Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حالة الطوارئ بسبب كورونا تستعيد الأزمة الوجودية في منطقة اليورو

قبل ثماني سنوات، تنبأ الكثيرون بأنها محكومة بالانهيار وسط ألم اقتصادي لا يطاق وانهيار التضامن السياسي بطريقة سامة. آنذاك، بدت التوقعات خاطئة أما الآن...؟

الحكومة الإيطالية بقيادة جوسيبي كونتي تطالب بإصدار منطقة اليورو سندات دين تعرف بـ كورونا بوند (رويترز)

اشتهرت عبارة "مهما تطلب الأمر" التي صاغها ماريو دراغي، الرئيس السابق لـ"البنك المركزي الأوروبي" حينما وصلت أزمة منطقة اليورو إلى أسوأ مستوياتها في 2012.
والآن، نسمع عبارات عاطفية مماثلة من السياسيين وصُنّاع السياسة أثناء طرحهم حِزَمْ دعم اقتصادي غير مسبوقة في سياق التصدي لوباء فيروس كورونا.
في المقابل، وللمفارقة المريرة، لا تصدر تلك العبارات عن دول منطقة اليورو، أو في الأقل، لم ترقَ أفعالها إلى مستوى تلك المشاعر.إذ فشل وزراء مالية منطقة اليورو المعروفة باسم "مجموعة اليورو" مساء الثلاثاء الماضي، في الاتفاق على حزمة إجراءات تستطيع أن تشكّل استجابة مالية طارئة مشتركة في مواجهة حالة الطوارئ الصحية التي فرضها وباء كورونا.
ساد توقّع بأن تقدّم تلك الحزمة مليارات الدولارات على شكل مساعدات مالية للحكومات والشركات والعمال في منطقة العملة الأوروبية الموحدة.
وتشير الروايات إلى أن عدم الموافقة نجم عن خلاف بين رئيسي هولندا وإيطاليا. إذ تريد إيطاليا أن تجمع منطقة اليورو الأموال من الأسواق المالية عِبْرَ إصدار سندات مضمونة بشكل متبادل من قِبَل دول أعضاء الكتلة الأوروبية جميعها، وكذلك تصر الحكومة في روما أيضاً على أن يطلق عليها تسمية "سندات كورونا".
في موقف معاكس، وقفت هولندا في وجه هذا الطلب مستشهدة بمبدأ أن كل دولة عضو في الاتحاد يجب أن تظل مسؤولة عن اقتراضها.
وكذلك جادلت ألمانيا والنمسا وفنلندا كذلك لمصلحة القول إن كل مساعدة مالية لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي، يجب أن تمر عبر صندوق مركزي للائتمان يُشار إليه بتسمية "آلية الاستقرار الأوروبية"، وبالتالي يجب أن تترافق مع "شروط" معينة للإصلاح الاقتصادي المحلي [في الدولة التي تطلب القرض] بعد الخروج من الأزمة، بهدف زيادة إمكانية نجاحها في سداد الأموال.
يذكرنا هذا الجدل بشكل مؤلم بالمعارك حول "سندات اليورو" في ذروة الأزمة المالية العالمية قبل ثماني سنوات. وآنذاك، قاومت دول شمال أوروبا كهولندا وألمانيا وفنلندا نداءات حضّت على تبني درجة من تبادلية الديون، على الرغم من مناشدات بهذا الشأن صدرت من دول كإسبانيا وإيطاليا واليونان، أكّدت أن إصدار "سندات اليورو" يشكل إجراءً ضرورياً لتهدئة مخاوف المستثمرين في السندات.
خلال هذا المأزق، منع السيد دراغي والبنك المركزي الأوروبي في نهاية المطاف المنزل المنقسم في منطقة اليورو من الانهيار، وذلك من طريق الوعد بشراء سندات الدول الأعضاء المتعثرة إذا خذلتها أسواق الأموال الخاصة.
ومرّة أخرى، يبدي البنك المركزي الأوروبي استعداده لتبني خطوة مماثلة استجابةً لحالة الطوارئ التي نعيشها حالياً، بعدما خصص 750 مليار يورو لـ"البرنامج الوبائي الطارئ". ويأمل المرء في أن يمنع ذلك البرنامج حدوث ارتفاع قاتل في تكاليف الاقتراض، على غرار تلك التي عانت منها إسبانيا وإيطاليا قبل ثماني سنوات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


في مقلب مغاير، يرى محللون إن فشل الدول الأعضاء في منطقة اليورو في الاتفاق على استجابة مالية مشتركة في مواجهة فيروس "كوفيد-19"، على كل حال، يشكّل لحظة محفوفة بالمخاطر.
إذ يرى هولغر شميدينغ من مصرف "بيرنبرغ" الألماني، أنّ "الطريقة التي يُنظر بها إلى تفاعل الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو مع حالة الطوارئ غير المسبوقة التي يمثّلها وباء كورونا، يمكن أن تؤثر في طرق صوغ التكامل الأوروبي لعقود زمنية مقبلة... يمكن للتضامن الواضح أن يقوي المشروع الأوروبي، وقد يؤدي عدم وجود مثل هذا التضامن إلى تقويض الأسس السياسية للمشروع".
قبل ثماني سنوات، تنبأ الكثيرون بأن منطقة اليورو محكوم عليها بالانهيار وسط ألم اقتصادي لا يطاق بالنسبة إلى بعض الدول الأعضاء فيها، مع انهيار التضامن السياسي بطريقة سامة.
وآنذاك، ثبت خطأ تلك التنبؤات. وحاضراً، يبدو أن الاختبار الوجودي للتكتل قد عاود الظهور.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات