Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسافرون يقاضون شركات رحلات بحرية وضعتهم في مرمى كورونا

سمحت لهم بالصعود إلى سفنها رغم علمها بإصابة ركاب سابقين بالفيروس وتتحصن بقانون "أعالي البحار"

لحظة وصول السفينة "غراند برنسيس" ميناء أوكلاند في كاليفورنيا (أ.ف.ب)

بعد إعلان ميسوري، أول ولاية أميركية مقاضاة الحكومة الصينية بشأن شفافيتها وسرعة استجابتها للجائحة التي تفشت في العالم وخلفت مئات الآلاف من المصابين وآلاف القتلى في العالم، تتدحرج كرة الدعاوى القضائية لتطال صناعة جديدة، حيث يتهم أصحاب الدعاوى شركات الرحلات البحرية بإخفاء حقيقة إصابة ركاب سابقين على متن تلك الرحلات بفيروس كورونا "كوفيد-19".

ويخشى أصحاب تلك الدعاوى، أن تتجه هذه الشركات للتحصن بـ"قانون الموت في أعالي البحار"، الذي يربو عمره على قرن من الزمن، ويحد من المبلغ الذي يمكن للعائلة المتضررة استرداده من أجل نفقات الجنازة وضياع الدخل. ورغم أن خطوط وشركات الرحلات البحرية لديها تأمينات لتغطية أي نزاعات أو تسويات محتملة، فإن من غير المحتمل أن يكون للحالات الكثير من التأثير المالي على الشركات. ولكن يبقى التهديد الأكبر الذي تواجهه صناعة الرحلات البحرية، الذي يتجاوز المقاضاة القانونية من قبل هؤلاء المسافرين، هو طلب عدم الإبحار ساري المفعول في الولايات المتحدة وإمكانية تمديده إلى ما بعد يوليو (تموز) المقبل.

ولكن مع تزايد القضايا المرفوعة ضد شركات الرحلات البحرية، قد تتجه تلك الشركات إلى مقاضاة الصين واتهامها بالسماح لركاب صينيين بالسفر على متن السفن رغم علم السلطات في بكين بتفشي فيروس كورونا، وكذلك التكتم على المرض لأسابيع، ما يرجح إصابة العديد من الركاب بالوباء بعد تفشيه عالمياً، الأمر الذي يفتح الباب أمام طلبات تعويض تقدر بمئات الملايين من الدولارات ضد الصين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صناعة الرحلات البحرية

ويقدر حجم هذه الصناعة في العالم بـ150 مليار دولار، وكانت من أوائل الصناعات التي تعرضت لضربة قوية جراء كورونا، فكلنا تابع منظر السفن السياحية التي جابت البحار بحثاً عن ميناء يَقبل بأن ترسو فيه وهي تحمل مئات المصابين بالوباء والأصحاء أيضاً، واستغرق الأمر أسابيع طويلة كي تتحرك حكومات العالم لبذل جهود للإفراج عن جنسياتها من المسافرين العالقين على ظهر السفن السياحية العملاقة، وهذه الذكريات ستبقى عالقة في ذاكرة من اعتادوا هذه الوسيلة في أسفارهم. وبحسب جمعية الرحلات البحرية، فقد استخدم 25 مليون مسافر الرحلات البحرية حول العالم في 2019.

وقد رست آخر سفينة سياحية تقل ركاباً هذا الأسبوع، حيث أنزلت "كوستا ديليزيوسا"، الثلاثاء الماضي، ركابها في جنوة بإيطاليا، ما سمح لأكثر من 1500 شخص بالعودة إلى منازلهم بعد رحلة استغرقت 113 يوماً.

وبموجب أمر من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، سيكون هناك ثلاثة أشهر أخرى على الأقل لتتمكن السفن السياحية من الإبحار مجدداً من موانئ الولايات المتحدة. في غضون ذلك، تتعامل خطوط الرحلات البحرية مع مجموعة من الدعاوى القضائية المرفوعة من قبل الركاب والطاقم الذين يتهمون الشركات بالإهمال وتعريض الركاب لفيروس كورونا.

"غراند برنسيس"

وأدركت ديبي تشاليك، المحامية من فلوريدا، للمرة الأولى وجود حالات إصابة بالفيروس المستجد في سفينة "غراند برنسيس"، لأن والديها كانا على متنها. وقالت "عندما اكتشفتُ أن السفينة عادت مبكراً بسبب انتشار (كوفيد-19)، كنت غاضبة حقاً، ومستاءة جداً بشأن الطريقة التي تم بها التعامل مع كل شيء".

ولقي شخصان حتفهما وأصيب أكثر من 100 شخص بالفيروس على متن السفينة السياحية، التي تم الاحتفاظ بها في البحر لأيام عدة قبل أن تسمح السلطات لها بالرسو في أوكلاند، بكاليفورنيا، في 9 مارس (آذار) الماضي. وتمثل المحامية شاليك 36 عميلاً على الأقل قالت  إنهم تعرضوا للفيروس بسبب إهمال "غراند برنسيس"، وقالت إن الشركة سمحت لأكثر من ألفي راكب بالصعود من دون تحذيرهم من تفشي الفيروس في الرحلة السابقة. وبقي أكثر من 60 راكباً من تلك الرحلة على متن الطائرة، وتعرضوا لاحتمالات الإصابة بالفيروس.

وتمثل ديبي أيضاً الركاب الذين كانوا على متن سفينة سياحية أخرى تضررت بشدة من فيروس كورونا وهي "روبي برنسيس"، ومن بين القضايا دعوى قضائية تم تقديمها نيابة عن أفراد عائلة تشونج تشين البالغ من العمر 64 عاماً، والذين أصيبوا بالفيروس في حين توفى تشين بعد عودته إلى المنزل. وكانت السفينة أبحرت خارج سيدني، أستراليا، في 8 مارس الماضي بعد اندلاع "كوفيد-19" في الرحلة السابقة.

وتقول المحامية من فلوريدا، إن سفينة "برنسيس كروزس" كانت تعرِف بالتأكيد أن هذا أمر خطير للغاية، لقد تعاملوا مع تفشي المرض في آسيا مع سفينة "دايموند برنسيس"، حيث توفي ثمانية أشخاص على متنها، وأثبتت نتائج اختبارات الكشف عن فيروس كورونا أكثر من 700 إصابة في أوائل فبراير (شباط) الماضي.

رد الشركة

وقالت الشركة إنها لا تعلق على الدعاوى المعلقة، لكنها أصدرت بياناً قالت فيه "لقد كانت سفينة (برنسيس كروزس) حساسة للصعوبات التي سببها تفشي كورونا لضيوفنا وطاقمنا، وقد ركزت استجابتنا طوال هذه العملية على رفاهية ضيوفنا وطاقمنا ضمن المعايير التي تمليها لنا من قبل الجهات الحكومية المعنية والفهم الطبي المتطور لهذا المرض الجديد.

كما هو الحال في الدعاوي القضائية الأخرى المشابهة، يزعم المحامون أن شركات الرحلات البحرية أخفت عن الركاب أن الأشخاص الذين كانوا في رحلة سابقة لديهم أعراض كورونا. دعوى قضائية أخرى في ميامي تسعى إلى اتخاذ إجراء جماعي لموظفي رحلات المشاهير الذين يقولون إن الشركة لم تقدم معدات واقية مناسبة وتعرضهم من دون داعٍ للفيروس.

وقال سبنسر أرونفيلد، محام لديه قضايا عدة مرتبطة بجائحة كورونا لـمحطة راديو "إن بي آر"، إن "تتبع خط سير هذه الأنواع من الحالات قضائياً أمر صعب للغاية"، لأن خطوط الرحلات البحرية تتمتع بحزم من الحماية. إنها ليست شركات أميركية ولا تخضع لأنظمة الصحة والسلامة مثل قانون السلامة والصحة المهنية (OSHA) أو قانون الأميركيين ذوي الإعاقة (ADA).

ويرى أن الطريقة الوحيدة لتحميلهم المسؤولية الحقيقية في قاعة المحكمة هي إظهار قاض وهيئة محلفين أن أفعالهم كانت غير معقولة في ظل هذه الظروف، وهذا مصطلح فضفاض للغاية، فقد تجاهلوا المعلومات حول الوباء ولم يحذروا الركاب.

اتفاقية الحجز هي الأمان

العامل الرئيس الذي يحمي خطوط الرحلات البحرية هو اتفاقيات الحجز التي يوقعها كل راكب، التي ستقف عائقاً أمام طريقة ومكان رفع الدعاوى القضائية. وقال أرونفيلد إن "الشركات تستفيد أيضاً من القوانين البحرية التي شُرِعت منذ عقود".

"أحد الكلاسيكيات"، كما سماها، هو قانون "الموت في أعالي البحار"، وعمره قرن من الزمن، ويقلص المبلغ الذي يمكن للعائلة استرداده من أجل نفقات الجنازة وضياع الدخل. وينطبق ذلك على أي حالة وفاة تحدث جراء الأحداث التي تقع على بعد أكثر من ثلاثة أميال من الشاطئ. وقال أرونفيلد "إن أحد التحديات التي سنواجهها هو معرفة مكان السفينة بالضبط عندما أصيب ذلك الراكب بالفيروس".

من جانبه، توّقع مارتن ديفيس، المتخصص في القانون البحري في جامعة تولين، أن تشير الخطوط البحرية إلى قانون الموت في أعالي البحار عند عرض تلك القضايا على المحاكم. وقال "أنصح المدعين بأن يقولوا إن الفعل غير المشروع وقع على اليابسة، مع عدم فحص الركاب قبل صعودهم على متن الطائرة".

وتابع "ربما يكون أكبر تحد يواجه الأشخاص الذين يقاضون خطوط الرحلات البحرية هو عدم اليقين ونقص المعلومات حول الفيروس". مضيفاً "إن العلم وراء كيفية انتشاره وكيف كان يمكن منعه لم يُعرف بعد، ومع قلة المعلومات العلمية المتاحة حول الفيروس فإن إثبات أن خطوط الرحلات البحرية مسؤولة سيكون صعباً".

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات