Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينقذ صندوق التعاون الإسلامي الـ "أونروا" من أزماتها المالية؟

تحتاج الـ "أونروا" إلى 1.2 مليار دولار سنوياً، لتغطية قطاعات عملها في مناطقها الخمس لخدمة 6 ملايين لاجئ فلسطيني

خمسة وستون عاماً من المعاناة جثمت على كاهلها، تستند الحاجة أم فتحي إلى عكازها، يساعدها على المشي إلى مركز المساعدات التابع لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" في منطقة الشاطئ، وتسلك أزقة ثالث أكبر مخيم مُخصَّص للاجئين في قطاع غزّة (لا تزيد مساحته على نصف كيلومتر مربع)، والأكثر ازدحاماً سكانياً، (يقطنه أكثر من 83 ألف لاجئ)، تستغرق طريقها التي لا تتعدى أمتاراً معدودة، أكثر من 15 دقيقة، وتصل بخطواتها الثقيلة البطيئة إلى مركز المساعدات الغذائية. وتسأل هل توفّر لها "كوبونة" (قسيمة) لتعيل منها أسرتها وأحفادها.
يستفيد من برنامج المساعدات الغذائية الطارئة أكثر من 100 ألف أسرة في قطاع غزة، جلّهم مهدد بالخطر بسبب الأزمة المالية، التي تمرّ بها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين. 

بدأت تلك الأزمة بعد تولّي الرئيس الأميركي دونالد ترمب سدّة الحكم، ووقف الدعم للـ "أونروا" في عام 2018، والمقدَّر بحوالي 300 مليون دولار. كذلك قلّصت دول عدّة تمويلها تقلصاً تسبب بعجز للوكالة يناهز الـ446 مليون دولار.
لكن الـ"أونروا" حاولت إنقاذ الموقف بإطلاق سلسلة نداءات استغاثة، من بينها "حملة الكرامة لا تُقدَّر بثمن"، وفتح باب التبرع دولياً، فساهمت وقتذاك السعودية والكويت واليابان، وعُقد مؤتمران لإنقاذ الوكالة، وتبرّع الإتحاد الأوروبي بـ82 مليون يورو، وهذا ما سمح بالتغلب على العجز.
 


تمويل إضافي


وطلب المفوض العام للـ "أونروا" بيير كرينبول مبلغ 1.2 مليار دولار هذا العام من أجل تمويل الخدمات الحيوية للوكالة والمساعدات الإنسانية لحوالي 6 ملايين لاجئ مسجَّل، في مناطق عملها الخمس (قطاع غزّة، الضفة الغربية، الأردن، سوريا، لبنان)، في قطاعات التعليم، والصحة، والمساعدات الغذائية، والتشغيل.
لكن الأونروا تحتاج فعلياً إلى حوالي 800 مليون دولار في العام 2019، موازنة أساسية لها، إضافة إلى 277 مليون دولار لصندوق الطوارئ. ويعيد عدم توفر تلك الأموال، وكالة الغوث إلى المشهد نفسه الذي عانته في العام 2018، وسيَلدُ أزمة كبيرة في مختلف دوائر عملها، ويتسبب بظروف حياة كارثية لدى اللاجئين إذ وصلت نسبة مَن يعتمدون على المساعدات الخارجية من الغزيين أكثر من 80 في المئة.

صندوق ‏الوقت الإنمائي

واستجابت منظمة التعاون الإسلامي (تضم 57 دولة) نداء الـ "أونروا" و‏اعتمدت قرار إنشاء "صندوق ‏الوقت الإنمائي" لدعم اللاجئين الفلسطينيين، تحت مظلة البنك الإسلامي للتنمية، ومقره السعودية.
وصرح الناطق الرسمي باسم الـ "أونروا" سامي مشعشع لـ "اندبندنت عربية" بأن "صندوق منظمة التعاون الإسلامي يأتي لسد عجز الوكالة وتسهيل أعمالها، ويعتمد على تبرعات الدول الأعضاء، وتفويض أونروا بتسلم الأموال، وسيسهم في حلّ الأزمة المالية". لكن رئيسة الهيئة الأهلية للاجئين في قطاع غزّة فدوى الشرفا ترى أنّ صندوق التعاون الإسلامي لا يمكنه إنقاذ الـ "أونروا" من أزمتها، لأنّه لا يحدد قيمة الأموال التي ستدفعها الدول، ويترك مجال التبرع مفتوحاً أمامهم، كما أنّه لا يمكن اعتباره حاضنةً بديلة عن المموِّلين الأساسيين.
واعترضت الشرفا على هذا التمويل، واعتبرته خطوةً متقدمة لرفع الغطاء الدولي عن القضية الفلسطينية، وليصبح تمويل الـ "أونروا" عربياً، موضحةً أن التبرع لن يحل مشاكل الـ "أونروا" المالية أو السياسية، حتى لو كانت مليارات الدولارات.
وأوضحت الشرفا أن الـ "أونروا" تحتاج إلى حماية دولية تحت مظلة الأمم المتحدة، وأن موازنتها يجب أن تتغير على نحو يتلاءم وتزايد أعداد اللاجئين وحاجاتهم، "وذلك يجب أن يكون وفق تصويت على قرار في الأمم المتحدة، يعتمد تمويل ملف وكالة الغوث وتبنّيه".


رداً على القرار الأميركي

في المقابل، اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبو هولي أن ‏تفعيل صندوق الوقف الإنمائي يأتي رداً على القرار الأميركي بقطع مساعداته عن الـ "أونروا".
ولفت إلى أن مساهمة الصندوق في تقديم الدعم المالي للاجئ الفلسطيني يدعم بقاء الـ "أونروا" واستمرار خدماتها التي تسعى الإدارة الاميركية والإسرائيلية إلى إنهائها من خلال تجفيف مواردها المالية لتصفية قضية اللاجئين.
‏وصرح أبو هولي أن صندوق الوقف الانمائي سيستثمر مبلغ 500 مليون دولار، ويخصص الأرباح لمصلحة اللاجئين الفلسطينيين، في حال ‏التزمت الدول الأعضاء بدعم الصندوق وأحسن البنك استثمار الأموال.


العلاقة مع واشنطن

‏وبشأن مدى تأثير إنشاء الصندوق في علاقة الإدارة الأميركية بالدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، اعتبر أبو هولي أن "أميركا لن تقف مكتوفةً أمام أيّ جهد لإنقاذ الأونروا، ‏متوقعاً وجود تحرك أميركي - إسرائيلي للضغط على الدول الأعضاء في منظمة التعاون لوقف دعم الصندوق.
‏وبيّن أبو هولي أن الصندوق يعمل على تنفيذ برامج ومشاريع لخدمة اللاجئين الفلسطينيين وتمكينهم اقتصادياً وتأمين استمرار عمليات الأونروا من خلال تغطية جزء من العجز المالي فيها، ودفع جزء من تكاليف تشغيلها، والحفاظ على البرامج الحالية للاجئين وضمان استمرارها.
وبشأن آليات عمل الصندوق، قال أبو هولي إن الخطوة الأولى تتمثل في جلب تبرعات من الدول الأعضاء، ثمّ استثمار هذه التبرعات ودفع أرباحها لوكالة الغوث، والخطوة الثانية تقضي بإعداد مذكرة تفاهم مع الـ "أونروا"، لتدبير محفظة التمكين الاقتصادي لها.
 

المزيد من الشرق الأوسط