قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن على الشعب الأميركي أن يعبّر له عن "شكره الجزيل" على تصديه للفيروس، وذلك في اليوم ذاته الذي أُعلن فيه أن عدد الضحايا الذين أودى بحياتهم كوفيد-19 في الولايات المتحدة تجاوز40000 شخص.
وسُئل الرئيس في المؤتمر الصحافي اليومي الذي يعقده عن سبب تأخر إدارته في الاستجابة لانتشار الفيروس المستجدّ طوال شهر فبراير(شباط) الماضي، فجاء جوابه دفاعياً مرة أخرى، إذ قال "أنا مقتنع بأنه لم تكن هناك حالات وفاة حين أقفلتُ البلد... وأنت يجب أن تقول لي شكرا جزيلا".
والواقع أن الرد الوحيد للإدارة الأميركية على انتشار فيروس كورونا كان فرض حظر السفر على الصين في نهاية شهر يناير (كانون الثاني)، وظل الرئيس ترمب يتباهى باتّخاذه هذا القرار مراراً وتكراراً.
لكن حظر السفر كان فقط على المواطنين الأجانب وسُمح بعودة الأميركيين من الصين إلى الولايات المتحدة. وهكذا عاد أكثر من 40 ألف أميركي إلى الوطن وعلى الأغلب جلبوا معهم الفيروس الذي أخذ ينتشر، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى الرغم من صحة ما قاله الرئيس الأميركي عن عدم وجود أية حالة وفاة عند تطبيق حظر السفر على الصين، فإنّ الخبراء حذروا حينها أن الولايات المتحدة متشبّعة على الأرجح بفيروس كورونا. وظل كثيرون منهم يرددون أن إقفال البلاد بشكل أسرع كان سيمنع وقوع إصابات ووفيات أكثر.
يُذكر أن الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير "المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية" وأحد كبار مستشاري الحكومة بشأن جائحة كورونا، كان من أنصار هذا الرأي. فقد أوضح لشبكة "سي إن إن" أنه "من المنطقي القول إنه لو كان لديك عملية متواصلة وبدأتَ فيها بوقت أبكر، لكان بإمكانك إنقاذ أرواح أكثر حالياً". لكنه سحب هذه التعليقات لاحقاً بعدما واجه ردود فعل عنيفة لتكلّمه ضد إدارة ترمب.
في هذه الأثناء، تخطّى عدد الوفيات في الولايات المتحدة يوم الأحد الماضي حاجز الـ 40 ألف شخص، إذ بلغ 40.461، حسبما أفادت جامعة جونز هوبكينز.
ولدى سؤال ترمب في المؤتمر الصحافي الأخير ما إذا كان هذا هو الوقت المناسب للتفاخر بجهوده نظراً إلى ما سبّبه الفيروس المستجد من أذى على حياة الأميركيين، أجاب "أنا أقف احتراماً للرجال والنساء الذين يقومون بعمل عظيم كهذا، لا لنفسي... لو أننا لم نفعل ما فعلناه، فإن الأربعين ألف وفاة الحالية كان بإمكانها أن تصل إلى مليون".
وحين ألحّ مراسل الـ "سي إن إن" بالسؤال عن سبب عرض الرئيس فيديوهات يظهر فيها أشخاص يطرون عليه بعد موت الآلاف حتى الآن من الفيروس المستجدّ، رد ترمب من دون أن يجيب عن السؤال "أنت من الـ سي إن إن... وأخباركم زائفة... أنتم من دون العقل الذي كنتم تملكونه حين ولدتم".
تجدر الإشارة إلى أن "مراكز السيطرة على المرض ومنعه" أصدرت إلى جانب إدارة ترمب، إجراءاتها المتعلقة بالتباعد الاجتماعي يوم 16 مارس (آذار) الماضي، ثم جرى تمديد فترة تطبيق هذه الإجراءات لاحقاً إلى 30 أبريل (نيسان) الحالي. وأصدر كذلك غالبية حكام الولايات أوامر ببقاء السكان في بيوتهم لتقليص رقعة تفشّي كوفيد-19.
والواقع أن الرئيس الأميركي كان على صواب حين قال إن هذه الإجراءات ساعدت على منع الإصابات من الوصول إلى المستويات المرتفعة التي أوردتها التوقعات الأولية. لكن يبقى من غير الواضح مدى التأثير الممكن في وضع الفيروس في الولايات المتحدة لو أن إدارة ترمب اتّخذت إجراءات أقوى في فبراير الفائت.
من ناحيته، قال الرئيس متباهياً بالنجاح في منع التكهنات المبكرة من التحول إلى واقع ملموس "شيء واحد أسهم في تحقق ذلك وهو يعود إلى الشعب الأميركي. فهو أدى عملاً لم يفكر أي شخص من قبل أنه ممكن. إن تلك التوقعات قامت على نماذج لا تستند إلى هذا النوع من النجاح".
وإضافة إلى رفضه للانتقادات بسبب التأخر في اتّخاذ إجراءات صارمة، واظب الرئيس الأميركي خلال الجائحة على تقديم أعذار تخفيفية أخرى للدفاع عن إدارته من خلال الزعم بأن التقصير يعود إلى ما ورثته من إدارة أوباما. وفي هذا الصدد، قال ترمب "نحن ورثنا الكثير من النفايات... أجهزة تنفس صناعي في حال مرثية". كما زعم بأن أجهزة الفحص لدى "مراكز السيطرة على الأمراض" لم تكن بالمستوى المتوقع بسبب الإدارة السابقة أيضاً.
لكن كوفيد-19 لم يكن موجوداً حين كان باراك أوباما رئيساً. وخلال أزمة إيبولا، أسّس أوباما "مديرية مجلس الأمن القومي للأمن الصحي العالمي والدفاع البيولوجي" التابعة للبيت الأبيض. وشُكِّلت تلك المؤسسة لغرض واحد هو مواجهة الأوبئة والجائحات. وحين بدأ ترمب رئاسته قرّر حلّ مكتبها.
كذلك صارعت "مراكز السيطرة على الأمراض" لإجراء الفحوص اللازمة لتشخيص الإصابة بـكوفيد-19 بعدما قررت عدم استعمال أدوات الفحص التي حصلت عليها من "منظمة الصحة العالمية"، مفضلةً الاعتماد على ما كان في حوزتها هي من أدوات فحص. غير أن الجولة الأولى من الفحوصات في شتى أنحاء الولايات المتحدة أثبتت أن هناك خللاً في هذه الأدوات، وكانت هذه المنظمة بطيئة في إجراء أعداد كبيرة من الفحوص للسكان داخل الولايات الأميركية. ولم تردّ إدارة ترمب على التساؤلات عن أسباب حصول هذا كله في بداية تفشّي الجائحة.
إلى ذلك، شكّل ترمب فريق عمل تابع للكونغرس للتركيز على إعادة فتح الولايات المتحدة، ويضم أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ ليس بينهم ميت رومني، السيناتور الجمهوري عن ولاية أوتاه، الذي استبعده الرئيس منه.
وفي هذا الصدد، قال الرئيس الأميركي "أنا لستُ من المعجبين برومني. لا أريد حقاً نصيحته". وكانت هناك صدامات بينهما طوال ولاية ترمب الرئاسية، فرومني يبقى السيناتور الجمهوري الوحيد الذي ينتقد ترمب بشكل متواصل.
© The Independent