Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أجراس كنائس السودان بلا مجيب في زمن كورونا

القوات الأمنية تضع كل إمكاناتها في خدمة تطبيق الحظر الكامل في البلاد

كنيسة الشهيدين في الخرطوم (حسن حامد)

"عيدُ بأية حال عُدت يا عيد، بما مضى أم بأمر فيك تجديدُ"، يشكل مطلع رائعة المتنبئ، لسان حال الطوائف المسيحية في السودان وهم بانتظار الاحتفال بعيد الفصح غداً الأحد 19 أبريل (نيسان) الحالي. يُقبل العيد هذه السنة، بغير ملامحه وترانيمه، منزوع الدسم، بلا صلوات او إفطار جماعي، بعد صيام مدة 55 يوماً. وهكذا جاءت رياح جائحة كورونا بما لا تشتهي سفن مسيحيي السودان (الذين يتبع معظمهم الكنائس الأرثوذوكسية الشرقية) في سابقة، خلفت كثيراً من الحسرة والحزن والأسى في نفوسهم.
 

كورونا يلغي الصلوات

وأفضت حزمة الإجراءات الاحترازية المتقدمة بإعلان الحظر الشامل وإلإغلاق التام للعاصمة الخرطوم لثلاثة أسابيع، إلى أصدار وزير الشؤون الدينية والأوقاف نصر الدين مفرح، قراراً بتعليق صلاة الجمعة والجماعات بكل المساجد والخلاوي (مدارس دينية) في ولاية الخرطوم، وتعليق الصلوات بكل كنائس ولاية الخرطوم لثلاثة أسابيع اعتباراً من الأربعاء 15 أبريل.
وبرر الوزير قراره، أنه يأتي تخوفاً من تفشى الفيروس، ومن مغبة انتشاره، "ما يؤدي إلى الفتك بالعباد والبلاد". وشمل التعليق كل الصلوات والطقوس الدينية والقداسات بكل كنائس الخرطوم، مطالباً الأئمة والخطباء والقساوسة والمطارنة بوضعه موضع التنفيذ الفوري. ووجه جميع سلطات ولاية الخرطوم بذلك أيضاً.
وستتوالى قرارات وزارة الشؤون الدينية تباعاً، تبعاً لظروف الحالة الصحية في الولايات بعد التشاور مع الولاة. وأفاد الوزير بأن القرار استند إلى فتوى صحية من وزارة الصحة الاتحادية وفتوى أخرى من مجمع الفقه الإسلامي.


الكاهن يتحسر

وعجزت نبرات صوت الأب فيلوثاوث فرج، كاهن كنيسة الشهدين بالخرطوم، وسفير السلام العالمي من فيديرالية السلام العالمية بالولايات المتحدة، عن إخفاء عميق حزنه وألمه، في حديثه إلى "اندبندنت عربية" عن مآلات عيد القيامة المجيد هذا العام، في ظل الإجراءات الاحترازية والإغلاق الكامل للعاصمة، تحت وطأة تصاعد وتيرة تفشي الفيروس التي بلغت 32 إصابة و272 حالة مشتبهاً في إصابتها، إضافة إلى 3 حالات شفاء و6 حالات وفاة. وقال الأب فرج "فوجئنا بقرار الحظر الشامل والإغلاق، فبعثت بمذكرة شخصية لوزير الشؤون الدينية راجياً منه أن يؤجل الأمر إلى ما بعد يوم الأحد الذي يصادف يوم عيد القيامة المجيد، وتعديل بدء سريان القرار اعتباراً من يوم الاثنين، وأكدت له أننا مع قلة عددنا، سنلتزم في صلواتنا بالضوابط والاشتراطات الصحية، إذ باعدنا الجلوس بوضع كل ثلاثة أشخاص على كنبة واحدة، ووضعنا مظلات في ساحات وفناءات الكنائس، لكنه رد بأن القرار صدر فعلآً ولا مجال للتراجع عنه".


أجراس بلا مجيب

وتابع الأب فرج "نحن ملتزمون بكل الإجراءات والتعليمات التي تصدرها السلطات، وقد أحزننا تفشي الوباء داخل بلادنا، وكنا ولا زلنا نصلي إلى الرب، إلا أن تلك الإجراءات وهذا القرار يمنعنا من الصلاة الجماعية التي هي في شرعتنا إحدى شروط الإفطار بعد صيام طويل إمتد لـ 55 يوماً، إذ لا إفطار إلا بعد الصلاة الجماعية، أما البديل فسيكون بالإفطار الأسري في المنازل من غير الصلاة المعهودة. وستُقرع أجراس الكنائس، من دون أن تجد من يلبي ندائها، وهو أمر وقعه صعب ومؤلم على نفوسنا، وتجربة لم نعشها من قبل، ما يضاعف المرارة والأسى، ويبقى العزاء في أننا لسنا وحدنا، فالرب معنا، وما جرى شمل الجميع في وطننا الحبيب، بل وفي بلدان أخرى، ولا يسعنا إلا أن نصلي وندعو الرب، لأجل تجنيب بلادنا الفناء والبلاء وسيف الأعداء، وأن يُنجيه وأهله من هذه المحنة، وننتظر الفرج من السماء". وأكد الأب فرج أن "السودانيين مسلمين ومسيحيين، يعيشون كأسرة واحدة في رحاب وطن وسيم بتنوعه، متفرد بتسامحه الديني، الذي يسع الجميع". وأضاف أنه "يسري عليهم كمسيحيين ما يسري على الكل".
وأوضح فرج أن "تلك الإجراءات لم يتأثر بها يوم عيد القيامة المجيد وحده، بل امتد أثرها إلى حرماننا من مراسم وطقوس وبركات اليومين السابقين له، إذ أُلغيت مراسم وطقوس يوم الخميس الكبير، الذي يتناول فيه أعضاء الكنيسة "المائدة الجماعية" التي يتشاركون فيها لحظات إيمانية رمزية، روحية الجوهر، وأيضاً يوم "الجمعة الكبيرة" الذي نصلى فيه ونحن نسترجع آلام المسيح ساعة بساعة ولحظة بلحظة حتى مراسم الدفن وفق الاعتقاد المسيحي".
وكانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء حددت عطلة عيد القيامة بمدة ثلاثة أيام تبدأ الأحد 19 أبريل وتنتهي يوم الثلاثاء 21 من الشهر ذاته. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إغلاق صارم

على صعيد متصل، أعلن مدير قوات الشرطة الفريق أول عادل بشاير، أن قواته وضعت "كل إمكاناتها ومواردها لتنفيذ قرارات حظر التجوال الشامل الذي بدأ صباح السبت 18 أبريل، ويمتد إلى ثلاثة أسابيع، مع زيادة أعداد القوات المشاركة في التنفيذ على مداخل الطرق في محليات ومدن ولاية الخرطوم، وتأمين المنشآت والمرافق العامة بالعاصمة والولايات ضمن جهود الدولة للاستجابة والتصدي لجائحة كورونا". وأضاف بشاير أن "الشرطة وضعت كل إمكانياتها الطبية في الإدارة العامة للخدمات الصحية، تحت تصرف وزارة الصحة، دعماً لجهود مجابهة الوباء في كل أنحاء السودان".

ووجهت لجنة تنسيق شؤون أمن محلية الخرطوم برئاسة المعتمد اللواء ركن الطاهر عبد الله، بالتشدد في تنفيذ حظر التجوال والتقييد الصارم بحدود وزمان التحرك المسموح بهما داخل الأحياء السكنية، من السادسة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً، لشراء حاجاتهم الأساسية. وكشفت اللجنة أنها تتحسب لأي تفلتات قد تحصل من قبل البعض، بكسر الحظر سواء في الأسواق وغيرها من الأماكن، عبر نشر قوات شرطة وأمن كبيرة، إضافة إلى تنفيذ دوريات داخل الأحياء.


مخاوف مشروعة

وأبدى مواطنون مخاوف من أن تؤدي ساعات السماح المتاحة يومياً من السادسة وحتى الواحدة ظهراً، لتمكين المواطنين من شراء حاجاتهم أثناء الحظر، إلى زيادة التجمعات والتزاحم في تلك الفترة أمام المحلات، في ظل غياب خدمة توصيل تلك السلع والخدمات إلى داخل الأحياء، ما قد يُفقد الحظر هدفه وغايته الأساسية في تحقيق التباعد، ويرتد بنتائج عكسية تزيد مخاطر انتشار العدوى، كما لوحظ أن عدداً غير قليل من المساجد بالخرطوم لم تلتزم بقرار تعليق صلاة الجمعة، ما يُعتبر خرقاً مبكراً للإجراءات المعلنة.

المزيد من تقارير