Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ثلاث سنوات على عملية بن قردان... شبح الإرهاب لا يزال يخيّم على تونس

"الحل الأمني يبقى منقوصاً إذا لم تؤخذ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية للمناطق المهمشة في الاعتبار".

قوات خاصة تونسية شاركت في عملية بن قردان (الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية التونسية)

 

ثلاث سنوات مرت على أيام صعبة عاشتها تونس بعد هجوم نفّذه عدد كبير من العناصر الإرهابية محاولين احتلال مدينة بن قردان الحدودية المحاذية لليبيا وإعلان اول "إمارة داعشية" فيها. خوف ورعب لا يمكن توقعهما لو نجح هؤلاء الإرهابيون في نقل معركتهم إلى داخل الأراضي التونسية بعدما استفادوا من حالة الفوضى التي تعيشها ليبيا وسيطرة الجماعات الإرهابية والعصابات والميليشيات على مناطق واسعة في الغرب الليبي المجاور لتونس.
على الرغم من طول المدة، لم يزل الكثير من حقائق تلك المعركة التي انتهت بهزيمة "الدواعش" مخفياً. كما أن التضحيات التي قدمتها قوات الجيش والأمن، من شهداء وجرحى سقطوا خلال المعارك، وغياب الكشف عنها، تزيد الغموض والقلق من تكرارها في المستقبل مع تزايد التهديدات الإرهابية في المنطقة التي تشهد تدفق إرهابيين فارين من بؤر التوتر في سوريا والعراق في اتجاه ليبيا، وعودة بعضهم إلى تونس.
في سياق متصل، قال الإعلامي التونسي أحمد نظيف الباحث في قضايا الإرهاب "بعد ثلاث سنوات على العملية لا تزال هناك اسئلة كبيرة تُطرح بشأنها. كيف نجح الإرهابيون في الوصول إلى عمق المدينة وتخزين كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر؟ وهل كان هناك تقصير في التعامل مع المعلومات الاستخباراتية التي تزامنت مع غارة نفذتها طائرات أميركية ضد قاعدة إرهابية في مدينة صبراتة الليبية، حيث كان يتجمع إرهابيون تونسيون مع عائلاتهم قبل أسبوع من بدء الهجوم على مدينة بن قردان، وربما دفعت بالإسراع إلى تنفيذ الهجوم كما أن التضارب في تقويم عدد الإرهابيين الذين شاركوا في العملية وعدد مَن قُتل منهم ومن قُبض عليه مقارنةً بالأرقام التي ذُكرت حينذاك عن عدد المهاجمين، وحِدّة المعارك التي استمرت أياماً قبل القضاء على المجموعة المهاجِمة وتطهير المدينة منها، تجعل من المهم توضيح كل ما خفي حول تفاصيل تلك الأيام".
 
 
مواجهة الارهاب لا تتم بالحلول الأمنية
 
لا تزال مدينة بن قردان الحدودية تشكو نقصاً في الخدمات التي يُفترض أن توفرها الدولة للمواطنين، إضافة إلى ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل وغياب التنمية، وهذا ما يسهم في إشاعة مناخ مناسب تستغله الجماعات الإرهابية لنشر افكارها بين الشباب واستقطابهم.
قال وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي خلال زيارة للمدينة للاحتفال بالذكرى الثالثة للتصدي للهجوم الإرهابي عليها، إن "المؤسسة العسكرية تواصل بكل عزم محاربة الإرهاب".
ودعا الزبيدي إلى "تضافر الجهود لمواجهة هذه الآفة"، مشدداً على أن "الحل الأمني يبقى منقوصاً إذا لم يتم الاهتمام بأسباب هذه الآفة في إطار مقاربة شاملة ومتعددة الأبعاد تأخذ في الاعتبار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية وبتركيز منظومة تنموية تأخذ في الاعتبار حاجات الجهات".
من جهة أخرى، رأى مصطفى عبد الكبير رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، الناشط المجتمعي في مدينة بن قردان، أن "غياب التنمية واعتماد المقاربة الأمنية منفردة لا يمكن أن يحققا مواجهة ناجحة للإرهاب وارتباطاته مع عصابات الجريمة المنظمة والتهريب في المناطق الحدودية بين تونس وليبيا". وأضاف أن "المنطقة بعد ثلاث سنوات على الانتصار على الإرهاب نجحت في تشكيل جدار أمني عسكري يحمي الحدود الجنوبية من أي أخطار قد تهددها على الرغم من تزايد نشاط الجماعات التكفيرية في المناطق المجاورة للحدود على الجانب الليبي، والذي أصبح ظاهراً للعيان مع وصول عدد كبير من الارهابيين الفارين من سوريا والعراق إلى ليبيا وتمركزهم في مناطق الجنوب الغربي المحاذي للحدود مع تونس والجزائر".

 

تابع عبد الكبير "الجهد الأمني والعسكري لم يرافقه أي جهد لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة التي تعتمد أساساً على التبادل التجاري مع ليبيا والتهريب بين البلدين، وهذا ليس سراً. واستمرار الأوضاع على ما هي عليه اليوم، يعطي مساحة كبيرة للجماعات المتطرفة لاستغلال الاوضاع الصعبة للشباب العاطل عن العمل لتجنيده واستغلاله، بشكل مباشر أو عبر شبكات الجريمة المنظمة والتهريب التي تنشط بكثافة في المناطق الحدودية بين البلدين".
 
 
التهديد الإرهابي متواصل
 
لا يزال شبح الإرهاب يلقي بظلاله على تونس في هذه الأيام، وتواصل الجماعات الإرهابية هجماتها كلما استطاعت. وشهدت السنوات الثلاث الماضية عمليات أقل خطورة من عملية بن قردان، لكن المخاوف تتصاعد مع المتغيرات الخطرة التي تشهدها المنطقة، واحتمال تمدد هذه الجماعات في المنطقة، وهذا ما يزيد المخاوف من حدوث انتكاسات أمنية مقبلة في تونس ودول المنطقة.
وأكد وزير الداخلية التونسي هشام الفراتي أن "منسوب التهديدات الإرهابية مرتفع حالياً"، لكنه اوضح أن الوحدات الأمنية على أتم الاستعداد لضمان استباب الأمن والاستقرار والتصدي للإرهاب بشكل استباقي. وأضاف أن الوضع الأمني مطمئن جداً، وهنالك تحضيرات كبرى تُتخذ لتأمين عقد القمة العربية التي ستحتضنها تونس في الأيام المقبلة.

المزيد من العالم العربي