Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أوروبا على استعداد لعودة العمل والدراسة تدريجيا؟

النمسا والدنمارك تعتزمان فتح المتاجر بعد عيد الفصح... ورجال أعمال مصريون يطالبون بإنهاء فترة الحجر

نساء يتسوقن في أحد المتاجر بالنمسا مع اتخاذهن التدابير الوقائية (أ.ف.ب)

على الرغم من استمرار انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" في جميع أنحاء العالم، وتزايد الخطر الناجم عن هذا الوباء القاتل الذي يقترب عدد الإصابة به عالميا من نحو 1.5 مليون شخص، ووفاة قرابة 88 ألفاً، بدأت بعض الحكومات في أوروبا في الإعداد إلى إحياء الاقتصادات المعطلة بإعادة فتح الأعمال التجارية والمصانع والمدارس، مع اتخاذ إجراءات وقائية لمنع العدوى.

أولى هذه البلدان التي رأت أنه لا مفر من عودة حركة الاقتصاد، هي النمسا التي أعلنت، هذا الأسبوع، أنها ستبدأ تدريجياً في إعادة فتح المتاجر بعد عيد الفصح، وتبعتها الدنمارك بقرار مماثل مع اتخاذ تدابير للاحتواء من دون المخاطرة بموجة ثانية من العدوى، وقالت رئيسة الوزراء ميت فريدريكسن، إن بلادها ستمضي قدماً في "إعادة فتحٍ حذرة" تبدأ بالحضانات والمدارس الابتدائية في 15 أبريل (نيسان) الحالي، إذا ظلت أعداد الفيروسات مستقرة، وستبدأ الحكومة أيضاً محادثات مع قادة الأعمال حول عودة الموظفين تدريجياً إلى المكاتب، لكن بعض القيود ستظل قائمة لأشهر مقبلة.

وخلال مؤتمر صحافي، قالت رئيسة وزراء النرويج، إرنا سولبرغ، إن بلادها ستتحرك أيضاً لتخفيف القيود، مشيرة إلى عودة الدراسة في المدارس والكليات التقنية في 27 أبريل الحالي. وبدأت إيطاليا في التخطيط للخروج من حالة الإغلاق، فبحسب ما أفادت به شبكة بلومبيرغ، ربما يتم السماح لشركات مختارة بالفتح في منتصف أبريل. ونقلت عن شخص مطلع على النقاش، أن أجزاءً من قطاعي الأعمال الزراعية والصحية في إيطاليا، بالإضافة إلى شركات المعدات الميكانيكية المرتبطة بهذه الصناعات، قد يسمح لها بإعادة العمل، لكن حماية العمَّال ستكون حاسمة بالنسبة إليهم.

وتعرض الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لانتقادات واسعة بعدما قال في تصريحات تلفزيونية، أواخر مارس (آذار) الماضي، إنه يريد إعادة اقتصاد البلاد للعمل بعد عطلة عيد الفصح لتجنب الانهيار الاقتصادي، بينما في مصر تزايدت الدعوات في الأيام القليلة الماضية من قبل رجال الأعمال لإنهاء فترة الجحر وعودة الأعمال، وسط مخاوف من العواقب الخطيرة على الاقتصاد وقطاع الأعمال نتيجة التوقف.

توصيات الاقتصاديين

وعلى الرغم من بلوغ عدد الإصابات بفيروس كورونا في ألمانيا أكثر من 100 ألف شخص ووفاة نحو 1600، أوصى مجموعة من الاقتصاديين والمحامين وخبراء الصحة بعودة حركة الاقتصاد تدريجياً، عبر السماح لصناعات معينة باستئناف أنشطتها مع اتخاذ تدابير وقائية كافية لمنع عودة انتشار الفيروس.

وفي الوقت الذي ليس من المتوقع إنتاج لقاح أو علاج فعّال للفيروس المستجد قبل عام 2021، أوصى تقرير، نشره معهد إيفو للأبحاث الاقتصادية في ألمانيا، الأسبوع الماضي، بضرورة أن تقوم الدولة الآن بإنشاء فرقة عمل وطنية من الخبراء والممثلين العامين لتقديم توصيات حول كيفية تخفيف القيود على العمل والحياة العامة، ومتى يجب أن تستأنف الصناعات الإنتاجية، مع جعل العودة إلى العمل طوعية للموظفين.

وقال التقرير إنه يجب إعطاء الأولوية لصناعات مثل الاتصالات السلكية واللاسلكية وإنتاج السيارات التي تضيف أكبر قيمة للاقتصاد، في حين أن العمل الذي يمكن القيام به بسهولة من المنزل يجب أن يستمر عن بُعد، مع إمكانية أن تفتح الحضانات والمدارس بسرعة نسبية، لأن الشباب نادراً ما يعانون من أعراض شديدة ولا يستطيع الآباء العمل إذا ظلت مرافق رعاية الأطفال والمدارس مغلقة.

 

وأمرت ألمانيا بإغلاق المدارس والمطاعم والملاعب والمنشآت الرياضية ومعظم المحال التجارية حتى 20 أبريل (نيسان) على الأقل، ما دفع الاقتصاد الذي كان يتأرجح بالفعل على حافة الركود إلى ركود عميق. وحذر تقرير متشائم لمنظمة العمل الدولية في مارس الماضي، من تأثير مرض "كوفيد-19" على سوق العمل، مشيراً إلى أنه سيدفع الملايين من الناس إلى البطالة ويؤدي إلى إفقار العاملين، فقرابة 25 مليون وظيفة في العالم معرضة للضياع نتيجة تفشي الفيروس. وقال غاي رايدر، المدير العام للمنظمة، إن "وباء كورونا ليس مجرد أزمة طبية فحسب، بل اجتماعية واقتصادية أيضاً".

وبحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإنه من المتوقع أن تتجاوز خسائر البلدان النامية من الدخل الاقتصادي 220 مليار دولار أميركي، كما يمكن أن تفقد أفريقيا ما يناهز النصف من إجمالي عدد الوظائف الحالية. وإذ يفتقر نحو 55 في المئة من سكان العالم لتدابير الحماية الاجتماعية، فمن المتوقع أن تتردد أصداء تلك الخسائر عبر المجتمعات حول العالم، مخلفة آثاراً سلبية على التعليم وحقوق الإنسان، وعلى الأمن الغذائي، وخصوصاً أن التغذية تأتي ضمن الحالات الأشد تأثراً.

مخاطر كارثية

وعلى الرغم من الخطط الحذرة التي يتحدث عنها قادة الدول، فإن الخطأ من شأنه أن يسفر عن المزيد من تفشي المرض، وهناك من يرفض هذا الاقتراح بسبب خطورة نتائجه، فالملياردير الأميركي بيل غيتس، مؤسس شركة مايكروسوف، حذّر من قبل قائلاً إن "الاقتصاد سيعود للنمو، لكن الموتى لن يعودوا للحياة"، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن العزلة الذاتية ستكون "كارثية" للاقتصاد، فإنه لا يوجد حل وسط، واقترح إغلاقاً من 6 إلى 10 أسابيع.

وتخشى السلطات الفرنسية من أن تخفيف القيود أو تحديد موعد نهائي لتدابير الحجر المنزلي سيدفع الناس إلى التعدي على القواعد أو على الأقل أن يكونوا أقل يقظة، ومن ثم يهددون بتفشي الوباء. وأعلنت وكالة الصحة العامة الفرنسية، الثلاثاء، أن إجمالي عدد الوفيات من الفيروس ارتفع إلى 10328 حتى مع انخفاض حالات الإصابة الجديدة.

وعلى الرغم من الكثير من العلامات المشجعة في دول عِدة، لا تزال الخسائر الفادحة لضحايا الفيروس ترتفع في جميع أنحاء العالم، مع ارتفاع الوفيات في الولايات المتحدة وتجاوزها 10 آلاف شخص، فيما تستعد اليابان لإعلان حالة الطوارئ في سبع مقاطعات بما في ذلك طوكيو. وحذرت منظمة الصحة العالمية من رفع تدابير الاحتواء بالكامل.

عودة مشروطة

وفي تعليقات لـ"اندبندنت عربية"، قال رجل الأعمال المصري، محمد أبو العينين، رئيس مجلس إدارة شركة كليوباترا غروب، إن بعض مصانعه قامت بتخفيض كثافة العمَّال في الأماكن بنسبة 50 في المئة من خلال تبادل أيام العمل، لتكون هناك مسافة آمنة بشكل كافٍ بين العامل والآخر. وأوضح "في مصانعي المسافة الآمنة تبلغ 5 أمتار، كما منحت السيدات وأصحاب الأمراض المزمنة إجازة براتب مدفوع، وفيما يتعلق بالتشغيل أخذنا الحد الأدنى الذي يمكن أن يعمل به المصنع، لكن بشكل عام لا نعمل بكامل طاقتنا لأنه لا توجد سوق".

وأشاد أبو العينين بإجراءات الحكومة في بلاده لدعم أصحاب الأعمال، لكنه حذّر من إطالة أمد الإغلاق، لأن القطاع الخاص في مصر لا يمكنه تحمل الاستمرار معطلاً لعدة شهور، كما أن هناك قطاعات مثل السياحة والطيران العبء قاس جداً عليها. وتابع "المشكلة خلال الفترة المقبلة لا تتعلق بصاحب العمل وحده، فالبنك المركزي اتخذ قراراً جيداً بتأجيل أقساط القروض لمدة ستة أشهر لكن عبء الشهور الستة مستمر، وسنفاجأ بعد هذه الفترة بالحاجة إلى سداد المديونيات المتراكمة في الوقت الذي توقفت فيه عجلة الإنتاج، ومن ثم فإن المشكلة ستكون أكبر وستؤدي لإفلاس الكثيرين بسبب تراكم المديونيات في وقت نقص الإنتاجية ونقص التوزيع والتسويق". وأكد ضرورة التكاتف والتوصل إلى "حلول وسط" تتوافق عليها الحكومة والقطاع الخاص والعمّال بوعي وتحضرٍ لتحمل مسؤولية تاريخية صعبة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كان أبو العينين أصدر منشوراً ينص على منح العمَّال زيادة سنوية بقيمة 500 جنيه مصري (نحو 31.76 دولار أميركي) بدأت مع رواتب مارس لكافة قطاعات أعماله، بما في ذلك العاملين في قطاع السياحة، الذي توقف بشكل كامل نتيجة تداعيات أزمة كورونا. وقال رجل الأعمال الذي شغل من قبل مقعد رئيس لجنة الصناعة والطاقة في مجلس النواب، "هذا واجب أخلاقي، علينا أن نبحث كيفية مساعدة الفئات الأضعف المتضررة. الدولة لن تقوم بكل شيء، هناك مسؤولية تقع على القطاع الخاص".

ويؤيد رشاد عبده، رئيس منتدى الدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، عودة عجلة العمل بشرط وضع ضوابط ومعايير وضمانات لحماية العاملين. وأشار إلى مقترحات تتضمن توفير مكان إقامة للعمّال كما لو كانوا في مهمة خارجية، بشرط أن تكون إقامة جيدة ومؤهلة. ومع ذلك لفت إلى إشكالية النقل والمواصلات لأنه من السهل أن ينتقل الفيروس من خلالها، ومن ثم فإن الأمر يحتاج إلى تفكير وإدارة عالية، لأنه مثلما أشار الرئيس الأميركي لا يمكن للاقتصاد تحمل انتظار انتهاء أزمة كورونا إذا استغرقت شهرين أو ثلاثة، لكن من المهم أيضاً الحفاظ على صحة المواطنين وهو ما يحتاج إلى ضوابط وأُسس.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات