Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السفير الصيني في لبنان: لا نأكل الخفافيش ولا نسعى إلى قيادة العالم

أكد أن بلاده تدفع في اتجاه عالم تعددي أثبتت المعركة ضد كورونا الحاجة إليه

صيني على متن دراجته في أحد شوارع مدينة ووهان (أ. ف. ب.)

تواجه الصين اتهامات خطيرة بالتسبب بجائحة كورونا التي اجتاحت معظم دول العالم وأدت إلى ركود اقتصادي عالمي غير مسبوق. وتتلخّص فرضية تحميل الصين مسؤولية الفيروس الذي ضرب العالم بروايتين، الأولى تشير إلى تستّر مارسته الصين على حجم الفيروس وخطورته، فأخفت معلومات عن منظمة الصحة العالمية والمجتمع الدولي، ما منع الدول من اتخاذ إجراءات استباقية. أما الرواية الثانية المكمّلة للأولى، فهي فرضية انفلات وباء كوفيد-19 من مختبر للتجارب الفيروسية في مدينة ووهان الصينية التي تُعدُّ معقل انطلاق كورونا نحو العالم.
 

محاكمة دولية

ولم تتوقف الدول الغربية عن تحميل الصين مسؤولية انتشار الفيروس التاجي المستجد، بل أتت الاتهامات من أعلى المستويات، إذ أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب على كورونا تسمية "الفيروس الصيني"، إضافةً إلى اتهامات صدرت عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماركون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والمسؤولين في بريطانيا وأستراليا، وحتى روسيا "الحليفة" التي لا تزال تحافظ على صمتها الرسمي، اتهمت الصين من خلال قول عالم الأحياء الدقيقة البروفيسور الروسي البارز بيتر شوماكوف إن فيروس كورونا المستجد هو نتيجة قيام علماء في مدينة ووهان الصينية بأفعال "مجنونة للغاية" في مختبراتهم.

وينصّ القانون الدولي على معاقبة الدول التي تتسبّب بكوارث نتيجة الإهمال أو التستر. وتعمل جهات عدّة على بلورة اتهام من هذا النوع ضد الصين، إذ من المتوقّع أن تقدم دول غربية أو شركات عالمية على اللجوء إلى القضاء الدولي لمطالبة الصين بتعويضات خيالية تُقدر بمئات مليارات الدولارات، إضافةً إلى عقوبات مالية وحصار تجاري لتحجيم ولوجها الأسواق الغربية، وهو ما بدأت تفصح عنه واشنطن علانية.
 


​​​​​​​"عدو" مشترك

في المقابل، يدافع السفير الصيني في لبنان وانغ كيجيان بشراسة عن بلاده في وجه الاتهامات الموجهة إليها من الغرب، ويقول في حديث لـ "اندبندت عربية" إن "هذا المرض لا يكترث بالحدود ولا يفرّق بين الأعراق، فهو عدو مشترك للبشرية، والصين كانت أول دولة تضرّرت من هذا الوباء، مسجلة أكثر من 84000 إصابة مؤكدة، من بينها 4642 حالة وفاة حتى 23 أبريل (نيسان) الحالي"، مشيراً إلى أن "الوضع العالمي للوباء لا يزال خطيراً للغاية". ولفت إلى أن "الاتهامات الباطلة لا تساعد على مكافحة المرض، بل تنشر الذعر والتعصب والمعارضة بين الأفراد وستلحق أضراراً بالتعاون الدولي لمكافحة المرض"، مضيفاً أنه "يجب تجاوز الخلافات الأيديولوجية بين الدول والامتناع عن ترويج الاتهامات والشكوك التي لا أساس لها من الصحة أو تسيّس التعاون في مكافحة المرض أو تلقي اللوم على الآخرين أو تتنصّل من المسؤولية عن طريق نشر الأكاذيب".
 

لا نأكل الخفافيش!

وحول تاريخ الصين الطويل مع انتشار الأوبئة والأمراض، قال كيجيان إن بلاده "ومنذ القدم، دولة ذات كثافة سكانية عالية وتتعرض مثل دول عدّة لأضرار الأوبئة، كالطاعون والجدري الذي أودى بأرواح عدد كبير من البشر. وتحرص الحكومة الصينية على الصحة العامة واتخذت سلسلة إجراءات في هذا المجال، مثل تطوير القوانين للوقاية والسيطرة على الأمراض وتكثيف حملات التطعيم وتعزيز قدرات المراقبة والإنذار المبكر للأمراض المعدية والالتزام بالتعاون الدولي بنشاط". ولفت السفير الصيني إلى أن بلاده "استخلصت خبرات ودروس من مكافحة أمراض السارس وإنفلونزا الطيور وغيرها من الأوبئة، ما ساعدها في السيطرة بشكل فعال على الطاعون والسل والإيدز وغيرها من الأمراض المعدية الرئيسة التي كانت تشكّل تهديداً خطيراً لصحة الشعب الصيني. واليوم يتزايد الإدراك العام لأهمية اتّباع عادات صحية جيدة، مثل غسل اليدين المتكرر واستخدام العيدان Chopsticks النظيفة لتوزيع أو أخذ الطعام على الموائد".

وعن ارتباط الفيروس بأكل الخفافيش، أشار إلى أن "أكل الحيوانات البرية عمل غير قانوني في الصين ولم أرَ في حياتي خفافيش تُباع في أسواق أو تؤكل في المطاعم أو في المنازل".
 

"مؤامرة هوليوودية"

وحول انتصار بلاده في معركتها ضد الفيروس والقضاء عليه تماماً، رأى كيجيان أن "الصين نجحت في قطع حركة الانتقال المحلي لهذا الوباء بشكل أساسي وبدأت عملية استئناف متدرج ومنتظم للعمل والإنتاج والأسواق والمدارس"، مشيراً إلى أن بلاده لا تزال تواجه ضغط إصابات جديدة، معظمها مستوردة، لذلك لا تستطيع أن تعلن النصر الكامل على هذا الوباء. وهي تحافظ على التدابير الوقائية الصارمة لمنع عودة انفجار الوباء داخلياً واحتواء دخول حالات الإصابة عبر الحدود".

وعن "نظرية المؤامرة"، بخاصة تلك التي ظهرت من خلال روايات وأفلام سينمائية عُرضت قبل سنوات، لفت كيجيان إلى أن "أعمالاً أدبية وسينمائية عدّة في العالم تحدثت عن الأمراض المعدية، على سبيل المثال فيلم هوليوود "عدوى" (Contagion)، إذ يعتقد كثيرون أن حبكة الفيلم تشبه مرض كوفيد-19، فقال الكاتب إن المجتمع الحديث سيتضرّر بتفشّي الوباء عاجلاً أم آجلاً ويجب أن نستعد له". وشرح السفير الصيني في بيروت أن المقصود هو أن "تحافظ البشرية على درجة عالية من اليقظة طول الوقت والاهتمام بالتحديات المشتركة مثل الأمراض المعدية المميتة والعمل بنشاط وتضافر الجهود في الاستجابة"، مضيفاً أن "تحديد مصدر الفيروس هو مسألة علمية وعلينا أن نلجأ إلى الدارسات والأبحاث التي يجريها العلماء والمتخصصون بدلاً من البحث عن الأجوبة في الأعمال الأدبية أو السينمائية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


اتهامات كاذبة

ورفض وانغ كيجيان ادعاءات الرئيس الأميركي بانحياز منظمة الصحة العالمية إلى بكين، قائلاً إنه "منذ تفشّي الوباء، قامت منظمة الصحة العالمية بنشاط في تأدية واجباتها ولعبت دوراً مهماً في مساعدة الدول للتعامل مع تفشّي المرض ودفع التعاون الدولي انطلاقاً من الموضوعية والعلم والعدالة". وأشار إلى أن "الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ودول عدّة مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا واليابان عبّرت عن دعمها للمنظمة، كما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تبنّت قراراً بالإجماع يؤكد أهمية دورها، إضافةً إلى البيان الصادر عن دول مجموعة العشرين الذي أبدى دعماً كاملاً لدورها والالتزام بتعزيز هذا الدور في تنسيق الاستجابة الدولية للمرض، ما يعكس الرأي المشترك للمجتمع الدولي".

وأوضح كيجيان أن "الصين مستعدة لمواصلة تقديم المساعدات في حدود قدراتها للدول التي تحتاج إلى الدعم. عندما ترى الصين تزايداً في عدد الوفيات بسبب الوباء، تمدّ يدها للمساعدة، انطلاقاً من الحس الإنساني وليس بهدف سياسي"، مؤكداً أن "المساعدة أمر طبيعي في حين أن الوقوف على الحياد، تصرف مستهجن"، ومشدّداً على أن "الشعب الصيني لن ينسى ما قدمه المجتمع الدولي له من دعم ومساعدة قيّمة في أصعب أوقات مكافحة وباء كوفيد-19".
 

عالم متعدد الأقطاب

ورأى أن "تفشّي وباء كورونا يدل مرة أخرى على أن البشرية مرتبطة بمصير مشترك، إذ تتضامن في السراء والضراء، وهذه ليست المرة الأولى وربما لن تكون المرة الأخيرة التي يشهد العالم فيها حالات طوارئ كبرى مثل وباء كوفيد-19"، متوقعاً أن يواجه العالم اختبارات أمنية سواء كانت تقليدية أو غير تقليدية، في عصر العولمة الاقتصادية، إذ لا تستطيع أي دولة مهما كانت قوتها أن تبتعد عن الأزمة العالمية وتحمي ذاتها من دون مراعاة الآخرين". وصرح أن "دول العالم ستدرك بشكل أعمق من خلال العمل المشترك لمكافحة الوباء أنه لا سبيل لمواجهة المخاطر والتحديات العالمية وبناء ديار جميلة على كوكب الأرض إلّا بالتضامن والتعاون وتضافر الجهود والالتزام بتعددية الأطراف والتمسك بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية".

وردّاً على التساؤلات حول طموح بكين لقيادة العالم ومقومات قدرتها على ذلك، أكد كيجيان أن "الصين لا توافق على نظرية السعي إلى الهيمنة الدولية، وهي من الدول الداعمة لتعدد الأطراف، وتدعو دائماً إلى ضرورة تعزيز هذه التعددية، وتمارسها عبر التعاون الدولي لمكافحة الوباء بشكل فاعل وتؤازر الدور الريادي للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية بقوة وتعمل على التنسيق الدولي للتعاون في مكافحة الوباء وقدمت مساهمة إيجابية في معركة التصدي له بالسيطرة عليه والوقاية منه".

المزيد من حوارات