Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تقنين الإنفاق خيار الضرورة بفعل كورونا والانكماش الاقتصادي

مستشارة روسية: على واشنطن التعاون مع الدول المنتجة لتثبيت أسعار النفط

حفارا نفط في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)

التطورات الدراماتيكية الحاصلة في أسواق النفط، جاءت بعد أن انتعشت الآمال أخيراً بالاتفاقية التي توصلت إليها مجموعة "أوبك +"، وتقضي بخفض إنتاج النفط بمقدار 9.7 مليون برميل يومياً، ابتداءً من مطلع مايو (أيار) المقبل. مع التزام السعودية وروسيا، بتنفيذ التخفيضات المستهدفة المتفق عليها خلال العامين المقبلين، في خطوة وصفت في ذلك الوقت بأنها ستدعم أسعار النفط بعد الخلاف النفطي الذي نشب بين البلدين، إلى جانب التراجع في الطلب على النفط، وتداعيات تفشي كورونا على الاقتصاد عالمياً. ولا يعرف كيف ستتعامل كل من الرياض وموسكو اللذين يراقبان أوضاع سوق النفط عن كثب، مع أخبار تراجع الأسعار الصفرية للنفط الأميركي، إلى أدنى مستوى له في التاريخ أمس، وانخفاض سعر العقود الآجلة لخام غرب تكساس، الذي من المقرر أن ينتهي اليوم الثلاثاء.

ويتوقع المتخصصون أن تكون لأسعار النفط المنخفضة المستمرة عواقب سلبية على اقتصادات الدول المنتجة. وقالت مستشارة المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية إلينا سوبونينا لـ"اندبندنت عربية"، "إن الانخفاض غير المسبوق في أسعار النفط الأميركي يشير مرة أخرى وبقوة إلى ضرورة تعاون جميع منتجي النفط في العالم، حيث تقود الصراعات إلى مزيد من المشكلات للجميع، لهذا السبب جلست السعودية وروسيا على طاولة المفاوضات واتفقتا مع دول (أوبك+) على خفض الإنتاج، لأن البلدين يدركان أن الصراعات ستكون مضرة للجميع، وعلينا التذكير بأن روسيا، وقبل الاتفاق الأخير، كانت قد دعت الولايات المتحدة في العديد من المناسبات للتعاون بشكل نشط مع مجموعة (أوبك+). وفي حقيقة الأمر كان هذا أحد الشروط التي وضعتها روسيا، الذي تم تجاوزه فيما بعد".

وأضافت، "أن هذا الهبوط الصفري في أسعار النفط الأميركي سيرسل رسالة واضحة للرئيس ترمب مفادها، أنه لابد أن تتعاون الولايات المتحدة مع روسيا والدول الخليجية في تثبيت أسعار النفط بالأسواق العالمية".

وعن توجهات أسعار النفط ذكرت، "أنه لا يمكن لأحد التكهن بمستقبل أسعار النفط في ظل استمرار تفشي كورونا بالعالم. ومن الممكن أن تعاود أسعار النفط الارتفاع فيما بعد، ولكن من المهم التشديد على أهمية التعاون الدولي في تثبيت أسعاره، وإلا ستكون عودة الأسعار إلى الارتفاع عملية بطيئة".

مدخرات روسية لمواجهة الأزمات

وترى مستشارة المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، "أن جميع البلدان المنتجة تواجه اليوم تداعيات التراجع الحاد في العوائد النفطية، وبالتالي لابد من تقليص النفقات، بما فيها خفضها في المجال الاجتماعي". وأضافت، "بالنسبة إلى روسيا فإنها تمتلك رصيداً مالياً متراكماً من المدخرات عبر السنين الماضية، لم تستخدمه حتى الآن، وتكتفي بالإنفاق من الدخول المتاحة حالياً، التي تستخدمها أيضاً في تقديم المساعدات الاجتماعية للشعب الروسي في مواجهة كورونا، وربما مستقبلاً ستحتاج روسيا إلى تقويض الإنفاق، ولكن حالياً وبسبب الركود الاقتصادي وتفشي الوباء تتجه إلى زيادة المساعدات الاجتماعية التي تقدمها".

وخليجياً، يُقدَّر أن يحقق جميع دول مجلس التعاون الخليجي عجزاً مالياً كبيراً على المستوى الحالي لأسعار النفط. ومن المتوقع أن يؤدي انخفاض الأسعار الناتج عن وفرة العرض وانخفاض الطلب من المشترين الرئيسيين للنفط إلى نقص مالي في دول مجلس التعاون الخليجي، في حين يتوقع أن يستفيد المستوردون من التراجع الكبير في أسعار النفط الأميركي.

وكان ارتفاع النشاط الاقتصادي غير النفطي الإقليمي في 2017 مدعوماً بتعزيز أسعار النفط، الذي كان بدوره مدعوماً باتفاق أوبك+ وخفض الإنتاج، وسيتطلب انخفاض الإيرادات تراجعاً مجدياً في الإنفاق الحكومي لدول الخليج، كما كان الحال في 2015 و2016، للحد من حجم العجز المالي.

وتوجهت حكومات خليجية بالفعل إلى خفض إنفاقها الحكومي لتلافي حدوث أي عجز مالي راهن ومستقبلي في ظل تداعيات كورونا، التي شلت العديد من القطاعات الحيوية في المنطقة، على رأسها صناعة السياحة والسفر. واتخذت حكومات الخليج العديد من الإجراءات والتدابير لخفض الإنفاق وشد الأحزمة تضمنت:

- إيقاف التعيينات في القطاع الحكومي لكافة الوظائف الشاغرة والمستحدثة في الموازنة العامة للعام المالي 2020.

- مراجعة كافة العقود الحكومية القائمة.

-  إيقاف كافة أشكال المكافآت والترقيات بكل أنواعها.

-  عدم صرف بدائل السفر والطيران والاتصالات والمواصلات للموظفين الحكوميين.

-  إيقاف المخصصات المالية للمؤتمرات والفعاليات والتدريب والاستشارات والمهام الخارجية.

-   عدم السماح بأي زيادة في تكلفة المشروعات تحت التنفيذ، وتأجيل العمل في نظيرتها الجديدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كورونا يلقي بظلاله على مستقبل أسعار النفط

ومنذ بداية العام، تراجعت أسعار النفط بعد التأثيرات المركّبة لفيروس كورونا وانهيار اتفاق أوبك الأصلي. مع عدم وجود نهاية في الأفق، واستمرار المنتجين بجميع أنحاء العالم في الضخ، مما يؤدي إلى بيع ناري بين التجار، الذين ليس لديهم إمكانية الوصول إلى التخزين.

وأظهرت هذه الخطوة المتطرفة كيف أصبح العرض مفرطاً في سوق النفط الأميركية مع توقف النشاط الصناعي والاقتصادي بسبب إغلاق حكومات العالم للقطاعات الحيوية مع الانتشار السريع لفيروس كورونا. وأثبتت صفقة إنتاج غير مسبوقة من قِبل أوبك والأعضاء المتحالفين لها قبل أسبوع للحد من العرض، أن الوقت متأخر في مواجهة انهيار ثلث الطلب العالمي على النفط.

من جانبه قال ديفيد بيرنز، رئيس مجلس إدارة مجلس الأعمال الإنجليزي في الإمارات، "أعتقد أننا سنرى تجميداً لعدد من المشروعات العملاقة بدول الخليج في ظل أزمة كورونا. إذ تعتمد على عائدات النفط منذ اكتشافه أواخر الخمسينيات. عندما حضرت للعمل بالإمارات عام 1975، كان سعر برميل النفط لا يتجاوز 8 دولارات للبرميل. ومنذ ذلك الوقت ارتفع سعر البرميل ليصل إلى الذروة 110 دولارات للبرميل. بعدها حظيت أسعار النفط بفترة من الاستقرار، وعاودت أسعار النفط التذبذب، بالإضافة إلى التفاعل مع السعودية وروسيا بخصوص حجم الإنتاج النفطي، وحالة عدم الاستقرار السياسي في المنطقة بسبب إيران، والوضع القائم في سوريا. جميع هذه العناصر كان لها تأثير في قرارات الاستثمار".

أضاف، "أن المشروعات في المنطقة ستتأثر بفيروس كورونا، خاصة أنه لا يمكن القيام بما يلزم لإطلاق هذه المشروعات على الأرض حيث توقف الاجتماعات، والزيارات لمواقع الإنشاء، وزيارة المستثمرين للمشروع. في الوقت الراهن بسبب الحجر المنزلي المفروض في البلدان الخليجية، وبالتالي سيكون هناك تجميد وتباطؤ في إنشاء بعض المشروعات العملاقة في المنطقة. وأعتقد أن الدول ستستخدم هذا التباطؤ الحاصل للتقليل من المخاطر بشأنها؛ أي أننا سنشهد المزيد من الامتثال والتحقق من جدوى هذه المشروعات، كما سنشهد توجهاً أكبر نحو الاستعانة بالرقمنة بها".

تأثر الشركات البريطانية

وعن تداعيات تجميد وتباطؤ وتيرة بناء هذه المشروعات بالمنطقة على الشركات البريطانية، التي تقود تشييدها في الخليج، قال بيرنز، "جميع الجهات الضالعة في هذه المشروعات ستتأثر والشركات البريطانية لها وجود قوي بها، وبطبيعة الحال ستتأثر هي الأخرى. وستجبر أزمة كورونا العالم على العمل بشكل مختلف تماماً،  أي انفتاح أكبر على التكنولوجيا، وهو أمر نراه واقعاً اليوم في خضم الأزمة، وبالتالي هناك بُعد ومنهجية جديدة للعمل نشهدها اليوم بسبب الوباء".

وأكد، "أنه لا يوجد جانب إيجابي لوباء كورونا، ففقدان البشر لأرواحهم بالتأكيد ليس أمراً جيداً، لكن الجانب السيئ في قطاع الأعمال هو تزايد أعداد من فقدوا أعمالهم، وارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير في العالم، وعندما نُجبر نحن البشر على التعامل مع أزمة كتلك التي نعيشها اليوم فإننا سنبحث عن البدائل".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد