد تصاحب التسريع في إعاده الأمور إلى طبيعتها.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز