Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحظر المنزلي والقلق الوظيفي يدفعان المستهلكين إلى توفير ربع مداخيلهم

كورونا أحدث تغيراً جذرياً في أنماط الاستهلاك... وخلق موجة من تقنين الإنفاق

الحجر المنزلي بسبب كورونا يضطر بعض المستهلكين إلى الشراء بالجملة  (أ.ف.ب)

أحدثت سرعة انتشار وباء كورونا عالمياً تحولاً كبيراً في سلوك الناس، مثل الشراء بالجملة أو العزلة الذاتية. وأدى الفيروس إلى أن تصبح بيئتنا عرضة للتغيير والعمل بدون سياق مألوف وأنماط يمكن التنبؤ بها. مع هذه التحولات في سلوك المستهلك، كيف يمكن أن تظل العلامات التجارية ذات صلة بما يريده عملاؤها؟

مرت أكثر من ثمانية أسابيع منذ أكدت الصين أول حالة إصابة بكورونا، وبدأ تفشي المرض ينتشر على مستوى العالم. في ذلك الوقت، سجلت شركة "Nielsen"، مبيعات قياسية لمنتجات السلامة الصحية، مثل الأقنعة الطبية والمطهرات، ورأينا أيضاً تأثيراً مضاعفاً يؤدي إلى سلوكيات شراء المستهلك الأوسع مع زيادة عدد حالات الإصابة بالفيروس المبلغ عنها حول العالمية.

حددت دراسة أجرتها شركة "Nielsen" للسوق الأميركية، ستة مستويات رئيسة لسلوك المستهلك، ترتبط مباشرة بالمخاوف المتعلقة بانتشار كورونا. وأظهرت إشارات مبكرة لحدوث تغير في أنماط الإنفاق، خاصة بالنسبة لعناصر مخزن الطوارئ واللوازم الصحية، التي تنعكس عبر الأسواق المتعددة.

ووجدت الدراسة أن ربط الأحداث الإخبارية لفيروس كورونا، مثل إعلانات الصحة العامة والمؤتمرات الصحافية الحكومية مع إنفاق المستهلكين على عناصر مثل مطهرات اليد والأطعمة المستقرة، يكشف عن سلسلة من الأنماط المتكررة. تساعد هذه الأنماط (على الرغم من أنها لا تزال تتطور)، عند مراجعتها عبر البلدان المتأثرة، على توفير مجموعة من المؤشرات الرائدة لمصنعي السلع المعبأة وتجار التجزئة، الذين يواجهون مشكلات في العرض أثناء تسابقهم للوفاء بمستويات قياسية من الطلب وتغيير عادات الشراء.

زيادة الادخار

وعن أنماط الاستهلاك قال عيسى الغرير، المدير العام ورئيس مجلس إدارة عيسى الغرير للاستثمار لـ"اندبندنت عربية"، إن أزمة كورونا أحدثت تغيراً في أنماط الاستهلاك، وهناك توجه للادخار في ظل الحجر المنزلي حيث يتجه الأفراد إلى ادخار على الأقل 25 في المئة من مداخيلهم، مع تراجع شرائهم للكماليات والتركيز على شراء السلع الاستهلاكية كالأغذية.

وأضاف، رأينا خلال الحجر المنزلي، حدوث تغير في نمط حياة الأفراد والأسر، ففي الماضي كان يذهب الناس لمراكز التسوق والمطاعم ودور السينما لتناول الطعام، وبعد إغلاق مراكز التسوق والمطاعم كإجراء احترازي في مواجهة كورونا، أصبح الناس يحضّرون الوجبات الغذائية في منازلهم، وبالتالي رأينا نمواً في الطلب على المنتجات الغذائية الأساسية مثل الطحين والسكر وغيرها، ولاحظنا توجهاً أكبر نحو تخزين المواد الغذائية، خصوصاً في ظل الأزمة الراهنة.

ويرى الغرير، أن التحدي الأكبر يكمن في مشكلة الحدود، حيث أغلقت العديد من دول العالم حدودها، مما يشكل تحدياً لتجارة الأغذية بشكل عام. وعن أسعار المواد الغذائية، وإن كانت تداعيات كورونا وارتفاع الطلب على المواد الغذائية قد رفع الأسعار. وأشار إلى أنه لم نشهد أي ارتفاعات في أسعار المواد الغذائية التي يتم تصديرها للإمارات باستثناء (الشحن الجوي)، حيث يختلف الوضع، أما بالنسبة للشحن البحري لم نشهد ارتفاعات في أسعار المواد الغذائية، وبالتالي الأسعار مستقرة، مع الإشارة إلى أن أسعار المواد الغذائية محكومة بسوق المواد الغذائية العالمية، وهي أشبه بالسوق النفطية من حيث ارتفاع وهبوط الأسعار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أنماط الاستهلاك وكورونا

من جانبه قال أسامة آل رحمة، نائب رئيس مجلس إدارة "مجموعة مؤسسات الصيرفة والتحويل المالي" في دبي، إن أزمة كورونا، التي تسببت في الحجر المنزلي، أسهمت في تقنين الادخار بشكل عام، وتقنين الإنفاق، خاصة في ظل عدم وضوح الرؤية في كثير من الوظائف فيما يتعلق باستمرارية الوظائف، أو تقليل الرواتب، أو حتى خسارة الوظائف، أو إعطاء إجازة غير مدفوعة للموظفين، وبالتالي جميع هذه الأسباب كانت بمثابة محفز لأصحاب الوظائف لتقنين إنفاقهم في ظل عدم الوضوح الحاصل.

وتنبأ آل رحمة بتغير جذري في أنماط الاستهلاك وسلوك المستهلكين على المستويين المحلي والعالمي، كما سيطال هذا التغير عروض الشركات والوظائف وأحجام مراكز الأعمال، التي سيعاد صياغتها من جديد بعد أن يخرج العالم من أزمة الوباء القائمة، على حد قوله. متوقعاً أن يتجه العالم بشكل أكبر نحو استخدام  التكنولوجيا.

 أضاف، "كورونا وتداعياته دفعتا العالم نحو التقنية بشكل كبير للغاية. التحول نحو الرقمية ربما كان يحتاج إلى ثلاث أو أربع سنوات لتعميم استخدامه، واليوم أصبح حقيقة ما بين ليلة وضحاها بسبب الفيروس وتداعياته".

تحول في النمط الاستهلاكي

وأشار آل رحمة إلى تحول في النمط الاستهلاكي للأفراد خلال أزمة كورونا، وقال إن الطلب أصبح أكبر على شراء المواد الاستهلاكية كالأغذية، إلا أن التوجه للإنفاق على الجوانب الاستثمارية أو الادخار بالمعنى الحقيقي للادخار، الذي يحقق الوفرة للإنسان غاب خلال الأزمة الراهنة.

ويرى أن هناك تراجعاً في الإنفاق على الكماليات، خاصة في ظل إغلاق مراكز التسوق، لكن في المقابل هناك التسوق أونلاين، الذي يشهد إقبالاً كبيراً في ظل الحجر المنزلي الحاصل، مع تنامي الطلب على التسوق الإلكتروني.

 وأضاف نشهد اليوم عملية تأخُر في تسلم البضائع، التي يتم شراؤها أونلاين. ففي الماضي، كان الزمن المستغرق لتسلم البضاعة التي يتم شراؤها من عمالقة التسوق الإلكتروني مثل أمازون، ونون، لا يتجاوز 24 إلى 28 ساعة. اليوم وصول الطلبية يحتاج إلى 10 أيام، وهذا يعكس حجم الطلب الهائل على التسوق الإلكتروني، الذي يضغط على عمليات توصيل البضائع في ظل الظروف الراهنة حيث يقبع المستهلكون في منازلهم.

إعادة النظر في الإنتاجية

وتوقع نائب رئيس مجلس إدارة "مجموعة مؤسسات الصيرفة والتحويل المالي" في دبي، حدوث نقلة كبيرة في بيئة العمل وتقييم العمل عن بُعد، الذي فرضه فيروس كورونا، كما سيعاد النظر في قضية الإنتاجية، فهناك أرباب عمل وجدوا أن إنتاجية موظفيهم زادت خلال فترة عملهم عن بُعد، أو من خلال اعتماد العمل المرن أي حضور الموظف لمكان عمله في أوقات معينة.

ويرى آل رحمة، أنه من المهم التمييز ما بين تراجع الرواتب بسبب الضغط الحاصل على التدفقات النقدية للشركات بسبب غياب الأعمال، المرتبط مباشرة بأزمة كورونا، وما بين نماذج الأعمال ما بعد رحيل الوباء، وهو ما تنبأ به آل رحمه، مع التذكير بأن نماذج الأعمال تختلف من شركة إلى أخرى، قائلاً إنه من المبكر التنبؤ بانعكاساتها على رواتب الموظفين، إلا أن هذا سيحدث بشكل عام. في الوقت الراهن باعتبار أن جميع الأعمال تواجه صعوبات خلفتها تداعيات الأزمة الحاصلة.

تحديات تواجه سوق إيجار المكاتب

وتنبأ آل رحمة، أن يكون لأزمة كورونا تداعيات على سوق إيجار المكاتب، قائلاً أتوقع أن تكون هناك إعادة نظر فيما يتعلق بالمساحات المكتبية الكبيرة، فالعديد من الشركات وجدت أنها كانت تستأجر مساحات مكتبية كبيرة لموظفيها.

 أضاف، استمعت شخصياً للعديد من أصحاب الأعمال، الذين اتخذوا بالفعل قرار تقليص مساحات المكاتب المستأجرة لموظفيهم، وهذا بطبيعة الحال يصب في خانة خفض الإنفاق، وبالتالي أتوقع أن تواجه سوق إيجار المكاتب صعوبات وتحديات في فترة ما بعد كورونا.

النمط الاستهلاكي في أميركا

ورصدت دراسة شركة "Nielsen" أن المستويات الدنيا 1-4  تركزت في 6 مستويات، وبدأت في إظهار علامات الإنفاق التي يمكن التنبؤ بها من المستهلكين. بعبارة أخرى، اعتماداً على المرحلة التي يمر بها أي بلد معين، هناك دلائل على أن الإنفاق يتصرف بطريقة مشتركة قد تجعل من الممكن فهم ما قد يحدث بعد ذلك من بلد إلى آخر.

وأشارت الدراسة إلى أن العالم تجاوز إلى حد كبير المرحلة الأولى من الشراء الاستباقي الذي يراعي الصحة، ولم يسفر إلا عن تغييرات طفيفة في أنماط المبيعات. ومع ذلك، بدأ المستهلكون في الأسواق المتأثرة في تخزين منتجات السلامة الصحية الأساسية مثل مطهرات اليد والأقنعة.

ولكن مع تفصيل التقارير الإخبارية للانتشار المستمر والسريع للفيروس حول العالم، قفز المستهلكون في العديد من البلدان إلى المستوى الثالث؛ تحضيرات المؤن. في هذه المرحلة، يبدأون في تطوير مخزون من المواد الغذائية وإمدادات الطوارئ. تقلصت هذه الزيادات في الإنفاق في الأسابيع التي تلت اللحظات المذعورة، لكنها ارتفعت إلى الأحداث الإخبارية أو التطورات اللاحقة.

توجهات الاستهلاك الصيني

شركة "ديلويت"، أكبر شركة خدمات مهنية في العالم وواحدة من الشركات الأربع الكبار في هذا المجال، قالت، إن جهود الصين على الصعيد الوطني ضد انتشار كورونا عززت التطور السريع بالفعل لـ"الاقتصاد المنزلي"، مما دفع الخدمات عبر الإنترنت في الصين إلى مستوى أعلى.

وأشارت إلى أنه سواء كان الأمر متروكاً لطلب البقالة على الهاتف في منتصف الليل، أو الابتكارات المدروسة في التوصيل غير المتصل، أو الدعم المتبادل الموجود في مجموعات مجتمع WeChat ، أو التخزين دون اتصال من قبل الأشخاص الذين نادراً ما يغادرون منازلهم للتسوق لشراء البقالة في محال السوبر ماركت، حديثاً تثبت التطورات أن المنتجات والقنوات والخدمات والتجارب تتطور على مدار الساعة.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد