Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جدل في الجزائر بسبب منع مسلسل كوميدي

يتضمن إسقاطات عن النظام السابق ورئيس الجمهورية الحالي

الممثلان الجزائريان نبيل عسلي ونسيم حدوش (مواقع التواصل الاجتماعي)

بعدما أزاحت الأحداث السياسية التي عرفتها الجزائر طيلة العام الماضي، جدال "الكوميديا السياسية" في رمضان 2019، فتحت برمجة بعض القنوات المحلية للشهر الفضيل، سجالاً بعد منع مسلسل "دقيوس ومقيوس" من البث، لما يعتقد أنها تتضمن مشاهد تتعلّق بتصوّر ما للحراك الشعبي، وناشطين سياسيين أبرزهم رشيد نكاز المسجون في سجن الحراش، وأيضاً الوزير الأول السابق أحمد أويحي والسعيد بوتفليقة ضمن حلقات "العصابة".

ومنذ فُتح قطاع السمعي البصري، أمام القطاع الخاص قبل ثمانية أعوام، ظلت محاولات قنوات خاصة خوض تجارب في "الكوميديا السياسية"، محل تجاذب لتصلّب موقف السلطة من سيناريو أكثر من مسلسل.

وفي رمضان 2016، داهمت قوات خاصة استديوهات تصوير برنامجين يُبثان على قناة "كاي بي سي" التي أُجبرت على الإغلاق لاحقاً، وصودرت تجهيزات ولوحق فنيون وممثلون بدعوى الإساءة لشخص رئيس الجمهورية ورموز الدولة.

لم تكن تلك هي التجربة "العنيفة" الوحيدة التي واجهت محاولات تقديم أطباق سياسية على شاشات رمضان في فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، لذلك كان غريباً تسجيل ممارسات شبيهة في رمضان الحالي، فقد أعلن الممثلان الجزائريان نبيل عسلي ونسيم حدوش، اللّذان اشتهرا ببطولة "دقيوس ومقيوس"، بأن الموسم الثالث من المسلسل الفكاهي لن يُبثّ خلال رمضان الحالي على قناة "الشروق" الجزائرية الخاصة، بسبب ما وصفاه بـ"المنع من جهات مجهولة".

ومسلسل "دقيوس ومقيوس" مبني على سيناريو الحلقة الواحدة، وفق نص أو قصة تتضمّن إيحاءات سياسية أو اجتماعية، وشاهد الجزائريون السلسلة لعامين على التوالي (2018 و2019)، في الوقت الذي مُنع مسلسل "الرايس قورصو" قبل سنة من البثّ لاحتوائه على "إيحاءات ضد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة".

جهة منعت البث؟

يقول الممثلان عسلي وحدوش إن الحلقات العشرين من الموسم الثالث صُوّرت في تونس، بمشاركة "عشرات الفنانين، وحملت مشاهد كثيرة من الحركة والإثارة، وعرفت هذه السنة تطوراً كبيراً".

وكشف نبيل عسلي عن أنه وزميله "صُدما بقرار منع السلسلة من البث لأسباب نجهلها"، قبل أن يضيف "لا نعلم حتى الجهة أو المؤسسة التي أصدرت قرار المنع".

ولم تُصدر القناة التي كان يُفترض أن تبثّ المسلسل على شاشتها أي تعليق تؤكد فيه قرار المنع السياسي أو أسباب أخرى.

 وقال عسلي "ربما هي مؤامرة من منافسين وصلتهم ربما، صورة خاطئة عن محتوى السلسلة، فالبعض يقول إن السبب هو تعرّضنا لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وهذا غير صحيح، لأنّ سيناريو السلسلة كُتب قبل 6 أشهر، أي قبل إجراء الانتخابات الرئاسية، بالتالي قبل أن يُنتخب تبون رئيساً". وتساءل "كيف منعوا عملاً لم يشاهدوا حلقاته أصلاً؟".          

العصابة تتحدث

ويُظهر "برومو" الإعلان عن المسلسل والمتاح على "فيسبوك"، بعض المشاهد التي تعالج مسألة الإرهاب، وفي أحدها، يستنسخ الثنائي مشهداً للممثل المصري عادل إمام في فيلم "السفارة في العمارة" أثناء حواره مع "سلفيين" يدفعونه "إلى عملية انتحارية مقابل الشهادة في سبيل الله".

 فيما تظهر بعض العبارات الموروثة عن انتقال السلطة في البلاد بعد الحراك الشعبي، خصوصاً "العصابة" بتجسيد شخصية الوزير الأول السابق أحمد أويحي الذي يُعرّف عن نفسه في "البرومو"، قائلاً "مهمة قذرة مثل هذه يلزمها شخص قذر مثلي"، في إشارة إلى الوصف الذي كان يطلقه على نفسه دائماً "أنا رجل المهمات القذرة من أجل بلدي".

ويظهر السعيد بوتفليقة في حلقة أخرى وهو يقول "يجب أن يعرف الشعب أنّنا أبرياء، ومن ثم يعيدها باللغة الفرنسية"، وتتوالى المشاهد لتشمل أيضاً الناشط السياسي المثير للجدل رشيد نكاز، وأخرى داخل سجن مفترض حيث يُسجن "رموز النظام السابق".

وطالب عسلي الجهة التي اتّخذت قرار المنع بأن "تعلن عن نفسها حتى يتسنّى سؤالها وشرح موقفنا"، ووجّه نداءً إلى السلطات من أجل السماح ببثّ السلسلة، "حتى يتسنّى لنا التخفيف عن جمهورنا بعض عناء الحجر الصحي"، قبل تأكيده أن "لا علاقة لنا بكل ما قيل، لأنّنا نمارس الفن ولا نخوض في السياسة".

المنتج التركي؟

في المقابل، تربط تحليلات في الجزائر ما بين منع العمل والمنتج التركي الممنوع من العرض في كل من الجزائر ومصر، ما يعيد إلى الأذهان قراراً سابقاً بمنع المسلسل الكوميدي "الرايس قورصو" الذي أنتجه هو نفسه، وكان مقتبساً من رواية "الكونت دي مونت كريتسو" للروائي ألكسندر دوما.

وعلى الرغم من ذلك، فإنّ نقادا لم يعجبهم استمرار ممارسات شبيهة لفترة النظام السابق. ويقول الناقد المسرحي عمار عيساوي لـ"اندبندنت عربية" إن "السلسلة الممنوعة من العرض، تعالج فكرة الحراك الشعبي ورموز النظام السابق من وجهة نظر نقدية يتفق عليها غالبية الجزائريين. لا أتصوّر أن التحفّظ يكمن في سيناريو وحوار الحلقات بقدر ما أعتقد أنه بداعي استذكار تلك المرحلة ككل".

ويضيف "لا أوافق نيّة التأريخ للحراك من وجهة نظر رسمية وإلّا وقعنا في أخطاء كتابة تاريخ الثورة التحريرية ذاتها".

ويتفق عيساوي في شق آخر مع "ضرورة أخلقة الأعمال الفنية والارتفاع بمستواها، وهذا الأمر لا يجب أن يمسّ بمبدأ مقدّس وهو حرية الإبداع والفكر".

المزيد من منوعات