Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إصدارات جديدة في عزلة كورونا: مغامرات أميركية ومقتبسات عن الضحك وتأملات في الموت

تقييم لأبرز ستة كتب صدرت في شهر إبريل

بكمامة واقية من الفيروس، أصر محبو الكتاب على الوصول إليه في فرنسا (أ.ف.ب.)

في ظلّ التّهافت الهستيريّ على الشّراء المدفوع بالذّعر لمناديل المرحاض، يبدو من الملائم استهلال عمود إصدارات إبريل (نيسان) بالنّصيحة التي أوردتها الدّكتورة تارا شاين في كتابها "كيف نُنقذ كوكبنا تباعاً"  How to Save the Planet One Object at a Time (الصّادر عن دار"سايمون أند شوستر" للنشر) "جرّبوا المناديل المصنوعة من ألياف الخيزران. فالخيزران ينمو بوتيرةٍ أسرع من الأشجار، عدا أنّه من الزّراعات المستدامة".

ومن نصيحة الدّكتورة شاين، ننتقل إلى فكرة بناء عالمٍ يتمحور حول الإنسان، التي يُناقشها الجرّاح السّابق فيفيك اتش مورثي طولاً وعرضاً في كتابه "معاً عزلة وصحة وما الذي يحدث عند الاتصال"  Together Loneliness, Health and What Happens When We Find Connection (الصّادر عن دار"بروفايل بوكس" للنشر). كان مورثي في صفوف العاملين لحساب أوباما لا ترمب، أعتقد بأنّكم حزرتم ذلك من دون مساعدتي!

وبعد كتاب "معاً"، نُعرّج على كتاب "واو، كلا شكراً"  Wow, No Thank You (الصّادر عن دار "فيبر" للنشر). فيه، تصف الفنانة الكوميدية سامنثا أوربي نفسها بـ"الشّخص العالي الأداء على الرغم من توتره واكتئابه" وتستعرض بأسلوبٍ طريف الحوادث المؤسفة التي طبعت حياتها، على نحو ما تفعل كايا ستون في كتابها "كلّ شيء سيكون ضربة قاضية"  Everything is Going to Be KO(الصّادر عن دار"هيد أوف زوس" للنشر).

ومن بين أفضل بواكير هذا الشّهر "العلاج الواجم"  Silent Treatment لآبي غريفز (الصّادر عن دار "سانتشوري" للنشر) و"أوقات مثيرة" Exciting Times لنويز دولان (الصّادر عن دار"وايندفيلد أند نيكولسون" للنشر) و"حليب قوس القزح" Rainbow Milk لبول مانديز (الصّادر عن دار"دايالوغ" للنشر). هذا بالإضافة إلى رواية "نظافة" Cleanness (الصّادرة عن دار"بيكادور" للنشر) والتي يستكمل فيها غارث غرينويل القصة المربكة لمدرّسٍ أميركي في صوفيا ورواية "محادثات السّلام" Peace Talks الممتعة لتيم فينش (الصّادرة عن دار"بلومسبري" للنشر) ورواية "كيف نلفظ كلمة سكين" How To Pronounce Knife (الصّادرة عن دار "بلومسبري" للنشر) والتي تروي فيها الشّاعرة سوفانخام تامافونغسا، المولودة في لاو، قصة مهاجرٍ في منتصف العمر مهووس بالمغني راندي ترافيس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وفي إطار قصص الإثارة الشديدة التأثير، لا بدّ أن نتوقّف عند سلسلة "مدفون" Buried الجديدة لليندا لابلانت (الصّادرة عن دار "زافر" للنشر) و"ما تبقى مني ملكٌ لك" What’s Left of Me is Yours لستيفاني سكوت (الصّادرة عن دار "أوريون" للنشر) وتدور أحداثها في العالم السّفلي لطوكيو.

وفي ما يتعلّق بكتاب "مكتبة في الجزائر"A Bookshop in Algiers  لكوثر عظيمي (الصّادر عن دار"سربنتس تييل" للنشر)، فهو بمثابة تذكيرٍ مناسب بأهميّة المكتبات المستقلّة. الرّجاء دعم المكتبة المحلية في منطقتكم في هذه الظّروف الصّعبة.

تلك كانت عملية تقييم سريعة لأفضل إصدارات أبريل. أما التقييم الموسّع والمفصّل، فسيكون من نصيب مذكرات كلّ من جيمس نوختي والمؤلف الكوميدي آلن زويبيل والدّكتور ديفيد جاريت، وروايات آن تايلور وجيسيكا أنتوني وإنغريد بيرسود.

 

"حب بعد حب" Love After Love بقلم إنغريد بيرسود ★★★★☆

لغاية أبريل 2018، كانت لا تزال الممارسات الجنسية بين أفرادٍ من الجنس نفسه جريمة في ترينيداد، ولهذا اختارت إنغريد بيرسود ظاهرة رهاب المثلية المخيفة خلفيةً لروايتها الأولى والمؤثّرة بعنوان "حبّ بعد حبّ" Love after Love.

وتدور أحداث الرّواية حول أسرةٍ مبتورة تتألّف من الأرملة بيتي رامدين وابنها الخجول سولو والنّزيل السّيد شيتان. تحمل بيتي على جسدها علامات الذكوريّة الفتاكة التي مارسها عليها زوجها قبل أن تتوفاه المنية. أما الأستاذ شيتان، فيعيش في خوفٍ دائم من كشف ميوله الجنسيّة في بلدٍ تدرج فيه الإساءة إلى مثليي الجنس وتعييرهم بـ"اللّوطيين" و"الشّاذين". وفي ليلةٍ مصيرية، تنكشف الأسرار والمساتير وتسقط الأقنعة ويهرب سولو إلى أميركا.

وعلى الرّغم من غلبة المواضيع الكئيبة على أحداث الرّواية، فهي لا تخلو من السّرد المبهج لحياة الترينيديين المليئة بحوارات مثيرة ولغة مبتذلة تصف العلاقة المتعفّنة بـ"الجثة الهامدة" في مهبّ الأعاصير وتنعت الشّخصيات "الثّانوية" بـ"الدّراويش" وهو مصطلح مهين جداً في ترينيداد.

وليست "حب بعد حب" رواية بريئة من تهمة الخلاعة؛ فالمشاهد المثيرة تملأ صفحاتها، مثلما تملأ صفحاتها الأوصاف المشهيّة للأطعمة والمأكولات. وفي بعض الأحيان، تكاد السّطور بين الجنس والطّعام أن تختلط ببعضها بعضاً، كما عند وصف جسد بيتي بثمرة مانغو جولي ناضجة. وفي مشهدٍ صغيرٍ واحد، تتألّق بيرسود في التقاط فرحة المشاركة في مباراة كريكيت في ترينيداد، من دون أن تغفل عن وصف الرّجل الذي يبرع في بيع المكسرات للجماهير الغفيرة.

وعلى هوى الأحداث والمفاجآت، تخضع كلّ شخصية من الشّخصيات الرّئيسة الثّلاث للاختبار وتواجه ظروفاً موحشة تبلغ ذروتها بعد وقوع جريمة عنفٍ مروّعة. وإلى جانب الألم والغمّ والحسرة، يتحدّث كتاب "حب بعد حب" عن الوفاء والمرونة وأفضل السلوكيات الإنسانية. فعلى حدّ قول بيتي "متى انتهيتَ في قعر البئر تُنادي بأعلى صوتك طالباً النجدة، حينها فقط ستعلم من سيُلقي بالحبل لانتشالك".

 

صدر كتاب "حب بعد حب" لإنغريد بيرسود عن "دار فييبر" (Faber) بسعر 14.99 جنيه إسترليني.

 

"على الطّريق مغامرات أميركية من نيكسون إلى ترمب" On the Road American Adventures from Nixon to Trump بقلم جيمس نوختي ★★★★☆

يستعين المذيع جيمس نوختي بعنوان رواية جاك كيرواك "على الطّريق" On the Road  (1957) لتسمية مذكرات تجاربه في أميركا، لكن مع بعض التّحفظات. فعلى الرّغم من اتّخاذه قرار فضح الحكاية "التي يُخبرني فيها غور فيدال التّفاصيل المؤسفة لتجربته الجنسية مع كيرواك"، يؤكّد نوختي أنّه "لا يأبه لاستذكار" التفاصيل الحميمة.

وحرصاً منه على الإضاءة على القضايا المهمة، ينكبّ نوختي على تقديم سردٍ متعمّق للمراحل المشهودة في حياته وللقاءات التي جمعته بأشخاصٍ رفيعي المستوى. وهنا، يستذكر نوختي "الامتعاض الشّديد الذي ساد الرأي العام" عندما كشفت تسجيلات "ووترغيت" البذاءة التي يُمكن أن تصدر عن الرّئيس ريتشارد نيكسون. لكن السّؤال الذي يطرح نفسه الآن هل لا يزال تعليقاً معقداً على شاكلة "لا آبه أبداً بلليرة" مثار صدمة في ظل أجواء البيت الأبيض الحالية؟

وعلى امتداد صفحات الكتاب، يروي نوختي الكثير من النّوادر؛ ولعلّ الأشدّ تعبيراً بينها اثنتان تخصّان رئيسي وزراء بريطانيين في رحلتيهما للمقلب الآخر من العالم. تتناول النّادرة الأولى مارغاريت ثاتشر التي فضحت مشاعرها الحقيقية تجاه رونالد ريغان أثناء ارتشافها كأساً كبيرة من الويسكي. فالدّيبلوماسي، صديق نوختي، كان موجوداً في الغرفة حين سألها وزير الخارجية اللورد كارينغتون عن اجتماعها بالرّئيس الأميركي وأجابته عن ريغان بعدما ربتت على رأسها "الوضع ميؤوسٌ منه يا بيتر". أما النّادرة الثانية، فتستهدف توني بلير الذي لم يظهر بصورةٍ تليق بمقامه لمّا زار البيت الأبيض في عهد بيل كلينتون، حيث لم يقوَ على "كبح حماسته الشديدة لجلوسه على المائدة نفسها مع باربرا سترايسند".

والملاحظ أنّ كتاب "على الطّريق" يزخر بأخبارٍ كثيرة عن دونالد ترمب، لكنّها ليست بأخبارٍ جيّدة. فالرّجل الذي ألهم شخصيّة بيف المتنمّر في سلسلة أفلام "العودة إلى المستقبل" Back to the Future، أمضى الأيام الـ223 الأولى من ولايته في لعب الغولف (هنا، يستعين نوختي بتسجيلات رسميّة للبيت الأبيض). لكنّ هذا لا يعني أبداً أننا لن نتوق قريباً لليوم الذي كان يقتصر فيه عمل الرؤساء على ممارسة لعبة الغولف، يقول نوختي مقتبساً عن أحد كبار محللي شؤون الانتخابات (لم يذكر اسمه) الكلام الآتي "لو تهيّأ لترمب بأنّه سيخسر الانتخابات أواخر عام 2020، توقّعوا بأن يفعل أيّ شيء كي لا يخسرها؛ أيّ شيء".

"على الطّريق" مذكرات محنّكة لا شك ستنال إعجاب طلاب التّاريخ الأميركي المعاصر وتكون خير متعةٍ لهم.

 

صدر كتاب "على الطّريق مغامرات أميركية من نيكسون إلى ترمب" لجيمس نوختي عن دار "سايمون أند شوستر" Simon & Schuster للنشر بسعر 20 جنيهاً إسترلينياً.

 

"أصهب على قارعة الطّريق" Redhead by the Side of the Road بقلم آن تايلور ★★★★★

على الرغم من سنواتها الثماني والسّبعين، لا تزال آن تايلور الحائزة على جائزة "بولتيزر" تكتب بأسلوبٍ أنيق ينمّ عن حكمة رفيعة. "أصهب على قارعة الطريق" هو إضافة رائعة لمجموعتها الأدبية التي تتضمّن "دروس في التنفس" (Breathing Lessons) و"السّائح العرضي" (The Accidental Tourist).

وصحيح أن الشّخصيتين الرّئيسيتين في روايتها الجديدة مغموطتان – ميكا مورتيمر، خبير كومبيوتر مغمور وكاس، حبيبة ميكا العابرة – لكنّهما خير تجسيد للحماقات التي يُمكن أن يرتكبها المرء في حياته. فميكا شخص مزعج، لكنّه في الوقت نفسه محبوب بشكلٍ غريب – والأرجح أن تتفقوا معه وتضمّوا صوتكم إلى صوته مطالبين "العالم بالتّروي والسّير من جديد بسرعةٍ مقبولة". وستلحظون على مرّ الرواية أنّ ميكا يتحمّل الكثير من زوج أخته الذي لا يتوانى عن مضايقته ("هل اليوم هو يوم التّكنيس؟" أم أنّه يوم مسح الغبار؟ هل هو يوم فرك ألواح الأرضيّة بأعواد تنظيف الأذن؟")، كما ستلمسون ذهوله واستغرابه من طبيعة الحب المراوغة وصعوبة مدّ أواصر التّواصل مع الآخر.

وللشخصيّات المسنّة – قل الشخصيات "المغمورة" التي لها "سيقان خشبيّة" – حصة في رواية تايلور الجديدة وهي تستعين بها هذه المرة للإضاءة على رسالة أساسية ولطيفة في آن. ففي أحد مشاهد الكتاب الرئيسة، تظهر المدرّسة كاس وهي تشرح لتلاميذها الصّغار فداحة الخطأ الذي يقترفونه عندما يشمئزون من أيادي السيدات المسنات اللواتي يزرنهم في دار الرّعاية، طالبةً منهم التصرّف بلطافة زائدة مع هذه "المجموعة من القلوب المكسورة"، على حدّ وصفها.

لكنّ العالم خارج دار المسنين لا يخلو من القلوب المكسورة. وفي خضمّ الرواية، نستشعر هذا الأمر مع اقتحام الماضي حياة ميكا بطريقةٍ غير متوقعة، متسبباً له بشتّى أنواع الاضطرابات والمصائد ومرغماً إياه على مواجهة الحقيقة المرّة "حياته الرّوتينية المملّة".

"أصهب على قارعة الطّريق" هو إثبات جديد على عظمة آن تايلور وريادتها في مجال الأدب المعاصر – كيف لا والخاتمة وحدها تكفي لرفع معنويات أيٍّ كان.

في التّاسع من أبريل، صدر كتاب "أصهب على قارعة الطّريق" لـآن تايلور عن دار "شاتور أند ويندوس"  Chatto & Windus للنشر بسعر 14.99 جنيه إسترليني.

"مقتبسات الضّحك قصّتي في تطوير حسّ الفكاهة لدى الفكاهيين" Laugh Lines My Life Helping Funny People Be Funnier بقلم آلن زويبيل ★★★★☆

في مذكرات آلن زويبيل الممتعة دليلٌ متكامل بأسماء نخبة صنّاع ونجوم الكوميديا والتّرفيه في أميركا المعاصرة – ونذكر من بين هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر توم هانكس وميل بروكس وستيف مارتن ومارتن شورت وورب راينر ولاري ديفيد وريتشارد لويس وبيلي كريستال. وفيها أيضاً، قصة مهمة عن إيريك كلابتون الذي شارك في إعداد أغاني فيلم "قصة نحن" The Story of Us من كتابة زويبيل الحائز على جائزة إيمي.

وكان زويبيل، صاحب التّاسعة والسّتين عاماً، قد أوقف العمل على فيلم "هنا اليوم" Here Today مع كريستال ليتفرّغ لكتابة مذكراته. وفي مستهلّ هذه المذكرات، يتحدّث زويبيل عن السّنوات التي أمضاها في كتابة محتوى برنامج "ساتورداي نايت لايف" Saturday Night Live وعن لذّة العمل مع فنانين ارتجاليين، على شاكلة جون بيلوتشي ودان أيكرويد. ويتذكّر زويبيل كيف قاطع شيفي شايس، الذي يلعب دور الغبي، حديثاً بين روبرت ألتمان وغور فيدال ونورمان مايلر، الأمر الذي أثار غضب مخرج "ناشفيل" Nashville المرموق ودفعه إلى الانصراف.

وكان لزويبيل حصّته من الأخطاء. فبعد امتناعه عن تناول وجبةٍ في "غرفة الشّاي الرّوسية" في نيويورك، قرّر الهزء بأسطورةٍ في الموسيقى الأميركية. "استجمعتُ كامل جرأتي لأقول لبول سايمون القصير القامة، "إنّها تُمطر الآن، لكنّك لا تعرف ذلك بعد". والحمد لله أنّه ضحك"، يُخبر زويبيل.

وفيما كان زويبيل يشقّ طريقه في مجال الكوميديا الارتجاليّة، كان لاري ديفيد يحاول بالمثل. وقد اعتاد زويبيل مراقبته فيما يُسلّي نفسه بأفكارٍ خفيّة حول الأفعال الرّومانية. "كان جمهوره يجلس هناك مذهولاً حتى يُغادر خشبة المسرح مؤمئاً بيده كما لو أنّه يقول للحاضرين إنّهم لا يستحقّون وقته،" على حدّ تعبير زويبيل.

وبالنّسبة إلى الجزء المخصّص لغاري تشاندلينغ والذي يتضمن بعضاً من الدّعابات الذكية والعفوية التي اشتهر بها الفنان الكوميدي، أعتقد بأنّه مثير للاهتمام، إذ يتحدّث عن مشاركة زويبيل في مباريات كرة سلة منتظمة في منزل تشاندلينغ إلى جانب مجموعة كبيرة من نجوم الصّف الأول، مثال بن ستيلير وآدم ساندلر وبوب أودنكيرك وساشا بارون كوهن وساره سيلفرمان (التي كانت أفضل من الرّجال). "لا أتذكر أبداً أنني كنتُ السّبب في خلع كتف جود أباتاو"، يروي زويبيل. "لا يزال ذراعي اليمنى أقصر من ذراعي اليسرى"، يؤكّد له جود، "في كلّ مرة أرتدي فيها قميصاً، أتذكرك".

ولا يتعرّى زويبيل من أخطائه، بل يتحدّث عنها بكلّ صدقٍ وشفافية، بدءاً بتعاطيه الكوكايين وصولاً إلى إخفاقاته على مستوى التّأليف والكتابة. وأرى أنّ القصّة التي كتبها عن برنامج "غود سبورتس" Good Sports الذي خصّصته قناة "سي بي سي" لريان أونيل وفرح فوسيت واستحال كارثة، مثيرة حقاً. فهما كانا يتشاجران بشكلٍ مستمرّ وكانت الرّاحلة فوسيت ترفع قميصها وتغمز لزويبيل حتى تُثير غيرة أونيل. كما أنها لم تتردد بشراء سوار كاحل من تيفاني ووضعه على نفقة فريق إنتاج "غود سبورتس". ولمّا أُلغي البرنامج أخيراً، تلقّى زويبيل اتصالاً من وكيله برني يحذّره من أنه بات، بنظر الرؤساء التنفيذيين في القناة، "أدنى الكتاب الكوميديين على السّاحة".

وفي ما يتعلّق بقصة فشل فيلم "نورث" North، بطولة بروس ويليس وجوليا لويس-درايفوس وسكارليت جوهانسون التي كانت تبلغ آنذاك 8 سنوات، فأعتقد بأنها مسلية بشكلٍ مشهود. ففي سياقها، يخبر زويبيل أنّه أيقن بوجود خطب ما في الفيلم لمّا رأى والديه يبكيان في سيارة الليموزين بعد انتهاء العرض الأول. فموقفهما كان سابقاً لتقييم روجر إيبيرت المختصر والمباشر "لقد كرهتُ هذا الفيلم. كرهته جداً جداً جداً. كرهته بكلّ جوارحي. كرهتُ كلّ دقيقة متكلّفة وغبية وفارغة ومهينة بحقّ الجمهور". لكن ما الذي حدث بين الرّجلين لما التقيا بعد مرور 12 عاماً؟ حسناً، عليكم بقراءة الكتاب، فأنا لن أفسد عليكم المردود المضحك لبقية القصة!

ومن بين حكايات زويبيل جميعها، أُفضّل حكاية ماري التي زارت الكاتب فيليب روث (84 سنةً) في المستشفى، بُعيد تسلّم بوب ديلان جائزة نوبل للأدب عام 2016. لم تكن ماري متأكدة ما إذا كان ينبغي بها زفّ خبر النّجاح الذي حقّقه المغني مؤخراً، لتتفاجأ بروث يُصارحها برغبته في مشاركتها خبراً سعيداً وآخر حزيناً وأنه سيبدأ بالأخير "حسناً، لم أفز بجائزة نوبل". والخبر السعيد؟ "سأدخل إلى قاعة مشاهير موسيقى الروك أند رول"، قال روث بوجهٍ خالٍ من التّعبير.

صدّقوا أو لا تصدّقوا، لا يمكن لأحدٍ أن يغلب الفكاهة التي تُستخدم كاستراتيجية للردّ على صفعات الحياة – وكتاب زويبيل ينضح بهذا النّوع من الفكاهة.

في الرّابع عشر من أبريل، صدر كتاب "مقتبسات الضّحك قصّتي في تطوير حسّ الفكاهة لدى الفكاهيين "لـآلن زويبيل عن دار "أبرامز بريس" Abrams Press للنشر بسعر 19.99 جنيه إسترليني.

 

"33 تأمّلاً في الموت ملاحظات من الطّرف الخاطئ للطب" 33 Meditations on Death Notes from the Wrong End of Medicine بقلم ديفيد جاريت ★★★★☆     

لستُ متأكداً ما إذا كانت قراءةُ كتابٍ صريحٍ وقاسٍ عن التّقدم في السّن والموت خلال أزمة كورونا المستجدّة، أمراً جيداً أو سيئاً. لكنّ كتاب ديفيد جاريت هو من دون شك دليل محبّب لمسألة موحشة. وصحيح أنّ الكتاب مليء بلحظات من الفكاهة الحقيقية والإيجابية التي اختبرها جاريت – أثناء عمله مدة 30 عاماً كخبيرٍ استشاريّ في مجال طب المسنين والسّكتات الدّماغية لدى هيئة خدمات الصّحة الوطنية – ولكنّها لا تكفي للتغطية على طبيعته التأملية في الفناء من وجهة نظر رجلٍ يعترف بأنّ "التفاؤل هو أعظم أوهام الجنس البشري".

"اسحب البشرة الرّخوة في مؤخرة يدك وافلتها،" يكتب جاريت، "فلو كنت شاباً، توقّع لبشرتك المطاطية أن تعود إلى مكانها فوراً. ولو كنت مسنّاً، توقع لبشرتك أن تربض مكانها. ما يحدث لبشرتك وأعضائك الظّاهرة، يحدث أيضاً لأنسجتك." تصوّروا أن يقرأ أحدكم هذه العبارة قبل أن يخلد للنوم وهو عالم ومتأكد أنّ أفضل أيام جسمه قد ولّت إلى غير رجعة!

أمضى جاريت حياته الاستثنائية بين كندا والاتحاد السّوفياتي وإفريقيا والمملكة المتحدة، يشهد على أمورٍ صعبة يُحاول معظمنا الإغفال عنها. ففي إحدى المرات، حضر إلى المستشفى الصغير حيث كان يعمل في شيكابالابور جنوب الهند، رجلٌ طاعن في السن وقد لفّ أمعاءه في منشفة بعد تعرّضه لهجومٍ عنيف من بقرة ذات قرنين. يومها، كان جاريت عضواً في الفريق الذي أنقذ حياة ذلك الرّجل. وأنتم يا أعزائي ماذا فعلتم في عملكم اليوم؟

وإلى جانب تجاربه الحياتية الواسعة والغنية، يكشف جاريت عن تأمّلاته الشّخصية في "الميتات الجيدة" والميتات المروّعة، متوقفاً عند الأخطاء التي يرتكبها الطّاقم الطّبي أحياناً تحت وطأة الضّغط. "مع كلّ عملية إنعاشٍ فاشلة، يموت القليل منك وتنبت فيك الخبرة حتماً، والحكمة ربما. ومع كلّ عملية إنعاشٍ فاشلة، تتفهّم أهمية الحياة وضرورة عدم اعتبارها من المسلمات على الرغم من تقلّباتها وعدم إنصافها"، يقول جاريت هذا الكلام، ثم يُثني على اللطافة الزّائدة التي يتميّز بها فريق العاملين في هيئة خدمات الصّحة الوطنية، لينتقل بعدها إلى التوسّع في المشاكل الجديّة التي تُواجه قطاع الرّعاية الصّحية الحديث، بما فيها تراجع الثقة التي كانت في ما مضى الحجر الزّواية لعلاقة المريض بالطّبيب.

فبرأي جاريت، المجتمع اليوم "في حالة إنكارٍ جماعية" بشأن تأثير الشيخوخة في الإنسان. لذا نراه تارةً يضحك على طبابة المسنين – وعلى فكرة عبور الناس إلى "منطقة الشّفق"، كما يُسميّها الاقتباس عن الموسيقي دكتور جون، وتارةً أخرى يسرد تجربته الخاصة مع والديه المسنين. وكلّ من زار منكم قريباً له في دار الرعاية لا يمكن إلا أن يوافقه على الوصف الدّقيق لواقع المسنين هناك الذين يستمعون على مدار الساعة لأغاني الجزء الرّابع من ألبوم "سينغالونغاماكس" Singalongamax لماكس بايغرايفز. "تصوّروا أننّي حفظتُ كلمات أعظم أغاني "ذا سيكرز" The Seekers بعد مرور عامين على زياراتي المنتظمة لأمي!" يقول جاريت ممازحاً.

وفي مقدّمة كلّ فصل تأمّلي والبالغ عددها 33 تأملاً، يستعين جاريت بمقولة من الأدب أو الموسيقى، ومن بينها مقولة لديفيد بووي وأخرى لآيمي واينهاوس.

 يبدو لي أنّ كيني روجر الذي توفّي مؤخراً كان على حقّ منذ البداية أفضل ما يمكن أن يأمله المرء هو الموت في نومه. وقد يظنّ البعض أنّ أنتون شيكوف حظي "بميتةٍ جيدة"، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة بعدما شرب كأساً من الشامبانيا وعلّق بالقول "لقد مرّ وقت طويل مذ شربت الشامبانيا". لكنّ السياق هنا مهم جداً، فشيكوف مات عن عمر 44 سنةً.

أعتقد أنّ الآراء في كتاب "33 تأملاً في الموت" ستختلف بين قارئٍ وآخر. أنا عن نفسي، وجدته مرهقاً لكنه يؤكّد أهمية الحياة ويحتوي على نصيحةٍ لامعة إطبعوا تعبير "توابيت من غانا" وابحثوا عنه في صور "غوغل". هيا، افعلوا ذلك، فالصور رائعة حقاً.

في السّادس عشر من أبريل، صدر كتاب "33 تأمّلاً في الموت ملاحظات من الطّرف الخاطئ للطب "لديفيد جاريت عن دار "دوبلداي" (Doubleday) للنشر بسعر 14.99 جنيه إسترليني.

 

"في دواخل آكل النّمل" Enter the Aardvark بقلم جيسيكا أنتوني ★★★★☆

في بداية كتاب "في دواخل آكل النمل" لجيسيكا أنتوني، يبدو بطل الرّواية، عضو الكونغرس الجمهوري ألكسندر باين ويلسون، منهمكاً في حملة إعادة انتخابه الدّقيقة في مقاطعة فيرجينيا. يظهر أنّه لا يريد بأيّ ثمن أن  يخسر أمام منافسة من الجنس اللطيف، تحديداً المدعوّة نانسي بيفيرز.

فويلسون شاب ثري ووسيم – سخيف وسطحيّ. كما أنه مهووس حقيقي برونالد ريغان، والدّليل على ذلك أنّه يشتري قمصان الكاوبوي ذاتها التي كان يرتديها الرّئيس ويمتلك كنبة مخملية صفراء كتلك التي اعتاد نجم الأفلام السابق الاستلقاء عليها. ولأنّ مستشاريه يعلمون بأنّ هذه الصورة الخرقاء لن تؤتي ثماراً جيدة مع الناخبين، نصحوه بـ"البحث عن زوجة" تدعم مسيرته السّياسية.

لكن فجأة، تنفضح أسرار حياة ويلسون الخاصة وتُمسي على كلّ شفةٍ ولسان بعد سلسلة أحداثٍ غريبة بدأت بتوصيل شركة "فيديكس" FedEx آكل نمل محنّط إلى عتبة منزله. وبأسلوبٍ رائع وببراعة مطلقة، تسرد أنتوني قصة انهيار مسيرة ويلسون المهنية وتحوّلها إلى فضيحة ومهزلة، محاولةً بطريقة كوميدية نزع أحشائه وإعادة حشوه بأخرى لكن هذه المرة لأسبابٍ وجيهة.

وبالتوازي مع هذا كلّه، تظهر حبكة مبتكرة حول الرّجل الإنجليزي الذي "شكّل" الحيوان الأفريقي الغريب قبل 170 عاماً من وصوله إلى ويلسون. وذاك الرّجل هو محنّط الحيوانات، تايتوس هاميلتون الذي عاش حياةً تملؤها الأسرار. فقصة حبه الخفية والقوية وانهيار حياته بسبب النّظام الطّبقي في إنجلترا أيام العصر الفيكتوري، تؤذن بالرّياء العام والخاص الذي سيُطيح شخصية عامة رائدة في "قطاع النفط" في سياسة العصر الحديث.

لو أخبرتُ المزيد عن هذه الحبكة، فإنني سأفسد عليكم متعة قراءة هذا الكتاب التأملي والمعقّد – بجزءيه الساخر والغامض – وبما يتضمّنه من معلومات مناسبة عن رهاب المثليين. لذا سأتوقف عند هذا الحدّ وأكتفي بأن أقول لكم إنّكم لو كنتم مثلي فسينتهي بكم الأمر في الوقوع بحبّ آكل النمل الفعلي (ليس خطأه إن كان نازياً) والاستمتاع بعالم تحنيط الحيوانات الذي تُحاول أنتوني بثّ الحياة فيه.

في ""في دواخل آكل النمل" الكثير من المرح الذي يتوزّع على مراحل الرّواية من بدايتها وحتى نهايتها.

في الثالث والعشرين من أبريل، يصدر كتاب "في دواخل آكل النّمل" لـجيسيكا أنتوني عن دار  "دبلداي"  للنشر بسعر 12.99 جنيه إسترليني.

© The Independent

المزيد من كتب